الكهرباء على خط الخلاف الفلسطيني بعد أزمة الرواتب

وقف التوزيع في غزة 18 ساعة في اليوم... والحرب الكلامية تثير شكوكاً حول المصالحة

فلسطينية تمر أمام محطة كهرباء غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينية تمر أمام محطة كهرباء غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

الكهرباء على خط الخلاف الفلسطيني بعد أزمة الرواتب

فلسطينية تمر أمام محطة كهرباء غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينية تمر أمام محطة كهرباء غزة أمس (أ.ف.ب)

فاقم الخلاف بين السلطة الفلسطينية وحركة «حماس» حول إدارة غزة، من المشكلات التي يعانيها أهالي القطاع، بعدما دخلت الكهرباء على خط هذه الخلافات مجدداً، ما زاد من حدة الاتهامات المتبادلة والحرب الكلامية بين الطرفين، وهو الأمر الذي أثار شكوكا عميقة حول زيارة وفد من حركة «فتح» لغزة لوضع حد للانقسام.
وأعلنت سلطة الطاقة والموارد الطبيعية التابعة لـ«حماس» في غزة، توقّف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع عن العمل تماماً، قائلة إن الحكومة في رام الله تتحمل مسؤولية ذلك «بسبب إصرارها على فرض الضرائب على الوقود بما يرفع سعره لأكثر من ثلاثة أضعاف، وهو ما يحول دون قدرتنا على الشراء». وقالت إنها ستبدأ العمل «بجدول توزيع جديد للكهرباء من مصادرها»، متمثلة في الخطوط المصرية والإسرائيلية، إذ سيتم توزيع الكهرباء 6 ساعات في اليوم.
وجاء إعلان وقف المحطة عن العمل بعد انتهاء الدعم الذي قدمته تركيا وقطر. وقدمت الحكومة التركية مطلع العام 15 ألف طن من المحروقات لمحطة توليد الكهرباء في غزة، فيما قدمت قطر 12 مليون دولار لتمويل شراء وقود للمحطة، كمساعدات «عاجلة» للتخفيف من حدة الأزمة.
وكانت الحكومة الفلسطينية تعفي لوقت طويل سلطة الطاقة في غزة من الضرائب على الكهرباء، لكن هذه المرة لا تنوي ذلك ضمن الإجراءات التي قررها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ضد «حماس».
ولجأت السلطة إلى فرض خصومات مالية تصل إلى أكثر من 30 في المائة على رواتب موظفيها في غزة، قبل أن يهدد الرئيس بخطوات أخرى لم يحددها. وقال عباس قبل أيام إنه سيتخذ «خطوات حاسمة غير مسبوقة» خلال أيام بشأن الانقسام الفلسطيني المستمر منذ عشرة أعوام. وأضاف خلال مؤتمر لسفراء السلطة لدى الدول العربية والإسلامية: «هذه الأيام نحن في وضع خطير وصعب جداً ويحتاج إلى خطوات حاسمة، ونحن بصدد اتخاذ الخطوات الحاسمة... بعد 10 سنوات انقسام تحملناها وقدمنا كل الدعم لأهلنا في غزة، وهذا حقهم علينا، فاجأتنا هذه الخطوة غير المسبوقة (تشكيل لجنة إدارية للقطاع)، لذلك سنأخذ خطوات غير مسبوقة بشأن موضوع الانقسام» خلال أيام.
ويعتقد أن هذه الخطوات تتضمن وقف بعض الرواتب ووقف تمويل مشتريات الكهرباء والوقود والغاز وإجراءات سياسية أخرى. وتقول الحكومة الفلسطينية إن استمرار سيطرة «حماس» على شركة توزيع الكهرباء وسلطة الطاقة، هو ما يحول دون تمكين الحكومة من القيام بواجباتها. وتحمّل الحركة مسؤولية أزمة الكهرباء. وكان المتحدث باسم الحكومة يوسف المحمود أكد أن «حكومة الوفاق الوطني ملتزمة بتسديد فواتير بدل شراء الكميات اللازمة والمطلوبة للاستمرار في تغطية كهرباء قطاع غزة من الجانبين المصري والإسرائيلي».
وأضاف أن «الحكومة تسدد 40 مليون شيقل شهرياً للجانب الإسرائيلي و7 ملايين شيقل للجانب المصري، وإذا حدث أي قطع للتيار الكهربائي، يكون بناء على تعليمات القائمين على شركة كهرباء غزة التي تسيطر عليها حماس». وأوضح أن «شركة توزيع الكهرباء التي تسيطر عليها حماس في غزة قامت خلال الأشهر الثلاثة الماضية بجباية أثمان الكهرباء من دون أن تسدد من حاصل جبايتها لأي جهة، وعليه فإن المبالغ التي قامت بجبايتها وتقدر بمائة مليون شيقل قادرة على تغطية شراء وقود المحطة بالكامل».
وجاءت أزمة الكهرباء لتصب الزيت على نار الحرب الكلامية المتصاعدة بين السلطة الفلسطينية و«حماس»، والتي تلقي بظلالها وتثير شكوكاً حول لقاء مرتقب بين وفد من اللجنة المركزية لحركتي فتح و«حماس» في غزة. وصعّدت «حماس» من حدة اللهجة تجاه عباس، واتهمته على لسان الناطق باسمها فوزي برهوم، أمس، بـ«شن حرب بالوكالة عن إسرائيل ضد قطاع غزة»، فيما أفتى قاضي القضاة محمود الهباش للرئيس بالاستمرار في إجراءاته ضد غزة، واصفاً ما يقوم به بأنه «مثل إحراق مسجد الضرار».
وقال نائب أمين سر المجلس الثوري لـ«فتح» فايز أبو عيطة: «للأسف الشديد، الرسائل التي نتلقاها من حركة حماس سلبية، وتوجد حملة تحريضية ضد وفد فتح أخيراً». ودعا «حماس» إلى «التريث وعدم الاستعجال في الحكم على الوفد، والكف عن الممارسات التي من شأنها أن تفشل محاولات إنجاز المصالحة قبل أن تبدأ». ويحمل وفد فتح مبادرة محددة من عباس تقوم على حل حركة حماس لجنتها التي شكلتها لإدارة غزة ومن ثم الذهاب إلى انتخابات عامة، وإلا فإن البديل سيكون إجراءات أكثر صعوبة ضد غزة.
ودعا أمين سر المجلس الثوري لـ«فتح» ماجد الفتياني: «حماس» إلى قبول ما سيقدمه وفد اللجنة المركزية لحركته إلى قطاع غزة، محذراً من «محاولة أخذ القضية الفلسطينية خارج سياق المشروع الوطني ودفعها إلى حافة الخطر». ودعا «جماهير شعبنا في القطاع» إلى التعبير عن «رفض منهج حماس الانفصالي». وقال الفتياني في حديث إذاعي: «يجب تكثيف الحراك الشعبي الوطني الضاغط داخل القطاع وخارجه، الرافض لانقلاب حماس وسيطرتها على غزة، حتى تدرك حماس أنها قد دفعت المشروع الوطني الفلسطيني إلى حافة الخطر».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.