«إسلامويو» آسيا الوسطى... أحدث ظواهر التطرف العنيف

يسهل تجنيدهم بسبب ضحالة معرفتهم الدينية

جانب من عملية تعطيل عبوة ناسفة عثر عليها في مبنى في سان بطرسبرغ («الشرق الأوسط»)
جانب من عملية تعطيل عبوة ناسفة عثر عليها في مبنى في سان بطرسبرغ («الشرق الأوسط»)
TT

«إسلامويو» آسيا الوسطى... أحدث ظواهر التطرف العنيف

جانب من عملية تعطيل عبوة ناسفة عثر عليها في مبنى في سان بطرسبرغ («الشرق الأوسط»)
جانب من عملية تعطيل عبوة ناسفة عثر عليها في مبنى في سان بطرسبرغ («الشرق الأوسط»)

كشفت السلطات الروسية مؤخراً عن هويّة الانتحاري المشتبه به الذي فجر نفسه في مترو سان بطرسبرغ وهو مواطن قيرغيزي ولد في روسيا. وجاءت هذه الهجمات عقب هجوم إسطنبول الذي استهدف ملهى رينا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي وكان الفاعل إيغوري من الصين توجّه جواً إلى تركيا من قيرغيزستان.
وتلقي الهجمات الضوء على الديناميات المعقدة المرتبطة بتجنيد المتطرفين في قيرغيزستان وكذلك في بلدان أخرى في آسيا الوسطى، بالإضافة إلى الوسائل التي تستخدمها روسيا للتخفيف من التهديد من خلال تسهيل ذهاب «الجهاديين» المحليين للقتال في سوريا. وفى بداية الشهر الحالي، قام مواطن قيرغيزي ولد في روسيا بتفجير نفسه في المترو في مدينة سان بطرسبرغ الروسية، مما أسفر عن مصرع 13 شخصاً. وبعد بضعة أيام، قامت الشرطة الروسية بتفكيك عبوة ناسفة في شقة في المدينة نفسها.
«شكّل الهجوم الإرهابي الذي وقع في سان بطرسبرغ تذكيراً مدوياً بأن التهديد الإرهابي داخل روسيا لا يزال يشكل مصدر قلق للقيادة والمجتمع في روسيا. إنّها المرة الأولى التي يتم فيها شن الهجمات الإرهابية في «العاصمة الشمالية» لروسيا، على الرغم من أنه قد تمّ منع هجمات خطيرة في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي وفبراير (شباط) من هذا العام» بحسب ما صرّح به الخبير الروسي ماكس سوكوف لـ«الشرق الأوسط».

وفقاً لتقرير نشرته مجلة ديبلومات المختصة، فقد قصد نحو 350 شخصاً سورياً من قيرغيزستان، من بينهم نحو 80 امرأة. وبحسب تقريرٍ آخر أعدّته إذاعة أوروبا الحرة، فإن الغالبية الساحقة من المواطنين القيرغيزيين الذين غادروا للقتال في سوريا إلى جانب تنظيم داعش هم من جنوب البلاد.
وبشكل عام، انضم إلى صفوف «داعش» أكثر من ألفين وربما ما يقارب 4 آلاف شخص من آسيا الوسطى مثل الكازاخستانيين، والقيرغيزيين، والأوزبك، والطاجيك، والتركمان، والأويغور. وبحسب سوكوف، تقع أطول حدود بريّة في العالم بين روسيا وأحد البلدان المجاورة في آسيا الوسطى، أي كازاخستان، وقد ازدادت نسبة التسرّب في هذه الحدود، مما يسمح لمختلف الجماعات القادمة من «أعماق آسيا الوسطى»، أي طاجيكستان، وأوزبكستان بعبورها بحرية تامّة نوعاً ما.
وقد ازداد عدد المنضمّين إلى «داعش» من سكان آسيا الوسطى، لا سيّما خلال العامين الماضيين. ومع ذلك، يبدو أن «داعش» لا تعتبر آسيا الوسطى مركزاً هاماً للتجنيد مثل أوروبا أو تونس.
غير أن هناك عدة عوامل تدفع سكّان آسيا الوسطى للانضمام إلى المنظمات الراديكالية منها فشل المؤسسات العامة في بلادهم، ومستوى التعليم والفقر والرفاهية، وازدياد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فضلاً عن افتقار المنطقة إلى الفرص المتاحة للشباب.
وتُصنّف دبلومات مقاتلي «داعش» وفق عدة مجموعات. تضم المجموعة الأولى المناهضين لأنظمة بلادهم والسياسيين المعارضين. وهؤلاء هم عموماً أشخاص متعلمون ولا ينتمون بالضرورة إلى الطبقة الفقيرة، بل عاشوا لسنوات كثيرة ولديهم رغبة لم تتحقّق بإحداث تغيير في بلدهم على الصعيدين السياسي والاجتماعيّ. فهم يشعرون بالإحباط وخيبة الأمل بسبب عدم التغيير، لذا يقررون المشاركة في القتال في سوريا لكي يشعروا بأنهم جزء من قضيّة مهمّة، وأنهم أبطال في معركة مثالية بهدف التغيير. وفي حين يعتقد البعض أنهم يكافحون من أجل العدالة ضد نظام قمعي، فالبعض الآخر يظنّ أن النظام السياسي العلماني قد فشل في توفير حياة كريمة لهم وأن فقط دولة إسلامية بإمكانها تحسين مصيرهم.
وتتألف المجموعة الثانية من أشخاص تعرضوا للاضطهاد أو هربوا من الاضطهاد. «والمعروف أن السلطات في بلدان مثل أوزبكستان وطاجيكستان تتصف بالاستبداد ولا تسمح بوجود أي معارضة. ويعتبر بعض أعضاء هذه الفئة أن المناطق التي تسيطر عليها (داعش) ملاذ آمن وبالأخص الذين فروا من الاضطهاد الذي يعانون منه في بلدانهم».
أمّا المجموعة الثالثة، فتضمّ الذين يبحثون عن حياة أفضل، والذين تمّ استدراجهم بوعود كاذبة تشمل المال والوظائف الجيدة. فقد يعدونهم بمرتّبات شهريّة تتراوح بين و5 آلاف و10 آلاف دولار، وهو مبلغ ضخم في هذه المنطقة.
ومع ذلك، يتبيّن دائماً في نهاية المطاف أنّ هذه الوعود كاذبة، مثل ما حصل تماماً مع شاب يُعرف باسم سعيد مرات (20 عاماً) وُعد بآلاف الدولارات لقاء مشاركته في المعارك في سوريا في صفوف جبهة النصرة التابعة لـ«القاعدة السورية» (وذلك قبل فك الارتباط)، وذلك وفق تقريرٍ لإذاعة أوروبا الحرة.
هذا وتشمل كتيبة سيف الله التابعة لجبهة النصرة والتي تضمّ المئات من المقاتلين الأجانب، الكثير من سكان آسيا الوسطى، ومن بينهم مواطنون من قيرغيزستان. فحين فشل سعيد مرات في العثور على عمل في قيرغيزستان، قصد في مارس (آذار) 2014 العاصمة الشيشانية، غروزني. وقال سعيد مرات إنّهم وعدوه هو وزملاءه المجندين بتقاضي مبالغ طائلة تتراوح بين 5 آلاف و10 آلاف دولار أميركي للمشاركة في القتال مع جبهة النصرة.
وأضاف سوكوف أنّه وحتى الآن، أن آثار الهجوم قد أشارت إلى فروع تابعة لجبهة النصرة وتُظهر مشاركة مواطنين من آسيا الوسطى في العمليّة. فالمشتبه به هو من منطقة أوش في قيرغيزستان حيث يقيم الأوزبك العرقيين. إنّ انضمام سكّان آسيا الوسطى وكذلك سكان شمال القوقاز في روسيا إلى الجماعات الإرهابية في سوريا والعراق شكّل صداعاً بالنسبة لموسكو والسلطات الآسيوية الوسطى» بحسب سوكوف.
ووفقاً للدبلومات، هناك ميل كبير لتجنيد المهاجرين من آسيا الوسطى في روسيا. فغالباً ما يعمل هؤلاء المهاجرون في وظائف منخفضة الأجر، أو يكونون حتّى عاطلين عن العمل، فيعيشون في عزلة في روسيا. وفي ظلّ هذه الظروف، يقع البعض تحت تأثير الشيشان المسؤولين عن التجنيد في المساجد فيسافرون إلى سوريا عبر موسكو أو غروزني أو تركيا.
وتتألف المجموعة الرابعة من أشخاص ذوي خلفيات دينية واهتمام قوي بالإسلام. فالمعرفة الدينية في بلدان آسيا الوسطى منخفضة بشكل عام، وهذا هو السبب الذي جعل الكثير من الأشخاص الذين يمارسون الإسلام أهدافا سهلة للمُجنِّدين، الذين يقنعونهم بأن «داعش» ستوحد جميع المسلمين وتنقذهم. ويسعى البعض لمتابعة التعاليم الإسلاميّة المتقدمة ويحلمون بالدراسة في الخارج، حيث يتمّ استقطاب كثير من المجندين من خلال وعدهم بفرصة فريدة للدراسة في تركيا.
والمجموعة الأخيرة فتضمّ الفتيات والشابات اللواتي يُصدّقن وعود الحبّ الكاذبة. وعادة ما يتمّ استهدافهنّ من خلال وسائل الإعلام الاجتماعي بواسطة صور جذّابة ووعود الزواج.
وبحسب مقالة نشرتها «رويترز» في العام الماضي، عملت روسيا على تخفيف تهديد «الجهاديين» من خلال تقديم السلطات مساعدة مباشرة أو غير مباشرة إلى الأشخاص المشتبه بهم بالانضمام إلى «المجاهدين» في سوريا. وتسعى موسكو إلى القضاء على خطر وقوع هجمات إرهابيّة محليّة، لذلك قام المسؤولون في المخابرات والشرطة بغضّ النظر عن توجّه المسلحين الإسلاميين إلى سوريا أو حتّى سهّلوا ذلك. وتفيد بعض المصادر بحسب «رويترز» أن المسؤولين قد شجّعوا المسلحين حتّى على المغادرة. واستمرت هذه الخطة، وفقاً لـ«رويترز» حتى عام 2014 على الأقل، بحسب مسؤولين سابقين وحاليين وكذلك أقارب الذين غادروا. وتشير هذه الحالات إلى أنّه تمّ تعزيز المخطط قبل دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014 في سوتشي، وذلك لأن السلطات الروسية خشيت أن يحاول مسلحون محليون مهاجمة هذا الحدث.



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».