مع قرب دخول معركة الموصل شهرها السادس، تحتدم المعارك بين القوات الأمنية العراقية ومسلحي تنظيم داعش في الأزقة والأحياء القديمة ذات الكثافة السكانية وسط المدينة، بينما ارتفعت أعداد النازحين الهاربين من جانبي المدينة الأيسر والأيمن حتى الآن إلى نحو 500 ألف نازح، فيما لا يزال هناك أكثر من 250 ألفاً من المدنيين محاصرين في المناطق الخاضعة للتنظيم، الذي يأخذ السكان المحليين معه كرهائن من كل حي ينسحب منه، للاحتفاظ بهم كدروع بشرية لمسلحيه.
ولعل المنظر الأبرز في الأحياء والأزقة المحررة من الجانب الأيمن، هو وجود العشرات من جثث مسلحي التنظيم المفخخة، ولا تخلو هذه الأحياء من جثث المدنيين الذين قتلهم المسلحون أثناء محاولتهم الهرب باتجاه القوات العراقية. أما الدمار فنسبته كبيرة جدا، فالتجوال بحذر بين الأنقاض والمباني المدمرة والشوارع الخالية المفخخة، يجعل المرء يشعر بأنه يعيش في المدن المدمرة أثناء الحرب العالمية الثانية.
ويتجدد القصف المتبادل بين الجانبين يومياً، من الصباح الباكر وحتى ساعات متأخرة من الليل، بينما تحوم المروحيات العراقية في سماء الموصل لاقتناص مسلحي التنظيم المتحصنين داخل المباني بعد استلام الإحداثيات من القطعات الأرضية.
وكثفت القوات العراقية بالتنسيق مع التحالف الدولي خلال الأيام الماضية من غاراتها على مواقع ومقرات التنظيم، خاصة التي تحتضن قيادات بارزة منه، وذلك اعتماداً على معلومات استخباراتية دقيقة.
وقال قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت، إن قواته سيطرت أمس على شبكة أنفاق تابعة للتنظيم في الموصل القديمة، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «اكتشفت قواتنا شبكة أنفاق لإرهابيي (داعش)، جنوب المدينة القديمة محصنة ضد الهجمات الصاروخية والقنابل الثقيلة، وتستخدم مقراً بديلاً لقيادات التنظيم الميدانية»، مبيناً أن الشرطة قتلت في اشتباكات مع مسلحي التنظيم في المدينة القديمة أمس، القيادي في التنظيم، محمود علي محمود مطر الحديدي.
بدوره بيّن عضو مجلس محافظة نينوى، عبد الرحمن الوكاع، أن القوات الأمنية العراقية استأنفت التوغل في المدينة القديمة، بينما وصلت قطعاتها الأخرى إلى مشارف حي 17 تموز (غرب الجانب الأيمن) الذي يُعتبر المعقل الرئيسي للتنظيم في الموصل، استعداداً لاقتحامه.
أما عن أعداد المدنيين المحاصرين في المناطق الخاضعة للتنظيم في الموصل، فالأرقام التي تكشف عنها الجهات الرسمية العراقية تتراوح بين (150 - 250) ألف مدني، غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن. وفي هذا السياق، قال الوكاع: «المدنيون في المناطق الخاضعة لـ(داعش) أمام خيارين خطيرين، وهما البقاء في منازلهم الأمر الذي يجعلهم دروعاً بشرية للتنظيم الذي يقتادهم معه في كل انسحاب ينفذه من منطقة لأخرى، ولا يتوانى عن قتل كل من يحاول الهرب، أو الهروب باتجاه القوات الأمنية الذي هو أيضاً خيار خطير، حيث يتعرض المدنيون للقنص من قبل مسلحي التنظيم أو تنفجر بهم إحدى العبوات الناسفة التي فخخ بها (داعش) جميع الطرق والشوارع». وأوضح أن قيادة عمليات نينوى «تطلب من المدنيين محاولة الاختباء من التنظيم والابتعاد عن تجمعات مسلحيه، أو الاستفادة من أول فرصة سانحة للهروب باتجاه القوات الأمنية القريبة من مناطقهم».
ويعيش المدنيون المحاصرون من قبل «داعش» في ظروف معيشية صعبة جداً، ويؤكد الهاربون منهم أن تلك المناطق تشهد يومياً وفاة كثير من الأطفال والمسنين والمرضى، إثر نقص الغذاء والدواء، ويطالبون القوات الأمنية العراقية بالإسراع في عمليات التحرير لإنقاذهم من مسلحي التنظيم.
في غضون ذلك كشفت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية عن آخر إحصائية لنازحي الموصل منذ انطلاق معارك تحريرها في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وذكر بيان للوزارة: «وصلت أعداد النازحين من مدينة الموصل بجانبيها منذ انطلاقة المعارك وحتى الآن إلى نحو 46721، وزعوا على مخيمات جنوب وشرق الموصل».
من ناحية ثانية، تصدت قوات الجيش العراقي أمس لهجوم شنه مسلحو «داعش» على مواقعها في حدود قضاء الشرقاط التابع لمحافظة صلاح الدين. وقال المتحدث باسم «اللواء 91» في الجيش العراقي، الرائد أمين شيخاني: «تعرضت مواقع الفوج الثالث من لوائنا المرابط في قطاع كنعوس - شرقاط إلى هجوم من قبل مسلحي (داعش)، لكن قطعاتنا تصدت لهم وقتلت العشرات منهم، ولاذوا بالفرار تاركين خلفهم عددا من جثث قتلاهم»، كاشفا أن آمر الفوج الثالث العقيد فلاح حسن سلمان، قتل أثناء التصدي للهجوم.
أعداد النازحين من الموصل تقترب من نصف مليون
نصيحة القوات الأمنية للمحاصرين: اختبئوا في انتظار فرصة للهرب
أعداد النازحين من الموصل تقترب من نصف مليون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة