لاجئون أفغان يجلبون رياضة الكريكت إلى ألمانيا

يلتقون أسبوعياً في نادٍ محلي في شمال البلاد

لاجئون أفغان يجلبون  رياضة الكريكت إلى ألمانيا
TT

لاجئون أفغان يجلبون رياضة الكريكت إلى ألمانيا

لاجئون أفغان يجلبون  رياضة الكريكت إلى ألمانيا

يتأرجح مضرب الكريكت عبر الهواء، وتنطلق الكرة الصفراء الصغيرة عبر صالة الألعاب الرياضية وتمر فوق عدد من اللاعبين قبل أن تصطدم بالحائط.
ويبتسم حامل المضرب صديق شينواري ابتسامة تعبر عن شعوره بالرضا، فقد كون هذا اللاجئ (20 عاما) بالاشتراك مع مجموعة من اللاجئين الأفغان الآخرين فريقا للكريكت في نادٍ محلي للأنشطة الرياضية في مدينة بريتس بشمال ألمانيا.
وفي كل يوم ثلاثاء منذ منتصف فبراير (شباط) الماضي، تلتقي هذه المجموعة في صالة الألعاب الرياضية لممارسة رياضتهم المفضلة.
ويقول عبد الوصي حليم الذي طرأت هذه الفكرة على ذهنه أواخر العام الماضي: «نحن لا نهتم كثيرا بكرة القدم». ويعيش حليم في شمال ألمانيا منذ 15 شهرا، وقد حاول ممارسة كرة القدم بل وكان بارعا فيها، ولكن قلبه معلق بالكريكت. ويقول حليم البالغ من العمر 25 عاما «إنها رياضتنا الوطنية، وأنا بدأت أمارسها منذ الصغر». وحضر 12 أفغانيا على الأقل إلى صالة الألعاب الرياضية الصغيرة في تلك الأمسية. وقبل أن يحمل كل منهم مضربه، وقفوا جميعا في دائرة صغيرة للتعرف على لاعبين جديدين. ويأتي بعض اللاجئين من مسافات بعيدة للمشاركة في اللعب، مثل بلدة بلوين على سبيل المثال التي تبعد 14 كيلومترا، ومن مدينة كيل التي تقع على مسافة ساعة بالسيارة.
وتضم المجموعة امرأة واحدة تدعى مارلين ساشي، وهي عاملة في مجال اللاجئين، وكان لها دور كبير في تأسيس الفريق.
ويوجد خمسون أفغانيا من بين قرابة 350 لاجئا يعيشون في مدينة بريتس. وتقول ساشي إن «عبد الوصي يلعب دورا مهما بالنسبة للجميع هنا»، وعقدت ساشي شراكة مع نادي «إف تي بريتس» الرياضي من أجل السماح للفريق باستخدام صالة الألعاب الرياضية. ويقول رئيس النادي رالف لويندورف: «نحن ثالث نادي بولاية شليسفيج هولشتاين يتيح ممارسة رياضة الكريكت»، مضيفاً: «نحن نحاول الترويج لها». ويحاول لويندورف أيضاً توفير الأدوات الرياضية اللازمة لفريق الكريكت عن طريق الاتحادات الرياضية. وبدون مساعدة هذه الاتحادات، فسيكون من شبه المستحيل بالنسبة لنادي صغير مثل «إف تي بريتس» الذي يضم 600 عضو فقط، أن يتحمل تكلفة معدات فريق كامل بما في ذلك المضارب والخوذ وواقيات الأقدام، والتي قد تصل إلى 25 ألف يورو (26500 دولار).



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».