لبنان: تفاؤل بقرب الاتفاق على قانون جديد للانتخابات

مواقف ترجح بلوغ البحث مرحلته الأخيرة والأصعب

لبنان: تفاؤل بقرب الاتفاق على قانون جديد للانتخابات
TT

لبنان: تفاؤل بقرب الاتفاق على قانون جديد للانتخابات

لبنان: تفاؤل بقرب الاتفاق على قانون جديد للانتخابات

تعكس المواقف اللبنانية أجواء تفاؤلية وإن كانت حذرة، بإمكانية التوصل إلى قانون جديد للانتخابات. وبات تركيز البحث في هذه الفترة على مشروع قانون عرف بـ«التأهيلي الطائفي»، على أن تظهر النتائج الأسبوع المقبل بعد انتهاء عطلة عيد الفصح، بحيث من المتوقع أن تتم الدعوة إلى جلسة للحكومة إذا استمرت المباحثات في طريقها نحو الإيجابية.
وقال وزير الثقافة الدكتور غطاس خوري، المحسوب على فريق رئيس الحكومة سعد الحريري، إن «هناك تداولاً بصيغة جديدة لقانون الانتخاب، تعتمد التأهيل (على أساس الطائفة) والنسبية». وذكر أن «الحكومة ستقرّ قانون الانتخابات، وبإمكان مجلس النواب أن يدخل عليه تعديلات»، بينما رأى وزير الدولة للشؤون الاجتماعية بيار بو عاصي أنه «من واجب الطبقة السياسية إنتاج الحلول». وأعرب عن تفاؤله بأن «يتم الوصول إلى قانون انتخابي قريبًا».
من جهته، قال النائب إبراهيم كنعان، عضو تكتل التغيير والإصلاح (التيار العوني)، في حديث تلفزيوني: «أصبحنا في المائة متر الأخيرة للتوصل إلى قانون انتخابي، إلا أنها المرحلة الأصعب»، فيما أشار النائب في التكتل نفسه، آلان عون، إلى أن «هناك نقاشًا يجب أن يستكمل، ولو أن هناك اتفاقاً مبدئياً حول صيغة معينة لقانون الانتخابات». وقال في حديث إذاعي: «الكل ملتزم بالتفاصيل الأساسية للقانون والأيام القليلة المقبلة يجب أن تحسم الأمر، وأن تقر الحكومة قانون الانتخابات لكي يدرسه مجلس النواب عندما يعاود اجتماعاته». وتابع عون: «ذاهبون إلى قانون جديد والكل يعلم أنه لن تكون هناك أزمة تمديد جديدة». ورأى أنه «رغم التفاؤل يبقى لدينا خوف، لكني أعتقد أن الأمور باتت قريبة من إتمام هذا الاتفاق وبتنا في المراحل الأخيرة».
أما النائب نقولا فتوش، عراب مشروع قانون التمديد للمجلس للمرة الثالثة، فشرح الأسباب التي حملته على تقديم هذا المشروع من جديد، وقال: «الانتخابات النيابية هي ركن أساسي من أركان النظام الديمقراطي، والحرص على إجرائها وفق قانون عصري عادل يؤمن صحة التمثيل أمر غير قابل للنقاش أو المزايدة». وأضاف: «استناداً إلى أبحاث ودراسات ومراجع علمية مشهودة، تتحدث عن مخاطر عدم إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر وأبرزها حالة الفوضى التي يمكن أن تنشأ وما يمكن أن يستتبعها من إعادة صياغة للتوازنات الوطنية ولطبيعة العقد الاجتماعي الجديد»، لافتاً إلى أن «القوى السياسية التي تتفاوض منذ سنوات على القانون الانتخابي الجديد، وعلى حصصها في هذا القانون، هي المسؤولة عن الوصول إلى الوضع الراهن»، معتبرًا أن «الفكر الاحتكاري التسلطي الإلغائي الذي يسيطر على نهج البعض في ممارسة السلطة منع التوافق على القانون وفتح الباب واسعاً أمام الفراغ القاتل».
وشدد فتوش على أن الاقتراح الذي تقدم بتمديد ولاية المجلس النيابي «هدفه عدم الوقوع في الفراغ، وحض القوى السياسية المعنية على العمل بسرعة لإنجاز القانون الانتخابي الذي يرضي الشعب اللبناني بعيداً عن المحاصصة والطائفية والمذهبية وعمليات الإلغاء المخطط لها، وكل أشكال التمييز بين اللبنانيين»، مؤكدًا أن «المجلس النيابي هو سيد نفسه، وهو مصدر السلطات ومحراب التشريع، وهو الذي سيقرر التمديد من عدمه ومدة هذا التمديد، والنواب الذين يعترضون اليوم وافقوا على التمديد مرتين». وتابع فتوش: «هؤلاء استفادوا من استمرار المجلس النيابي المكرس في الفقرة (ه) من الدستور، وكان الأولى بهم أن يستقيلوا، بدل المزايدات الإعلامية والطائفية التي تخلق أجواء متوترة تهدد السلم الأهلي والعيش المشترك».
ولم يجد فتوش في مبادرة رئيس الجمهورية ميشال عون التي أفضت إلى تعليق عمل المجلس النيابي لمدة شهر، إلا «محاولة لدفع الحكومة إلى إرسال قانون بكل ما لكلمة القانون من معنى». وشدد فتوش على أن الاقتراح الذي تقدم به «حقق هدفه، عبر التنبيه إلى الخطورة التي تعصف بالبلد ولإبعاد شبح ترف الاستهتار وترف الانتظار».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.