السعودية: الابتعاث مستمر وخريجونا ليسوا عاطلين

وزارة التعليم أكدت وجود أكثر من 126 ألف طالب وطالبة

د. أحمد العيسى وزير التعليم السعودي
د. أحمد العيسى وزير التعليم السعودي
TT

السعودية: الابتعاث مستمر وخريجونا ليسوا عاطلين

د. أحمد العيسى وزير التعليم السعودي
د. أحمد العيسى وزير التعليم السعودي

أكدت وزارة التعليم السعودية أن برنامج الابتعاث لم يَزِد أعداد العاطلين في سوق العمل، مبينةً أنها تدرس حالياً مسحية عن وضع المبتعثين الخريجين منذ بدء برنامج الابتعاث وحتى الآن، وعدد الخريجين الذين توظفوا والذين لم يتوظفوا بعد تخرُّجِهم.
وأوضح الدكتور أحمد العيسى وزير التعليم، أن برنامج الابتعاث سوف يستمر مهما كانت الظروف في الجامعات السعودية، وعلى الرغم من تكاليفه الباهظة، مبيناً أنّ عدد المبتعثين ضمن برنامج «بعثتك وظيفتك»، في سنته الثانية، بلغ 10633 مبتعثاً، وهو عدد ليس بالقليل في تخصصات مختارة ونوعية، وتتوفر لهم فرص وظيفية قبل السفر للخارج على حد تعبير الوزير.
وكان العيسى يتحدث في مؤتمر صحافي على هامش فعاليات المؤتمر والمعرض الدولي للتعليم العالي، تحت عنوان «الجامعات السعودية ورؤية 2030: المعرفة وقود المستقبل» بمركز الرياض الدولي للمعارض.
وأشار وزير التعليم إلى أنّ مشاركة الجامعات الدولية في المعرض لإتاحة الفرصة للطلاب والطالبات السعوديين للتعرف على فرص التعليم العام في هذه الجامعات عن قرب واختيار ما يناسب رغباتهم، وتابع: «برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي بدأ قبل نحو 12 سنة، والإلحاق بالبعثة سوف يستمر حسب الشروط لضمان جودة المخرجات».
وفي رده على سؤال بشأن دور الوزارة في ضمان وظائف للمبتعثين الخريجين، أفاد العيسى بأنّ وزارة التعليم ليست جهة توظيف، وقال: «الوزارة لا تضمن وظيفة لكل مبتعث أو خريج من الجامعات السعودية، نحن لسنا جهة توظيف، ولكن الوزارة تحاول المساعدة وتوفر المعلومات المطلوبة لجهات العمل لحصول المبتعثين أو الخريجين على وظائف عبر الشراكات مع الجهات المختلفة سواء حكومية أو خاصة، ونتوقع للخريجين من برنامج الابتعاث ألاّ يجدوا صعوبة في الالتحاق بسوق العمل لما يتمتعون به من مستوى علمي ومهاري، وهم قادرون على الانخراط في سوق العمل بسهولة».
وكشف الدكتور أحمد أن وزارته تدرس حالياً إنشاء مركز متخصص للحصول على قبول في الجامعات الدولية للطلاب والطالبات والمعيدين والمعيدات الراغبين في الدراسة خارج المملكة، بدلاً من الاضطرار للتعامل مع بعض المؤسسات التجارية غير الموثوقة.
وحسب وزير التعليم، هناك أكثر من 17 ألف مبتعث من الجامعات السعودية من المعيدين والمحاضرين.
ولفت العيسى إلى أن برنامج الابتعاث لم يَزِد أعداد العاطلين في سوق العمل، متعهداً بإثبات ذلك عبر دراسة مسحية دقيقة، وقال في رده على سؤال «برنامج الابتعاث لم يزد العاطلين، ونستطيع إثبات ذلك من خلال دراسة مسحية نقوم بها حالياً عن وضع المبتعثين الخريجين منذ بدء برنامج الابتعاث، وأين توظفوا وعدد الذين لم يتوظفوا، ولننتظر نتائج هذه الدراسة».
وأشار وزير التعليم إلى أن عدد المبتعثين سنوياً يتجاوز 10 آلاف، وهو عدد ليس بالقليل في تخصصات مختارة ونوعية وتتوفر لهم فرصاً وظيفية قبل السفر للخارج، لافتاً إلى أن الشركات والمؤسسات الخاصة مسؤولة، لأنّها توقع على عقود مع الوزارة ومع المبتعث قبل سفره، وتجري الشركات مقابلات شخصية تختار الأفضل بما يتوافق مع شروطها ومعاييرها.
وفي سؤال عن مشاركة جامعات دولية في المعرض غير مدرجة ضمن قائمة وزارة التعليم للجامعات المعتمدة، أوضح العيسى أنّ «الوزارة ملتزمة بالمعايير الأكاديمية وتضع الجامعات الموصى بها بناء على تحقيقها للشروط المطلوبة، لكن القائمة غير ثابتة، وتُحدّث كل فترة حسب تقييم الجامعات من لجان متخصصة والملحقيات الثقافية، والجامعات التي شاركت جامعات جيدة، وربما تدخل القائمة حسب التقييم خلال الفترة المقبلة».
ويُعد برنامج «وظيفتك وبعثتك» من أهم مصادر الاستثمار في رأس المال البشري، وأحد أهم عوامل التنمية، ويهدف إلى إيجاد شراكة فاعلة في مجال الابتعاث والتوظيف بين وزارة التعليم والمؤسسات والهيئات في القطاعين العام والخاص في المملكة، من خلال تحديد الفرص الوظيفية الفعلية بشكل مباشر في قطاعات التنمية المختلفة، والتوزيع السليم للموارد البشرية المرتبطة بالحاجة الفعلية لسوق العمل وتوجيهها نحو التخصصات النادرة والمطلوبة.
وحسب أرقام وزارة التعليم، يبلغ عدد الطلاب المبتعثين في نحو 19 دولة حول العالم 126692 طالباً وطالبة، فيما يبلغ عدد المرافقين نحو 78961 شخصاً.
وتتصدر الولايات المتحدة أعداد المبتعثين والمرافقين بنحو 76271 مبتعثاً، و39323 مرافقاً، فيما يأتي لبنان في أقل الدول استقطاباً للمبتعثين السعوديين بواقع 16 مبتعثاً، و12 مرافقاً فقط.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».