النظام ينتقم من المدنيين في أعقاب الضربة الأميركية

النظام ينتقم من المدنيين في أعقاب الضربة الأميركية
TT

النظام ينتقم من المدنيين في أعقاب الضربة الأميركية

النظام ينتقم من المدنيين في أعقاب الضربة الأميركية

أصدرت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» بالأمس تقريراً بعنوان «انتهاكات الحلف السوري - الروسي بعد الضربة الأميركية»، وثقت فيه أبرز انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها هذا الحلف منذ الضربة الأميركية على مطار الشعيرات العسكري في محافظة حمص يوم الجمعة 7 أبريل (نيسان) 2017 حتى مساء أول من أمس الثلاثاء 11 أبريل 2017. ولقد استندت «الشبكة» فيه على الأرشيف الناتج عن حالات المراقبة والتوثيق اليومية المستمرة في المدة التي يغطيها التقرير.
ذكر التقرير أن النظام السوري شنَّ هجوماً بالأسلحة الكيماوية ضد أهالي مدينة خان شيخون بمحافظة إدلب، يوم الثلاثاء 4 أبريل 2017، و«هو الأوسع منذ هجومه على ريف دمشق في أغسطس (آب) 2013. وفي يوم الخميس 6 أبريل أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن إطلاق بوارجها 59 صاروخ «توماهوك» Tomahawk على مطار الشعيرات، بشرق محافظة حمص، الذي يحوي مخازن للمواد الكيماوية فجر يوم الجمعة 7 أبريل 2017.
وأشار التقرير إلى أن مطار الشعيرات يُعدُّ من أهم المطارات العسكرية التي تستخدمها قوات النظام السوري في عملياتها العسكرية، وفي قصفها الأحياء المدنية وارتكابها المجازر. كما يُعتبر القاعدة الجوية الثانية التي تستخدمها القوات الروسية لانطلاق طائراتها بعد قاعدة حميميم في ريف محافظة اللاذقية.
ووفق التقرير، صعَّد الحلف السوري - الروسي عملياته العسكرية التي تستهدف مناطق ومراكز مدنية، بشكل واسع في الأيام الخمسة التي تلت الضربة الأميركية. والبعض منها لم يكن فوضوياً، بل متعمداً. وسجل التقرير أيضاً ارتفاعاً في معدل استخدام الحلف السوري - الروسي للذخائر العنقودية والأسلحة الحارقة والبراميل المتفجرة.
ومن جانب آخر، أضافَ التقرير أن النظام السوري استخدم أسلحة كيماوية للمرة الثانية بعد أقل من 72 ساعة على استخدامها في خان شيخون بإدلب في تحدٍ منه للمجتمع الدولي، عبر هجوم شنَّه على حي القابون في ضواحي العاصمة دمشق، عصرَ الجمعة 7 أبريل 2017. وأضاف فضل عبد الغني، مدير «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، معلقاً: «لقد فشلت الإدارة الأميركية السابقة في ردع النظام السوري عن استخدام الأسلحة الكيماوية، وعن حماية «الخط الأحمر» الذي رسمته. وهذا أدى إلى تمادٍ كبير للنظام السوري في استخدام الأسلحة الكيماوية وفي الصيد المفتوح لقتل الشعب السوري. وقد علمتنا التجربة مع النظام السوري أنه سوف يستمر في تحدي المجتمع الدولي، وفي اختبار الحدود، كما فعل عندما تدرَّج في استخدامه الأسلحة وصولاً إلى السلاح الكيميائي».
هذا، ووثَّق التقرير مقتل 98 مدنياً، قتلت القوات الروسية منهم 56 مدنياً، وبينهم 10 أطفال، و8 سيدات فيما قتلت قوات النظام 42 مدنياً، بينهم 14 طفلاً، و7 سيدات. وارتكبت القوات الروسية مجزرتين بينما ارتكبت قوات النظام السوري مجزرة واحدة. كذلك سجل التقرير 14 حادثة اعتداء على مراكز حيوية مدنية، توزّعت مناصفة بين القوات الروسية وقوات النظام السوري، إذ ارتكب كل منهما 7 حوادث اعتداء.
وبحسب التقرير جرى توثيق 5 هجمات بالذخائر العنقودية، 4 منها من قبل قوات روسية وواحدة ذكر التقرير أنها ما زالت قيد التحقق لتحديد المسؤول عنها (النظام السوري أم الروسي). كذلك وثّق التقرير 6 هجمات بأسلحة حارقة استخدمتها قوات روسية، وذكر أنّ هجمتين بالأسلحة ذاتها ما زالت قيد التحقيق والمتابعة. ووثّق هجمة واحدة بالأسلحة الكيماوية من قبل قوات النظام السوري، و162 برميلاً متفجراً ألقاها الطيران المروحي التابع لقوات النظام السوري.
من جهة أخرى، أفاد التقرير أن الحلف السوري - الروسي «خرق بشكل لا يقبل التشكيك قراري مجلس الأمن رقم 2139 و2254 القاضيين بوقف الهجمات العشوائية»، وانتهك أيضاً عبر جريمة القتل العمد المادة الثامنة من قانون روما الأساسي، ما يُشكل جرائم حرب. وأوضح أن القصف استهدف أفراداً مدنيين عزل، وبالتالي، فإن قوات الحلف السوري - الروسي انتهكت أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان الذي يحمي الحق في الحياة. إضافة إلى أنها ارتكبت في ظل نزاع مسلح غير دولي فهي ترقى إلى جريمة حرب، وقد توفرت فيها الأركان كافة.
ومن ثم، أوصى التقرير بضرورة فتح تحقيقات في الحوادث الواردة فيه، واطلاع المجتمع السوري على نتائجها، ومحاسبة المتورطين وتعويض كل المراكز والمنشآت المتضررة وإعادة بنائها وتجهيزها من جديد. وأيضاً تعويض أسر الضحايا والجرحى كافة، الذين قتلهم النظام الروسي الحالي. كذلك شملت توصيات التقرير مطالبة مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد مرور أكثر من سنة على القرار رقم 2254، الذي نصَّ بشكل واضح على توقف فوري لأي هجمات موجهة ضد المدنيين والأهداف المدنية في حدِّ ذاتها «بما في ذلك الهجمات ضد المرافق الطبية والعاملين في المجال الطبي، وأي استخدام عشوائي للأسلحة، بما في ذلك القصف المدفعي والجوي».
وأخيراً، طالب التقرير بضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية، ومحاسبة جميع المتورطين - بما فيهم النظام الروسي - بعدما ثبت تورطه بارتكاب جرائم حرب، وبإحلال الأمن والسلام وتطبيق مبدأ مسؤولية حماية المدنيين لحفظ أرواح السوريين وتراثهم وفنونهم من الدمار والنهب والتخريب، وبتوسيع العقوبات لتشمل النظام الروسي والنظام الإيراني المتورطين بشكل مباشر في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد الشعب السوري.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.