مفاجأة «مهرجانات بعلبك» سميرة سعيد و«ريبرتوار كبار النجوم»

بعد 60 سنة على انطلاق «الليالي اللبنانية» في معابد القلعة الرومانية الأثرية

الفنانة المغربية سميرة سعيد  -  الفنانة ألين لحود
الفنانة المغربية سميرة سعيد - الفنانة ألين لحود
TT

مفاجأة «مهرجانات بعلبك» سميرة سعيد و«ريبرتوار كبار النجوم»

الفنانة المغربية سميرة سعيد  -  الفنانة ألين لحود
الفنانة المغربية سميرة سعيد - الفنانة ألين لحود

ليست مهرجانات بعلبك كغيرها، فهي أقدم المهرجانات في لبنان، واكتسبت أهمية بسبب موقع حفلاتها في القلعة الأثرية الرومانية بمدينة الشمس. وإذا كانت الدورتان السابقتان قد نجحتا بفضل مساندة كبيرة من الجيش اللبناني، فهذه السنة ستكون تدعيماً لما سبق وتأكيداً على أن بعلبك آمنة.
أطلقت نايلة دو فريج أمس، رئيسة لجنة «مهرجانات بعلبك الدولية»، برنامج دورة عام 2017 في مؤتمر صحافي، عقد بالقاعة الزجاجية في وزارة السياحة، بحضور وزيري السياحة أواديس كيدانيان والثقافة غطاس خوري، وبشير خضر محافظ بعلبك الهرمل وندى سردوك المدير العام لوزارة السياحة.
خلال المؤتمر كشف محافظ بعلبك أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون قد يفتتح المهرجانات هذه السنة. وقد أصبح رئيس شرف كما جرى العرف دائماً، أن يكون رئيس جمهورية لبنان على رأس هذه المهرجانات. وطالب المحافظ رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وبقية الوزراء، بعقد جلسة لهم في المدينة يوم الافتتاح وحضور الحفلة الأولى.
وقبل أن تعرض دو فريج البرنامج، شكرت وزارة الداخلية والقوى الأمنية من الجيش وقوى الأمن الداخلي على عملهم الفعال. كاشفة عن توافد نحو 20 ألف مشاهد إلى حفلات المهرجان، العام الماضي.
تُفتتح مهرجانات بعلبك هذا الصيف يوم 7 يوليو (تموز) المقبل، بعرض فني كبير تحت عنوان «عيد الشباب بالليالي اللبنانية» يشارك فيه الفنانون رامي عياش، وألين لحود، وبريجيت ياغي، أما تصميم الرقص فهو لسامي خوري والفرقة الموسيقية بقيادة إيلي العليا، والعمل من إعداد وإخراج جيرار أفيديسيان. وتقدم على إدراج معبد باخوس حفلة ثانية يوم 9 يوليو. وهو عرض يُنظم بمناسبة مرور 60 سنة على بدء تقديم الليالي اللبنانية في المهرجان، حيث يسترجع الفنانون الشباب المشاركون، «ريبرتوار» ونتاجات أولئك الكبار الذين سبقوهم إلى القلعة، أمثال الأخوين رحباني، وتوفيق الباشا، وزكي ناصيف، وروميو لحود، ووليد غلمية، وفيلمون وهبي، وعبد الحليم كركلا، ليقدموا أهم أعمالهم التي ما زالت تعيش في ذاكرة اللبنانيين والعرب. وكذلك يستعيد الجمهور خلال هذا العرض أعمالاً لفيروز، وصباح، ووديع الصافي، ونصري شمس الدين، وسمير يزبك، وعصام رجي، وملحم بركات، وإيلي شويري، وعاصي الحلاني وغيرهم.
وفي يوم 15 يوليو، يستضيف المهرجان حفلاً للفنانة أنجيليك كيدجو التي حظيت بفضل حضورها المسرحي وتأثرها بثقافات متعددة، باحترام الكثيرين. وستقدم بصوتها البديع أغاني من رصيدها الغنائي في موسيقى الجاز والموسيقى العالمية، تنطوي على تحية لذكرى المغنيتين الراحلتين الكبيرتين نينا سيمون وميريام ماكيبا اللتين سبق لهما الغناء في حفلات بعلبك، إضافة إلى المغنية المشهورة سيليا كروز.
ويعود إبراهيم معلوف، عازف آلة البوق والمؤلّف الموسيقي الواسع الشهرة عالمياً، يوم 22 يوليو إلى بعلبك لتأدية عمل ضخم حضّره خصيصاً للمهرجانات. وكان معلوف قد شارك في حفل «إلك يا بعلبك» عام 2015، وأدى ألبوم «كلثوم» عام 2016 في «كازينو لبنان» في إطار فعاليات مهرجانات بعلبك، وسيقدم الفنان الفرنسي - اللبناني حفلاً موسيقياً ضخماً واستثنائياً على أدراج معبد باخوس بمشاركة موسيقيين ومغنيين وعدد من المدعوّين.
وللموسيقى الكلاسيكية حصة، حيث ستقدم فرقة «تريو واندرر» وهي الفرقة الثلاثية الأبرز للعزف على البيانو حالياً، حفلاً يوم 30 يوليو. تتألّف الفرقة الموسيقية من جان مارك فيليبس فارجابيديان على الكمان ورافاييل بيدو على التشيللو وفينسان كوك على البيانو، وهي تؤدّي نوعاً من موسيقى الحجرة الأكثر شعبية في العالم.
وقد تحشد النجمة المنتظرة والفنانة المغربية ذائعة الصيت، سميرة سعيد، العدد الأكبر من الجمهور، وهي التي حصدت إلى الآن أكثر من 40 جائزة عربية وعالمية.
وفي مدينة الشمس، ستؤدّي «سعيد» أشهر أغانيها أمام عشّاق فنّها على أدراج معبد باخوس يوم الرابع من أغسطس (آب) المقبل.
ويحط في اليوم الختامي بـ15 أغسطس، فريق موسيقى الروك الأميركي الأسطوري (توتو) رحاله في بعلبك في إطار جولته العالمية. وستكون هذا الحفلة فرصة للاستماع لأغانيه الشهيرة مثل Africa وRosanna وHold The Line وStop Loving You وكذلك إلى ألبومه الجديد. وتمتدّ مسيرة هذا الفريق الفنية على أكثر من 40 سنة من النجاح، باع خلالها 40 مليون نسخة وحصد الكثير من جوائز «غرامي» ولا يزال في الطليعة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».