بوتين يتهم الأوروبيين بمحاولة الوقيعة بينه وبين ترمب

تيلرسون في موسكو.. وبيان الخارجية يتلافى انتقاد الرئيس الاميركي

بوتين يتهم الأوروبيين بمحاولة الوقيعة بينه وبين ترمب
TT

بوتين يتهم الأوروبيين بمحاولة الوقيعة بينه وبين ترمب

بوتين يتهم الأوروبيين بمحاولة الوقيعة بينه وبين ترمب

قبل ساعات على وصول وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى موسكو، تعمد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تذكير الرئيس الأميركي دونالد ترمب بانتقادات القادة الأوروبيين له خلال حملة الانتخابات الرئاسية، وكيف يحاولون التطبيع معه الآن على حساب «عداء نحو روسيا وسوريا»، في الوقت الذي أصدرت الخارجية الروسية بياناً عرضت فيه رؤيتها لما يجب أن تكون عليه العلاقات الأميركية الروسية، تجنبت فيه توجيه انتقادات مباشرة لإدارة ترمب، في حين رجحت صحف روسية، نقلا عن مصادر مقربة من الكرملين أن يستقبل الرئيس الروسي وزير الخارجية الأميركي، ويجري معه محادثات تتناول عدة مواضيع، بما في ذلك اللقاء الأول مع الرئيس ترمب.
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال مؤتمر صحافي عقب محادثاته أمس مع نظيره الإيطالي سيردغو ماتاريلا، إن الوضع في سوريا حاليا يذكر بما حدث في العراق عندما بدأت الولايات المتحدة حملتها على بغداد بعد كلمة في مجلس الأمن. وأضاف بوتين أن لدى روسيا معلومات من مصادر موثوقة تفيد «بعمل استفزازي باستخدام مواد كيماوية يجري التحضير له في مناطق عدة من سوريا، بما في ذلك الضواحي الجنوبية لدمشق، لتحميل السلطات السورية بعد ذلك المسؤولية عن استخدامها»، مؤكداً فيما يخص استخدام النظام السلاح الكيماوي في خان شيخون أن «روسيا تنوي التوجه رسمياً إلى منظمات الأمم المتحدة في لاهاي، وتدعو المجتمع الدولي إلى تحقيق دقيق في هذه القضايا، واتخاذ قرار متوازن، بموجب نتائج التحقيق». واتهم بوتين الدول الأوروبية التي قال إنها وجهت انتقادات لاذعة لترمب خلال الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة، بالسعي لتطبيع علاقاتها مع واشنطن عبر اصطناع عدو مشترك متمثل بروسيا وسوريا، مؤكداً في هذا السياق: «نحن مستعدون للصبر والانتظار، لكننا نأمل رغم ذلك في أن نتوصل إلى توجه إيجابي ما للتعاون» بين روسيا والولايات المتحدة.
من جانبها، أكدت وزارة الخارجية الروسية في بيان، أمس، أنها تسعى إلى تعاون بناء مع الولايات المتحدة يقوم على أسس المساواة والندية، ملوحة في الوقت ذاته بـ«استعدادها لأي تطورات محتملة للأحداث»، في حال فشلت جهود إطلاق ذلك التعاون. ومع أن الموضوع السوري سيكون رئيسيا خلال محادثات تيلرسون في موسكو، نظراً للتطورات الأخيرة في سوريا، فإن الخارجية الروسية لم تركز عليه في بيانها، وتحدثت بصيغة عامة عن التعاون مع الولايات المتحدة، مشيرة في بعض الفقرات إلى «التعاون بما في ذلك في سوريا». وأعربت عن أملها في أن تكون المحادثات التي سيجريها تيلرسون مع وزير الخارجية الروسي بناءة، وقالت إن هذا «أمر مهم وليس لآفاق التعاون الثنائي فقط، بل لمجمل الأجواء على الساحة الدولية»، واصفة الوضع الذي تمر به العلاقات بين البلدين في هذه المرحلة بأنه «الأكثر تعقيداً منذ نهاية الحرب الباردة».
وحملت الخارجية الروسية في بيانها إدارة أوباما المسؤولية عن الوضع الراهن للعلاقات الثنائية، والتوتر في أوكرانيا وسوريا، دون أن توجه اتهامات مباشرة لإدارة الرئيس الحالي دونالد ترمب، باستثناء تكرارها وصف القصف الصاروخي الأميركي لمطار الشعيرات بأنه عدوان وانتهاك للقانون الدولي. مؤكدة رغم ذلك انفتاحها على الحوار الصريح والعمل المشترك، لافتة إلى وجود مجالات عدة لهذا التعاون وفي مقدمتها التصدي للإرهاب، وتساءلت في هذا السياق: «هل تخطط واشنطن للانتقال إلى تعاون حقيقي معنا في التصدي للإرهاب بما في ذلك في سوريا أم لا؟».
ويجري وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون محادثات صباح اليوم، مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، سيتناول خلالها الوضع في سوريا بصورة رئيسية. وكان تيلرسون قد قال في تصريحات قبل توجهه إلى موسكو إنه ينوي مطالبة روسيا بأن تختار بين التعاون مع الولايات المتحدة أو العلاقات مع النظام السوري وإيران و«حزب الله». وقالت صحيفة «كوميرسانت» نقلا عن مصدر مقرب من الكرملين إن «محادثات بين تيلرسون وبوتين جرى التخطيط لها كذلك على أن تكون اليوم الأربعاء». وفي وقت سابق قال ديمتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الكرملين إن «محادثات بوتين مع تيلرسون غير مدرجة بعد على جدول أعمال الرئيس الروسي». ورجح المصدر للصحيفة أن يجري استقبال تيلرسون في الكرملين في النصف الثاني من يوم الأربعاء «وسيكون اللقاء على أرفع مستوى، أي بين بوتين وترمب، موضوعاً رئيسياً خلال محادثات تيلرسون مع المسؤولين الروس». وتشير الصحيفة الروسية إلى أن مجيء زيارة تيلرسون إلى موسكو «بدت معلقة» بعد القصف الأميركي لمطار الشعيرات في سوريا، «إلا أن الجانبين قررا مواصلة الحوار، حتى وإن كان المسؤولون يتبادلون الاتهامات وفق أسوأ تقاليد الحرب الباردة».
ويرجح أن تعرض روسيا على حلفائها في طهران ودمشق نتائج محادثات الوزيرين لافروف وتيلرسون. إذ أكدت ماريا زاخاروفا المتحدثة الرسمية باسم الخارجية الروسية أن محادثات وزارية ثلاثية روسية - سورية - إيرانية مرتقبة في موسكو يوم الجمعة المقبل.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.