مراجعات «الحلم الأميركي» في معرض لندني... هوليوود والاستهلاكية وامتلاك القمر

أكثر من 200 مطبوعة لـ70 فناناً أميركياً استلهموا أعمالهم من محيطهم

محطة بنزين لإيد روشا (1966) التي تمثل الاستهلاكية والاتساق المجتمعي - مارلين مونرو بالألوان لوارهول (1967) على أحد جدران المعرض القرمزية - 10 مطبوعات ملونة للكرسي الكهربائي من أعمال آندي وارهول (1971) (تصوير: جيمس حنا)
محطة بنزين لإيد روشا (1966) التي تمثل الاستهلاكية والاتساق المجتمعي - مارلين مونرو بالألوان لوارهول (1967) على أحد جدران المعرض القرمزية - 10 مطبوعات ملونة للكرسي الكهربائي من أعمال آندي وارهول (1971) (تصوير: جيمس حنا)
TT

مراجعات «الحلم الأميركي» في معرض لندني... هوليوود والاستهلاكية وامتلاك القمر

محطة بنزين لإيد روشا (1966) التي تمثل الاستهلاكية والاتساق المجتمعي - مارلين مونرو بالألوان لوارهول (1967) على أحد جدران المعرض القرمزية - 10 مطبوعات ملونة للكرسي الكهربائي من أعمال آندي وارهول (1971) (تصوير: جيمس حنا)
محطة بنزين لإيد روشا (1966) التي تمثل الاستهلاكية والاتساق المجتمعي - مارلين مونرو بالألوان لوارهول (1967) على أحد جدران المعرض القرمزية - 10 مطبوعات ملونة للكرسي الكهربائي من أعمال آندي وارهول (1971) (تصوير: جيمس حنا)

أميركا في الستينات... بلاد التأمت جراحها من ويلات الحرب العالمية الثانية وزالت إجراءات تقنين مواردها. ازداد عدد سكانها بعد تدفق أوروبي مهول في أمل تحقيق «الحلم الأميركي». مصانعها منتجة لكل ما يتمناه المواطن، وشوارعها المتشابهة تزينت بلافتات دعائية ضخمة. ناطحات سحاب ومحطات وقود على مد النظر. مواطنون يشبهون بعضهم بعضاً، شهيتهم الشرائية مفتوحة، وطموحهم، «حياة أفضل أكثر ثراء وسعادة». الحرب الباردة والمنافسة مع القوة السوفياتية لا تعنيهم مباشرة، لكنها تزيد من وطنيتهم و«أميركيتهم». هذه قشور «الحلم الأميركي»، إلا أن اللب معقد ومركب، ولكل أميركي تفسيره الخاص، وهويته المركبة.
يأتي معرض «الحلم الأميركي» في لندن لإزالة الطبقة العليا للمفهوم، ونقده ومراجعته عن طريق فن الطباعة. الأعمال الفنية تروي تاريخ أميركا الحديث من الستينات إلى يومنا هذا.

تاريخ حافل
جدران المدخل لقاعة «ساينزبوري» في المتحف البريطاني اللندني قرمزية، وتعتليها مطبوعات بمختلف الألوان للراحلة مارلين مونرو. المطبوعات لفنان «البوب أرت» الأميركي الشهير آندي وارهول تدفع من يسرح فيها إلى الهلوسة. بداية جريئة لمعرض «الحلم الأميركي: من البوب وإلى الحاضر»، كما أنها بداية مفاجئة، خصوصاً أن هذه القاعة عرضت منذ افتتاحها عام 2014 تاريخ الحضارات القديمة.
بالفعل، قرار تكريس معرض ضخم يحتوي على أكثر من 200 مطبوعة لـ70 فناناً لم يكن متوقعاً، فحتى إلى يومنا هذا، يظل فن الطباعة مهمشاً وتغطي على أهميته فنون الرسم والنحت وغيرها. إلا أن القائم على المعرض، ستيفين كوبل، أصر على توفير منصة ضخمة ليلمع منها هذا الفن المظلوم.
وعلى مدار الستة عقود الأخيرة، شهدت الولايات المتحدة تاريخاً حافلاً من سباقها إلى الفضاء إلى بداية عصر العولمة وازدياد الصناعة، والدعاية، والاستهلاكية. وكان لفن الطباعة دور في سرد تفاؤل ستينات القرن الماضي التي هزمتها خيبة أمل كسرت صورة «الحلم الأميركي» بعد سلسلة اغتيالات في البلاد؛ كان مطلعها مقتل الرئيس الأميركي السابق جون كيندي ومارت لوثر كينغ. إلى جانب حرب فيتنام والمظاهرات الشعبية والغضب الطلابي.
وبرع فنانو الطباعة في التنقيب عن الاستلهام من محيطهم... لوحات الإعلان الضخمة في الشوارع، والسياسات الدولية، وصعود هوليوود، وحتى الأدوات الإلكترونية المنزلية الحديثة. وكونوا مطبوعات تنافس اللوحات والمنحوتات لأن فن الطباعة اخترق جمهوراً متنوعاً وواسعاً.
وجسد ابتكارهم وإبداعهم التقني قوة أميركا العظمى وتأثيرها على العالم في تلك الحقبة. كما خاطب كثير من الأعمال الشروخ العميقة في المجتمع الأميركي التي لا يزال بعضها حياً إلى يومنا هذا، فهنالك حلم أميركي مختلف في تخيل كل مواطن.
ويعرض «الحلم الأميركي» مجموعة غنية من فن المطبوعات الحديثة للمرة الأولى، إلى جانب قطع فنية شهيرة جمعت من متاحف العالم ومقتنيات هواة جمع القطع الفنية.

ألوان مخدرة ورسومات ساخرة
قد تكون أعمال الفنان الأميركي من أصل تشيكي آندي وارهول ليست فقط بطلة هذا المعرض، بل نجمة حقبة الستينات والسبعينات في فن الطباعة و«البوب أرت». 10 صور لوجه الفنانة الأميركية الراحلة مارلين مونرو على الحائط القرمزي تقابلها 10 مطبوعات ملونة أخرى لكرسي الإعدام الكهربائي. استلهم وارهول مواضيعه من المجتمع الذي كان حوله وفسره بالتكرار والألوان. لأعماله تأثير الأقراص المخدرة، ومن يسرح فيها قد يسافر حيث الهذيان والتنويم المغناطيسي. التكرار يرمز للاتساق في المجتمع والاستهلاكية. كرسي كهربائي بالأبيض والأسود، ثم بألوان مبهجة وصارخة كالليلكي والأصفر تضعف إحساس الخوف، وهكذا يشعر المستهلك عند استنزاف السلع، بفقدان الإحساس. وفي سياق صور مونرو كان وارهول يقول: «التكرار يضيف إلى السمعة». وعلى غرار أعمال وارهول قطع لجيمس روسينكويست التي تمحورت أعماله حول الاستهلاكية المنزلية والحربية في الولايات المتحدة.
أما روي ليشتنستاين النيويوركي الذي خدم في الحرب العالمية الثانية فعاد لأميركا عندما كان يعيش عامة سكانها على آمال «الحلم الأميركي»، واختار تفسيره، ونقده بمطبوعاته الكرتونية الشهيرة. تظهر خفيفة الظل، إما لحسناء أميركية، أو سلعة استهلاكية سطحية. رسومات كرتونية قد يصفها من يراها دون التمعن بها بالطفولية. إلا أنها تحمل معاني عميقة وتسخر من حال المجتمع الذي انشغل بالمادة. وتناولت بعض مطبوعاته أيضاً حرب فيتنام التي كان من أشد معارضيها.

عمالقة الطباعة
اقتحم كل من جاسبر جونز وروبرت راوشنبيرغ وجيم دون فن صناعة المطبوعات في مطلع ستينات القرن الماضي، بعد أن كانوا رسامين ماهرين. ويعتبر جونز أحد أهم فناني تلك الفترة وركزت أعماله على التكرار والتنوع أو كما رآها، «تفسير أبعاد الأمور»، وبحثت عن الهوية والمعاني. ومن أعماله التي يقف الزائر لتمعنها مطبوعة للعلم الأميركي مكررة مرتين. وعند أول وهلة، يعتقد المرء أن العلمين متطابقان. إلا أنه عند الاقتراب من المطبوعة، نرى الاختلافات في الألوان والمواد والتنقية المستخدمة. ومن الممكن أن نربط هذا الاختلاف بين العلمين، بالاختلافات في هوية الأميركيين، الذين يحمل لهم هذا العلم معاني مختلفة.
أما راوشنبيرغ فكان مسكوناً بالتطور التكنولوجي والعسكري في البلاد، والحرب الباردة التي أدت إلى منافسة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي في امتلاك الفضاء. ومن أبرز أعماله مطبوعة للصاروخ الذي أرسل نيل أرمسترونغ إلى القمر عام 1969. هذا العمل الفني أخرجه راوشنبيرغ بتقنية متطورة وتعتبر أكبر مطبوعة إلى يومنا هذا. وعلى خلاف أعماله السوداوية الأخرى التي كانت تنتقد الإدارة الأميركية، حملت هذه المطبوعة أبعاداً وطنية، وعنها قال: «هذا المشروع بدا لي المحاولة الوحيدة لدخول التاريخ بطريقة إيجابية بعيداً عن الحروب والدمار».
يمكننا مقارنة سوداوية أعمال راوشنبيرغ بالعزلة المتمثلة في مطبوعات جيم دون الذي أطلق سلسلة من «الصور الشخصية»، إلا أن جميعها لم يحتوِ على وجوه.

{بنزين» على مد النظر
انتقل ايد روشا من مدينة أوكلاهوما للعيش في مدينة الشهرة والأحلام، لوس أنجليس. واستلهم أعماله من محيطه، اللافتات المبالغة، والتعبيرات المنتشرة، والدعايات المفرطة. وبرزت مطبوعة لصورة محطة وقود (بنزين) بين أعماله في عام 1966 التي تمثل توحيد المجتمع وعجزاً في التميز أو البروز من بين الجماعة. الوقود يشغل السيارات التي كان من ضمن حلم أي أميركي أن يمتلكها ويقودها.
وتضم أعماله الأخرى مطبوعة للافتة «هوليوود» الشهيرة وأخرى لشارعين متقاطعين قرر أن يسميهما «سهل» و«وحيد». كلها تجسيدات لمضار الاستهلاكية المفرطة التي اعتمدها المجتمع الأميركي آنذاك. وتبعه الفنان بروس نيومان الذي أدخل أضواء النيون لأعماله، بينما اختار الفنان واين ثايباود تجسيد الحياة اليومية الأميركية «المثالية» من الفطور الأميركي إلى الحلويات الشهيرة.

دهاليز غاضبة
النصف الثاني من المعرض يحتل المساحة الأصغر. لكنه أكثر غضباً وقوة. تصطحبنا الدهاليز الملتوية التي تحمل جدرانها فناً حديثاً وصارخاً إلى سلسلة من الأحداث التي بددت يوتوبيا الحلم الأميركي من الانكماش الاقتصادي إلى وباء الإيدز وتفجيرات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 والقضايا الشائكة المتعلقة بالعرق والجنس. وبالفعل تتغير نبرة المعرض لتركز على القدرة الترويجية التي تمتلكها الطباعة، وكيف انتقل عالم النشر من أداة لتوثيق أخبار وصور المشاهير - كما في مطلع أيام «البوب أرت» - إلى وسيلة للتغيير السياسي من صورة ريتشارد نيكسون لآندي وارهول التي اختار فيها أن يلون وجه الرئيس الأميركي الأسبق بالأخضر احتجاجاً على سياساته، إلى أعمال أخرى تخاطب قضايا حقوق المرأة والتفرقة العنصرية. عندما بدأ كوبيل بالتحضير للمعرض قبل 5 أعوام، لم تكن رئاسة ترمب حقيقة. ومع أنه اختار عدم تناول أميركا «الترمبية» الجديدة، أو الإشارة المباشرة إلى الرئيس الجديد، فإن المعرض يختتم بأعمال ايد روشا المعدنية المعتقة التي تحمل عبارات مثل «طريق غير نافذة» التي تعبر عن انتهاء الحلم الأميركي. وفي تفسير آخر قد تعني الرمزية تغير تصور الحلم الأميركي أو صرخة لمحاولة إنعاشه.
يذكر أن المعرض تحت رعاية شركة «مورغان ستانلي» ومؤسسة «تيرا» للفن الأميركي يستمر لغاية 18 يونيو (حزيران) المقبل.



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».