«مركز حيدر علييف».. وجه باكو الثقافي الجميل

زها حديد تقدم لأذربيجان تحفة بكل المقاييس المعمارية والهندسية والشاعرية

«مركز حيدر علييف».. وجه باكو الثقافي الجميل
TT

«مركز حيدر علييف».. وجه باكو الثقافي الجميل

«مركز حيدر علييف».. وجه باكو الثقافي الجميل

لو حضر اليابانيون يوم الثلاثاء الماضي إلى باكو، عاصمة أذربيجان، يوم افتتاح مركز حيدر علييف، ولمسوا روعته عن قرب، لما فكروا في تقليص حجم الملعب الأوليمبي، الذي كان مقررا أن تنفذه المعمارية زها حديد تزامنا مع دورة الألعاب الأوليمبية في عام 2020. ولما وصل الجدل إلى قبة البرلمان لمناقشة ميزانيته الخيالية التي تقدر بـ3 مليارات دولار أميركي. المشكلة التي يواجهها المشروع الياباني، كما مشاريع كثيرة أخرى، أن الميزانية التي ترصدها حديد تكون في الغالب ضخمة، تتوازى مع حجم خيالها وقدراتها الإبداعية، الأمر الذي لا يفهمه البعض وعانت منه زها حديد طويلا. فالإبداع لا يقدر بثمن، وأي تنازلات في الميزانية تؤثر على النتيجة النهائية وليس فقط على سير العمل، أو هذا على الأقل ما تؤمن به المهندسة المعمارية المبدعة، التي ترفض أي تنازل يمكن أن يمس أي عمل يحمل اسمها. في مركز حيدر علييف أكدت عمليا أنها على حق، فهو تحفة فنية بكل المقاييس المعمارية والهندسية والفنية وحتى الشاعرية، بنعومته وسلاسته وانسيابيته. حتى أعتى المهندسين المعماريين، الذين حضروا افتتاح المركز وكانوا متحفزين للانتقاد، لم يكن أمامهم سوى الاستسلام والاعتراف بأنها تفوقت على نفسها هذه المرة.
الفضل يعود إلى أن الحكومة الأذربيجانية لم تبخل عليه بشيء، ومنحت زها مطلق الحرية لكي تصرف وتتصرف حسبما يجود به خيالها. المهم أن تمنحهم رمزا وطنيا يتفاخرون به أمام العالم، ويستعرضون من خلاله نهضة العاصمة باكو الثقافية والاقتصادية والفنية. وإذا كان بالإمكان، لا بأس أن يرمز أيضا إلى قطعهم الحبل السري الذي ربطهم لفترة طويلة بالحكم السوفياتي، الذي لا تزال معالمه واضحة في هندسة بعض المعالم الصارمة والجامدة. ربما لم تكن هذه التعليمات مباشرة بهذا الشكل، لكن زها حديد قرأت بين السطور وفهمت المقصود. والطريف أنها كانت قد تأثرت في بدايتها بأعمال المعماريين الروسيين الطليعيين الذين حاربهم النظام السوفياتي، وأجهض أعمالهم لصالح القوالب الكلاسيكية الصارمة التي كانت أكثر انسجاما مع سياسته. في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، اختفت هذه الحركة الطليعية تقريبا ولم تتجسد رؤية هؤلاء المعماريين إلى حد الآن. زها حديد هنا تعيد لهم الاعتبار برؤيتها التي ترفض القوالب التقليدية وكل ما يمت للنظام السوفياتي القديم بصلة.
عندما تحط بك الطائرة في باكو، وتتجاذب أطراف الحديث مع الدليل المكلف بمرافقة ضيوف زها حديد، ينتابك شعور بأنك صرت جزءا من عملية «بروباغاندا» قوية تستهدف إيصال رسالة إلى العالم تقول فيها بأن باكو «وصلت».. بأنها عاصمة غنية بثقافتها ومعانقتها كل الأديان، وليست مجرد عاصمة قوقازية غنية بالنفط فحسب. وبما أن المعماريين أصبحوا في العقود الأخيرة، وسيلة تعتمدها الدول والحكومات لتلميع صورها بخلق معالم جديدة أشبه بالأيقونات ترمز إلى تقدمها الاجتماعي والثقافي وتخلصها من أي إيحاءات سلبية قد تكون ارتبطت بها في السابق، لم تجد العاصمة باكو، أفضل من زها حديد لكي تحقق لها مبتغاها وتشبع طموحها. فالمصممة البريطانية العراقية الأصل، تتمتع بلغة قوية وجريئة لا تعترف بالحل الوسط، وهذا هو المطلوب عندما تريد اختصار المسافات. فهي كما قال لارس موللر، مؤلف كتاب خاص عن مركز حيدر علييف: «لا تكتب بيانات رسمية.. بل تبنيها بالإسمنت والحديد».
المطلوب كان أكثر من مجرد مبنى وظيفي عملي، بل معلما يستهوي الكل، وتطبعه لمسة ديمقراطية ترمز إلى الإيقاع الجديد الذي تعيشه البلاد، كما تركز على صورته كبلد متقدم يتمتع باقتصاد قوي ويطمح لتحقيق المزيد من الإنجازات. لهذا كان من الضروري أن تضع زها حديد بصمتها القوية لكي تضعه على الخريطة كواحد من أهم المعالم الثقافية والسياحية. لتحقيق ذلك، كان من المفترض ألا يكون خانقا أو صارما بل مغريا وجذابا بآيديولوجية معمارية معاصرة، الأمر الذي أنجزته بسهولة، إلى حد القول: إن المركز «كان ثمرة حب» جمعت بينها وبين باكو العاصمة الأذربيجانية. هذه الأخيرة عبرت عن حبها بالانحناء احتراما لابنة العراق ومنحها ميزانية مفتوحة من دون أن تناقشها فيها، وفي المقابل، عبرت هي عن امتنانها بإعطاء باكو قطعة فنية ستظل شاهدة على حقبة مهمة من تاريخها. هذا التاريخ الذي يتأرجح حاليا بين إرثه الآسيوي الشرقي ورغبته في التواصل مع الغرب والتخلص من الخيوط البيروقراطية التي ربطته بالاتحاد السوفياتي سابقا.
وبالفعل، منذ الآن يستحيل عليك زيارة باكو من دون أن يستوقفك «مركز حيدر علييف» من الخارج ويشدك إلى دخوله واستكشاف ما تحتويه جوانبه الملتوية والممتدة على طول النظر من شفافية، معتمدا على البياض حينا، وعلى المساحات المفتوحة والإضاءة الطبيعية حينا آخر. لقد كان مهما أن يعكس المركز فكرة الانفتاح والشفافية. ومن هنا كان من الضروري التخلص من أي جدران يمكن أن تؤثر على هذه الشفافية، وأي حواجز من شأنها أن تخلق نوعا من العزلة، الأمر الذي يميز أسلوب زها حديد ويظهر في كل أعمالها تقريبا.
«ليست هناك أسوار أو أبواب.. كل شيء مفتوح ليكون امتدادا للبيئة المحيطة بالمبنى» هذا ما قاله سافيت كايا بكيروغلو، المهندس المنفذ للمشروع، مضيفا: «من الخارج يبدو المبنى واحدا ومتجانسا بأجزائه الثلاثة، التي تضم المسرح وقاعة المؤتمرات والمكتبة، لأن الفكرة كانت خلق مكان لا تشعر فيه بالحواجز.. مكان ينساب بسلاسة وكأنه واحد». اللافت في منظر المبنى من الخارج أنه يبدو كأنه لا يرتكز على أي أساسات، كما هو الحال بالنسبة للبنايات التقليدية، باستثناء جزء صغير جدا شبه دائري لا يتعدى المتر الواحد. يفسر سافيت هذا الأمر وهو يبتسم بفخر: «هذا ما أطلقت عليه تسمية قدم رودولوف نورييف (في إشارة إلى راقص الباليه الروسي الشهير) لأن المبنى كله، بمساحته التي تقدر بـ57.000 متر مربع وارتفاعه الذي يصل إلى 80 مترا، يبدو واقفا على هذا الجزء الصغير فقط». الوصف بكل شاعريته، التي ربما لن توافق عليها زها حديد علنا، خوفا من أن تتهم بالضعف في عالم ظل طويلا حكرا على الرجال، يعود إلى الذهن كلما توغلت في داخل المبنى، إلى حد أنك في كل دقيقة تشعر كم هو في محله. كل شيء في داخل المركز ينساب بخفة ونعومة سواء من حيث بياضه ومواده المتنوعة والمتجانسة مع بعض، أو من حيث الأشكال الرشيقة التي تنحني أو تتمدد لتوصلك إلى فضاء آخر يتلوى بدوره مؤديا بك إلى ركن آخر، تماما كما يتلوى راقص باليه أو ينحني أو يمد يده. الفرق هنا أنك جزء من هذه الرقصة. حتى زها حديد نفسها لا تنكر أن ديناميكية المكان تكمن في نعومته وانسيابية انحناءاته. فالمبنى، الذي ستكتب في سجلها أنه «عمل مشترك» قادته بمساعدة شريكها باتريك شوماخر وسافيت كايا بيكوروغلو، الذي أشرف على تنفيذه، سيدخل أيضا سجلها على أنه أكثر عمل شاعري قامت به إلى حد الآن، لما يتمتع به من جمال ونعومة، وليس فقط لما يضمه من وظائف عملية أو يتضمنه من عبقرية رياضية في كل جزئية لتخلق مساحات إضافية جديدة لا يمكن تصور وجودها من قبل، إضافة إلى استغلال الإضاءة الطبيعة من خلال نوافذ ممتدة على طول حائط مثلا.
عندما تبدأ جولتك في المركز، تشعر بأن الجولة لن تنتهي في يوم واحد، بسبب إحساس باللامتناهي يزيد عندما تصل إلى الطابق الأعلى، التاسع، وتنظر إلى أسفل. أول ما يتبادر إلى الذهن أن المصممة استلهمت الشكل من تورتة العرس بطبقاتها المتعددة التي تتدرج من الطابق الأرضي إلى الطابق التاسع، مستغلة كل ركن لوظيفة معينة. لكنك سرعان ما تصحح نفسك، بعد أن تتذكر أنها كانت دائما تنادي بالاستفادة من كل جزئية، وأن كل ما كانت تحتاجه هو زبون لا يتحاسب معها. زبون يوفر لها الأساس ويترك لها الباقي لتعبر عن عبقريتها. التعليمات البارزة التي طلبها الزبون «أن يحتضن المركز الثقافي الوطني، قاعات عرض وقاعة مؤتمرات بـ1000 مقعد، ومسرحا بتقنيات عالية فيما يتعلق بالتصميم والإضاءة والصوت» كما يقول سافيت. المكان الذي اختير لهذا المعلم المعماري كان أرضا صناعية بعيدة عن وسط المدينة، استغرق تغييرها إلى ما آلت إليه اليوم أكثر من سبع سنوات من العمل.
حسب كلام سافيت «الأرض التي بني عليها المركز كانت مصنعا سوفياتيا مهجورا»، وهذا وحده كان يستدعي كتابة نص جديد ومختلف تماما. فالسيرة الذاتية التي تريد أذربيجان أن تكتبها منذ نهضتها النفطية الثانية، وتستعرضها أمام العالم تتطلب شكلا أكثر إشراقا وإيجابية، وصورة أكثر جمالا. الأرض المقترحة كانت بمثابة الحلم بالنسبة لزها حديد وفريقها، فهي شاسعة وتمنح إمكانيات عالية للإبداع والحركة. ثم لا بد من الإشارة هنا إلى أن زها حديد كبرت في الستينات من القرن الماضي، وشبت في محيط سياسي يساري غلب عليه الاهتمام بالمناحي الإنسانية والرغبة في تحقيق الديمقراطية الاجتماعية، ما انعكس على أسلوبها وأثر عليه. ويتجلى هذا التأثير في حرصها أن تجعل الخارج امتداد للداخل بخلق مساحات جديدة، أحيانا من لاشيء، أو بالأحرى من خلال ركن صغير تفتحه فتتحول شخصيته ووظيفته تماما. الجميل فيها أنها تؤمن بأن القوالب والأشكال متغيرة وقابلة للتأويل وليست جامدة أو مطلقة. ومع أنها تعتمد هذا الأسلوب في غالبية أعمالها، إن لم نقل كلها، فإنه أخذ صورة أكبر حجما ووضوحا في هذا المركز، الذي قالت: إنه «أولا وأخيرا جاء وليد المساحة الخارجية، تماما كما أن الفضاء الخارجي امتداد لداخل المبنى». ويلتقط سافيت خيط الحديث ليشرح بأن المساحة الخارجية «لم تكن منبسطة، بل مرتفعة بنحو 20 مترا ما استدعى خلق عدة مساحات وطبقات تتدرج في كل مرة كاشفة عن منظر جديد، مثل شلال اصطناعي يضفي السكينة على المكان، أو مطعم يطل على المبنى من جهة والمدينة القديمة من جهة أخرى، بينما غطي سقفه بالكامل بالنباتات لكي يبقى متجانسا مع المكان عندما تطل عليه من علٍ». بالنسبة لزها حديد، وحسب تعليماتها، فإن هذه العلاقة المتجانسة بين المبنى والمساحة الخارجية كانت أساسية.

* رغم أن فريق العمل فرغ من بناء المركز منذ عدة أشهر، ومع أنه كان مفتوحا للعامة، فإن الافتتاح الرسمي كان يوم الثلاثاء الماضي بحضور لفيف من المجتمع الأذربيجاني وباقة من المعماريين والشخصيات العالمية التي اختارتها زها حديد بنفسها. ضمت اللائحة أفرادا من عائلتها وأصدقائها وطلبتها وأساتذتها إضافة إلى شخصيات آمنت بقدراتها منذ بدايتها مثل اللورد بالومبو. على العكس من باقي الافتتاحات التي يكون فيها الحضور الغالب من الإعلام والعلاقات العامة، يلاحظ أن زها حديد تحرص أن تدعو المقربين منها من الأهل والأصدقاء أكثر. ربما لأن أعمالها تروج لنفسها ولا تحتاج إلى دعاية، لكن الأهم وحسب شهادات الكثير من الضيوف فإن الأمر يعود إلى شخصية وفية تؤمن بالولاء لكل من تعاملت معهم، وبالتالي لا تنسى أن تشركهم معها فرحة كل إنجاز تقوم به. كل هؤلاء احتفلوا معها بـ«ثمرة الحب» يوم الثلاثاء الماضي، في حفل كبير، جندت له الحكومة الأذربيجانية كبار فنانيها لتستعرض المبنى وإمكانيات مسرحه التقنية المتطورة، وفي الوقت ذاته لتستعرض ثقافتها المختلطة ومعانقتها الشرق والغرب في آن واحد. فقد تباينت العروض ما بين رقصات فولكلورية ووصلات غنائية تقليدية وأوبرا وموسيقى كلاسيكية.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».