عشرات المدنيين ضحايا معركة تحرير الرقة

خروج الدفعة الرابعة من مهجري حي الوعر

عشرات المدنيين ضحايا معركة تحرير الرقة
TT

عشرات المدنيين ضحايا معركة تحرير الرقة

عشرات المدنيين ضحايا معركة تحرير الرقة

قتل 15 شخصا على الأقل أمس في غارات يرجح «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن تكون طائرات تابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن نفذتها في إطار دعمها تقدم ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» نحو مدينة الرقة، بشمال وسط سوريا. وقد أفادت حملة «الرقة تذبح بصمت» بأن طيران التحالف استهدف أيضا قارباً يحمل نازحين من ريف محافظة الرقة كانوا في طريقهم للعبور من مناطق سيطرة تنظيم داعش باتجاه مناطق سيطرة ميليشيا «قسد»، ما أدى لمقتل جميع الركاب.
«المرصد» أعلن أمس أن «15 مدنياً على الأقل، بينهم 4 أطفال، قتلوا جراء غارات نفذتها طائرات يرجح أنها تابعة للتحالف الدولي على قرية هنيدة الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش في ريف الرقة الغربي»، وتسببت الغارات بإصابة 17 آخرين بجروح.
من جهتها، قالت حملة «الرقة تذبح بصمت» بأن قارباً كان يقل قرابة 40 نازحاً حاولوا العبور من قرية دبسي فرج باتجاه الضفة المقابلة للبلدة، غرق نتيجة تعرضه لغارة جوية، وقد تم انتشال جثث 7 أشخاص، ولا يزال مصير الباقين مجهولا.
وحول الحادث نفسه، تحدثت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، عن غرق 5 أطفال سوريين وسيدتين بعد انقلاب قارب صغير كان يقلهم خلال محاولتهم عبور نهر الفرات في ريف الرقة الغربي. وأبلغت وكالة الأنباء الألمانية مصادر محلية في بلدة دبسي عفان بالمنطقة، بأن 5 أطفال وسيدتين غرقوا خلال محاولتهم عبور بحيرة الأسد من قرية شعب الذكر، الواقعة على بعد 90 كلم غرب مدينة الرقة، للتوجه إلى ضفة نهر الفرات الشمالية، هرباً من قصف طائرات التحالف الدولي للقرية التي يسيطر عليها «داعش».
هذا، وتكررت عمليات استهداف المدنيين في الشمال السوري من قبل طائرات التحالف الدولي التي تعلن دوما عن فتح تحقيق بالحوادث المذكورة من دون الإعلان عن أي نتيجة تُذكر. وقد وثّق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» مقتل 220 مدنيا، بينهم 34 طفلا، بضربات نفذها التحالف الدولي خلال 40 يوما فقط في إطار تصعيد حملته على محافظة الرقة.
في هذه الأثناء، في وسط سوريا، تجمهر المئات أمس للخروج من حي الوعر الواقع شمال غربي مدينة حمص، ضمن الدفعة الرابعة التي توجهت إلى مدينة جرابلس الحدودية بشمال سوريا، الخاضعة لفصائل المعارضة المنضوية تحت قوات «درع الفرات» المدعومة من تركيا في ريف محافظة حلب الشمالي الشرقي. وفي حين أفاد طلال البرازي، محافظ حمص، بخروج 400 مسلح والبعض من أفراد عائلاتهم الرافضين لاتفاق المصالحة بإطار الدفعة الرابعة، قال «مكتب أخبار سوريا» إن 2540 شخصا؛ بينهم 1100 طفل، أخرجوا أمس من حي الوعر باتجاه جرابلس، وذلك تنفيذا للاتفاق القسري الذي تم بين لجنتي التفاوض عن الحي والنظام، بضمانة روسيا. وأوضح المكتب أن 50 حافلة أقلت نحو 508 عائلات من الحي، في حين نقلت 5 شاحنات أمتعة المهجّرين، الذين يسلكون طريق سلمية - أثريا – خناصر - السفيرة – تادف - الباب - جرابلس - مخيم الزعرورة، ولفت إلى أن هذه هي الدفعة الثالثة التي ستصل جرابلس من سكان الوعر.
ويمتد «اتفاق المصالحة» القسري في حي الوعر، الذي جرى فرضه يوم 13 من الشهر الماضي، لمدة تتراوح بين 6 و8 أسابيع، سيكون الحي في نهايتها خاليا من جميع المظاهر المسلحة بعد إخراج المسلحين الرافضين مع عائلاتهم، وستتم «تسوية أوضاع» المسلحين الباقين. ومن المقرّر أن ينتهي إجلاء المسلحين نهاية أبريل (نيسان) الحالي، وبذلك يسيطر النظام السوري على كل أحياء مدينة حمص بعد «اتفاقيات» فرضها بقوة الحصار والقصف بدأت منذ فبراير (شباط) 2014 حين خرج مسلحو أحياء حمص القديمة باتجاه ريف حمص الشمالي.
وفي التطورات العسكرية، أعلن «المرصد» أمس أن مسلحي المعارضة السورية سيطروا على حاجز عسكري لقوات النظام في ريف محافظة حماة الشمالي، لافتا إلى أن اشتباكات عنيفة دارت بين الطرفين قرب بلدة معردس أسفرت عن سيطرة المعارضة على الحاجز وتدمير دبابة للقوات النظامية. كذلك أفاد ناشطون بقصف فصائل المعارضة مواقع القوات النظامية والثكنات العسكرية داخل بلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين في محافظة إدلب بأكثر من 20 صاروخا. وفي درعا، جنوب البلاد، أعلنت «غرفة عمليات البنيان المرصوص» عن تحرير كتلة أبنية جديدة في حي المنشية بمدينة درعا، عاصمة المحافظة، وقتل عدد من عناصر النظام وأسر بعضهم خلال العملية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.