صناعة الإعلانات على الإنترنت تمر بمرحلة «التأمل الذاتي»

الحواسيب لم تستطع بعد تمييز «المحتوى العنصري» وطرده خارج سوقها

صناعة الإعلانات على الإنترنت تمر بمرحلة «التأمل الذاتي»
TT

صناعة الإعلانات على الإنترنت تمر بمرحلة «التأمل الذاتي»

صناعة الإعلانات على الإنترنت تمر بمرحلة «التأمل الذاتي»

بكل تأكيد، إنها تدعم الكثير من وسائل الإعلام وتكنولوجيا الأعمال اليوم. وهي تعطينا شبكات التواصل الاجتماعي ومحركات البحث – وأيضا، هل يمكنك أن تتركني أشاهد الفيديو الخاص بي كما أشاء؟ لماذا تدفعني إلى المكوث لمدة 30 ثانية لمشاهدة رجل يحاول أن يبيع لي بوليصة لتأمين القوارب؟
ما أحاول أن أقوله هو، الناس يتميزون غضبا وسخطا عندما يفكرون في صناعة الإعلانات الحديثة.
وهذه النزعة اللاعقلانية تجعل الأمور أكثر صعوبة عند التحدث بصراحة حول ما يجري بالفعل عندما تتصدر أعمال الإعلانات عناوين الأخبار. ومن الصعب بشكل خاص اتخاذ موقف دقيق عند الحديث عن «الإعلانات البرنامجية» – وهي الإعلانات المبيعة والموضوعة وفقا للوغاريتمات التي تحدد مدى ارتباطها بك تحديدا والتي تبدو في بعض الأحيان وكأنها تتابع خطواتك عن كثب عبر مختلف النطاقات الرقمية.
تعرضت هذه الإعلانات في الآونة الأخيرة للكثير من الهجوم والانتقادات. وخلصت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن محرك الإعلانات على موقع «يوتيوب» كان يضع الإعلانات من العلامات التجارية الكبيرة على مقاطع الفيديو ذات المحتوى العنصري. وردا على ذلك، سحب الكثير من المعلنين الكبار إعلاناتهم من الموقع. وفي الأثناء ذاتها، أثارت تجربة أجرتها مؤسسة «جيه بيه مورغان تشيس» التساؤلات، ودعت إلى التشكيك في فاعلية الإعلانات البرنامجية. ولقد عمدت المؤسسة، وبشكل ملحوظ، إلى التقليل من الإعلانات التي تعرضها، لكنها لم تشهد انخفاضا في الاستجابة لدى المستخدمين.
لكن، دعونا نأخذ نفسا عميقا قبل إدانة الإعلانات البرنامجية.
فمن إحدى النواحي، هناك بعض المشكلات الواضحة تتعلق بكيفية وضع الإعلانات البرنامجية. وتشتهر هذه الصناعة بالتعقيد. وهذا النوع من الإعلانات حديث بعض الشيء؛ ولذلك فإن الكثير من الآليات التي تدير أسواق الإعلانات لا تزال قيد العمل والتطوير.
ولكن هذه المشكلات قابلة للحل، وينبغي ألا تتعمد حجب الحقيقة الكبرى، على الرغم من أنها أبعد ما تكون عن حد الكمال، فإن الإعلانات البرنامجية من طرق عدة تحاول فتح سوق أكثر كفاءة للإعلانات. ومع اعتبار أن الإعلانات هي الممول الحقيقي لأغلب ما نشاهده ونفعله على الإنترنت، فإن الاتجاه التصاعدي لكل هذا الكم من الضيق والشك هو ما نحاول الآن دراسته بشأن كيفية إنفاق كل هذه الأموال – العملية التي ينبغي أن تؤدي إلى إخراج أفضل للإعلانات، وظهور أفضل لوسائل الإعلام كذلك.
ولتفهم ما هو على المحك الآن في صناعة الإعلانات، والتحول الظاهر نحو الإعلانات البرنامجية، فإننا نحتاج أولا إلى مراجعة التاريخ الموجز لوسائل الإعلام والإعلانات.
ذات مرة سيطرت صناعة الإعلانات على حجم الأعمال التجارية، حيث رغبت الشركات الكبيرة ذات الأموال الكثيرة في خلق طريقة لإقناع الناس لشراء منتجاتها. ومن حسن الحظ، أنه يسهل العثور على الناس في كل مكان: حيث كانوا جميعا إما يشاهدون أو يقرأون واحدة من حفنة من الوسائل الإعلامية – ثلاث شبكات تلفزيونية، وبعضا من المجلات الكبيرة اللامعة، وصحيفة أو اثنتين في كل بلدة.
لذلك؛ كان كل شيء بسيطا للغاية، حيث دفعت الشركات لبعض الرجال من مانهاتن لتأليف بعض الأغاني الجذابة لحث الناس على شراء الصودا والصابون وشفرات الحلاقة. وكان الرجال يفضلون تناول بعض المشروبات في أماكن العمل، وبالتالي لم يكن لأي منهم سبب قوي للشكوى.
لكن، رغم الجاذبية والبهاء اللذين تميزت بهما الإعلانات، لم تكن الأعمال الإعلانية هي أفضل الصفقات بالنسبة للشركات التي كانت تدفع مقابل الإعلان عن منتجاتها. وكانت المشكلة الأساسية تتعلق بإرباك الجماهير ومنافذ وسائل الإعلام المختلفة: عند عرض إعلان عن شفرات الحلاقة، تفضل شركة «جيليت» استهداف الرجال الذي يحلقون بانتظام. لكنك لا تستطيع على الدوام استهداف الرجال الذين يحلقون بانتظام.
يقول بريان ليسير، المدير التنفيذي في شركة «غروب إم»، وهي فرع عن شركة الإعلانات العملاقة (دبليو بي بي): «لم يكن يسهل علينا التيقن من أننا نتواصل ونستهدف هذه الشريحة من الجماهير؛ ولذلك استخدمنا المحتوى في بعض البرامج المعينة لتحديد هذه الشريحة من الجمهور والوصول إليها». بعبارة أخرى، بدلا من استهداف الرجال، كانوا يعرضون الإعلانات عبر البرامج التي يعتقدون أن الرجال يفضلون مشاهدتها – وهو حل جيد بصورة كافية، باستثناء السيدات والرجال كافة الذين لا يفضلون الحلاقة الذين يشاهدون البرامج نفسها أيضا.
ولقد تمكنت الإعلانات الرقمية من إحداث التغيير الجذري في هذا النموذج. فمن خلال التنميط، تعرف الشركات الإعلانية الآن – أو، على أدنى تقدير، تهدف إلى معرفة – على نحو محدد من يقرأ الموقع المعين أو يشاهد الفيديو المعين. وبدلا من شراء الإعلانات المرتبطة بجزء معين من المحتوى، يمكن للشركات شراء الإعلانات التي تستهدف جمهورا بعينه.
يقول السيد ليسير عن ذلك: «يمكننا الآن الهبوط إلى مستوى المستخدم الفرد، كما يمكننا التأكد أننا نوجه الإعلان إلى المستخدم نفسه عبر مختلف الأجهزة».
لكن الأمر يبدو أعمق من ذلك؛ فإن الشركات الإعلانية لا تعرف المستخدم فحسب، لكنها تعرف أيضا سياق كل مستخدم – على سبيل المثال، سواء كنت في المنزل أم في العمل، أو سواء كنت في مزاج يدعوك إلى التسوق أم لا. فإن كل ذلك يتجمع معا في حسابات الوقت الحقيقي أثناء تجوالك عبر العالم الرقمي، من التطبيق إلى الموقع الإلكتروني إلى مدونات التواصل الاجتماعي. فإن الحواسيب تراقب ما تصنعه وتقرر نوع الإعلانات التي تصلح لخدمتك. وغالبا ما تُباع الإعلانات بصورة ديناميكية في مزاد – وتعرض مختلف الشركات دفع مبالغ متباينة من الأموال لجذب انتباهك في مختلف الأوقات.
وهناك بعض الجوانب السلبية الواضحة في هذا النموذج. وإحدى عواقب هذا النموذج أنه يدفع لقاء الكثير من المحتوى الذي لم يكن يسهل تمويله تحت إطار النموذج القديم – يمكن للشاب المراهق الآن جذب الملايين من المتابعين على موقع «يوتيوب»، والاشتراك في برنامج تقاسم الأرباح في إحدى الشركات، وجني الأموال من جميع رعاة البرامج.
وهذا من المكاسب المختلطة. واتضح أن هناك الكثير من الأشياء المجنونة على شبكة الإنترنت. والبعض منها مشهور ومعروف، حتى وإن كان عنصريا أو غير مقبول. ولذلك؛ وعلى نحو مفاجئ، قد تجد مجموعة كاملة من العلامات التجارية التي تمول المحتوى الذي، في الأيام الأولى لشراء الإعلانات التي تعمل بالمجهود البشري، لم تكن لو مضى عليها مليون سنة أن تنجح في العثور عليه في أي مكان آخر.
وأفضل السبل للتفكير في ذلك هو كمشكلة سلاسل التوريد. فالصناعات الكبيرة والمعقدة التي تبيع السلع الأساسية غالبا ما تتعثر: فأنت لا تعرف من صنع الملابس التي تشتريها، وهل الماس الذي تشتريه قد كان مصدرا لتمويل الحروب، أو ربما أن الروبيان الذي تفضله كان متواطئا في عملية لتجارة العبيد. والسبيل للتعامل مع هذه العوامل الخارجية هو عن طريق التحقيق والتوثيق الأفضل – ولمتابعة الأموال حتى أعماق سلاسل التوريد، ومعرفة من الذي يحصل عليها في نهاية المطاف.
يحدث شيء كهذا الآن في صناعة الإعلانات البرنامجية. فمن النادر الحديث مع شخص ما في مجال الإعلانات ويخبرك بأن الأمور تسير على ما يرام. إنهم يقرون بوجود ثغرات في النظام: الحواسيب ليست على مستوى القوة والكفاءة العالية لمعرفة المحتويات العنصرية وتمييزها عما سواها، أو ما الأخبار الوهمية الزائفة وأيها الصحيح والسليم؟
لكن الأمور تتحسن بمرور الوقت، وكلما ازداد عدد الناشطين عبر المنصات مثل موقع «يوتيوب» حول هذه المسألة، زاد الحافز لدى المنصات من أجل تحسين المحتوى للأفضل.
يقول آري بابارو، المدير التنفيذي في شركة «بيزواكس» لتكنولوجيا الإعلانات: «إن طبيعة الإنترنت تقوم على التجزئة. لا يمكنك شراء إعلانات المشروبات في كل مكان تريد فيه الوصول إلى الجمهور. إن الأمر لا يسير على هذا المنوال. ومهما كان مقدار الرغبة في عودة الأيام الخوالي، فهي لن تعود».
* خدمة «نيويورك تايمز»



الأصول الرقمية في 2025... من فوضى النمو إلى مرحلة النضج المؤسسي

تعد عملات «الميم» نوعاً من الرموز الرقمية التي غالباً ما ترتبط بالنكات أو الصور الساخرة (رويترز)
تعد عملات «الميم» نوعاً من الرموز الرقمية التي غالباً ما ترتبط بالنكات أو الصور الساخرة (رويترز)
TT

الأصول الرقمية في 2025... من فوضى النمو إلى مرحلة النضج المؤسسي

تعد عملات «الميم» نوعاً من الرموز الرقمية التي غالباً ما ترتبط بالنكات أو الصور الساخرة (رويترز)
تعد عملات «الميم» نوعاً من الرموز الرقمية التي غالباً ما ترتبط بالنكات أو الصور الساخرة (رويترز)

شهد عام 2025 منعطفاً مفصلياً في مسار أسواق الأصول الرقمية؛ إذ انتقل القطاع من مرحلة «النمو العشوائي» إلى مرحلة «النضج المؤسسي والتنظيمي». وجاء هذا التحول نتيجة تفاعلٍ معقّد بين تسارع الابتكار التكنولوجي، وتوسع مشاركة المؤسسات المالية الكبرى، وصعود الأطر التنظيمية الفيدرالية التي أعادت رسم حدود العلاقة بين العملات الرقمية والنظام المالي التقليدي.

وفي المقابل، لم تخلُ هذه المرحلة الانتقالية من اضطرابات؛ إذ تعرضت الأسواق لهزات مضاربية وأحداث أمنية كشفت هشاشة بعض الشرائح، ولا سيما عملات «الميم» والعملات المستقرة مرتفعة المخاطر، ما عزّز القناعة بأن مرحلة «إعادة التوازن الهيكلي» باتت جزءاً لا يتجزأ من رحلة تحوّل القطاع نحو نموذج أكثر انضباطاً واستدامة.

جاء اسم «عملات الميم» (Meme Coins) من نكت أو ميمات الإنترنت، وهي عملات مشفرة تعتمد بشكل أساسي على الضجيج على وسائل التواصل الاجتماعي والمجتمعات الرقمية لجذب المستثمرين، أشهرها «دوجكوين» (Dogecoin) و«شيبا إينو» (Shiba Inu). وتتميز بتقلبات سعرية عالية جداً لقلة قيمتها الأساسية وغياب المنفعة الملموسة أحياناً، مما يجعلها استثماراً مضارباً عالي المخاطر.

الربع الأول: الانطلاقة وأولويات السيادة الرقمية

افتُتح عام 2025 بإطلاق عملة «ترمب» في 17 يناير (كانون الثاني)، والتي مثلت أكثر من مجرد أداة مضاربية؛ فقد عكست التغلغل الثقافي والسياسي للعملات الرقمية، وأظهرت كيف يمكن للأحداث السياسية أن تخلق ديناميات سعرية مؤثرة. اعتبر البعض أن الإطلاق سحب سيولة من النظام البيئي، في حين رأى آخرون أنه يمثل علامة على تقبل العملات الرقمية على نطاق واسع. وبعد ثلاثة أيام، مع تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، بدأت الأسواق تشهد تحولاً استراتيجياً في موقف المؤسسات تجاه العملات الرقمية؛ إذ تزايد اعتمادها تدريجياً، مما ساهم في تقليل التقلبات السعريّة وتعزيز النضج السلوكي للأسواق.

وفي 23 يناير من العام، وقع ترمب أمراً تنفيذياً لإنشاء استراتيجية وطنية للأصول الرقمية واحتياطي «بتكوين» استراتيجي، مؤكداً وضع الأصول الرقمية ضمن الاستراتيجية المالية والسيادية الأميركية. تضمن الأمر تعزيز الحفظ الذاتي للأصول الرقمية، ودعم العملات المستقرة المدعومة بالدولار، ورفض العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs)، وهو ما عزز الشفافية التنظيمية، وأرسى مفهوم «الاحتياطي الوطني الرقمي» لأول مرة على المستوى المؤسسي والدولي.

الاضطرابات الأمنية وانهيارات السوق

مع هذا الانطلاق، لم يكن الطريق مفروشاً بالاستقرار. ففي 14 فبراير (شباط)، شهدت الأسواق انهيار عملة الميم «ليبرا» المدعومة سياسياً؛ إذ فقدت أكثر من 90 في المائة من قيمتها السوقية في ساعات قليلة بعد إعلان الرئيس الأرجنتيني دعمها. أظهرت الحادثة هشاشة سوق عملات «الميم» أمام المضاربة والسيولة المرتبطة بالمبادرات السياسية المفاجئة؛ إذ تكبد 86 في المائة من المستثمرين خسائر تجاوزت 250 مليون دولار. وفي 21 فبراير، واجهت منصة «بايبت» أكبر اختراق أمني في تاريخها؛ إذ سرق قراصنة مرتبطون بكوريا الشمالية نحو 1.5 مليار دولار من الأصول الرقمية. على الرغم من ضخامة الرقم، ساعدت الاستجابة المؤسسية الشفافة في الحد من عدوى مالية واسعة، مؤكدة أهمية إدارة الأزمات في الأسواق اللامركزية.

النصف الأول من العام: تحديثات تقنية واكتتابات عامة

شهد مايو (أيار) 2025 ترقية «بيترا» لشبكة «إيثيريوم»، والتي حسنت من كفاءة تنفيذ المعاملات واستقرار البروتوكول، مؤكدة مكانة «إيثيريوم» كبنية تحتية مؤسسية قابلة للاعتماد. في 5 يونيو (حزيران)، أكملت شركة «سيركل» اكتتابها العام في بورصة نيويورك، محققة طلباً مؤسسياً قوياً مع ارتفاع أسعار السهم أكثر من 150 في المائة في يوم التداول الأول، وهو ما يعكس رغبة المستثمرين المؤسساتيين في الدخول إلى السوق الرقمي ضمن أطر منظمة وواضحة.

وفي 17 يونيو، أقر مجلس الشيوخ الأميركي قانون «جينيوس»، ليصبح الإطار الفيدرالي الشامل الأول للأصول الرقمية في الولايات المتحدة. قدم القانون قواعد واضحة لإصدار العملات المستقرة والإشراف عليها، ووضع معايير للبنية السوقية للوسطاء، ما قلل بشكل كبير من عدم اليقين القانوني وعزز الثقة المؤسسية في الأسواق الرقمية.

نهاية يونيو شهدت إطلاق منصة «إكس ستوكس» للأصول المرمّزة، والتي أتاحت تداول أكثر من 60 سهماً أميركياً على «البلوكشين» بشكل مباشر، مما وفر للمستثمرين أداة جديدة للوصول إلى الأسهم التقليدية في بيئة رقمية، مع ضمان التغطية الكاملة للأصل الأساسي. وسرعان ما ارتفعت القيمة الإجمالية للأصول على الشبكة من 35 مليون دولار إلى أكثر من 100 مليون دولار خلال أسبوعين، ما أبرز الاهتمام المبكر بالأسهم المرمّزة.

الربع الثالث: المنافسة والتوسع المؤسسي

في 18 يوليو (تموز)، وقع ترمب قانون «جينيوس» ليصبح نافذاً، مؤكداً تحويل الأطر التنظيمية من غموض إنفاذ القوانين إلى تنظيم واضح وقائم على القواعد، ما عزز دمج الأسواق الرقمية ضمن النظام المالي الأميركي التقليدي.

وشهد شهر سبتمبر (أيلول) إطلاق منصة «أستر» على شبكة «بي إن بي تشاين»، بدعم علني من «سي زد»، مع ارتفاع رموز «أستر» عشرة أضعاف خلال أسبوعها الأول. جذب هذا النشاط الكبير انتباه المحللين، الذين أشاروا إلى ضرورة مراجعة مصداقية البيانات المتعلقة بأحجام التداول وتركيز توزيع الرموز.

الربع الرابع: تسجيل الأرقام القياسية واختبارات السيولة

في 6 أكتوبر (تشرين الأول)، بلغت «بتكوين» أعلى مستوى تاريخي عند 126,038 دولاراً، مدفوعة بتدفقات صناديق المؤشرات المتداولة وضعف الدولار خلال فترة عدم اليقين السياسي. ومع إعلان تعريفات على الصين، عادت العملات الرقمية إلى مرحلة تصحيح؛ إذ شهدت عمليات تصفية كبيرة في الأسواق المركزية واللامركزية، مؤكدة الترابط بين الأسواق الرقمية والاقتصاد العالمي.

وفي 7 أكتوبر، جمعت منصة «بولي ماركت» تمويلاً بقيمة مليارَي دولار عند تقييم 9 مليارات دولار، ليصبح إجمالي التمويل 2.28 مليار دولار، مما يعكس الطلب المؤسسي المتزايد على أدوات التنبؤ الرقمية. وفي 11 أكتوبر، شهدت الأسواق أكبر انهيار منذ «إف تي إكس»، مع موجة بيع حادة تضمنت الأسهم والعملات الرقمية والسلع، ما أبرز أهمية إدارة المخاطر والسيولة في البيئات عالية التقلب.

في 28 أكتوبر، أُطلق أول منتجات «سول إي تي إف»، لتوفير وصول منظم للمستثمرين المؤسساتيين إلى نظام «سولانا» البيئي. وسجلت التدفقات الصافية في اليوم الأول نحو 69.5 مليون دولار، وتراكمت حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) إلى نحو 750 مليون دولار، ما يعكس الطلب المستمر على الأصول الرقمية ضمن أطر منظمة.

تحديات العملات المستقرة

شهدت أسواق «ديفاي» في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) صدمة كبيرة عندما انفصلت العملة المستقرة «إكس يو إس دي» عن قيمتها المرجعية بنسبة تجاوزت 43 في المائة بعد الكشف عن خسارة بقيمة 93 مليون دولار مرتبطة بمدير أصول خارجية. أدى ذلك إلى تجميد السحوبات والاستردادات مؤقتاً، مع انعكاسات على أصول مرتبطة مثل «دي يو إس دي» و«إس دي دي يو إس دي»، مؤكداً أهمية الأطر التنظيمية واستقرار السيولة للحفاظ على ثقة المستثمرين.

اتجاهات 2026

مع نهاية عام 2025، بات جلياً أن أسواق الأصول الرقمية تجاوزت مرحلة المضاربة البحتة، لتتحول إلى مكوّن محوري في البنية المالية العالمية، مدعومةً بتوسع الحضور المؤسسي وتبلور الأطر التنظيمية. ومع دخول عام 2026، يُرجَّح أن يتمحور مسار النمو حول ترسيخ الصلة بين قيمة الرموز الرقمية والتدفقات النقدية الحقيقية التي تولدها البروتوكولات، إلى جانب تطوير آليات الحوكمة، وتعزيز الشفافية، وترسيخ استدامة نماذج التمويل اللامركزي.

وفي هذا السياق، تتشكل ملامح مرحلة جديدة تجمع بين مرونة ابتكارات «البلوكشين» وانضباط الأسواق التقليدية، بما يعيد تعريف دور الأصول الرقمية كأدوات مالية ناضجة، لا مجرد رهانات عالية المخاطر.


حاكم مصرف سوريا المركزي يدعو لدعم الليرة الجديدة

حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (إكس)
حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (إكس)
TT

حاكم مصرف سوريا المركزي يدعو لدعم الليرة الجديدة

حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (إكس)
حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية (إكس)

أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية، أن الليرة الجديدة ليست مجرد وسيلة تبادل، بل رمز لنجاح الثورة السورية، والانتماء، والثقة بالقدرة على النهوض.

وقال الحصرية في منشور عبر صفحته على «فيسبوك»: «مع إطلاق العملة الجديدة، لا نحتفل بورقة نقدية فحسب، بل نحتفل بسيادتنا وهويتنا الوطنية»، موضحاً أن هناك تجارب دولية كثيرة تؤكد أن العملة الوطنية تصبح قوية عندما يلتفّ الناس حولها. حسبما ذكرت «وكالة الأنباء السورية».

ولفت الحصرية إلى تجربة ألمانيا، التي شكّل فيها إطلاق المارك بعد الحرب نقطة انطلاق لنهضة اقتصادية، وتجربة فرنسا، حيث كان الفرنك الفرنسي الجديد الرمز المالي للجمهورية الجديدة التي عرفت بالجمهورية الخامسة.

وأضاف الحصرية: «نحن في المصرف المركزي سنقوم بدورنا الذي نفهمه جيداً، مدركين حجم التحديات والفرص، وملتزمين بالمسؤولية والشفافية وحماية النقد الوطني، ويبقى الأساس في تكاتف الناس وثقتهم، لأن العملة القوية تبدأ بإيمان أهلها بها».

ودعا الحصرية إلى جعل هذه المناسبة حالة وطنية راقية، يعبّر السوريون فيها عن وعيهم، وثقتهم، وتمسّكهم بالليرة كرمز لسيادتهم، وخيارهم الوطني.

وختم الحصرية قائلاً: «دعم الليرة هو دعم للوطن، والاعتزاز بها اعتزاز بالمستقبل لنا ولأولادنا، إنها فرصة لنجاح جديد بعد نجاح الثورة بالتحرير، ونجاحنا في رفع العقوبات الاقتصادية التي كبلت اقتصادنا لنحو خمسين عاماً».

وكان حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية أعلن مؤخراً أن الأول من يناير (كانون الثاني) 2026، موعد إطلاق العملة السورية الجديدة، وبدء عملية استبدال العملة القديمة، وأن الاستبدال سيكون عبر 66 شركة وألف منفذ مخصص لذلك.


روسيا تمدد الحظر على صادرات البنزين حتى نهاية فبراير

شاحنات صهاريج البنزين خارج مصنع لتكرير النفط في روسيا (رويترز)
شاحنات صهاريج البنزين خارج مصنع لتكرير النفط في روسيا (رويترز)
TT

روسيا تمدد الحظر على صادرات البنزين حتى نهاية فبراير

شاحنات صهاريج البنزين خارج مصنع لتكرير النفط في روسيا (رويترز)
شاحنات صهاريج البنزين خارج مصنع لتكرير النفط في روسيا (رويترز)

مددت روسيا الحظر المؤقت على صادرات البنزين حتى 28 ⁠فبراير (شباط) المقبل لجميع ‌المصدرين، بمن في ‍ذلك المنتجون. حسبما ذكرت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء، السبت، نقلاً ‌عن ‌خدمة ‌صحافية ⁠حكومية.

كما ‍مددت روسيا الحظر على صادرات الديزل، ​وكذلك الوقود البحري حتى 28 ⁠فبراير، لكنه لن ينطبق على المنتجين المباشرين للمنتجات النفطية.