«مسك الخيرية» تعلن مبادرتين لإنشاء أكاديمية ومتاجر افتراضية للفنون

أتاحت الفرصة لتبادل الأفكار ‎ومشاركة فنانين خليجيين وعرب

جانب من المعرض ({الشرق الأوسط})
جانب من المعرض ({الشرق الأوسط})
TT

«مسك الخيرية» تعلن مبادرتين لإنشاء أكاديمية ومتاجر افتراضية للفنون

جانب من المعرض ({الشرق الأوسط})
جانب من المعرض ({الشرق الأوسط})

أسدلت مؤسسة محمد بن سلمان بن عبد العزيز «مسك الخيرية» مساء أمس، الستار على مهرجان «مسك آرت»، بإعلانها عن مبادرتين تستهدف المجتمع الفني الشاب في المملكة، تتعلق الأولى بإطلاق متاجر إلكترونية افتراضية لعرض منتجات الفنانين من اللوحات، فيما تنص الثانية على إنشاء أكاديمية خاصة بالفنون البصرية.
وتستهدف مؤسسة «مسك الخيرية» من وراء إعلانها تلك المبادرتين، للأخذ بيد الفنانين الشباب وتمكينهم من شق طريقهم في مجال الفنون البصرية، وتنمية مهاراتهم، وصقل إبداعاتهم، وصولاً إلى تعظيم الموارد المادية الناجمة عن بيع لوحاتهم.
وشهد تسجيل مستويات قياسية في الإقبال منذ أن أشرع المهرجان أبوابه أمام الزوار، من كافة شرائح المجتمع، وبلغ أوجه مع نهاية الأسبوع، في مؤشر عكس اهتمام الشارع السعودي المتنامي بالفنون.
ولم تشأ مؤسسة «مسك الخيرية» أن يمضي مهرجان «مسك آرت» الذي حظي بزيارات رفيعة من عدد من الفعاليات الثقافية والاجتماعية والدبلوماسية، دون أن تضع بصمة دائمة في مستقبل الفنانين والفنانات الشباب منهم على وجه الخصوص.
وتنص المبادرة الأولى التي أعلنتها المؤسسة على إنشاء تطبيق إلكتروني يكون بمثابة مجتمع افتراضي للفنانين في السعودية ويمكنهم عرض منتجاتهم فيه وبيعها دون أن يكون على ذلك أي رسوم، وستتكفل مؤسسة مسك بعملية تأسيس التطبيق الإلكتروني وتجهيز البنية التحتية له وإدارته.
فيما تنص المبادرة الثانية على إنشاء أكاديمية للفنون البصرية لتدريب وتطوير مهارات الفنانين، حيث تسعى مؤسسة مسك بهذه المبادرة لتلبية حاجة الفنانين من الدراسة الأكاديمية، في ظل تعطش الوسط الفني لإنشاء مؤسسات تعليمية أو أكاديميات تهتم بالفنون الجميلة.
وعلى الرغم من المسافة البعيدة نسبيا للموقع الذي يقام على أرضه مهرجان «مسك آرت»، عن العاصمة السعودية، الرياض، حيث يتطلب الأمر قطع مسافة تزيد عن 20 كيلومترا خارج المدينة، فإن ذلك لم يمنع آلاف الزوار من زيارة المهرجان والتفاعل مع أقسامه وأركانه والمعارض المقامة فيه بشكل كبير، حيث وصل الحال إلى دفعهم مبالغ من أجل شراء اللوحات المعروضة في المهرجان. وفي الأيام الثلاثة الأولى للمهرجان الذي تنظمه مؤسسة محمد بن سلمان بن عبد العزيز «مسك الخيرية» تخطت أعداد زوار مهرجان مسك آرت حاجز الـ63 ألفا، وأسهمت الإبداعات الفنية التي أظهرها فنانو مسك آرت، في إسقاط الكثير من المقولات التي كانت تعتبر من المسلمات، ومنها مقولة «صاحب مهنتين كذاب»، حيث أثبت الفنانون عدم صحة تلك المقولة.

وتعددت المهن الأساسية للفنانين المشاركين في مهرجان مسك آرت، ما بين مهن: التدريس، والطب، والهندسة، والأعمال الإدارية، وغيرها. وتسعى مؤسسة مسك الخيرية، التي فتحت المجال للموهوبين، والسعي في تنمية مهاراتهم، بالإضافة إلى إتاحة الفرص لتعاون والتعارف بين فنانين محترفين وهواة خليجيين وعالميين ينتهجون اتجاهات فنية مختلفة لنقل المعرفة إلى الفنانين السعوديين، والتعرف على الأعمال الفنية المحلية.
وقدم المهرجان برامج تفاعلية للفنانين الشباب، أتاحت الفرصة لتبادل الأفكار ‎ومشاركة الفنانين من دول الخليج والدول العربية والعالم اهتماماتهم وإبداعاتهم كما تضمنت الكثير من الأنشطة الترفيهية القائمة على المشاركة، في خطوة تسعى من خلالها المؤسسة إلى تشجيع الشباب بصفة خاصة والمجتمع بصفة عامة على التفاعل والإبداع، وذلك عبر جلسات نقاشية تعقد على خشبة مسرح مسك آرت، وخلال ورش العمل الفنية المتخصصة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».