30 لوحة بريشة خالد الفيصل عرضت في مزاد علني بالرياض

حوّل بعضها إلى قصائد شعرية... وبيعت 7 منها بأكثر من 2.6 مليون دولار

الأمير خالد الفيصل يشير الى إحدى لوحاته خلال تجوله في المعرض (تصوير: إقبال حسين)
الأمير خالد الفيصل يشير الى إحدى لوحاته خلال تجوله في المعرض (تصوير: إقبال حسين)
TT

30 لوحة بريشة خالد الفيصل عرضت في مزاد علني بالرياض

الأمير خالد الفيصل يشير الى إحدى لوحاته خلال تجوله في المعرض (تصوير: إقبال حسين)
الأمير خالد الفيصل يشير الى إحدى لوحاته خلال تجوله في المعرض (تصوير: إقبال حسين)

مظاهرة تشكيلية فريدة، تألفت من 30 قطعة فنية، حظيت بها ردهات جامعة الفيصل مساء أول من أمس، تحت عنوان «أديم الوطن»، أبرزت الحس الفني التشكيلي للأمير خالد الفيصل، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، حيث أظهرت العمق الروحي والإسلامي والتاريخي والثقافي والحضاري للسعودية.
خلال نصف ساعة فقط، بيعت 7 لوحات من المعرض، بمبلغ تجاوز الـ10 ملايين ريال (2.6 مليون دولار)، بل إن الأمر لم يقف عند ذلك، إذ إن المعرض الفني التشكيلي للأمير خالد الفيصل الذي تبرع بريعه في مزاد علني لدعم جامعة الفيصل، فاق كل التوقعات.
اللوحات التي بيعت في هذا المعرض، 7 قطع فنية، وهي جميعا رسمت على القماش، ومنها «الكعبة المشرفة» و«قمر وعلم» و«المئذنة»، و«تناطح الظبي العربي»، ولوحة «الراعي»، ولوحة تحاكي «شمس العصر على صدر كثيب»، في حين عبّرت اللوحة السابعة عن «همس الرياض».
وكشف الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين أمير مكة المكرمة بهذه المناسبة لـ«الشرق الأوسط»، عن أنه في السابق، حوّل بعض لوحاته إلى قصائد شعرية، كما حوّل بعض أشعاره إلى لوحات فنية، عميقة الفكرة عالية الذوق.
وأكد أن الإبداع بشتى ضروبه يحافظ على المستوى نفسه لدى الناس، ولكن يختلف الذوق فهناك من يختار الشعر وهناك من يختار الفنون الجميلة، وآخرون يتعاطون مع كل أنواع الفنون: «أنا أشجع وأقف مع الإبداع متى ما كان وحيثما كان»، مشيرا إلى أن المعرض حقق نجاحا منقطع النظير، وهو متسق مع الحالة الثقافية والفنية.
الأمير خالد الفيصل، أكد أن الذوق السعودي رفيع من زمان ولكن الإقبال الآن على الفنون الجميلة وصل إلى حد مشرف، وكل من يتعامل مع الفنون بهذه الطريقة من السعودية... «أعتقد أننا وصلنا إلى مكانة، نستطيع أن نقول فيها إن الإنسان السعودي، يشجع ويقيم الفنون، وهو صاحب الذوق الرفيع في هذا الجزء من العالم».
يأتي تدشين المعرض الفني التشكيلي للأمير خالد الفيصل بعنوان «من أديم الوطن»، استمرارا لدعمه السخي لجامعة الفيصل التي يتولى رئاسة مجلس أمنائها، فهو الذي أطلق فكرة إنشاء الجامعة.
للأمير الفيصل بصماته في السياسة والإدارة والثقافة والأدب، إذ بعد إكمال تعليمه في جامعة أكسفورد العريقة، عاد لخدمة وطنه، وتدرج في مناصب قيادية مختلفة، حيث بدأ مديرا لرعاية الشباب، ثم أميرا لمنطقة عسير، وبعدها أميرا لمنطقة مكة المكرمة، ثم وزيرا للتربية والتعليم.
ويعمل الفيصل، الآن مستشارا لخادم الحرمين الشريفين بجانب توليه إمارة مكة المكرمة، وهو أيضا رئيس لهيئة جائزة الملك فيصل العالمية، وعضو مجلس أمناء معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية التابع لجامعة فرانكفورت في ألمانيا
وعلى الرغم من المهام الجسام التي يضطلع بها، فإن الثقافة والفكر والأدب والشعر والرسم، حظيت باهتمامه فأنشأ مؤسسة الفكر العربي، وألف كثيرا من الكتب التي توثّق مسيرته العملية، أما في الشعر فيعدّ الفيصل من أشهر شعراء الخليج، وله 6 دواوين مطبوعة، منها ما جاء ضمن 8 كتب عالمية تبيع أكثر من 50 ألف نسخة.
وتلبية لطلبات جمهوره، أقام الفيصل عدة أمسيات شعرية داخل المملكة وخارجها، وترجمت قصائده إلى عدة لغات عالمية، وأسس في قرية المفتاحة بأبها 12 مرسما وصالات للمعارض التشكيلية، ورعى كثيرا من المعارض والمسابقات في هذا المجال.
وفي مجال الفنون التشكيلية، أبدعت ريشة الفيصل في رسم كثير من اللوحات التي تحاكي جمال الطبيعة، في المملكة، وأقام معارض كثيرة داخل البلاد وخارجها، أحدها مع الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا، كما أسس قرية المفتاحة في أبها التي تعدّ واجهة ثقافية وفنية للمنطقة.
ويتواصل دعم الفيصل للجامعة، حيث تبرّع بـ30 لوحة من أعماله الفنية المتميزة، دعما منه للجامعة ليتم بيعها بإشراف دار سوثبيز للمزادات وخصص كامل ريعها لدعم جامعة الفيصل.
وتحتضن الجامعة معرض اللوحات الفنية للفيصل في الفترة من أمس الخميس وحتى الخميس المقبل في قصر الملك فيصل رحمه الله في جامعة الفيصل.
حظي الفيصل بكثير من الأوسمة العربية والعالمية، كما وضعت وكالة ناسا الفضائية، اسمه على مركبة أطلقتها إلى المريخ عام 2003، اعترافا بخدماته الجليلة للإنسانية بمستوياتها الوطنية والقومية والعالمية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».