أكراد العراق يتحضرون لاستفتاء الاستقلال بعد هزيمة «داعش»

احتفال للأكراد بحلول العام الجديد الشهر الماضي (إ.ب.أ)
احتفال للأكراد بحلول العام الجديد الشهر الماضي (إ.ب.أ)
TT

أكراد العراق يتحضرون لاستفتاء الاستقلال بعد هزيمة «داعش»

احتفال للأكراد بحلول العام الجديد الشهر الماضي (إ.ب.أ)
احتفال للأكراد بحلول العام الجديد الشهر الماضي (إ.ب.أ)

قال الوزير العراقي السابق هوشيار زيباري إن أكراد العراق يعتزمون إجراء استفتاء على الاستقلال هذا العام، وذلك للمطالبة بـ«أفضل صفقة» فيما يتعلق بتقرير المصير، بعد إلحاق الهزيمة بتنظيم داعش، مشيراً إلى أن نتيجة الاستفتاء المتوقعة لا تعني تلقائياً إعلان الاستقلال.
وأشار زيباري، الذي يُعتَبر أحد كبار قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني، في مقابلة في أربيل، مساء أمس (الأربعاء)، إلى أن الحزبين الكرديين الرئيسيين، وهما حزبه وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، اتفقا في اجتماع يوم الأحد الماضي على ضرورة إجراء استفتاء هذا العام.
وقد لعب الأكراد دوراً رئيسياً في الحملة التي تدعمها الولايات المتحدة لهزيمة تنظيم داعش، الذي اجتاح ثلث الأراضي العراقية تقريباً، قبل ما يقرب من ثلاث سنوات، قبل أن تنحصر المعركة في الموصل التي أعلن منها تنظيم داعش إقامة دولته في بعض الأراضي العراقية والسورية.
وفي حين أن سقوط الموصل سيقضي فعلياً على حضور «داعش» في العراق، فإنه لن يحل انقسامات عميقة على السلطة والأراضي والموارد بين مكونات العراق، خصوصاً أنه في ضوء سيطرة القوات الكردية على مساحات أوسع تمت استعادتها من التنظيم سيزيد هذا الاستفتاء من الأسئلة المطروحة عن وحدة العراق بعد إخراج المتطرفين من مدينة الموصل.
وأصدر الحزبان الكرديان المتنافسان يوم الأحد الماضي بياناً مشتركا أعلنا فيه دعمهما لخطة إجراء استفتاء، وتركا مسألة الإعلان عن توقيته لحين الاتفاق مع جماعات كردية أخرى أصغر.
ووصف زيباري الهدف من الاستفتاء بأنه تقرير المصير وترك مسألة طبيعة أي صفقة يتم الاتفاق عليها مع بغداد مفتوحة لما بعد الاستفتاء الذي يُرجَّح أن يوافق فيه عدد كبير من الناخبين على الاستقلال. وأضاف: «الاستفتاء سيمنح القيادة الكردية تفويضاً قوياً للدخول في محادثات مع بغداد والجيران، من أجل الحصول على أفضل صفقة لتقرير مصير الأكراد».
ويعارض العراق منذ زمن بعيد استقلال الإقليم الكردي، وتعارضه كذلك إيران وتركيا وسوريا، خشية أن تنتشر العدوى بين الأقليات الكردية في هذه الدول، خصوصاً أن أكراد العراق حققوا تقدماً نحو تحويل حلم الاستقلال إلى واقع ملموس.
ويدير الأكراد شؤونهم في الشمال من خلال حكومة إقليم كردستان تحت قيادة مسعود بارزاني زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، كما أن للأكراد قواتهم المسلحة المعروفة باسم «البيشمركة»، التي منعت تنظيم داعش في عام 2014 من الاستيلاء على محافظة كركوك النفطية بعد فرار قوات الجيش العراقي. كما يطالب الأكراد بأحقيتهم في كركوك التي يغلب على سكانها التركمان والعرب. وقد هددت فصائل تدعمها إيران بطرد الأكراد بالقوة من المنطقة، ومن مناطق أخرى متنازَع عليها.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، قال مسرور بارزاني رئيس مجلس الأمن في كردستان وابن رئيس الإقليم إنه يجب تقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات منفصلة لمنع سفك المزيد من الدماء، على أن يكون لكل من الشيعة والسنَّة والأكراد دولهم الخاصة.
ويتركز الشيعة في جنوب العراق، بينما يتركز كل من السنة والأكراد في شطر من شطري شمال العراق، في حين يختلط السكان في المنطقة الوسطى حول العاصمة بغداد.



تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
TT

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)
عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تراجعت أنشطة بنوك يمنية بشكل حاد، ويشتكي مودعون من حالة تذمر إزاء عدم قدرتهم على سحب أموالهم، وسط إجراءات وقرارات حوثية.

تلك البنوك تقع بمناطق سيطرة الحوثيين، ويشتكي السكان من إجراءات الجماعة المدعومة من إيران، من عجزها عن تقديم خدمات بنكية.

ودفعت المعاناة البنوك إلى مزاولة أنشطة خارج اختصاصاتها، والاعتماد على فروعها بالمناطق اليمنية المحررة، وتحت سيطرة الحكومة لتغطية خسائرها، في حين تطالبها الجماعة بجبايات عن أنشطة تلك الفروع.

في الأثناء، اشتبك عدد من المودعين مع أفراد أمن أحد البنوك، على خلفية مطالبتهم بمبالغ من ودائعهم في صنعاء قبل أيام، وفقاً لمصادر قالت لـ«الشرق الأوسط» إن بعض الموظفين أيضاً يخشون خسارة مصدر دخلهم بسبب موجة تقليص وظيفي لمواجهة تراجع الإيرادات وهواجس الإفلاس الذي يهددها.

بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وأوضحت المصادر أن المودعين اعتصموا داخل مقر البنك بعد رفض إدارته منحهم مبالغ من ودائعهم، ما دفعهم للاحتجاج بالاعتصام، قبل أن ينشب عراك بينهم وبين رجال الأمن، وتطورت الأحداث بقدوم مسلحين من أقارب بعض المودعين، حاولوا اقتحام البنك بالقوة، وتبادلوا إطلاق النار لبعض الوقت، قبل أن تتدخل قوة من شرطة الجماعة الحوثية، وتوقف الاشتباكات. لجأ البنك إلى تخفيض رواتب الموظفين العاملين في إدارته وفروعه، بنسبة 20 في المائة، بسبب أزمة السيولة النقدية التي يواجهها منذ أشهر، بعدما حجزت الجماعة أمواله في البنك المركزي الحوثي بصنعاء، ما اضطر عدداً من الموظفين إلى التوقف عن العمل احتجاجاً على خفض رواتبهم، أو للبحث عن فرص عمل أخرى. ويواجه سكان مناطق سيطرة الحوثيين أوضاعاً معيشية معقدة بسبب الحرب وسيطرة الجماعة على مؤسسات الدولة ووقف رواتب الموظفين العموميين.

أزمة نقدية

تُمْنَى البنوك اليمنية وفروعها الموجودة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بخسائر كبيرة، وتواجه أزمات نقدية حادة، وباتت غالبيتها غير قادرة على دفع مرتبات موظفيها أو تغطية مصاريفها الشهرية.

بسبب الإجراءات الحوثية تحوّلت غالبية البنوك إلى أنشطة غير مصرفية (غيتي)

يرى الباحث الاقتصادي رشيد الآنسي، أن مصير البنوك والقطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بشكل عام أصبح في مهب الريح، بعد الدخول في مرحلة شبه إفلاس منذ أصدرت الجماعة قانوناً يمنع الفائدة، ما أجهز تماماً على ما تبقى من إمكانية تحقيق إيرادات للبنوك في ظل الكساد الاقتصادي الذي تعاني منه تلك المناطق. ويبين الآنسي لـ«الشرق الأوسط» أنه، إضافة الى لجوء الناس، وخاصة رجال الأعمال والتجار، إلى الاعتماد على شركات الصرافة، فإن البنوك أضحت خاوية من العملاء تقريباً، باستثناء تلك البنوك التي تحولت إلى ما يشبه محلات صرافة لتسليم المعونات الإغاثية أو مرتبات شركات القطاع الخاص. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، فرضت الجماعة الحوثية على البنوك جبايات جديدة تحت مسمى دعم وإسناد قطاع غزة، وطالبتها بمبالغ ما بين 75 ألفاً، و131 ألف دولار (ما بين 40 مليوناً و70 مليون ريال يمني، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار في مناطق سيطرتها بـ534 ريالاً).

وطبقاً لمصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين لجأت إلى مزاولة أنشطة وأعمال تجارية ليست من اختصاصها لمواجهة حالة الركود وشبح الإفلاس اللذين يحيطان بها، ومن ذلك الوساطة بين المستهلكين والشركات التجارية والمحلات التجارية ومحال البقالة للحصول على عمولات يتحملها المستهلكون.

البنوك اليمنية تعرضت لاستحواذ الجماعة الحوثية على سيولتها النقدية المتوفرة لصالح المجهود الحربي (إكس)

ويتهم البنك المركزي اليمني الجماعة الحوثية بالاستحواذ على جزء كبير من المبالغ النقدية للبنوك التجارية في مناطق سيطرتها، وإجبارها على سحب السيولة النقدية المتوافرة في خزائن فروعها، ونقلها إلى مراكزها الرئيسية، ثم توريدها لحسابات الجماعة واستخدامها لدعم مجهودها الحربي، متسببة بعجز البنوك عن الوفاء بالتزاماتها، وفقدان ثقة العملاء بالقطاع المصرفي.

الاتكال على الفروع

يواجه عدد من البنوك في مناطق سيطرة الحوثيين الأزمات النقدية ببيع بطاقات الشراء من الإنترنت وبطاقات ركوب الحافلات وبيع الذهب، بعدما فقدت، بسبب الإجراءات والقرارات الحوثية، القدرة على ممارسة مهامها الأساسية وتقديم التمويلات الضخمة والمنتجات المصرفية. ووفقاً للآنسي، لجأت هذه البنوك إلى الاعتماد على فروعها في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية التي تحقق أرباحاً كبيرة نتيجة دخولها في الدين العام وتحصيل فوائد تصل إلى 23 في المائة، إضافة إلى الحركة الاقتصادية في هذه المناطق، وتوجه رجال الأعمال والشركات التجارية للتعامل مع البنوك لسهولة الحركة بعيداً عن رقابة الجماعة الحوثية.

بنك في صنعاء تعرض للحجز التحفظي على أرصدة ملاكه قبل أعوام بأوامر من الحوثيين (إكس)

وتشترك فروع البنوك في مناطق سيطرة الحكومة في مزادات البنك المركزي، ما يحقق لها عائداً جيداً من خلال بيع العملات الأجنبية للتجار، أو من خلال فتح الاعتمادات الخاصة بالمزادات، وهو ما يتيح للبنوك في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التنفس برئة هذه الفروع. وينتقد الآنسي ما وصفه بتقاعس الحكومة اليمنية عن تحصيل ضرائب من إيرادات فروع البنوك في مناطق سيطرتها، بينما تضغط الجماعة الحوثية على إدارات البنوك في مناطق سيطرتها لإجبارها على دفع ضرائب على أرباح تلك الفروع، ما يمثل دعماً مالياً إضافياً للجماعة. وطالب الباحث اليمني البنك المركزي في عدن بعزل فروع البنوك في مناطق سيطرة الحكومة عن فروعها ومراكزها الرئيسية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، تجنباً لتحول هذه الفروع إلى ممول للجماعة.