واشنطن توسع مطاراً عسكرياً في الشمال السوري استعداداً لمعركة الرقة

مصادر كردية عدت الخطوة تحضيراً للاستغناء عن قاعدة «إنجيرليك» التركية

واشنطن توسع مطاراً عسكرياً في الشمال السوري استعداداً لمعركة الرقة
TT

واشنطن توسع مطاراً عسكرياً في الشمال السوري استعداداً لمعركة الرقة

واشنطن توسع مطاراً عسكرياً في الشمال السوري استعداداً لمعركة الرقة

في الوقت الذي تنكب فيه «قوات سوريا الديمقراطية» على صد الهجمات المتتالية التي يشنها عناصر «داعش» في محيط مدينة الطبقة لمنع حصارها بشكل كامل، تواصل قوات التحالف الدولي, وأبرزها القوات الأميركية، استعداداتها لمعركة الرقة، معقل التنظيم المتطرف في الشمال السوري، من خلال توسعة المطارات العسكرية الموجودة في المنطقة وتكثيف عمليات تدريب العناصر العربية التي تصر واشنطن على وجوب أن تشارك بفعالية إلى جانب الوحدات الكردية في عملية اقتحام المدينة.
ونقلت وكالة «الأناضول» التركية عن الفريق أول كارلتون إفيرهارت خلال إطلاعه أعضاء من الكونغرس على أنشطة قيادة الإمدادات الجوية، في قاعدة «آندروز»، بولاية ماريلاند الأميركية، قوله: «واشنطن تقوم بتوسيع مطار عسكري قرب مدينة عين العرب (كوباني) في ريف حلب شمال سوريا، على أن يلعب دوراً مهماً في نقل المستلزمات والمعدات والأفراد».
بدوره، قال العقيد جون توماس، متحدث القيادة المركزية الأميركية، إن «المطار يقع قرب عين العرب، وعلى مسافة 90 كلم شمال الرقة»، موضحا أنّه «سيُستخدم لإقلاع الطائرات التي تدعم القوات الأميركية (لم يحددها) والقوى الأخرى، المحاربة لـ(داعش)، بهدف السيطرة على الرقة».
وتتكتم واشنطن على أماكن تمركز أكثر من 900 من عناصرها في الداخل السوري. وهي كانت قد أعلنت في شهر فبراير (شباط) الماضي عن إرسال 400 من عناصر مشاة البحرية (المارينز) إلى سوريا لدعم قوات محلية في معركة استعادة مدينة الرقة. وأفادت تقارير بأن تلك القوات باشرت إنشاء ثكنة تستطيع من خلالها شن هجمات بالمدفعية على مواقع التنظيم، الواقعة على بعد 32 كيلومترا من تمركزهم. وقد أنشأت الولايات المتحدة الأميركية قواعدها العسكرية في الشمال السوري، وبالتحديد في منطقة سيطرة حلفائها من «وحدات حماية الشعب» الكردية. وأبرز هذه القواعد، قاعدة «رميلان» الواقعة في أقصى الشمال الشرقي بالقرب من الحدود العراقية، والقاعدة التي تم إنشاؤها في مدينة عين العرب (كوباني).
وقالت مصادر عسكرية كردية لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية تنتشر في قاعدة عسكرية قرب كوباني منذ فترة، حيث تعمل على إنشاء مدرج للطائرات وبناء مساكن للعناصر»، لافتة إلى أن الحركة تتركز حاليا في هذه القاعدة لقربها من الرقة.
ورغم نجاح «قوات سوريا الديمقراطية» أمس في الدخول إلى قرية الصفصافة الاستراتيجية بريف مدينة الطبقة غرب الرقة بعد حصارها من 4 جهات، فإنها تنشغل بشكل أساسي حاليا بصد هجمات متعددة يشنها تنظيم داعش يحاول من خلالها استعادة المطار العسكري للمدينة.
وفي هذا السياق، قالت المصادر العسكرية الكردية لـ«الشرق الأوسط»، إنها كانت تتوقع تماما هجمات مماثلة كتلك التي حصلت خلال محاولتها استعادة السيطرة على كوباني، وأضافت: «قواتنا تتقدم لمسافة محددة وتتوقف بعدها لتحبط هجماتهم، فتقوم بعدها بهجوم مباشر». وأوضحت المصادر أن قوات التحالف الدولي تشارك في المعارك المحتدمة حاليا «عبر عناصر خاصة محددة، مهمتها دعم القوات المهاجمة باتصالات وقصف مدفعي وصاروخي»، لافتة إلى أن «القوات الأميركية بشكل خاص تنكب حاليا على عملية تدريب العناصر العربية للمشاركة بعملية اقتحام الرقة».
وأعلنت الناطقة الرسمية باسم غرفة عمليات «غضب الفرات»، جيهان شيخ أحمد، أن «دعم التحالف الدولي ازداد خلال معارك السيطرة على الطبقة وسد الفرات»، لافتة إلى أنّه يتضمن «قصفا جويا، إضافة إلى مشاركة برية لقوات خاصة في عملية تحرير مدينة الطبقة».
وأفادت مواقع كردية بأن جبهات شرق الطبقة تشهد أعنف الاشتباكات منذ أسبوع، لافتة إلى أن تنظيم داعش «يستميت» في المواجهات لمنع إطباق الحصار على المدينة، وشنّ، وفق وكالة «قاسيون» مساء الثلاثاء هجوماً واسعاً على مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» في محيط مطار الطبقة العسكري غرب الرقة، في محاولة هي الثالثة من نوعها لاسترجاع المطار.
وعدّ نواف خليل، رئيس المركز الكردي للدراسات، أن انكباب الولايات المتحدة الأميركية على توسيع قواعدها العسكرية في سوريا، وبالتحديد في مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، «يندرج في إطار السعي للاستغناء عن قاعدة إنجيرليك التركية، والبحث عن بدائل في مناطق في الشمال السوري وكردستان العراق»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «معركة الرقة التي يتم التحضير لها ليست بسيطة، والكل يعرف أن (داعش) سيقاتل بكل الإمكانات، كما ستفعل (قوات سوريا الديمقراطية)، وهو ما يستدعي إتمام الاستعدادات العسكرية اللازمة من قبل واشنطن». وأضاف: «كما أن كل هذه التحضيرات لا تقتصر فقط على معركة الرقة، فـ(داعش) و(جبهة النصرة) موجودان في مناطق أخرى في سوريا، ولا شك في أن الولايات المتحدة الأميركية ستدعم (قوات سوريا الديمقراطية) في معارك مقبلة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.