«مسك آرت»... تجربة تفاعلية يشعر بها الزائر والفنان

المهرجان ينطلق بمشاركة 165 فناناً سعودياً وعالمياً

أعمال أحد الفنانين السعوديين المشاركين
أعمال أحد الفنانين السعوديين المشاركين
TT

«مسك آرت»... تجربة تفاعلية يشعر بها الزائر والفنان

أعمال أحد الفنانين السعوديين المشاركين
أعمال أحد الفنانين السعوديين المشاركين

افتتحت مؤسسة محمد بن سلمان بن عبد العزيز «مسك الخيرية» أمس، مهرجان «مسك آرت»، وذلك في منتجع «درة الرياض» شمال مدينة الرياض، بمشاركة 150 فناناً وفنانة من السعودية، و15 فناناً من الخليج العربي وعدد من دول العالم.
وفي لقاء تعريفي سبق انعقاد المهرجان أول من أمس، قال يوسف الحمادي رئيس اللجنة الإعلامية لمهرجان «مسك آرت»، إن المهرجان يتيح للفنانين على مدى 4 أيام، نشر إبداعاتهم في الرسم التشكيلي وفن النحت وفنون الديجيتال والرسوم المتحركة والمجسمات الفنية وغيرها من الفنون البصرية، كما يتيح لهم عرض أعمالهم للبيع في معارض متخصصة.
وأضاف الحمادي، أنّ المعارض المصاحبة للمهرجان تشمل ورشات عمل متخصصة للمحترفين من الفنانين السعوديين يعقدها 15 فناناً خليجياً وعالمياً، بينما يعقد فنانون سعوديون ورشات عمل متقدمة تستهدف فنانين سعوديين يرغبون في تطوير مهاراتهم وتعلم تقنيات جديدة، أمّا النوع الأخير من ورشات العمل فهو مخصص للعامة من الزوار ويقدمه مختصون في مجال التربية الفنية.
وأوضح الحمادي أن معارض المهرجان تتنوع بين معارض فنية عامة موجهة للزوار، تحت إشراف فنانين سعوديين ومختصين في مجال التربية الفنية، تقدم مع مراعاة القدرات المتفاوتة في ممارسة الفن ووفق الأعمار المختلفة، وبين معارض أخرى متخصصة لكل نوع من أنواع الفنون على حدة.
ولفت إلى أنّ المهرجان الذي يُعدّ الأول من نوعه في السعودية، يقدّم برامج تفاعلية تتيح للفنانين الشباب فرصة تبادل الأفكار ‎ومشاركة الفنانين من دول الخليج والدول العربية والعالم، اهتماماتهم وإبداعاتهم، كما يتضمن كثيرا من الأنشطة الترفيهية القائمة على المشاركة، في خطوة تسعى من خلالها المؤسسة إلى تشجيع الشباب بصفة خاصة والمجتمع بصفة عامة على التفاعل والإبداع، وذلك عبر جلسات نقاشية تعقد على خشبة مسرح «مسك آرت»، وخلال ورشات العمل الفنية المتخصصة.
وتطرق إلى أنّ مساحة خُصصت للأطفال تتضمن فنونا تعليمية وترفيهية تفاعلية، وتتشكل المنطقة بمجموعة من المجسمات والهياكل الخشبية مصممة على هيئة أشجار وورود، وأخرى تحاكي عدداً من الحيوانات التي ارتبطت بأدوار كرتونية في برامج ومسلسلات الأطفال لتتلاءم ومخيلاتهم الواسعة وتصورهم الطفولي للغابات، وسيتمكن الأطفال بمشاركة أهاليهم من تلوين هذه الهياكل بأشكالها المتعددة من خلال نشاط تفاعلي مشترك بين الأطفال، إلى جانب إشراكهم في صناعة أشكال ورقية ملونة.
وذكر الحمادي أن مؤسسة «مسك الخيرية» تهدف من خلال هذا المهرجان من الساعة الرابعة عصراً حتى الساعة الحادية عشرة مساءً، إلى دعم المجتمع في تجربته الفنية ومساعدته على إبرازها وتطويرها، وإثراء المجتمع الفني في السعودية وإنشاء الأسس الأولى لتطوير السوق الفنية المستقبلية، إضافة إلى إتاحة فرص التعاون بين فنانين محترفين وهواة خليجيين وعالميين ينتهجون اتجاهات فنية مختلفة لنقل المعرفة إلى الفنانين السعوديين، والتعرف على الأعمال الفنية المحلية. وأشار إلى أن «برنامج الإبداع المشترك»، الذي سبق تنظيم المهرجان، شمل كثيراً من البرامج وورشات العمل المتخصصة التي عقدت قبل الفعالية بوقت كافٍ؛ إذ استُضيف خلاله 4 فنانين عالميين ذوي خبرة عالية، لمشاركة ما يزيد على 80 فناناً سعودياً وتدريبهم في أعمال فنية مشتركة تلهمهم وتصقل خبراتهم، فيما سيتمكن زوار المهرجان من مشاهدة هذه الأعمال في جادة «مسك آرت» خلال فترة الفعالية.
ويسعى المهرجان لأن يكون خلال أيامه الأربعة، أكثر من مجرد مهرجان للعرض، بل تجربة تفاعلية يمكن أن يشعر بها الزائر والفنان، وهذا أيضاً ما روعي فيه تصميم المكان، الذي جهّز بطريقة فنية من خلال عناصر البرنامج الإبداعية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».