رحل ثامر الميمان و«الرزق على الله»

حمل هموم الفقراء وعصفت به «ذات الركب السود»

ثامر الميمان
ثامر الميمان
TT

رحل ثامر الميمان و«الرزق على الله»

ثامر الميمان
ثامر الميمان

فقدت الساحة الثقافية والإعلامية السعودية الكاتب والشاعر والصحافي، ثامر الميمان، بعد معاناة مع المرض، وسيصلى عليه اليوم بعد صلاة العصر في المسجد الحرام بمكة المكرمة، ويوارى الثرى في مقبرة المعلاة.
أصيب ثامر الميمان قبل شهر بجلطة في الدماغ، وأدخل مستشفى الملك فهد للقوات المسلحة بجدة.
وبغياب ثامر الميمان، تفقد الصحافة السعودية واحدا من أبرز كتابها الذين حملوا همّ التعبير عن هموم الطبقة الوسطى، وظلّ يحمل قضايا الفقراء في عموده ذائع الصيت «رزقي على الله» أكثر من ثلاثين عاماً، يتنقل به بين الصحف، يعرض من خلاله أحوالهم ومعاناتهم.
صدرت له مؤلفات حملت أفكاره وكتاباته بينها: «رزقي على الله»، و«سواليف»، و«مجموعة أحزان»، و«كذب لوجيا».
ولد في الطائف، لوالد من جذور قصيمية، وعاش فيها مع والدته وأخوته من أمه، ودرس فيها حتى المرحلة الثانوية، ورغم أن والده شخصية ميسورة الحال فإنه وجد نفسه في أحد أكثر أحياء الطائف فقراً، فاشتغل في فترة دراسته المتوسطة في محطة بنزين، ثم عمل في صباه في بيع الفواكه الموسمية على ناصية الطريق، وعمل كذلك في بيع الحمص «البليلة». يقول عن تلك المرحلة في حوار تلفزيوني على «روتانا خليجية»: «تعلمت من هذه المرحلة أن لقمة العيش كريمة، لا ينبغي أن تنالها بأن تتسول أو تتوسل، عليك أن تلتقطها بحق وأن تعيش».
علاقته بأمه كانت مادة لازمة لكتاباته ومقابلاته، وفيها نظم قصيدة «يُمّه»، التي سجلها بصوته بطريقة مؤثرة، وتم رفعها على موقع «يوتيوب» ومن أبياتها:
«يمه أنا ودي أقول للناس
عن الشيمة عن الحسرة عن الإحساس
عن العمر اللي ملاه اليأس
أنا ودي أحكيهم، أضحكهم، أبكيهم
عن الدمعة وليل الخوف
عن القصة حروف حروف
عن جروح تسافر بي وترقى
ثم تحول بي مثل غيري من الأجناس
وأنا عمري يقول يمه
وأنا فرحي يقول يمه
وأنا جرحي يقول يمه
أذكرهم، أفكرهم.
اسولف عن جروح وليل
أحبك يا غلاتي حيل
أذكرهم وأنا توني صغير مرقدي صدرك
لحافي يجمعه صدرك
ضحاكي مبعثه صدرك
وزادي منبعه صدرك
وأداري الجرح من صدرك».
تربينا على كلمه
بعد الثانوية، سافر إلى مصر ودرس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة وتخرج فيها. وفي تلك المرحلة وفرت له القاهرة جوا مشحونا بالحماس القومي، حيث انخرط في الأنشطة الطلابية المؤيدة للقضية الفلسطينية والقضايا العربية بشكل عام، وحين تحدث عن تلك المرحلة فيما بعد قال: «اكتشفت أن الحراك الذي يخلق الإنسان هو الحراك الطبيعي... أن تتعايش بين الناس لكي تعرف الناس».
ثم عاد إلى المملكة حيث عمل فيها موظفا في الخطوط السعودية، وكاتبا في جريدة «المدينة» لزاوية حملت عنوان «حياكم الله»، ثم أصبح اسمها «مجرد ملاحظة»، ثم استقر اسم زاويته كما عرف بها «رزقي على الله». اتسمت كتاباته بحس نقدي والتصاق بهموم الطبقة الوسطى، وظلّ يحمل هموم البسطاء والفقراء من الناس، يكتب عن قضاياهم ويحمل همومهم ويتبنى تحسين ظروفهم، وعلى مدى ثلاثين عاما ظلّ ثامر الميمان يحمل زاويته «رزقي على الله» على ظهره، يرفع هموم الناس لصاحب القرار، المسؤول سواء كان موظفا إداريا أو مسؤولا حكوميا أو قائدا سياسيا، وكثيرا ما ضاق صدر رؤساء التحرير بكتاباته الجريئة، الناقدة، والساخرة أحياناً، فكان يرحل من صحيفة ليضع حمله في صحيفة أخرى، لكنه رغم ذلك لم يفتقد شعوره العميق بالانتماء الوطني، وحبه لبلده. يقول على زاويته: «أحيانا أتجاوز وأحيانا تملأني جرأة خاطئة وأحيانا جرأة حقيقية... لكن يملأني اليقين أننا نحبّ هذا البلد، كلٌ على طريقته».
وعن مسيرة زاويته «رزقي على الله» مع الرقيب، يقول: «طالما لدي قناعة بأن ما أكتبه هو من أجل هذا البلد، فلن يعني لي العقاب أو المنع شيئا، وسأستمر أكتب وأشير إلى مواقع الضعف والزلل والتجاوز (...) لدي قناعة بأني أحبّ هذه الأرض ومن عليها بطريقة حقيقية، لا أتوارى خلف أصبعي ولا أتعسف بحرف ولا أتحايل على معنى، وبذلك أنا كاتب طبيعي جداً».
ثامر الميمان الفتى الذي عاش فقيراً، ظل مشدودا في كبره للفقراء، والمعدمين، في قصيدته «يُمّه»، يقول:
«أنا أذكر طفيّه الفانوس
وأنا أذكر لذعة الناموس
وطعم الرز والمعدوس
ولا به شرح أو قاموس
أنا أذكر ثوبي البالي
وأشوف الحال بعيالي
وأنا أذكر صيحة الفران
وأنا أذكر ونة الجوعان
أنا أذكر كل ذا... كله
ندور للخبز بله
أنا أذكر لا شكي شاكي
أنا أذكر أول بيجامه
وثوب مشترى للعيد
وأنا أذكر أول عمامة
وفرحة خالتي بالعيد
أنا أذكر يوم قالوا عيد
وأنا عيدي بزنوبه
أنا أذكر يوم ما به شيء
بعدنا ما عرفنا شيء
ودمعات الفرح منك».
وثامر الميمان رغم كتاباته الناقدة فإنه يمتلك قلما ساخرا جلب له المصاعب، بينها مقالته الأكثر جلبة وضجيجاً: «سألني صاحبي» الذي نشره في صحيفة «اليوم» 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2011، وفيه تعرض بالنقد للنساء السعوديات بطريقة ساخرة، وامتدح الروسيات، قائلاً: «عمرك شفت (حرمة) من دون نتوءات ومن دون سواد في الأكواع والركب تقفز وتقفز ويلتف حولها شريط من الحرير على صوت الموسيقى».
ولم يتمكن ثامر الميمان من الصمود أمام موجة الغضب التي قادتها النساء ضده، فقال في حديثه لبرنامج «إضاءات» مع المذيع تركي الدخيل 5 يناير (كانون الثاني) 2012 إن مقالته التي وصف فيها المرأة السعودية بأنها «ذات الأكواع السوداء» كانت مقالة غير موفقة، وإنه اعتذر منها، معترفا بأن العبارات خانته مقدما اعتذاره مما كتب، وقال: «خانتني مفرداتي في صياغة حكاية واقعية بين صديق أحترمه وبيني بدأناها بعفوية، وإذا بها قضية، وإني لأقسم بأنني ما قصدت كلمة فيها تجريح أو إساءة لأي سيرة، فالذي حدث مني تجاوز أعتذر منه، وأرجو قبول هذا الاعتذار».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.