الجنرال جونز لـ «الشرق الأوسط»: وجود «ناتو» خليجي رسالة قوية إلى إيران

القائد الأعلى السابق لقوات حلف شمال الأطلسي والبحرية الأميركية أكد إصرار واشنطن على هزيمة «داعش» وحل الأزمة السورية

الجنرال جونز
الجنرال جونز
TT

الجنرال جونز لـ «الشرق الأوسط»: وجود «ناتو» خليجي رسالة قوية إلى إيران

الجنرال جونز
الجنرال جونز

الجنرال الأميركي جيمس جونز، القائد الأعلى السابق لقوات الحلف الأطلسي، لم يتوقف عن الغوص في شؤون الشرق الأوسط، ومشكلاته وقضاياه، فهو يطرح دائماً الأفكار والحلول، خصوصاً فيما يخص الخليج العربي وتركيا.
في الحوار الذي أجرته معه «الشرق الأوسط» عبّر عن ارتياحه للقاء «الناجح جداً» الذي جرى بين ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترمب، حيث اتفق الجانبان «حول الأخطار التي تهدد منطقة الخليج».
ويطرح الجنرال جونز فكرة تحالف خليجي على نسق «الحلف الأطلسي»، حيث سيكون أسهل على أميركا المشاركة في مثل هذا الحلف. يقول: «نجح الحلف الأطلسي في الوقوف في وجه الخطر الوجودي الذي كان يشكله الاتحاد السوفياتي، وساعد على تفكيكه». ورأى في الحديث عن مثل هذا الحلف، رسالة قوية موجهة إلى إيران. قال الجنرال جونز: «إذا رأى أشخاص مثل ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي أن هذه الفكرة تستحق، فإن أميركا سترحب بالانضمام إلى هذا الحوار». لم يستبعد أن تنضم الولايات المتحدة إلى هذا الحلف.
ورأى جونز الذي عمل أيضاً قائداً لسلاح البحرية الأميركية، ومستشاراً للأمن القومي، في عهد الرئيس باراك أوباما، أن الإرهاب خطر عالمي ويحتاج إلى تحالف دولي لإزالته. ثم قال إن «كل ما يقوي العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية بين أميركا والسعودية أمر قيّم جداً، وهذا طريق في اتجاهين». وقال، إن سوريا، كما شبه جزيرة القرم وأوكرانيا، ستكون من أولويات محادثات الرئيس ترمب والرئيس الروسي بوتين «عندما يلتقيان». ومع قوله إن الرئيس بوتين يتحين الفرص وليس استراتيجياً، استبعد أي عودة إلى الحرب الباردة.
* هل يمكن النظر إلى اللقاء الذي جرى بين الرئيس دونالد ترمب وولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على أن واشنطن تطمئن دول الخليج باستعدادها للوقوف إلى جانبها ودعم أمنها بالفعل؟
- نعم، حسبما سمعت كان اللقاء ناجحاً جداً، كذلك كان اللقاء مع وزير الدفاع جيمس ماتيس، والعلاقات التقت ضمن مفهوم مشترك حول الأخطار التي تتعرض لها منطقة الخليج.
* كيف ترى العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية في ظل إدارة ترمب؟ كيف ستختلف عما كانت عليه في ظل الرئيس باراك أوباما؟
- أعتقد أن الرئيس ترمب وحكومته قالا بوضوح إن إيران دولة لا يمكن الوثوق بها، وإنها تشكل خطراً ليس فقط على المنطقة، إنما كمصدر للإرهاب، وإنها غير مستعدة للانضمام إلى العائلة الدولية، وأعتقد أن النظرة المشتركة حول إيران التي لدى ولي ولي العهد السعودي وقادة آخرين في الخليج، ولدى الإدارة أطلقت علاقة أفضل بكثير مما انتهت إليه مع إدارة أوباما.
* إذن، كيف يمكن للولايات المتحدة أن تتعاون مع المملكة السعودية ودول الخليج العربي لاحتواء التدخل الإيراني في شؤونها ووقف عملياتها الإرهابية؟
- حسب رأيي الشخصي، فإذا كنا في مواجهة خطر وجودي، فيجب أن نكون حاسمين جداً، نضاعف العقوبات، ونقوم بكل ما نستطيع حتى يغيروا تصرفاتهم بشكل جذري. وحتى يحدث ذلك، فإنه من الأهمية القصوى للولايات المتحدة ولدول الخليج أن يشقوا الطرق حيث يستطيعون العمل معاً، وإعادة تثبيت شراكتنا، وإصرارنا على أننا لن نسمح لإيران بتخويفنا.
* وهل تصغي لك الإدارة؟
- أنا مستشار أمني سابق، وكنت القائد الأعلى للحلف الأطلسي، وقائد سلاح البحرية، وعلى تواصل مع أعضاء في الإدارة، وآمل أن يبين الوقت ما إذا كانوا يصغون أم لا، أنا متفائل، إنهم مهتمون بالموضوع وقد بدأوا بداية جيدة.
* قلت إنه يجب أن نظهر لحلفائنا أن أهمية منطقة الخليج لم تتقلص في نظر السياسة الأميركية، كيف يمكن للولايات المتحدة أن تؤكد وتضمن لحلفائها وأصدقائها في المنطقة، أن سياستها الخارجية تشمل مصالحهم؟
- أظن أنه من الضروري الاستمرار في حوار مع أصدقائنا في الخليج، ويجب أن نكشف عن وجود عسكري قوي، وأعتقد أنه يمكننا إيجاد سبل معاً، حيث تستطيع دول الخليج العمل بفعالية أكثر مع بعضها بعضاً، خصوصاً لجهة الدفاع المشترك في وجه الخطر الوجودي الذي نوافق كلنا، على أنه هناك.
* قلت أخيراً إنه إذا شعرت دول الخليج بأنها تواجه تهديداً وجودياً من الإرهاب، فيمكنها أن تخلق نسخة خليجية من الحلف الأطلسي، وبالتالي سيكون سهلاً على الولايات المتحدة أن تشارك في مثل هذا الحلف. هل يمكنك أن توضح المزيد عن هذه الفكرة؟
- الجواب الأقصر هو إذا نظرنا إلى الوراء وكيف نشأ الحلف الأطلسي، نجد أن الدول الأوروبية ظلت تقاتل بعضها بعضاً. حتى الحرب العالمية الثانية، بعدها جرى تشكيل الحلف الأطلسي مع الولايات المتحدة وكندا عام 1949. ونجح الحلف جيداً على مر السنوات، خصوصاً في وجه الخطر الوجودي الذي شكله الاتحاد السوفياتي، وأدى لاحقاً إلى سقوطه.
وضعت هذا الاقتراح كفكرة، لأنه يخيل إلي أنه كلما عملت دول الخليج واتحدت ضد الخطر الوجودي، وأصبحت قوية عسكرياً، وحسنت الاتصالات فيما بينها، وتبادلت المعلومات الأمنية، وربما اعتمدت استراتيجية وتكتيكات مشتركة، عندها يهيأ إلي أن الولايات المتحدة سترحب بالعمل مع هذا النوع من الكيان، بدل أن تتعامل مع كل دولة بشكل منفرد. وربما الدول الصغيرة تستطيع أن توفر تسهيلات متخصصة لمثل هذا التحالف، أي قد لا نحتاج إلى 10 مطارات بل 4، وبغض النظر عما سيكون الحل، فأنا وضعت الفكرة، لأن هذا ما نتحدث عنه، ولأن للولايات المتحدة خبرة طويلة في التعاطي مع تحالفات، وكنت سعيداً أنه في أبوظبي، عندما شاركت هذا العام في مؤتمر أمني، سمعت آخرين يتحدثون عن هذه الفكرة، وسمعت في واشنطن من يتحدث عنها أيضاً، لذلك قد تجري بعض المحادثات حول هذه المسألة، وأعتقد أنها رسالة قوية موجهة إلى إيران.
* الإدارة الأميركية الحالية في اتصال مع بعض الحلفاء العرب، المعتدلين ودول الخليج، حول فكرة مثل فكرتك. هل تعتقد أن الإدارة تتطلع إلى «ناتو عربي» موسع؟
- لا أعرف الجواب حالياً، أولاً لأنني لست في الإدارة، ثانياً نسبة لدورة الحياة في الإدارة، فإنها لا تزال في بداياتها، لكنني سمعت ما يكفي لأعرف أن هناك من يتحدث ويناقش هذه الفكرة، كفكرة جيدة. إن فكرة التحالف العربي الموسع صادرة عن بعض مراكز الدراسات في واشنطن، مثل «المجلس الأطلنطي» و«مركز الدراسات الاستراتيجية»، لكنني أعتقد أنه من السابق لأوانه أن نعرف كيف تفكر الإدارة بهذه الفكرة، غير أن أشخاصاً مثل الأمير محمد بن سلمان والشيخ محمد بن زايد ولي عهد الإمارات إذا رأوا أن هذه الفكرة تستحق، فإن الولايات المتحدة سترحب بالانضمام إلى هذا الحوار لتعرف ما الممكن تحقيقه.
* هل ستوجه النصيحة إلى الإدارة وإلى وزارة الدفاع لاعتبار الخطر الإيراني أولوية؟
- أعتقد أنهما يعتبرانه أولوية، وأنا سعيد كما قلت بالمواقف المعلنة عن إيران، وأظن أن الأولويات الأربع هي: إيران وكوريا الشمالية والصين وروسيا على هذا الترتيب.
* مساعدة «تحالف» الدول العربية عسكرياً، هل هي قابلة للتنفيذ من قبل أميركا؟
- نعم أعتقد ذلك. لقد بدأ «الناتو» بـ12 دولة، وهو الآن 28 دولة. لذلك أعتقد أنه يمكن للتحالف العربي العسكري، أن يبدأ بتحالف من بضع دول، إذ قد تفضل دول أخرى المراقبة على أن تنضم لاحقاً، هذا يعتمد على الطريقة التي تريد دول الخليج والدول العربية البدء بها. أكرر، إن مجرد الحديث عن التحالف العسكري يوجه رسالة إلى إيران واضحة جداً وليست غامضة.
* حلف «الناتو» مؤلف من دول كثيرة ومن الولايات المتحدة. هل سيضم «الناتو» العربي إلى جانب الدول العربية، الولايات المتحدة؟
- أعطيك رأيي الشخصي وأقول: نعم، لاعتقادي أن تماسكاً أكبر، وتكتيكات وتدريبات مشتركة، واتصالات وتبادل معلومات، وأي شيء يمكن عمله لإظهار جبهة موحدة ضد خطر وجودي، هو أمر إيجابي بنظري.
* هذا يعني أن هجوماً على عضو هو هجوم على الجميع، مثل اتفاقية دفاعية؟
- هذا يعود إلى مؤسسي التحالف، هذا إذا أرادوا أن يكون فيه ما يسميه الحلف الأطلسي في ميثاقه «الفصل - 5». على كل، بقدر ما تظهر الدول وحدة تتوفر لها فرص أفضل لمنع أي هجوم عليها من الأعداء.
* أنا أشير إلى وحدة بين الدول العربية والولايات المتحدة، هل تتحدث عن الأمر نفسه؟
- نعم. وأضيف أنه بغض النظر عما إذا كانت أميركا في الداخل أو الخارج، فإنه أمر جيد للدول العربية بأن تقدم جبهة موحدة في مواجهة ما يعتبرونه خطراً وجودياً. وأنا شخصياً أعتقد أنه إذا أرادت الولايات المتحدة، أو دول أخرى أن تساعد في ذلك، فالأمر يكون أفضل. على كل، لا يمكن القول إن هجوماً على طرف هو هجوم على الجميع، ما لم توافق كل الدول في التحالف على هذا الأمر.
* عندما أنشئ «الناتو» عام 1949 كان عدد سكان أوروبا يزيد على 350 مليون نسمة، هذا لا ينطبق على دول مجلس التعاون الخليجي؟
- هذا صحيح، أولاً إذا توصلوا إلى تحالف هذا أمر مفيد ومساعد، ثانياً نحن في قرن مختلف، حيث ليس من الضرورة أن تخاض الحروب بالجيوش البرية، بل بجيوش ذات تقنية عالية وقدرات نفسية، ثم إذا قررت الولايات المتحدة أن توقع على مثل هذا الأمر، فإن ميزان القوى يتغير كثيراً لمصلحة دول الخليج. لذلك لا أعتقد أن المسألة متعلقة بالأرقام، بل بالإرادة الوطنية لتشكيل التحالف والإبقاء التكنولوجي الذي يوفر كل الدفاعات لمصلحة كل الدول العربية التي تطلب مساعدة الولايات المتحدة الأميركية.
* هل للإرهاب خطر وجودي على دول مجلس التعاون الخليجي فقط؟
- أعتقد أن إدارتنا كانت واضحة عن هذا، فالإرهاب خطر عالمي، وهو الأخطر على كل الدول، الأوروبيون يشعرون بالشيء نفسه، والدول الأفريقية التي تريد أن تصبح ديمقراطية تواجه صعوبات، لأن المنظمات الإرهابية تنتشر على حدودها، وهي ليست قادرة على السيطرة. الإرهاب خطر عالمي وبرأيي من أجل هزيمته، هناك حاجة لتحالف دولي. هناك تحالف «الناتو» وأنا سعيد أن الولايات المتحدة تطرح مثل هذا التحالف على العالم العربي.
* هل هو الخطر الوجودي الوحيد على دول الخليج؟
- إنه خطر على كل الدول، رأينا هذا أخيراً في لندن.
* هل يستطيع العالم التغلب على هذا الإرهاب، خصوصاً مع وجود الذئاب المنفردة، كما شاهدنا في لندن؟
- نعم، لكن الحل طويل المدى ليس عسكرياً، بل علينا أن نؤكد للشعوب التي تعيش في ظل الإرهاب، أن العالم يريد مساعدتهم، ويريد أن يوفر لهم مستقبلاً أفضل اقتصادياً، وحكومات جيدة وحكم النظام والقانون.
الحل النهائي للقضاء على الإرهاب هو في إقناع الناس بأن هناك حلاً أفضل، وأعتقد أن على الدول المتقـــــدمة أن تتنبه أكثر للدول التي في طريق التطور وتســـــاعدها في توفير معيشة الناس.
* لكن لاحظنا أن عدداً كبيراً ممن «هاجروا» إلى «داعش»، سافروا من دول فيها النظام والقانون، والاقتصاد الجيد، وتتوفر لديهم الفرص الكثيرة، لكنهم أداروا ظهورهم، وعادوا ليهاجموا هذه الدول؟
- هذه نقطة جيدة. لذلك حتى لو توصلنا إلى الحل المثالي، يبقى هناك أناس تقنعهم آيديولوجيا متطرفة، لذلك علينا أن نبدأ بالمدارس. وأعتقد أن على الدول حماية حدودها بشكل أفضل كي تمنع تسلل أمثال «داعش». الاتحاد الأوروبي لم يتنبه إلى حدوده، وانتهى بمشكلة عليه مواجهتها الآن للأسف.
* قال الأمير محمد بن سلمان إن السعودية تريد أن تستثمر 200 مليار دولار في الولايات المتحدة الأميركية، فهل سيقوي هذا العلاقات بين البلدين سياسياً، واقتصادياً وعسكرياً؟
- أعتقد أن كل ما يقوي العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية، والإدراك الثقافي بين بلدينا، أمر قيّم جداً، وأحب أن أقول إنه طريق في اتجاهين وليس اتجاهاً واحداً.
* هل تعتقد أنه بعد لقاء الرئيس والأمير، فإن العلاقات بين الدولتين (أميركا والسعودية) ستعود إلى ما كانت عليه في ظل الرئيسين السابقين رونالد ريغان وجورج بوش الأب؟
- قطعنا خطوة كبيرة في هذا اللقاء، وكل الذين التقيتهم في واشنطن، وعددهم كبير، كانوا سعداء لمراقبتهم التفهم الواضح، والشعور الجيد اللذين خرجا من اللقاء، وكلنا أمل في أن نستمر في هذا الاتجاه، ونعود إلى العلاقات التاريخية العظيمة التي كانت تجمعنا مع المملكة العربية السعودية.
* هل ستكون سوريا الاختبار الأول لشراكة بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا؟
- علينا أن ننتظر لنرى. بالتأكيد سوريا ستكون عنصراً من الاختبار الأول، لأن هناك أيضاً توسع الرئيس فلاديمير بوتين في شبه جزيرة القرم، وزعزعته لاستقرار أوكرانيا، لم يحدث اللقاء الأول بعد. وسنرى ما سيحدث. وأعتقد أن المسألة السورية هي من المواضيع الكبرى التي يجب بحثها.
* هل يمكن لأميركا أن تتجاوز مشكلة القرم وأوكرانيا وتتجه مباشرة إلى الحرب السورية في المحادثات مع الروس؟
- أنا لست في الحكومة، ولا أعرف المواضيع التي ستكون على اللائحة، لكن كما ذكرت، فإن هذه المسائل مجتمعة تجب مناقشتها كنقطة انطلاق. وأعتقد، كما تلاحظين، أن هناك هوساً ما بروسيا في الإعلام الأميركي، لذلك علينا أن ننتظر ونرى تأثير ذلك عندما يلتقي الرئيسان الأميركي والروسي.
* هل يجب أن تنتظر سوريا الحل، بعد إيجاد حل للقرم وأوكرانيا؟
- لقد قلت سابقاً إننا خسرنا الفرصة، عندما تحدثت أميركا عن خطوط حمراء، ثم اختفت تلك الخطوط. أعتقد أنه من المهم جداً عندما يسمع العالم الرئيس الأميركي يقول إنه سيُقدم على شيء، فعليه الإقدام. أظن أن هذه نقطة قوية في شخصية الرئيس ترمب، وأعتقد أن العالم يصدقه عندما يقول: إذا فعلتم هذا سأفعل هذا.
إننا نحاول إخراج العلاقات الروسية - الأميركية من عنق الزجاجة، وتبقى سوريا مهمة جداً، وأظن أنها ستكون بين المواضيع الرئيسية، إذا لم تكن الموضوع الأول.
* هل تعتقد أن روسيا/ بوتين كانت أذكى من أميركا/ أوباما، لأن ادعاء بوتين بأنه يريد إنقاذ حكم بشار الأسد ساعده في تقوية علاقات روسيا مع دول استراتيجية أخرى، مثل أذربيجان وكازاخستان وأوزبكستان وفي شق طرق دبلوماسية في اتجاه مصر وتركيا؟
- لا أعتقد أنها مسألة ذكاء، الرئيس بوتين انتهازي، ومن الواضح جداً أنه يريد أن يستعيد ما يعتقده، الدول التي في يد روسيا، وأعتقد أنه شخصياً جزء من الحرب الباردة أكثر من أي إنسان آخر. تاريخه في «الكاي جي بي» يدفعه إلى إلقاء اللوم على الولايات المتحدة، في كل المشكلات التي يعانيها. بوتين ليس استراتيجياً إنما انتهازي، أعتقد أن على الساحة لعبة جديدة الآن. لدينا إدارة مختلفة، واللقاء مع الأمير محمد بن سلمان دليل على أن الولايات المتحدة هي أكثر إصراراً والتزاماً لإلحاق الهزيمة بـ«داعش» وحل الصراع في سوريا.
* دول الخليج متخوفة من حرب باردة جديدة بين أميركا وروسيا، وهذا ما قد يدفع بروسيا إلى مساعدة إيران في هذا الوضع، هل ترى ذلك؟
- إننا بعيدون جداً عن ذلك. وأعتقد أن هناك وسائل أخرى للتأثير على تصرفات إحدى الدول. العقوبات الاقتصادية دفعت إيران إلى طاولة المفاوضات. ونعرف أيضاً، أن العقوبات أضرت بروسيا. لذلك على المجتمع الدولي أن يعمل بتنسيق مشترك لمواجهة أعمال مثل هذه الدول، بعزلها، وفرض العقوبات الاقتصادية، وطردها من المنظمات الدولية لوقف تصرفاتها الخطيرة. أعتقد أنه يجب أن تعرف أن الخيار العسكري موجود، إنما هو الخيار الأخير لأن هناك وسائل أخرى متاحة للعقاب، خصوصاً أن حرباً نووية لا يمكن التفكير بها، لأنها تغير طبيعة الحياة على الأرض كلها، ولا أحد يريد ذلك.
* كيف يمكن إعادة العلاقات الأميركية - التركية إلى مسار طبيعي؟ هل من الصعب فهم الرئيس رجب طيب إردوغان؟
- تحاول الدولتان التوصل إلى تفاهم، الاتصالات والتعاون العسكري قائمان. وسيلتقي رئيسا البلدين ويتباحثان مطولاً. تركيا دولة استراتيجية ومهمة، ويجب على أميركا والدول الأخرى أن تصغي إليها. إن جيش تركيا هو ثاني أكبر جيش في الحلف الأطلسي، وآمل أن تتحسن العلاقات في ظل إدارة ترمب.
* ساعدت في إنشاء ملاذات آمنة للأكراد شمال العراق زمن صدام حسين. هل ترى الأكراد موحدين في يوم ما، في دولة واحدة؟
- لا يمكنني التخمين، الموضوع حساس جداً، الشعب الكردي في العراق وسوريا وتركيا وإيران بأفراده ليسوا متجانسين، لذلك هذا يعتمد حول أي أكراد نتكلم، تجربتي مع الرئيسين مسعود بارزاني وجلال طالباني تعود إلى 25 سنة. القوات الكردية/ البيشمركة، قاتلوا إلى جانب الولايات المتحدة، ماتوا إلى جانب جنودنا، وموقعهم الجغرافي استراتيجي. آمل أن تستمر الولايات المتحدة الأميركية في دعم الأكراد في نضالهم للحصول على منطقة آمنة لشعوبهم.
* أكراد سوريا يقاتلون إلى جانبكم اليوم ويموتون معكم. فهل يستحقون دولة؟
- لست متأكداً من هذا. علينا أن ننتظر كيف سيكون الحل السوري. أعرف أن لدى تركيا مشاعر قوية حول بعض الأكراد، ولأميركا مشاعر قوية في المقابل. إنها مشكلة جيو - سياسية، أبعد من قدرتي على التخمين. نريد أن يعود السلام إلى المنطقة، وعلينا أن نبذل جهداً صارماً لتحقيق ذلك، عندها نرى كيف ستتجه الأحداث!



تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
TT

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم (الجمعة)، أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً على مقربة منها.

وأضافت السفينة أنها لا تزال في حالة تأهب قصوى وأن القوارب غادرت الموقع.

وأفاد ربان السفينة بأن الطاقم بخير، وأنها تواصل رحلتها إلى ميناء التوقف التالي.

وتشن جماعة الحوثي في اليمن هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك منذ اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل. وقالت الجماعة إن هجماتها للتضامن مع الفلسطينيين.


بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بعض المقترحات في خطة أميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، غير مقبولة للكرملين، مشيراً في تصريحات نُشرت اليوم (الخميس) إلى أن الطريق لا يزال طويلاً أمام أي اتفاق، لكنه شدد على ضرورة «التعاون» مع واشنطن لإنجاح مساعيها بدلاً من «عرقلتها».

وقال بوتين في التصريحات: «هذه مهمّة معقّدة وصعبة أخذها الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب على عاتقه».

وأضاف أن «تحقيق توافق بين أطراف متنافسة ليس بالمهمة بالسهلة، لكن الرئيس ترمب يحاول حقاً، باعتقادي، القيام بذلك»، متابعاً: «أعتقد أن علينا التعاون مع هذه المساعي بدلاً من عرقلتها».

وأطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقوى دفعة دبلوماسية لوقف القتال منذ شنت روسيا الغزو الشامل على جارتها قبل نحو أربع سنوات. ولكن الجهود اصطدمت مجدداً بمطالب يصعب تنفيذها، خاصة بشأن ما إذا كان يجب على أوكرانيا التخلي عن الأراضي لروسيا، وكيف يمكن أن تبقى أوكرانيا في مأمن من أي عدوان مستقبلي من جانب موسكو.

وتأتي تصريحات الرئيس الروسي في الوقت الذي يلتقي فيه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاريد كوشنر، بكبير المفاوضين الأوكرانيين رستم أوميروف، اليوم، في ميامي لإجراء مزيد من المحادثات، بحسب مسؤول أميركي بارز اشترط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوّل له التعليق علانية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشخصيات روسية سياسية واقتصادية يحضرون محادثات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قصر مجلس الشيوخ بالكرملين في موسكو بروسيا يوم 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

محادثات «ضرورية»

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محادثاته التي استمرت خمس ساعات، الثلاثاء، في الكرملين مع ويتكوف وكوشنر كانت «ضرورية» و«مفيدة»، ولكنها كانت أيضاً «عملاً صعباً» في ظل بعض المقترحات التي لم يقبلها الكرملين، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وتحدث بوتين لقناة «إنديا توداي تي في» قبل زيارته لنيودلهي، اليوم. وبينما لم تُبث المقابلة بأكملها بعد، اقتبست وكالتا الأنباء الروسيتان الرسميتان «تاس» و«ريا نوفوستي» بعض تصريحات بوتين.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول في المقابلة، إن محادثات الثلاثاء في الكرملين تحتّم على الجانبين «الاطلاع على كل نقطة» من مقترح السلام الأميركي «وهذا هو السبب في استغراق الأمر مدة طويلة للغاية».

وأضاف بوتين: «كان هذا حواراً ضرورياً وملموساً»، وكانت هناك بنود، موسكو مستعدة لمناقشتها، في حين «لا يمكننا الموافقة» على بنود أخرى.

ورفض بوتين الإسهاب بشأن ما الذي يمكن أن تقبله أو ترفضه روسيا، ولم يقدّم أي من المسؤولين الآخرين المشاركين تفاصيل عن المحادثات.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول: «أعتقد أنه من المبكر للغاية؛ لأنها يمكن أن تعرقل ببساطة نظام العمل» لجهود السلام.


القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
TT

القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، زيارة رسمية إلى الهند تستغرق يومين. وتعد واحدة من الزيارات الخارجية النادرة له منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022. ومثلما حظيت زيارته إلى الصين قبل ثلاثة أشهر، وقبلها إلى كوريا الشمالية العام الماضي، بأهمية كبرى في إطار رسم ملامح استراتيجية الكرملين في السياسة الخارجية، تُشكل الزيارة الحالية لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين، خصوصاً على خلفية الضغوط الأميركية المتزايدة على الهند لتقليص تعاونها مع موسكو.

وفي أول زيارة له إلى العاصمة الهندية منذ أربع سنوات، يرافق بوتين وزير الدفاع أندريه بيلووسوف، ووفد واسع النطاق من قطاعي الأعمال، والصناعة. ومن أبرز الوجوه المرافقة لبوتين رئيسا شركتي الطاقة «روسنفت» و«غازبروم» اللتين تخضعان لعقوبات غربية، إلى جانب مسؤولي المجمع الصناعي العسكري، ومؤسسة «روس أبورون أكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية. بالإضافة إلى رؤساء القطاع المصرفي الروسي الذي يخضع بدوره لعقوبات غربية. وتعكس تشكيلة الوفد المرافق أولويات أجندة الطرفين، وطبيعة النقاشات التي تم التحضير لها في موسكو، ونيودلهي.

برنامج حافل

على مدار يومي القمة، سيبحث الطرفان التعاون في مجالات الدفاع، والطاقة النووية، والهيدروكربونات، والفضاء، والتكنولوجيا، والتجارة.

تُشكل زيارة بوتين لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين (أ.ف.ب)

واستبق الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف الزيارة بإشارة إلى أن بوتين سوف يناقش مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي «القضايا الدولية، والإقليمية»، مشدداً على اهتمام الكرملين بتطوير التعاون الثنائي، وفتح مجالات جديدة للتعاون، وأشار إلى موقف واشنطن السلبي تجاه الزيارة، وتلويحها بمضاعفة التعريفات الجمركية في حال استمرت نيودلهي في تعزيز تعاونها مع موسكو، وخصوصاً في مجال الطاقة، موضحاً أنه «لا ينبغي أن تخضع العلاقات التجارية بين موسكو ونيودلهي لتأثير دول ثالثة»، وأعرب عن قناعته بأن «مسألة التعريفات الجمركية الأميركية تظل قضية ثنائية بين الولايات المتحدة والهند». ووصف بيسكوف الإجراءات المفروضة على قطاع النفط الروسي بأنها غير قانونية، مؤكداً أن روسيا تبذل كافة الجهود الممكنة لضمان استمرار تجارة الطاقة، وتدفقها دون انقطاع رغم التحديات. وأشار إلى أن الزيارة ستشهد توقيع حزمة مهمة من الوثائق الثنائية، دون الإفصاح عن تفاصيل محددة.

تعزيز التعاون في مجال الطاقة

قبل زيارة بوتين، أجرى مسؤولون من الجانبين محادثات في مجالات واسعة من الدفاع، إلى الشحن، والزراعة، وفي أغسطس (آب) الماضي، اتفق الطرفان على بدء محادثات بشأن اتفاقية تجارة حرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بقيادة روسيا.

وكرست هذه الخطوات مسار تعزيز العلاقة رغم بروز بعض المخاوف لدى مسؤولين في الهند أعربوا عن قلق من أن أي صفقات طاقة ودفاع جديدة مع روسيا قد تُثير رد فعل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي ضاعف الرسوم الجمركية إلى 50 في المائة في أغسطس على السلع الهندية، عقاباً على مشتريات نيودلهي من النفط الخام الروسي.

بوتين يتحدّث خلال مؤتمر في موسكو يوم 3 ديسمبر (رويترز)

ويُشكّل ملف تعزيز التعاون في مجال الطاقة إحدى أولويات الكرملين، الذي أكد أن الهند سوف تواصل الحصول على معاملة تفضيلية.

زادت واردات النفط الروسية على مدار سنوات اتفاقية التجارة الحرة بنسبة 600 في المائة، مما جعل الهند المشتري الرئيس لصادرات النفط الروسية (38 في المائة). كما تشتري الهند الأسمدة، والزيوت النباتية، والفحم، والمعادن.

تُنقل هذه الشحنات عبر الممر البحري الشرقي الذي افتُتح مؤخراً بين فلاديفوستوك وميناء تشيناي الهندي، وهو طريق بطول 10300 كيلومتر يربط بين موانٍ استراتيجية في المحيطين الهادئ والهندي. كما يعمل ممر النقل بين الشمال والجنوب فإن هذا الممر يتيح الاستقلال عن اللوجستيات الغربية، والتسويات بالعملات الوطنية تجاوزاً للعقوبات الغربية بنسبة تصل إلى 90 في المائة. وأكد الطرفان مجدداً هدفهما المتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030 (من 67 مليار دولار حالياً). وتطلب الهند دعماً لصادراتها إلى روسيا، لا سيما في مجالات الأدوية، والهندسة، والمنتجات الزراعية، ولتوفير فرص عمل للعمال الهنود المهاجرين، ويأتي ذلك تقديراً لإنجازات الهند في الالتفاف على العقوبات الغربية، خصوصاً في مجال تجارة النفط.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يحضران اجتماعاً على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند - أوزبكستان يوم 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

في المقابل، تسعى موسكو إلى الحصول على مساعدة الهند للحصول على قطع غيار، ومعدات تقنية لأصولها النفطية، حيث عرقلت العقوبات الوصول إلى الموردين الرئيسين.

ووفقاً لمصدر حكومي في الهند، فإن نيودلهي تسعى على الأرجح إلى استعادة حصة 20 في المائة لشركة التنقيب عن الغاز الحكومية في مشروع «سخالين-1» في أقصى شرق روسيا.

وتسعى موسكو أيضاً إلى تطوير تعاملها في القطاع المالي والمصرفي مع الهند، وصرح نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، بأنه ستتم خلال الزيارة مناقشة إمكانية إطلاق نظام الدفع الروسي «مير» في الهند، والذي من شأنه أن يُسهم في زيادة السياحة الروسية. ووفقاً له، فقد طُرحت هذه المسألة سابقاً خلال اجتماع بوتين مع وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار. وستُناقش الآن على أعلى مستوى في نيودلهي.

الصفقات العسكرية

ورغم الضغوط الأميركية، لا تخطط الهند لتجميد علاقاتها الدفاعية مع موسكو، لأنها تحتاج إلى دعم مستمر للعديد من الأنظمة الروسية التي تشغّلها.

وقال مسؤولان هنديان مطلعان على الأمر لـ«رويترز» إن طائرات «سوخوي-30» الروسية تشكل غالبية أسراب المقاتلات الهندية البالغ عددها 29 سرباً، وعرضت موسكو مقاتلتها الأكثر تطوراً «سوخوي-57» والتي من المرجح أن تكون جزءاً من المحادثات.

بوتين يلتقي المتطوعين المشاركين في جائزة #WeAreTogether الدولية في مركز التجارة العالمي في موسكو يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ولم تتخذ الهند قراراً بعد بشأن النسخة المحدثة من «سوخوي»، لكن الكرملين أعلن أن هذا الموضوع سيكون مطروحاً للنقاش. ومن المرجح أن تناقش نيودلهي شراء المزيد من وحدات نظام الدفاع الجوي «إس-400» وفق تصريحات لوزير الدفاع الهندي راجيش كومار سينغ، الأسبوع الماضي. وتمتلك الهند الآن ثلاث وحدات، مع انتظار تسليم وحدتين إضافيتين بموجب صفقة عام 2018.

لكن الحديث عن تعاون دفاعي لا يقتصر على بيع الأسلحة، والمعدات، إذ قطعت موسكو ونيودلهي شوطاً مهماً لتوطين صناعات دفاعية في الهند لتصبح أبرز شريك عسكري لروسيا. وأفاد ديمتري شوغاييف مدير الهيئة الروسية للتعاون العسكري التقني بأن القمة الحالية سوف تبحث مشاريع عسكرية تقنية جديدة، وتوسيع العقود القائمة بين البلدين.

وتشير مصادر إلى أنه يمكن توطين إنتاج ما يقرب من نصف نظام «إس-400» في إطار سياسة نقل التكنولوجيا التي توليها الهند أولوية قصوى. وفي حال تم الاتفاق على شراء طائرات «سوخوي-57» المقاتلة، فسينتقل طيارو القوات الجوية الهندية بسهولة إلى الطائرات الروسية من الجيل الجديد، مع تأكيد أن شركة «هندوستان» للملاحة الجوية المحدودة المملوكة للدولة قادرة على صيانة الترسانة الروسية.

وأفادت تقارير بأن اتفاقيات قيد التطوير -أو وُقِّعت بالفعل- لإنتاج مشترك لنظام الدفاع الجوي «بانتسير»، واحتمال شراء الهند لنظام رادار الإنذار المبكر «فورونيج»، الذي يتجاوز مداه 6000 كيلومتر.

وأكد شوغاييف أن العلاقات العسكرية التقنية بين روسيا والهند تشهد تطوراً ملحوظاً رغم التحديات الدولية الراهنة، مشيراً إلى أنه لم يغلق أي مشروع عسكري تقني خلال عام 2025.

بوتين خلال تقديمه جائزة #WeAreTogether الدولية في موسكو، يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ووفقاً للمسؤول الروسي ينتظر أن ينصب الاهتمام بشكل أساسي على الطائرات، وأنظمة الدفاع الجوي، والتعاون في تقنيات الطائرات المسيرة، والمساعدة في بناء سفن جديدة في أحواض بناء السفن الهندية. وأضاف: «تبدو آفاق الصادرات العسكرية إلى الهند في عام 2026 إيجابية للغاية، وأعتقد أن حجمها في العام المقبل سيتجاوز مستوى عام 2025»، مؤكداً أنه تم حل المشكلات المتعلقة بالجوانب اللوجستية، وتوريد المكونات للمشاريع المشتركة، بما في ذلك صيانة المعدات الموردة سابقاً.

وأشار شوغاييف إلى أن روسيا تسعى إلى تعاون عسكري تقني واسع النطاق مع الهند في مجال التقنيات الجديدة، حيث تتزايد حصة المشاريع المشتركة، والتقنيات التكنولوجية المتقدمة عاماً بعد عام.

وتنفذ روسيا والهند حالياً عشرات المشاريع العسكرية التقنية واسعة النطاق، ومن أهمها إنتاج الهند المرخص لطائرات «سوخوي-30»، ومحركات الطائرات، ودبابات «تي-90 إس»، والتعاون في إطار مشروع «براهموس» المشترك للصواريخ، وتحديث المعدات العسكرية التي سبق توريدها، والعمل المشترك في مجال تكنولوجيا الدفاع.

جانب من لقاء بوتين ومودي على هامش أعمال مجموعة «بريكس» في كازان شهر أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وأشارت مصادر إلى أن الطرفين يُعدّان «بيانات مهمة» ستحدد التوجهات الرئيسة للمرحلة المقبلة من شراكتهما. ومن المتوقع أن تُمهّد الاتفاقيات الجديدة للتعاون العسكري الصناعي الطريق لمرحلة جديدة من التعاون الدفاعي بين البلدين، ما يتيح للهند الوصول إلى أحدث تقنيات التخفي، والدفاع الصاروخي. وتتوقع المصادر أن يُعزز هذا مكانة الهند في المنطقة الآسيوية.

من المتوقع توقيع عقود عسكرية لتوريد وإنتاج أنظمة دفاع جوي من الجيل الجديد، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي إس-500. وقد لاقى نظام إس-400 الروسي استحساناً من الجيش الهندي خلال عملية سيندور، حيث أُشير إلى سرعة نشره في أقل من خمس دقائق لتكون ميزة كبيرة. ويُعتبر دمج نظام إس-400 في نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات الهندي على طول الحدود مع الصين وباكستان تعزيزاً أمنياً.

توازن بين الهند والصين

وتواجه موسكو -التي طورت علاقاتها مع الصين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وغدت بكين حليفاً رئيساً لها- تحدياً جدياً في إقامة توازن دقيق في العلاقة مع البلدين الخصمين.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

وأكد الكرملين أن موسكو تنطلق من أهمية المحافظة على علاقات مع «الشركاء التقليديين»، مشيراً إلى «تقدير خاص لاستعداد نيودلهي للمساهمة في البحث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا».

وفي إشارة مهمة، قال الناطق الرئاسي الروسي: «نحن مستعدون لتطوير علاقاتنا مع الهند في جميع المجالات الممكنة، إلى الحد الذي تكون فيه الهند مستعدة لذلك»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن روسيا «تواصل تطوير علاقاتها مع الهند، والصين».

وتابع: «نحن نحترم العلاقات الثنائية بين الهند والصين، وليس لدينا شك في أن أقدم دولتين، الدولتين الأكثر حكمة في هذا العالم، ستكونان حكيمتين بما يكفي لتسوية جميع المشكلات من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي».

تحدي الضغوط الأميركية

رأت تعليقات في وسائل إعلام حكومية روسية عشية الزيارة أن نيودلهي سارت خطوات لتحدي الضغوط الأميركية المفروضة عليها بسبب علاقاتها مع موسكو. ومن ذلك، ألغت الهند مناقشات اتفاقية التجارة الهندية-الأميركية، وقالت الصحافة الروسية إن تلك الاتفاقية «تراجعت أهميتها الاستراتيجية مقارنة بالنتائج المتوقعة بعد زيارة بوتين». وزادت أن «الهند ردت عملياً على الهجوم على سيادتها».

ترمب ومودي في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض في فبراير الماضي (رويترز)

كانت الحكومة الأميركية حملت نيودلهي مسؤولية تعزيز الجيش الروسي في أوكرانيا، واصفةً تصرفات الهند لاستيراد النفط الروسي بأنها «مزعزعة للاستقرار». ووصف الرئيس دونالد ترمب الهند بأنها «مغسلة للكرملين»، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 500 في المائة على الواردات الهندية إذا واصلت نيودلهي هذا المسار.

بدوره عارض الاتحاد الأوروبي مشاركة الهند في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا، بحجة أن صداقة نيودلهي مع موسكو تُشكل عقبة أمام تعميق التعاون الاستراتيجي مع أوروبا.

ورأت التعليقات الروسية أن «الهجوم السافر على السيادة الهندية من قبل الغرب فقد أثره. لقد اتُخذ القرار: التعاون مع روسيا أهم للهند منه مع الغرب، كما يتضح من زيارة بوتين. وقد اكتسبت روسيا والهند خبرة واسعة في العمل معاً ضمن مجموعة (بريكس)، ومنظمة شنغهاي للتعاون».