توازنات دولية تضبط اشتباكات «درع الفرات» و«سوريا الديمقراطية» بريف حلب

مهندسون أميركيون يتابعون أحوال سد الطبقة بعد تجدد المواجهات في محيطه

صورة نشرها «داعش» من داخل مدينة الرقة التي يستخدمها عاصمة له في سوريا تظهر الحياة اليومية داخل المدينة السورية التي يستعد التحالف لتحريرها من قبضة التنظيم المتطرف (أ.ب)
صورة نشرها «داعش» من داخل مدينة الرقة التي يستخدمها عاصمة له في سوريا تظهر الحياة اليومية داخل المدينة السورية التي يستعد التحالف لتحريرها من قبضة التنظيم المتطرف (أ.ب)
TT

توازنات دولية تضبط اشتباكات «درع الفرات» و«سوريا الديمقراطية» بريف حلب

صورة نشرها «داعش» من داخل مدينة الرقة التي يستخدمها عاصمة له في سوريا تظهر الحياة اليومية داخل المدينة السورية التي يستعد التحالف لتحريرها من قبضة التنظيم المتطرف (أ.ب)
صورة نشرها «داعش» من داخل مدينة الرقة التي يستخدمها عاصمة له في سوريا تظهر الحياة اليومية داخل المدينة السورية التي يستعد التحالف لتحريرها من قبضة التنظيم المتطرف (أ.ب)

تجددت المواجهات بين «قوات سوريا الديمقراطية» وعناصر تنظيم داعش في محيط سد الطبقة بعد توقفها لفترة نتيجة ازدياد الحديث عن مخاطر من انهيار السد وحصول فيضان يُغرق معظم مناطق شمال سوريا. وتُستخدم حاليا الأسلحة الخفيفة في هذه المعارك، كما أكّد أحد المقاتلين الأكراد الموجودين هناك لـ«الشرق الأوسط» لضمان حماية السد، كاشفا عن وجود مهندسين أميركيين في المنطقة يتابعون أحواله عن كثب. وكان لافتا في الساعات الماضية تجدد الاشتباكات بين «قسد» و«قوات درع الفرات» في ريف حلب الشمالي.
وفيما تحدثت وكالة «آرا نيوز» عن تجدد الاشتباكات العنيفة فجر الأربعاء بين الطرفين على عدة محاور تبادلا خلالها القصف المدفعي والصاروخي ما أوقع إصابات بصفوفهما، أوضح قيادي في «درع الفرات» فضّل عدم الكشف عن هويته أن الاشتباكات تجددت منذ نحو الأسبوع، إلا أنها تبقى بإطار المناوشات، لافتا إلى أنها أدّت في اليومين الماضيين لمقتل 3 عناصر من «لواء المعتصم». واستبعد القيادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تتطور الأمور أكثر في المنطقة «نظرا لوجود توازنات دولية معروفة».
وأشار مصدر في «وحدات حماية الشعب» الكردية إلى «عمليات إطلاق نار بسيطة بين الطرفين إن كان من جهة غرب منبج، حيث توجد قوات للنظام والروس، أو من جهة شمال نهر الساجور». وأضاف المصدر: «هناك اتفاق لوقف إطلاق النار تحت إشراف التحالف، لذلك لا أعتقد أن يتم أي هجوم من قبل الأتراك، وأن تنحصر الأمور ببعض عمليات القصف أحياناً واشتباكات بأسلحة دوشكا».
ونقلت «آرا نيوز» عن وليد الشيخ، أحد الناشطين الميدانيين بريف حلب الشمالي أن «معارك عنيفة اندلعت بين قوات سوريا الديمقراطية وفصائل درع الفرات على جبهتي مارع والشيخ عيسى بريف حلب الشمالي عقب محاولة تقدم جديدة قامت بها قوات قسد للتقدم نحو الجهة الشمالية الغربية لمدينة مارع، كما دارت اشتباكات متقطعة مترافقة مع قصف مدفعي متبادل بين الجانبين على أطراف قرى كفر خاشر وكفر كلبين استهدفت خلالها قوات سوريا الديمقراطية مواقع لدرع الفرات ما تسبب بوقوع إصابات بصفوف قوات الدرع التي ردت بقصف صاروخي طال مواقع لقسد بقرية الشيخ عيسى».
وفي جبهات الريف الشرقي للرقة، صدت «قوات سوريا الديمقراطية» هجوماً كبيراً شنه تنظيم داعش على قرية ساحل الخشب قرب ناحية السويدية الكبيرة، ما أدّى لاشتباكات عنيفة، قُتل فيها 11 عنصرا للتنظيم كما أكّد بيان لقوات «قسد». ولفت المقاتل الذي فضّل عدم ذكر اسمه أن قوات التحالف الدولي تشارك في المعركة للسيطرة على الطبقة والرقة عبر تقديم دعم اللوجيستي والجوي والاستشاري، مشيرا إلى أنه تمت في الساعات الماضية السيطرة ناريا على طريق الرقة - الطبقة، فيما تتواصل الاشتباكات لقطعه تماما.
وأفادت وكالة «رويترز» يوم أمس بقصف تنظيم داعش لمواقع تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) عند سد الطبقة خلال محاولة عدد من المهندسين فتح قنوات، فيما أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن فريقا من المختصين من الهلال الأحمر السوري دخلوا في الساعات القليلة الماضية عبر مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» إلى المدخل الشمالي من سد الفرات الذي تسيطر عليه هذه القوات، وذلك لتقييم وضع السد والوقت اللازم لإعادة الصيانة والتشغيل ومدى تضرره واحتمال انهياره. وكان المرصد تحدث مساء الثلاثاء عن استهداف طائرات يعتقد أنها تابعة للتحالف الدولي المهندس السوري أحمد الحسين، القائم على تسيير أمور سد الفرات وإدارتها، مع فني آخر، في منطقة الطبقة بريف الرقة الغربي، ما أدّى إلى مقتلهما.
وفي وقت لاحق، أكدت «قسد» أن المهندسين أنهوا أعمالهم في السد وأكدوا أن لا خوف يُذكر عليه، ونشرت مقطع فيديو يُظهر فتح إحدى بواباته وكيفية تدفق المياه من خلالها.
من جهته، أوضح مستشار القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية ناصر حاج منصور، أن «المعارك تتركز حاليا على التضييق على الرقة من جهة الشرق والشمال الشرقي، تمهيدا لاقتحام مدينة الطبقة التي باتت مطوقة أقله من 3 جهات بعد تحرير المطار»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «عملية تحرير الرقة يمكن أن تبدأ في أي وقت، لكن لا إمكانية لتحديد المكان والزمان من منطلق أن المسألة تكتيكية ومرتبطة بالعمل العسكري». وأضاف: «لكن ما يمكن تأكيده أن العملية باتت قريبة ولم تعد بعيدة».
في هذا الوقت، تواصلت عمليات النزوح من مناطق في الشمال السوري خوفا من انهيار سد الطبقة. وأفاد ناشطون بنزوح أهالي مدينة دير الزور وريفها من منازلهم الواقعة على ضفتي نهر الفرات، وأشاروا إلى أن «أهالي قرية مراط شرق دير الزور والقرى المحيطة بالتحديد هم من بدأوا بشكل أكبر بالنزوح إلى مناطق يعتبرونها أكثر أماناً».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».