ليندسي هول، عضو مجلس بلدية لندن المرشحة في الانتخابات البرلمانية عن منطقة وستمنستر سيتي الراقية التي يقطن فيها الكثير من الأثرياء العرب والإيرانيين، ذكرت في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن مجلس بلدية وستمنستر بالمقارنة مع مجالس البلديات الأخرى في العاصمة البريطانية يتميز بكونه الأكثر تنوعا والأكثر عالمية. فعلى سبيل المثال تستقبل محطة فيكتوريا ملايين من الناس القادمين من أوروبا، وهذا يعني أن المنطقة تتميز بالتنوع. فباعتقادي أن هذه ميزتنا الأساسية التي تجذب الزوار.
وأوضحت هول في مقابلة مع «الشرق الأوسط» دورها في إصلاح السياسات المحلية، وبرامجها للحملة الانتخابية في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في عام 2015 للحصول على المقعد الرئيس في هذه المنطقة في البرلمان البريطاني. وفيما يلي نص الحوار
* ما الميزة الأساسية لمجلس بلدية وستمنستر بالمقارنة مع مجالس البلدية الأخرى في لندن؟
- يُعد مجلسنا من المجالس الرائدة باعتباره يتمتع بخلفية سياسية قوية. ويتألف مجلس بلدية وستمنستر من 60 عضوا، 48 منهم من المحافظين، و12 من حزب العمال. وحسب ما أتذكر، كان التقسيم دوما كما يلي: ستة أقسام للمحافظين، وأربعة أقسام لحزب العمال. تتطلب عملية تنفيذ السياسات والخطط فترة زمنية طويلة جدا. وخلافا للمسؤولين المحليين الآخرين الذين يتأرجحون في مواقفهم السياسية فإننا تمتعنا وخلال أعوام كثيرة بمواقف ثابتة، ولهذا نجحنا في الحفاظ على سياساتنا وتنفيذها. فعلى سبيل المثال، وستمنستر لديها أقل نسبة للضرائب على مستوى البلاد كلها.
* ما الميزانية التي تتسلمونها من الحكومة، وكم هي التي تأتي من الضرائب التي يفرضها مجلسكم؟
- الميزانية التي تأتي من ضرائب المجلس قليلة جدا، وتبلغ نحو 50 مليون جنيه إسترليني. فهذه النسبة أقل بكثير من الميزانية التي نتسلمها من الحكومة، والأرباح التي نحققها من الأسعار التجارية، والتجارة والمنابع الأخرى للإيرادات. لا يشكل هذا الرقم إلا 5.5 في المائة من ميزانيتنا، في حين تشكل الميزانية المخصصة لنا من قبل الحكومة المركزية 53 في المائة.
* بما أن وستمنستر تحظى بنسيج ديموغرافي متنوع في بريطانيا، ونظرا للعدد الكبير من الزوار لهذه المنطقة، ما الخطط الحالية أو المستقبلية لمجلس بلديتكم من أجل المساهمة في تطوير هذه الإمكانيات والطاقات الهائلة التي يوفرها هذا النسيج المتنوع؟
- صحيح، يمكن اعتبارنا من المناطق البريطانية الأكثر تنوعا والأكثر عالمية، يتوجه الناس يوميا من أوروبا إلى محطة فيكتوريا. يدخل الملايين من الأفراد يوميا هذه المدينة. وهذا يعني مجتمعا يتميز بالتنوع ويقدم التنوع. فباعتقادي أن هذه ميزتنا الأساسية التي تجذب الزوار.
* ما خطط مجلسكم البلدي من أجل توظيف هذه الطاقات؟ على سبيل المثال في مجال خلق فرص عمل أكثر، واستقطاب نسبة أكبر من رؤوس الأموال، والأنشطة التجارية، والقيام باستثمارات مشتركة، بل وحتى تصدير (إذا صح التعبير) الإدارة الجيدة لقلب لندن الكبرى؟
- أحد الأعمال الجيدة التي نقوم بها هي تطبيق خطة West End Partnership. نتمتع بعلاقات وثيقة مع الباعة المحليين، والنشطاء في مجال الثقافة، والفن، والمسرح في الأحياء الأخرى. كما نبذل ما بوسعنا من أجل تنشيط التجارة، وتنظيف الشوارع، وإرساء الأمن فيها. ونقيم برامج على غرار West End Live، حيث نقدم من خلالها إنتاجات مسرحية استثنائية. علاوة على ذلك، نحن نتعاون مع المجتمعات الصغيرة في لندن وندعم «قراها» كالحي الصيني. في الواقع، نحن في معظم الأوقات عندما نتحدث في مجلسنا البلدي عن وستمنستر نعني بذلك عددا من «القرى» التي تتمتع كل واحدة منها بميزات خاصة، فعلى سبيل المثال، نحن نصف عادة منطقة Edgware Road بجزيرة العرب الصغيرة.
* هل يجري ذلك دون تعاون دولي مشترك ودون أي استثمارات من الشرق الأقصى أو الشرق الأوسط؟ كاستثمار «شارد» الذي جرى برعاية قطرية في قلب لندن.
- المشروع العملاق الوحيد لإعادة البناء الذي أعرفه في وستمنستر الذي جرى برعاية شرق أوسطية هو مشروع تطوير تشيلسي بروكس الذي يجري برعاية دولة قطر.
* على سبيل المثال، فإن مشروع «شارد» جرى باستثمار أجنبي كامل أو محطة «باترسي» للكهرباء الذي قام مستثمر ماليزي بتأمين تكلفة بنائه ويجري تشييده حاليا، فما برنامجكم لمثل هذه الاستثمارات؟ فهل تنوون استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وتصدير العلوم الخاصة بتحسين معايير الحياة إلى المجالس البلدية في سائر أنحاء العالم؟ على سبيل المثال، فهناك جامعات جرى تصديرها إلى الشرق الأوسط مثل جامعة جورج تاون في الشارقة أو جامعة نيويورك في أبوظبي.. ويبدو أن وستمنستر قادرة على مشاطرة طاقاتها مع المجالس البلدية في الشرق الأوسط، فما تعليقكم؟
- نحن لم نطبق هذه الفكرة حتى الآن، لكنها تستحق التفكير بجدية! إن ممثلنا في الشؤون الدولية هو رئيس البلدية، لكن هذه الأمور ترتبط بقضايا البلدية. فهو على سبيل المثال يتوجه كل عام إلى النرويج لإحضار معه شجرة احتفالات عيد الميلاد التي توضع في ميدان في لندن. معظم هذه الأمور التي تحدثت عنها تتولى الوجوه البارزة مسؤولية إدارتها، ولكننا حتى الآن لم نصدر شيئا باسم مدينة وستمنستر. لدينا ما نسميه West Co، وهو يعني القسم التجاري لوستمنستر.
* لنعد إلى قضية التنوع في وستمنستر، وفقا للإحصاءات، في دائرتك الانتخابية، وستمنستر الشمالية، يستفيد 33 في المائة من السكان من المساعدات والمزايا الخاصة بالسكن. ونظرا للعدد المرتفع للأشخاص الذين يستفيدون من هذه المساعدات ما خططكم في هذا المجال؟
- يمكننا ملاحظة التغييرات الديموغرافية خلال الأعوام 2001 - 2011. لدينا في وستمنستر سيتي ستة أحياء تابعة للمحافظين وأربعة تابعة لحزب العمال. والأحياء التابعة لحزب العمال هي: تشرتش ستريت، هارو رود، كوينز بارك، ووستبورن، التي تضم منذ القدم الأبنية السكنية الكبرى. مع ذلك لا تزال هناك عدة مجموعات سكانية اجتماعية في منطقة سنت جونز رود الراقية والتابعة للمحافظين. فأحد أهم الأمور في الحياة اللندنية هي أننا نتقبل في مجتمعنا ذوي الدخول المتواضعة أو الذين يحتاجون إلى مساعدات اجتماعية، وهذا ما لا نراه في باريس مثلا.
* هل تنوون الاستمرار في هذا المشروع؟
- نعم، أنا أعتقد أن الحياة في مدينة نابضة بالحياة مثل لندن يجب ألا تقتصر على الأثرياء ورجال الأعمال، وينبغي أن تضم الأشخاص الذين يساهمون في دوران عجلة الحياة في المدينة مثل عمال تنظيف الشوارع، وسائقي الحافلات، والممرضات، وعمال الإطفاء، والمعلمين. أين يسكن ذوو الدخل المحدود؟ يجب أن نفكر في توفير شقق سكنية لهم لا تكلفهم كثيرا، حتى لا يضطر هؤلاء من قطع مسافات طويلة للوصول إلى مقر عملهم.
يشهد المجتمع البريطاني استقطابا حادا، وهذا من التبعات غير قابلة للغفران لإدارة المجتمع من قبل حزب العمال. وقد ازداد الشرخ بين الفقراء والأغنياء في فترة حكومة حزب العمال. وتصاعدت نسبة استفادة العاطلين عن العمل من الخدمات السكنية في هذه الفترة، لأنهم لم يرغبوا في الذهاب إلى العمل حاليا بسبب امتلاكهم للبيوت. كما أن الدعم المالي الذي وفرتها الحكومة في قطاع السكن أدى إلى عدم الثبات في السوق، وارتفاع نسبة إيجار السكن، التي أسفرت عن مشكلات لذوي الدخل المحدود والمتوسط.
أسهمت هذه الأجواء في خلق ظروف لا تخرج عن حالتين، إما أن يكون السكان يستفيدون من المساعدات الحكومية، ويسكنون في البيوت المدعومة من طرف دافعي الضرائب إيجارها. أو أن يكون المواطنون من الأثرياء. حسنا، أين يسكن الذين يذهبون إلى العمل؟ سمّيت هؤلاء بـ«الطبقة المتوسطة التي تتعرض للضغوط». يسكن هؤلاء، حيث يتمكنون من دفع نفقاته، وهذا بالضبط ما فعلته في فترة شبابي. كنت أسكن في بيوت أتمكن من دفع إيجارها. لم أكن أتمنى أن يتولى شخص آخر مسؤولية دفع نفقاتي، أو لم أكن أسمح لنفسي بالتفكير في الانتقال للعيش في مركز العاصمة.
* لماذا يعتمد صناع القرار تطبيق مثل هذه السياسات؟
- لدينا مسؤولية فرضتها علينا القانون بتوفير السكن للناس. نحن لا نرغب في أن نرى الأفراد وهم ينامون في الشوارع، وذلك خلافا لبعض الدول التي قد تجد هذه الظاهرة أمرا عاديا.
* ما تقييمك للتأثير الذي تتركه الجالية المتحدرة من الشرق الأوسط في السياسات والقرارات التي يعتمدها مجلس البلدية؟
- إن تأثيرها واضح جدا. يتمتع فريقنا الذي يصل عدد أعضائه إلى 46 عضوا في مجلس البلدية بالتنوع، وثلثان منهم من الرجال، في حين تشكل النساء الثلث المتبقي. ويتحدرون الأعضاء من قوميات مختلفة بدءا من اليهود، والمسلمين، والهندوس، مرورا بالمسيحيين ذي بشرة بيضاء، والبريطانيين، والآيرلنديين، والأسكوتلنديين، وغيرهم. أنا لا أميز بين الأفراد وفقا لموطنهم الأصلي. كلنا أصدقاء ويجمعنا هدف مشترك، ونطمح لتحسين وضع مدينتنا رغم وجود تباينات في المواقف السياسية.
* لقد أشرت سابقا إلى أنك تعارضين المد الطائفي القائم الذي اجتاح بريطانيا بسبب السياسات المعتمدة بشأن المهاجرين.. ما النهج الذي ستعتمدينه للحيلولة دون انتشار الطائفية في المنطقة التي ستمثلينها في البرلمان وهي منطقة يتحدر معظم سكانها من أصول غير بريطانية؟ هذا ويقطن في هذه المنطقة مواطنون من منطقة الشرق الأوسط، وهم اندمجوا في الوقت الراهن في النسيج السكاني للمجتمع البريطاني. كيف سيؤثر هذا الأمر على الدور الذي ستؤدينه كنائبة برلمانية؟
- يثير المد الطائفي استياء في المجتمع. ولقد أشارت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد إلى أن موجة الهجرة العشوائية من الدول الفقيرة إلى الدول المتقدمة قد تؤدي إلى اضطرابات اجتماعية في هذه الدول، خاصة في الدول التي لا يندمج فيها المهاجرون بشكل جيد مع النسيج المجتمعي. وأما ردا على سؤالك فإن اللغة هي أهم وسيلة للتواصل بين أفراد المجتمع. لا يتمكن أحد من الذهاب للعمل أو العيش في بريطانيا ما دام عاجزا عن التواصل من خلال اللغة الإنجليزية. أعتقد أن المسؤولين ارتكبوا خطأ بتوفير خدمات الترجمة للأشخاص الذين لا يتقنون اللغة الإنجليزية. على سبيل المثال، إذا توجهت أنا إلى بلد لا أتقن اللغة التي يتحدثون بها سكانه، فعليّ أن أدفع للمترجم، الأمر الذي يدفعني إلى التسريع في تعلم اللغة. علينا أن نعتمد سياسات أكثر صرامة، ونرفع من سقف توقعاتنا، كما علينا القضاء على فكرة «مناطق الأقليات» أو ما يعرف بـ«الغيتوهات».
على المستوى المحلي، تتولى مدرسة برعاية المؤسسات الخيرية وبدعم الحكومة البريطانية إدارة «مشروع بترفلاي لتعليم القراءة» في أحد المباني التابعة لنا في صباح أيام الأحد. ونرحب بالوالدين والأطفال في هذه الصفوف التي توفر لهم خدمة تعليم القراءة والكتابة، والتحدث باللغة الإنجليزية. وتوفر هذه الصفوف ما يؤهلهم للانخراط في المجتمع.
* إعداد {الشرق الأوسط}
بالفارسية (شرق فارسي)