المنشآت السياحية المصرية تجذب زوارها بـ«مبادرات الظلام»

عشاء مع الكفيفات وسائحون يحملون الشموع

محميات البحر الأحمر
محميات البحر الأحمر
TT

المنشآت السياحية المصرية تجذب زوارها بـ«مبادرات الظلام»

محميات البحر الأحمر
محميات البحر الأحمر

في استجابة لفعاليات «ساعة الأرض»، أطفأت المنشآت السياحية والفندقية في مصر أنوارها، بخاصة المنعكسة على مياه نهر النيل، مساء السبت الماضي، من الساعة الثامنة والنصف مساء وحتى التاسعة والنصف بالتوقيت المحلي، بهدف التوعية بمخاطر تغير المناخ، والدعوة إلى التحول الأخضر واستخدام الطاقة النظيفة.
وكانت وزارة السياحة المصرية قد دعت المنشآت السياحية والفندقية والمزارات السياحية لتفعيل هذه الدعوة العالمية والمشاركة في حملة إطفاء الأنوار العالمية، وهو ما استجابت له المنشآت؛ كل على طريقته الخاصة.
من أبرز الاحتفالات كان ما قام به فندق «كونراد - القاهرة»، القائم على نيل العاصمة المصرية، والذي لجأ إلى إطلاق مبادرة بعنوان: «تناول عشاءك في الظلام»، وحدد لها توقيت الاحتفال بـ«ساعة الأرض» نفسه؛ من الساعة الثامنة والنصف مساء وحتى التاسعة والنصف.
وقالت نيفين نادر، مديرة إدارة التسويق والاتصالات بفندق «كونراد - القاهرة»، لـ«الشرق الأوسط»، إن الفندق دعا زوار العاصمة المصرية إلى الحضور والمشاركة في المبادرة، كما استحدث وسيلة أخرى للترويج لهذه المبادرة عبر دعوة عدد من الكفيفات المصريات، من أعضاء «جمعية النور والأمل» الأهلية، لتناول العشاء برفقة الزوار، في مثال واقعي لمعنى العيش في الظلام، مع التبرع بمبلغ مالي من كل وجبة تقدم في المبادرة لتقديم الدعم لأولئك اللاتي فقدن البصر.
أما فندق «كمبينسكي - النيل»، فلجأ إلى إطفاء الأنوار كدعوة للتوعية بمخاطر ظاهرة الاحتباس الحراري، واستخدمت مطاعم الفندق التي تنتمي للمطابخ المختلفة، شموعا للإضاءة للاستمتاع بأنواع مختلفة من الطعام في جو شاعري.
محميات البحر الأحمر الطبيعية بدورها احتفلت مساء السبت بفعاليات «ساعة الأرض»، وذلك من خلال تنظيم فعالية بالشموع في مارينا الغردقة السياحي، وحمل العشرات من أبناء البحر الأحمر والسائحين الشموع، كما قامت جميع المنشآت داخل مارينا الغردقة بإطفاء الأضواء والأجهزة الكهربائية خلال وقت «ساعة الأرض». وسبقت المحميات الفعالية بدعوة كل الأطياف المجتمعية بالغردقة لحضور فعاليات الاحتفال، وهو ما استجاب له العشرات خلال وقت الاحتفال.
وأكد محافظ البحر الأحمر، اللواء أحمد عبد الله، أن مشاركة المحافظة في هذا الحدث تأتي من خلال المسؤولية المجتمعية الملقاة على عاتقها، لتشجيع الأفراد والقرى والفنادق السياحية والشركات وأصحاب المنازل والمجتمع بأكمله على إغلاق الأجهزة الكهربائية والأنوار غير الضرورية.
كما احتضن المتحف القومي للحضارة المصرية بالقاهرة القديمة احتفالية بـ«ساعة الأرض»، بحضور ريوان علاء، ملكة جمال مصر للبيئة والسياحة لعام 2017، وقالت ريوان لوسائل إعلام محلية إن أول شهر أبريل (نيسان) المقبل سيشهد المسابقة العالمية للسياحة والبيئة، بمشاركة 80 دولة في مصر، لأول مرة، وستتضمن الفعاليات جولات في الإسكندرية وشرم الشيخ ودهب والجونة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».