غضب وسط صحافيي مصر عقب تأييد حبس النقيب السابق وآخرين

وقفة احتجاجية للتنديد بالحكم... واجتماع طارئ لمجلس النقابة اليوم

غضب وسط صحافيي مصر عقب تأييد حبس النقيب السابق وآخرين
TT

غضب وسط صحافيي مصر عقب تأييد حبس النقيب السابق وآخرين

غضب وسط صحافيي مصر عقب تأييد حبس النقيب السابق وآخرين

قضت محكمة جنح مستأنف قصر النيل أمس، بحبس يحيى قلاش، نقيب الصحافيين السابق، وعضو المجلس جمال عبد الرحيم، وعضو المجلس السابق خالد البلشي، بالحبس لمدة عام لجميع المتهمين مع الإيقاف لمدة ثلاث سنوات تبدأ من أمس، وذلك لإدانتهم في اتهامات بإيواء مطلوبين للعدالة، وهو الأمر الذي أثار غضبا كبيرا داخل الأوساط المصرية، فيما دعا مجلس النقابة الحالي إلى اجتماع طارئ لبحث الخطوات القانونية للتعامل مع الحكم.
وكانت المحكمة ذاتها قد أصدرت حكما في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بحبس قلاش، وسكرتير عام النقابة السابق جمال عبد الرحيم، ووكيلها السابق خالد البلشي لمدة عامين، مع الشغل وكفالة 10 آلاف جنيه لوقف التنفيذ في قضية اتهامهم بإيواء بعض الهاربين. وأصيب عدد كبير من الصحافيين بالصدمة داخل مقر النقابة بوسط العاصمة القاهرة أمس، ورفضوا الحكم الذي يعد مخففا عن الحكم السابق، لكنه إدانة، ونظم الصحافيون الغاضبون وقفة احتجاجية على سلم النقابة، ورددوا خلال الوقفة بعض الهتافات الغاضبة، بينها: «قولوا لوزارة الداخلية السلم سلم الحرية»، و«اكتب على حيطة الزنزانة حبس الصحافي عار وخيانة»، و«بالورقة والقلم الجاف الصحافة مش بتخاف»، وطالب الصحافيون بالحرية لجميع الصحافيين المحبوسين في قضايا رأي ونشر.
وقال عدد من المشاركين في الوقفة لـ«الشرق الأوسط»، إن الحكم أدان الضحايا، وهم الصحافيون الثلاثة الذين دافعوا عن نقابتهم، بينما تجاهل الحكم الجاني الحقيقي، وهو وزارة الداخلية التي اقتحمت النقابة بالمخالفة للقانون، الذي يشترط حضور ممثل النيابة العامة، وكذا حضور نقيب الصحافيين أو من يمثله لحظة الدخول والتفتيش، وهو ما لم يتم، مبرزين أن هذا الحكم الذي خفف حكما سابقا بالحبس سنتين، يمثل في النهاية إدانة غير مبررة للصحافيين الثلاثة، وتجنب تنفيذ الحكم على الثلاثة للخوف من غضب صحافيين داخل وخارج مصر.
وتصاعدت أزمة بين نقابة الصحافيين ووزارة الداخلية عندما اقتحمت قوة شرطية مقر النقابة، وألقت القبض على صحافيين اثنين، مطلع مايو (أيار) الماضي، ما دفع الصحافيين إلى عقد اجتماع للجمعية العمومية وقتها أدانوا فيه اقتحام الداخلية النقابة.
ويعقد مجلس نقابة الصحافيين اليوم (الأحد)، اجتماعا طارئا لبحث الإجراءات القانونية التي سيتم اتخاذها عقب الحكم. وفي هذا السياق قال محمود كامل، عضو المجلس، إن المجلس سيناقش الإجراءات القانونية الخاصة بالحكم، وتشكيل فريق قانوني للتضامن مع الصحافيين الثلاثة.
من جهته، قال أبو السعود محمد، عضو المجلس وسكرتير مساعد النقابة، إنه سيتم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة للحصول على البراءة للزملاء، موضحا أنه ضد اقتحام النقابة بهذا الشكل.
من جانبه، قال قلاش، نقيب الصحافيين السابق، إن «الحكم يبدو مخففا، لكنه في النهاية حكم به إدانة، وسوف نلجأ إلى نقضه بالإجراءات القانونية، لأن استمرار هذا الحكم تكمن خطورته في الجانب الموضوعي وليس الجانب الشخصي»، مشيرا إلى خطورة الحكم «لأنه يهدد أي نقيب أو عضو مجلس نقابة يتعرض لمثل هذا الموقف بعد ذلك»، مطالبا بنقض وإلغاء الحكم، لأنه ليست هناك جريمة، «ففي حكم أول درجة وثاني درجة مستأنف، كشف الدفاع أن أركان الجريمة ليست متوفرة، وهذه قضية، الخصم فيها هو الحكم، لأنه الأمن الوطني، وهو الذي اقتحم النقابة، فالمسألة واضحة وضوح الشمس». وشدد قلاش على أنه «لا توجد دعائم لهذه القضية، ولا تتوفر أركانها، ومن ثم سيتم نقض الحكم في أسرع وقت».
ويعد حكم أمس ليس نهائيا ويمكن الطعن عليه، وأكد شعبان سعيد، محامي قلاش وعبد الرحيم والبلشي، أنه ينتظر من المحكمة إصدار حيثيات حكمها بتخفيف عقوبة موكليه من الحبس سنتين إلى سنة واحدة مع إيقاف التنفيذ، تمهيدا للطعن بالنقض على الحكم.
وكانت الداخلية قد نفت اقتحامها للنقابة، وقالت إن «إلقاء القبض على الصحافيين جاء تنفيذا لأمر ضبط وإحضار من النيابة، لكن قانون النقابة يلزم وزارة الداخلية عند تفتيش مقر نقابة الصحافيين أن يتم ذلك في حضور النقيب أو من ينيبه، وهو ما لم يتحقق في الواقعة، التي أثارت غضب الجماعة الصحافية، واعتبرت حينها حدثا غير مسبوق أيضا».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم