«توماتيتو» يطرب جمهور مهرجان أبوظبي على أنغام غيتار الفلامنكو الإسباني

بأسلوبه الفريد وتفاعله الرائع مع الأنماط الموسيقية التقليدية

من حفل عازف الغيتار الإسباني توماتيتو في أبوظبي ({الشرق الأوسط})
من حفل عازف الغيتار الإسباني توماتيتو في أبوظبي ({الشرق الأوسط})
TT

«توماتيتو» يطرب جمهور مهرجان أبوظبي على أنغام غيتار الفلامنكو الإسباني

من حفل عازف الغيتار الإسباني توماتيتو في أبوظبي ({الشرق الأوسط})
من حفل عازف الغيتار الإسباني توماتيتو في أبوظبي ({الشرق الأوسط})

بأنغام وأغاني الفلامنكو، وبالرقص الذي جسد نقاء الأحاسيس والمشاعر، أطرب عازف الغيتار الإسباني خوسيه فرنانديس توريس الشهير باسم «توماتيتو» الجمهور، خلال حفل موسيقي وغنائي واستعراضي مساء أول من أمس، بعنوان «سوي فلامنكو» ضمن فعاليات مهرجان أبوظبي 2017.
وفِي جو مفعم بالعواطف الجياشة التي قد تعبر عن مآسي الغجر في جنوب إسبانيا، قدم توماتيتو الفائز بخمس جوائز «غرامي» للموسيقى العالمية، فقرات من أغاني موسيقى الفلامنكو، بأسلوبه الفريد وتفاعله الرائع مع الأنماط الموسيقية التقليدية التي نجد فيها الطابع الأندلسي والإيقاعات التي تشبه الأداء الصوفي في حلقات الذكر، مع دق الطبول، والعنف الوجداني للرقص، مثل صراع الثيران في مدريد، ولكن بشكل فني بديع، يجمع بين النمط الإسباني التقليدي مع الجاز والموسيقى الغجرية والبرازيلية والمؤثرات التركية، ليأخذ جمهوره في رحلة موسيقية مفعمة بالمشاعر والأحاسيس، بين البهجة والحزن والفرح والسكون، على أوتار غيتاره، ومقدماً لهم إبداعات موسيقية جمعت بين الرقص والغناء والآلات الإيقاعية. وجسد تلك المشاعر المرهفة بلوحات استعراضية راقصة، «إل تورومبو»، أحد أبرز راقصي الفلامنكو الارتجالي في إسبانيا.
ويتمتع توماتيتو بحس موسيقي لا يضاهى، والتزام صارم بتطوير الفلامنكو، وهذا ما أكسبه استحسانا عالميا في ميدان الموسيقى. ويتوق قلب توماتيتو إلى وطنه الأم، وخير دليل على ذلك موسيقاه التي لا تنفك تحتفي بأصوله العرقية وبروحه الغجرية.
ويفخر الفنان الإسباني بحمل تقاليد أجداده أينما ذهب، مستحضرا حياته التي أمضى معظمها مع أفراد عائلته وبين الخيول، في واحد من أفقر أحياء مدينة العامرية في جنوب إسبانيا.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الفنان إنه يرى في الفلامنكو الوسيلة المثلى لإيصال أفكاره، حيث يسلط الضوء على جوهر كل أسلوب إيقاعي يستكشفه. كما أشار إلى تأثير الموسيقى التركية والتي أخذ منها ما يناسبه. وأشار أيضا إلى تأثره بالموسيقى المغربية أو الموسيقى الأندلسية.
وعن حصوله على جائزة «غرامي» للموسيقي قال: «حصولك على التكريم في مجالك شيء إيجابي، ولكنني لا أعول على الميداليات كثيرا لأعرف مدى نجاحي في عملي».
وعن تعاونه مع عدد من أهم الموسيقيين، من بينهم المغني البريطاني إلتون جون وآخرون، قال: «أعتمد في علاقاتي على تقارب الشخصيات أكثر من تشابه أو تضارب الاهتمامات الموسيقية، وأنا بطبيعتي أقوم بمعظم الأمور بشكل عفوي، ونادرا ما أخطط لها مسبقا، لهذا فإن اختياري للأشخاص يستند أساسا على الانسجام الذي يتحقق بمجرد أن تبدأ العزف».
وشارك في الحفل بعض من أفراد عائلته، ومن بينهم ابنه الذي كان يعزف على الغيتار، بالإضافة إلى الراقص القدير «إل تورومبو».
وعن حبه لموسيقى الفلامنكو قال إنه يرجع إلى طفولته، حيث كان والده يعزف مع الفرقة المحلية، وكان حريصا على تعليمه الموسيقى، ويضيف: «لكني كنت أفضل الاستمتاع باللعب مع إخوتي وأبناء عمومتي بدلا من ذلك».
وعن لقبه «توماتيتو» يقول إن معظم فناني الفلامنكو لديهم ألقاب، وإن اسمه مستمد من عشقه للطماطم.
وعن خلط موسيقى الفلامنكو بالجاز، يقول «توماتيتو»: «ينبع النمطان الموسيقيان من القلب مباشرة، وتعود جذورهما التاريخية إلى زمن اضطهاد السود في أميركا والغجر في إسبانيا والعالم».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».