سلطات ليبيا تطلق برنامجاً لإعادة تأهيل أطفال «الدواعش»

يهدف إلى تحديد هوياتهم... وعلاجهم نفسياً واجتماعياً

سلطات ليبيا تطلق برنامجاً لإعادة تأهيل أطفال «الدواعش»
TT

سلطات ليبيا تطلق برنامجاً لإعادة تأهيل أطفال «الدواعش»

سلطات ليبيا تطلق برنامجاً لإعادة تأهيل أطفال «الدواعش»

بتعاون مع السلطات الليبية في مدينة مصراتة، أطلق برنامج الهلال الأحمر الدولي برنامجاً لإنقاذ مجموعة من الأطفال، تَرَكَهم متشددو تنظيم داعش، وهم يعانون كثيراً من سوء التغذية والصدمات النفسية الناجمة عن الحرب التي عاشوا ويلاتها.
لكن بفضل هذا البرنامج أصبح لهؤلاء الصغار فرصة للمِّ شملهم مع أسرهم في الشرق الأوسط، بعد أن طردت القوات الليبية، الموالية للحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس، تنظيم داعش المتشدد من سرت، العام الماضي.
وبعد أن تمكَّنَت قوات الجيش من بسط سيطرتها على المدينة، تم إنقاذ نحو 50 طفلاً، وكثير من هؤلاء الأطفال ينتمون إلى مقاتلي «داعش» وزوجاتهم، في حين أن آخرين مهاجرون أَسَرَهم التنظيم مع آبائهم وأمهاتهم أثناء عبورهم ليبيا في طريقهم إلى الشواطئ الأوروبية.
وأمضَت المجموعة الإنسانية شهرين لتحديد هوية كل طفل، بالتنسيق مع نساء تنظيم داعش، ومهاجرين محتجزين حالياً في سجون مصراتة. وقد عرضت صورة لكل طفل على النساء اللائي حددن حتى الآن عشرة أطفال من السودان وليبيا.
وقال الهلال الأحمر إن النساء استطَعْن تقديم معلومات مهمة، مثل الاسم الكامل للطفل، وأسماء آبائهم وأسماء أقاربهم المباشرة. فيما قال الدكتور فيصل جلوال، وهو طبيب نفسي متطوع في هذا العمل وأحد الأعضاء المتكفلين بالاتصال بأقارب الأطفال وإرجاعهم إلى ذويهم: «من آخر المراحل التي وصلنا إليها في العناية بالأطفال فاقدي ذويهم، وغير المصحوبين من سرت، إعادة الروابط الأسرية كمصطلح متعارَف عليه لدى جمعيات الهلال والصليب الأحمر الدولي، وقد تم بعد مجهود كبير تسليم عدد عشر أطفال وإلحاقهم بذويهم، والآن يجري العمل على التواصل مع الدول لإلحاق الأطفال بذويهم مرة أخرى».
وأقام عمال الهلال الأحمر مأوى مؤقتاً في أحد مباني مكاتبهم في مصراتة، حيث يعيش الأطفال منذ ديسمبر (كانون الأول)، وكان بعضهم يبلغ من العمر عند وصولهم شهرين فقط.
وتعتني المجموعة الإنسانية بتنسيق مع ممرضات متطوعات وأطباء واختصاصيين نفسيين متطوعين، بالأطفال، ويعملون على تلبية احتياجاتهم. وفي هذا الصدد قال الدكتور الصديق الشويهدي، وهو دكتور نفسي متخصص في الأمراض النفسية والسلوكية لدى الأطفال: «عندما تسلمنا هؤلاء الأطفال أول الأمر كانت صحتهم العامة سيئة... فقد تعرَّض بعضهم للإصابة وبتر أطراف وسوء تغذية ونزلات معوية وحالات جفاف. هذا بشكل عام. أما بالنسبة للحالة النفسية فقد كانت سيئة للغاية».
وأضاف الشويهدي موضحاً: «لقد تعرَّض هؤلاء الأطفال لصدمات كثيرة... بعضهم فقدَ أمَّه أمامه، أو أحد إخوته... وهناك من تعرض للحرق، وكلها مشاهد تسببت في حدوث اضطرابات نفسية وصدمة عصبية. وبعضهم يعاني من القلق الشديد والخوف، واضطرابات في النوم أو النوم المتقطع، وحتى كبار السن منهم يعانون من هذه الاضطرابات والهلع، أو الذعر الذي يجتاحهم على هيئة نوبات. أما البعض الآخر فيعاني من اضطرابات في الإخراج... والتبول والتبرز اللاإرادي».
وبخصوص الخطوات العلاجية التي اتبعها الفريق الطبي قال الشويهدي: «أول شيء قمنا به تجاه هؤلاء الأطفال هو الاهتمام بالجانب العلاجي والصحي، والتدخل العلاجي الدوائي قبل أن نغطي الجانب الغذائي... وكنا خلال ذلك نحاول أن نشعرهم بالأمن ونوفر لهم مكاناً مناسباً للإيواء والنوم والإقامة والصرف الصحي، بالإضافة إلى توفير ألعاب ترفيهية ورسومات وتلفزيون بغية التأهيل النفسي».
ويأمل الهلال الأحمر في أن يساعد هذا البرنامج في تحديد أسر نحو 40 من الأطفال الباقين، الذين حددت جنسياتهم على أنهم مصريون وتونسيون وسنغاليون، ونيجيريون وصوماليون ومن النيجر.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.