اعتداءات الدهس مثل عملية «برلمان لندن» يسهل تنفيذها ويصعب منعها

خبراء: لا يستلزم الحصول على متفجرات أو أسلحة ولا تحتاج إلى شبكة من المتشددين

اعتداءات الدهس مثل عملية «برلمان لندن» يسهل تنفيذها ويصعب منعها
TT

اعتداءات الدهس مثل عملية «برلمان لندن» يسهل تنفيذها ويصعب منعها

اعتداءات الدهس مثل عملية «برلمان لندن» يسهل تنفيذها ويصعب منعها

تزايد اتجاه المتطرفين لتنفيذ عمليات دهس المشاة بالعربات، مثل العملية التي نفذها شخص قرب البرلمان البريطاني أول من أمس (الأربعاء)؛ لأنها رخيصة التكاليف سهلة التنفيذ، ومن الصعب منعها. ويقول خبراء مكافحة الإرهاب إن «أسلوب دهس الناس لا يستلزم الحصول على متفجرات أو أسلحة، ويمكن أن ينفذه مهاجم بمفرده دون استخدام شبكة من المتطرفين، وكل ذلك يقلل خطر تنبيه الأجهزة الأمنية».
قال سباستيان بيتراسانتا، النائب الاشتراكي الفرنسي الخبير في شؤون الإرهاب: «هذا النوع من الاعتداءات لا يحتاج إلى استعدادات خاصة؛ فهو منخفض التكلفة جدا وفي متناول أي شخص». وأضاف قائلا لـ«رويترز»: «هي في كثير من الأحيان عمل فردي. ومن الممكن أن تكون تلقائية جدا». لقي أربعة أشخاص، أحدهم المهاجم، مصرعهم، وجرح نحو 40 شخصا في لندن بعد أن دهست سيارة المشاة، وطعن المهاجم شرطيا بالقرب من البرلمان البريطاني، فيما وصفته الشرطة بأنه هجوم إرهابي. واستخدم مهاجمان شاحنتين العام الماضي في دهس المارة في برلين ومدينة نيس الفرنسية على خلاف ما شهدته باريس ومدريد، بل ولندن نفسها عام 2005 من هجمات أكثر تنظيما استخدمت فيها فرق من المفجرين والمسلحين.
وقد أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن هجوم نيس الذي وقع في يوليو (تموز) الماضي، وتسببت فيه شاحنة بمقتل 86 شخصا يحتفلون بيوم الباستيل، وعن هجوم برلين الذي وقع في ديسمبر (كانون الأول)، وقتل فيه 12 شخصا عندما اقتحمت حافلة سوقا في عيد الميلاد وأعلن التنظيم الإسلامية مسؤوليته عن الهجوم. وكان التنظيم شجع قراء مجلته الإلكترونية (رومية) عام 2016 على استخدام السيارات في القتل والإصابة. الاعتداءات بالسيارات ليست بالأسلوب الجديد في الشرق الأوسط؛ ففي عام 2008 صدم فلسطيني سيارات بشاحنة يقودها في أحد شوارع القدس قبل زيارة باراك أوباما أثناء خوضه انتخابات الرئاسة الأميركية فجرح 16 شخصا على الأقل. وفي يناير (كانون الثاني) الماضي دهس فلسطيني آخر مجموعة من الجنود الإسرائيليين في القدس فقتل أربعة منهم في عملية وصفها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنها على الأرجح من وحي تنظيم الدولة الإسلامية. وقال بول بيلار، المحلل السابق بالمخابرات المركزية الأميركية: إنه رغم تركز القلق لفترة طويلة على «الوسائل المتطورة أو المتقدمة لشن هجوم إرهابي؛ فإن أسهل الوسائل المتاحة لقتل عدد كبير من الأبرياء كانت على الدوام بسيطة ولا تستلزم تطورا أو تدريبا».
وأضاف: «من هذا دهس الناس بعربة في أي شارع مزدحم من شوارع المدينة. وربما يتم اختيار المواقع التي لها أهمية سياسية أو دينية، مثل سوق عيد الميلاد أو القرب من البرلمان الوطني، لكن توجد على الدوام أماكن عامة معرضة للهجوم، وفيها كثير من الناس».
وعن هجوم يوم الأربعاء، قال جان شارل بريسار، رئيس مركز تحليل الإرهاب، وهو من مراكز الأبحاث الأوروبية: «بسيارة يوقعون عددا من القتلى أكبر كثيرا من استخدام السكين أو المنجل». وتابع: «تتزايد اليوم صعوبات التنبؤ بالهجمات بأسلحة بدائية بالمسدسات والسكاكين والعربات». وقالت جوديسيلي، رئيسة شركة تروريسك للاستشارات الأمنية في باريس: إن «اليقظة الزائدة في المدن الكبرى ساهمت في تغيير نهج المتطرفين». وأضافت: «في كل مرة تطبق فيها إجراء جديد بعد هجوم أو إحباط هجوم يتكيف المهاجمون للالتفاف عليه وإيجاد الثغرات».
وقال تايسون باركر، مدير البرامج لدى معهد آسبن في ألمانيا إن «هجوم لندن يؤكد صعوبة حماية الأهداف (الرخوة) وتحقيق التوازن بين الأمن والحرية في المجتمعات الأوروبية المفتوحة».
وأضاف: «لا يمكن القضاء تماما على احتمال وقوع هجوم»، وأن من السابق لأوانه التنبؤ بعواقب أحداث يوم الأربعاء، غير أن هجوما شنه متعاطفان مع الدولة الإسلامية في سان برناردينو بولاية كاليفورنيا عام 2015 كان سببا في إطلاق الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعهدا خلال حملته الانتخابية بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة.
وأدى الهجوم الذي وقع في برلين إلى تغييرات كبيرة في السياسات الألمانية فيما يتعلق بأعمال المراقبة بكاميرات الفيديو والقدرة على احتجاز طالبي اللجوء ممن تثور الشبهات حولهم.
وقال منصور التركي، المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية، الموجود في باريس ضمن وفد لإجراء محادثات مع المسؤولين الفرنسيين حول مكافحة الإرهاب: إن «هزيمة جماعات مثل تنظيم داعش وتنظيم القاعدة يمكن أن تؤدي إلى تفتت خطر الإرهاب بما يمثل مشكلات جديدة للحكومات».
وقال للصحافيين: «عندما يُهزمون في سوريا والعراق سنواجه جميعا صعوبات، ولا أحد يعرف أين سيذهب مقاتلو التنظيم».
وأضاف: «أعتقد أننا سندخل المرحلة التالية من الإرهاب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والذئاب المنفردة».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.