روحاني يطمئن خامنئي إلى تطبيق سياسة «الاقتصاد المقاوم»

50 عضواً في «مجلس خبراء القيادة» يطالبون بدخول إبراهيم رئيسي السباق الرئاسي

إيرانية تقدم أوراق الترشح لانتخابات مجلس البلدية المقررة في 19 مايو المقبل خلال اليوم الثالث لفتح أبواب الترشح (تسنيم)
إيرانية تقدم أوراق الترشح لانتخابات مجلس البلدية المقررة في 19 مايو المقبل خلال اليوم الثالث لفتح أبواب الترشح (تسنيم)
TT

روحاني يطمئن خامنئي إلى تطبيق سياسة «الاقتصاد المقاوم»

إيرانية تقدم أوراق الترشح لانتخابات مجلس البلدية المقررة في 19 مايو المقبل خلال اليوم الثالث لفتح أبواب الترشح (تسنيم)
إيرانية تقدم أوراق الترشح لانتخابات مجلس البلدية المقررة في 19 مايو المقبل خلال اليوم الثالث لفتح أبواب الترشح (تسنيم)

بعد يومين من انتقادات المرشد الإيراني علي خامنئي الوضع الاقتصادي، نأى الرئيس الإيراني حسن روحاني بنفسه عن توتر جديد بتوجيه رسالة طمأنة إلى المرشد تعهد فيها بالعمل على تطبيق مطالبه بشأن «الاقتصاد المقاوم»، وذلك قبل أيام من التقدم بأوراق الترشح لولاية ثانية. وبموازاة ذلك، ذكرت مصادر إيرانية أن أكثر من 50 عضوا في «مجلس خبراء القيادة» وجهوا رسالة إلى خامنئي يطالبون فيها بالتمهيد لحضور رئيس العتبة الرضوية وأحد أبرز المرشحين لخلافته إبراهيم رئيسي في الانتخابات الرئاسية.
وتعهد روحاني أمس بتخصيص أول اجتماعات المجلس الوزاري الإيراني لبحث توصيات خامنئي في القضايا الاقتصادية، قائلا: «سيكون أول اجتماعات الحكومة في العام الجديد مركزا على تقسيم العمل للتقدم بالإنتاج الداخلي وزيادة فرص العمل».
وتناقلت وسائل إعلام إيرانية رسالة موجهة من روحاني إلى خامنئي يثني فيها على اهتمامه بالوضع الاقتصادي عبر إطلاقه شعار العام الماضي والعام الجديد باسم «الاقتصاد»، وكان خامنئي على مدى اليومين الماضيين وجه انتقادات للوضع الاقتصادي في إيران، مشددا على ضرورة تطبيق سياسة «الاقتصاد المقاوم» التي أعلنها منذ 2010، وتعني جاهزية إيران والاكتفاء الذاتي مقابل العقوبات الاقتصادية.
ويطمئن روحاني في الرسالة المرشد الإيراني بتعويض نقاط الضعف الاقتصادي التي كانت محور خطاباته الأخيرة، مضيفا أن اعتقاد حكومته بسياسة الاقتصاد المقاوم «راسخ»، وهو ما كان مصدر «نمو الإنتاج الداخلي في إيران» فضلا عن «غلبة التصدير غير النفطي على الاستيراد».
وأول من أمس، قال خامنئي خلال خطابه السنوي في مدينة مشهد إن «الاقتصاد من أولويات إيران في العام الجديد»، كما أكد أنه لن يتدخل في الانتخابات، مؤكدا أنه لا ينحاز لأي من المرشحين. وخلال الشهر الماضي، وجه خامنئي على الأقل ثلاث مرات انتقادات حادة إلى سياسة الحكومة الاقتصادية. ورغم ذلك، فإن نبرته كانت أخف من المرات السابقة؛ إذ حاول أن يبعد تلك الانتقادات عن الاستحقاق الرئاسي المرتقب.
تلك التصريحات قرأها الإيرانيون على أنها صدى لما جرى تداوله سابقا حول عدم امتناع خامنئي من استمرار روحاني في منصب الرئاسة.
وقال روحاني في رسالته إن «وضع الإنتاج الداخلي وتوظيف الشباب على جدول أعمال المسؤولين الإيرانيين يبعث على الأمل بين خدام الشعب وجميع الناشطين الاقتصاديين»، عادّاً دعم خامنئي العمود الأساسي للتنسيق بين أجهزة النظام.
ويحاول روحاني تخفيف التوتر على الصعيدين الداخلي والخارجي في وقت يسعى فيه للتركيز على السباق الرئاسي المحتدم قبل موعد تنفيذه في 19 مايو (أيار) المقبل.
ويميل فريق من المحللين إلى أن انتقادات خامنئي لأداء الحكومة في الملف الاقتصادي تهدف إلى إبعاد روحاني عن تنفيذ وعوده الانتخابية المتعلقة بالإفراج عن السجناء السياسيين والانفتاح السياسي في الداخل وتعزيز الحقوق المدنية.
على صعيد الانتخابات الرئاسية، ذكر موقع «إيران أونلاين» أن أكثر من 50 عضوا في «مجلس خبراء القيادة» وجهوا رسالة إلى خامنئي لإعلان تأييدهم لترشح عضو هيئة الرئاسة في المجلس ورئيس العتبة الرضوية إبراهيم رئيسي.
ولم يذكر الموقع هوية المسؤولين الذين يشكلون أكثر من نصف «مجلس خبراء القيادة» البالغ عدد أعضائه 88 عضوا، لكن مقربين من «رئيسي» أكدوا صحة الرسالة.
وقال أعضاء «مجلس خبراء القيادة» إن «(رئيسي) المرشح الأصلح للانتخابات الرئاسية»، مطالبين خامنئي بـ«تهميد الأوضاع» لدخول «رئيسي» في المعركة الانتخابية. وتشدد الرسالة على «حاجة البلاد إلى رئيس شجاع في الوقت الراهن»، آخذة في الاعتبار «سجل رئيسي خلال العام الماضي».
ويعد «رئيسي»، الذي شغل مناصب رفيعة في القضاء الإيراني، من بين المرشحين لخلافة خامنئي. ومنذ أشهر، تردد اسم «رئيسي» بين المرشحين المحتملين للمحافظين لمنافسة روحاني في السباق الرئاسي قبل أن يتأكد ذلك بدخول اسمه إلى قائمة «الجبهة الشعبية للقوى الثورية» المظلة الجديدة التي تجمع قوى التيار المحافظ في إيران.
ومنذ دخوله إلى قائمة المرشحين عن التيار المحافظ، لم يعلن «رئيسي» بعد موقفه من ترشحه من الانتخابات. ومن شأن الخطوة أن تعزز حظوظه في خلافة خامنئي إذا ما فاز بالانتخابات، كما أن هزيمته قد تعني تضاؤل آماله في خلافة خامنئي.
في سياق منفصل، نفى مصدر مطلع مقرب من أسرة علي أكبر هاشمي رفسنجاني تقارير تناقلتها وسائل إعلام إيرانية حول ترشح نجله محسن هاشمي للانتخابات الرئاسية. جاء ذلك عقب ساعات من تصريح محامي أسرة رفسنجاني محمود عليزادة طباطبايي الذي كشف فيه عن إمكانية ترشح نجل هاشمي رفسنجاني إلى جانب روحاني مرشحا لائتلاف التيارين المعتدل والإصلاحي.
في هذا الصدد، قال طباطبايي إن «محسن هاشمي لن يترشح لانتخابات مجلس البلدية»، مضيفا أنه «إذا كانت قضية مرشح آخر إلى جانب روحاني مطروحة، فإنه يقدم أوراقه لانتخابات الرئاسة».
لكن وكالة «إيلنا» الإصلاحية نقلت عن مقرب من أسرة هاشمي أن التقارير حول دوره في الانتخابات الرئاسية ومجلس البلدية «بلا أساس».
يذكر أن ائتلاف التيارين المعتدل والإصلاحي ناقش فكرة تقديم مرشح ظل في الانتخابات الرئاسية بعد تردد أنباء عن إمكانية رفض أهلية روحاني للانتخابات. لكن تلك الأحاديث تراجعت بعد تأكيد حصول روحاني على ضمانات من خامنئي للترشح لولاية ثانية. قبل ذلك بأسبوعين قال عضو مجلس سياسات التيار الإصلاحي عبد الله ناصري إن روحاني سيتخذ القرار النهائي بشأن وجود مرشح ظل له في الانتخابات.
وكان طباطبايي يرد على أسئلة الصحافيين حول تقارير ذكرت في الأيام الأخيرة أن نجل هاشمي رفسنجاني يتحرك عبر مرشحين تابعين لتياره بهدف الوصول إلى منصب عمدة طهران.
ونوه طباطبايي بتوجه حزب «عمال البناء»، (حزب هاشمي رفسنجاني)، إلى إقامة ائتلاف مع التيار الإصلاحي في انتخابات مجلس بلدية طهران التي تجرى بالتزامن مع انتخابات الرئاسة.
قبل أيام، أعلن التيار الإصلاحي عن ائتلاف 1«+21» في إشارة إلى التوافق حول ترشح روحاني وقائمة المرشحين لمجلس بلدية طهران.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.