أكثر من نصف مليار حول العالم لا يحصلون على مياه نظيفة

توقعات بأن يزيد التغيير المناخي من سوء الموقف

63.4 مليون هندي لا يستطيعون الحصول على مياه نظيفة (إ.ب.أ)
63.4 مليون هندي لا يستطيعون الحصول على مياه نظيفة (إ.ب.أ)
TT

أكثر من نصف مليار حول العالم لا يحصلون على مياه نظيفة

63.4 مليون هندي لا يستطيعون الحصول على مياه نظيفة (إ.ب.أ)
63.4 مليون هندي لا يستطيعون الحصول على مياه نظيفة (إ.ب.أ)

بمناسبة اليوم العالمي للمياه أصدرت مؤسسة «ووتر إيد» الخيرية تقريرا مفاده بأن عشرات الملايين من الأشخاص حول العالم لا تتوفر لديهم مياه نظيفة، وأن الغالبية العظمى من هؤلاء، وهم أكثر من نصف مليار شخص، يعيشون في مناطق ريفية.
وأوضح التقرير الذي نقلته وكالة الأنباء الألمانية، أن «663 مليون شخص حول العالم اليوم ما زالوا من دون مياه نظيفة والأغلبية العظمى منهم (522 مليونا) يعيشون في مناطق ريفية».
وقال التقرير إن بابوا غينيا الجديدة وموزمبيق ومدغشقر من بين الدول الأكثر سوءا في هذا الصدد، وهي أيضا من بين الـ20 في المائة من الدول حول العالم الأكثر عرضة لتغير المناخ وأقل استعدادا للتأقلم.
وهناك 67 في المائة من سكان المناطق الريفية في بابوا غينيا الجديدة يعيشون من دون الحصول على مياه صالحة للشرب.
ويعني هذا أن 4.‏4 ملايين شخص من إجمالي 2.‏7 ملايين شخص ليست لديهم فرصة للحصول على مياه نظيفة في البلاد.
وفي مدغشقر هناك 2.‏10 ملايين شخص بالمناطق الريفية من إجمالي عدد السكان البالغ 22 مليونا، يكافحون من أجل إيجاد مياه نظيفة للشرب.
وفي موزمبيق، هناك 5.‏11 مليون شخص، من إجمالي 9.‏22 مليون، لا يحصلون على المياه النظيفة.
وأوضح التقرير أن أنجولا هي الدولة التي بها أكبر نسبة من سكان الريف الذين لا يحصلون على مياه نظيفة، حيث وصلت إلى 71 في المائة.
ويصل عدد سكان ذلك البلد صاحب أكبر خامس اقتصاد في أفريقيا إلى 8.‏22 مليون شخص، ويعيش 7.‏12 مليون شخص في مناطق ريفية.
وخلص التقرير إلى أن الهند، التي تعد ضمن الاقتصاديات الأسرع نموا في العالم، والتي بها 17 في المائة من تعداد سكان العالم البالغ 2.‏1 مليار نسمة، بها 4.‏63 مليون نسمة يعيشون في مناطق ريفية، ولا يستطيعون الحصول على مياه نظيفة، وهو أكبر عدد من المواطنين في العالم لا يحصلون على مياه نظيفة.
وقال التقرير إن الصين، صاحبة أكبر كثافة سكانية تصل إلى 4.‏1 مليار نسمة، بها 7.‏43 مليون نسمة يعيشون من دون مياه نظيفة في المناطق الريفية.
وأشار التقرير إلى أن الظروف المناخية الصعبة الناجمة عن التغير المناخي، ومنها الأعاصير والفيضانات وموجات الجفاف، يمكن أن تصعب من عملية الحصول على مياه نظيفة للأشخاص الأكثر عرضة للتغير المناخي. وخلص إلى أن ذلك سوف يؤثر على الصحة والمعيشة بالنسبة للمواطنين الأفقر في العالم.
وأضاف التقرير، أنه «من المتوقع أن يزيد التغير المناخي من سوء الموقف الصعب بالفعل، حيث من المتوقع أن يعيش أكثر من 40 في المائة من تعداد سكان العالم في مناطق تصنف على أنها تعاني من (ضغط مائي شديد) بحلول عام 2050».
وقالت روزي وين، المديرة التنفيذي للمؤسسة في أستراليا: «المياه النظيفة ليست امتيازا، إنها حق إنساني أساسي، مع ذلك أكثر من نصف مليار من سكان المناطق الريفية ما زالوا لا يستطيعون الحصول على مياه نظيفة».
وأضافت أن المجتمعات الريفية، التي يتم تهميشها بسبب بعد موقعها والافتقار المستمر إلى تمويل الخدمات الأساسية بها، غالبا ما تتحمل العبء الأكبر.
وطالبت المؤسسة الحكومات بترتيب أولويات مشاريع تمويل المياه والصرف الصحي والنظافة لمساعدة الدول الفقيرة التكيف مع تداعيات التغير المناخي.
وفي تقرير بالمناسبة دعت الأمم المتحدة إلى تحويل الكميّات الهائلة للمياه المستخدمة الناتجة عن النشاطات المنزليّة والزراعيّة والصناعيّة، التي تلقى في البيئة يومياً، أحد الموارد الثمينة عوضا عن النظر إليها كمشكلة مكلفة.
وجدير بالذكر أنّ تقرير الأمم المتحدة عن تنمية المياه والمعنون «المياه المستخدمة: مورد غير مستغلّ» هو تقرير للجنة الأمم المتحدة المعنيّة بالموارد المائيّة تم إعداده بالتنسيق مع برنامج «اليونيسكو» العالمي لتقييم الموارد المائية، حيث يبيّن التقرير أنّه يمكن لمياه الصرف الصحي، بعد معالجتها، أن تثبت فعاليتها في تلبية الطلب المتزايد على المياه العذبة والمواد الأوليّة الأخرى.
ووفقا لغاي رايدر، رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنيّة بالموارد المائية ومدير عام منظمة العمل الدوليّة: «تعدّ المياه المستخدمة أحد الموارد المهمة، نظرا إلى أنّ مقدار المياه العذبة حول العالم محدود، في حين أنّ الطلب عليها متزايد». «ويمكن للجميع المساهمة في بلوغ الهدف الإنمائي المعني بتقليل كميّة مياه الصرف الصحي غير المعالجة من جهة، وزيادة معدّل إعادة استخدام المياه الصالحة للشرب بحلول عام 2030، ويترتّب هذا الأمر على الإدارة وإعادة التكرير الحريصتين للمياه المتدفقة في المنازل والمصانع والمزارع والمدن. فدعونا جميعا نقلّل من الفضلات ونزد من معدّل معالجة مياه الصرف الصحي من أجل تلبية الحاجات المترتّبة على تزايد عدد السكان وهشاشة النظم البيئيّة».
وبدورها تقول المديرة العامة لـ«اليونيسكو»، إيرينا بوكوفا، في تصديرها للتقرير: «يظهر تقرير تنمية المياه في العالم لعام 2017 أنّ الإدارة الجيّدة للمياه المستخدمة تعنى بتقليل التلوّث في المصدر وبإزالة الملوّثات من مجاري مياه الصرف الصحي وإعادة استخدام المياه المعالجة واستخراج المواد الثانويّة المفيدة. هذا وإنّ زيادة تقبّل المجتمع لمبدأ استخدام هذه المياه ضرورية من أجل إحراز التقدّم».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».