حرب منازل وأزقة في الموصل القديمة

قائد عسكري أكد أن 800 متر تفصل قواته عن «جامع البغدادي»

عنصر في الشرطة الاتحادية يقف فوق حطام سيارة في أحد أحياء غرب الموصل أمس (أ.ب)
عنصر في الشرطة الاتحادية يقف فوق حطام سيارة في أحد أحياء غرب الموصل أمس (أ.ب)
TT

حرب منازل وأزقة في الموصل القديمة

عنصر في الشرطة الاتحادية يقف فوق حطام سيارة في أحد أحياء غرب الموصل أمس (أ.ب)
عنصر في الشرطة الاتحادية يقف فوق حطام سيارة في أحد أحياء غرب الموصل أمس (أ.ب)

رغم سوء الأحوال الجوية في الموصل، حاولت القوات الأمنية العراقية أمس السيطرة على الجسر الخامس، آخر الجسور التي تربط جانبي المدينة، بعد أن فرضت سيطرتها أمس على عدد من الأحياء الاستراتيجية المهمة في الجانب الأيمن بإسناد من طيران التحالف الدولي والقوة الجوية العراقية.
وبات الجسر الخامس آخر هدف للقوات العراقية التي تسعى إلى السيطرة عليه بعد سيطرتها على الجسور الأربعة الأخرى خلال عملية استعادة الجانب الأيمن من المدينة التي انطلقت في 19 فبراير (شباط) الماضي بإسناد من طيران التحالف الدولي والجيش والقوة الجوية العراقية، ومع سيطرتها على هذا الجسر تكون قد استعادت غالبية أحياء الموصل بجانبيه الأيسر والأيمن. وبحسب القادة الأمنيين العراقيين فإن الوجهة المقبلة للقوات الأمنية ستكون قضاءي تلعفر وبعاج الواقعين غرب الموصل على الحدود مع سوريا، حيث من المتوقع أن يشهدا معارك ضارية خاصة مع وجود عدد كبير من مسلحي وقادة «داعش» الهاربين من الموصل فيهما.
وقال مسؤول إعلام مركز تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في الموصل، غياث سورجي، لـ«الشرق الأوسط»: «لم تحرز القوات الأمنية خلال الأيام الماضية أي تقدم ملحوظ في الجانب الأيمن من الموصل، بل طغى البطء على تحركاتها بسبب سوء الأحوال الجوية إثر الأمطار والعواصف الرعدية التي تشهدها غالبية مناطق العراق».
لكن سورجي يرى أن التنظيم فقد سيطرته على الموصل ولم يعد موجودا في الكثير من أحيائها، وأضاف: «هناك مناطق في مركز الموصل حررت من (داعش) لكن القوات الأمنية لم تدخلها بعد بسبب تفخيخ التنظيم لغالبية مبانيها ومحلاتها التجارية». وأردف سورجي: «القوات العراقية تخوض الآن معارك شرسة لتحرير حي 17 تموز غرب الموصل بالكامل من داعش، القوات الأمنية تفرض حاليا سيطرتها على الأبنية المرتفعة والمواقع الاستراتيجية فيه وتقترب من السيطرة عليه». ويعتبر حي 17 تموز أحد المعاقل الرئيسية للتنظيم في الموصل، حيث كان أول الأحياء التي سقطت بيد مسلحيه في يونيو (حزيران) 2014 أثناء هجومهم على الموصل.
وتخوض القوات العراقية بعد بلوغها المدينة القديمة قتالا شرسا من شارع إلى شارع ومنزل إلى منزل مع مقاتلي تنظيم داعش المتحصنين داخل هذه المنطقة المكتظة بالسكان. وقال النقيب فراس الزويدي من إعلام قوات الرد السريع: «القتال من زقاق لزقاق ومن منزل إلى منزل ونحن نواجه صعوبات بسبب ضيق الشوارع التي لا يمكن أن تدخلها عربات الهمرات»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية.
وتتميز المدينة القديمة بمنازلها المتلاصقة وشوارعها الضيقة التي لا تسمح بمرور أغلب العربات التي تستخدمها القوات الأمنية، وهو ما يرجح أن تكون المعارك لاستعادتها أكثر خطورة وصعوبة. ويوجد في المنطقة جامع النوري الكبير الذي أعلن منه زعيم تنظيم داعش، أبو بكر البغدادي، «الخلافة» عام 2014، وقال الزويدي إن «قوات الرد تبعد عن الجامع النوري 800 متر». من جهة أخرى، أشار الزويدي إلى المباشرة بـ«تطهير العمارات بمنطقة باب الطوب وباب السراي التي استعيدت السيطرة عليها أمس (الجمعة)، وتم تفكيك اكتر من 250 عبوة ناسفة منتشرة فوق الأسطح والأبنية». وأكد الزويدي أن إحدى الصعوبات التي واجهت القوات في معارك أمس هو «سوء الأحوال الجوية». ولا تحصل القوات العراقية على إسناد جوي كاف في الجو الممطر.
بدورها، اعتبرت أنا غنوستوس من معهد دراسة الحرب أن «هذه المرحلة تعد ذروة العمليات العسكرية في غرب الموصل، والتي تحتاج فيها القوات العراقية لتحقيق تقدم دون تكبد خسائر بين العسكريين والمدنيين على حد سواء».
وأوضحت أن «التركيز حاليا على الاقتراب من المدينة القديمة، المنطقة الأكثر اكتظاظا بالسكان والبنى التحتية، وتنظيم داعش يظهر مقاومة شرسة في هذه المنطقة التي تضم شوارع ضيقة يصعب تحرك السيارات فيها، والجو سيئ». وأضافت أن تنظيم داعش يستغل هذه العوامل كجزء من دفاعاته.
إلى ذلك، أعلن قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت استعادة السيطرة الكاملة على «سوق الأربعاء ومحطة تجميع الحبوب في المدينة القديمة». وأضاف أن «فصائل من الرد السريع والشرطة الاتحادية قامت بعملية تسلل مباغتة وحاصرت خلايا (داعش) في المدينة القديمة وقتلت 13 منهم بالقنابل اليدوية».
وأجلت الشرطة الاتحادية عددا من النازحين الفارين من باب الطوب وباب البيض ونقلتهم إلى مناطق آمنة في محيط المدينة القديمة، بحسب قائد الشرطة الاتحادية. وفر أكثر من 152 ألف شخص من غرب الموصل، لجأ القسم الأكبر منهم، نحو 98 ألفا، إلى مخيمات تتوزع حول المدينة حيث يتلقون العلاج والطعام والفراش، وفقا لوزارة الهجرة والمهجرين العراقية.
وأول من أمس، أعربت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ليزا غراندي عن قلقها إزاء مصير مئات الآلاف من المدنيين المحاصرين بين المعارك وخطر الاستهداف من قبل المتشددين في حال قرروا الهرب. وأشارت إلى أن «العائلات التي اختارت البقاء تعيش في خطر، وحتى العائلات التي تهرب».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.