تكرار الهجمات في صلاح الدين يسلط الضوء على «فوضى الأجهزة»

تكرار الهجمات في صلاح الدين يسلط الضوء على «فوضى الأجهزة»
TT

تكرار الهجمات في صلاح الدين يسلط الضوء على «فوضى الأجهزة»

تكرار الهجمات في صلاح الدين يسلط الضوء على «فوضى الأجهزة»

أثارت الخروقات الأمنية المتزايدة التي شهدتها محافظة صلاح الدين (80 كلم شمال بغداد) في الأيام الماضية، انتقادات لـ«فوضى» يقول مسؤولون محليون إنها تضرب الأجهزة الأمنية في المحافظة، ومطالبات لرئيس الوزراء حيدر العبادي بالتحقيق في الملف.
وسقط عشرات بين قتيل وجريح بتفجير سيارة مفخخة، أول من أمس، في شارع الأطباء في وسط تكريت، بعد أيام من تفجير انتحاري استهدف حفل زواج في إحدى القرى التابعة لناحية الحجاج في شمال تكريت، وأودى بحياة 26 من سكان القرية.
ودعا النائب عن «اتحاد القوى العراقية» محمد الكربولي رئاسة الوزراء إلى «فتح تحقيق عاجل مع المسؤولين عن الأمن في المحافظة للوقوف على أسباب تكرار الخروقات الأمنية فيها».
لكن رئيس مجلس محافظة صلاح الدين أحمد عبد الكريم قال لـ«الشرق الأوسط»، إن مجلس المحافظة: «تحدث مع رئيس الوزراء بشأن الخروقات الأمنية المتكررة مرات عدة وطلب منه تعديل الأوضاع، لكنه لم يستجب، ويتذرع دائماً بانشغال القوات الأمنية في معركة الموصل». وأضاف أن «هذا أمر غير مقبول بالنسبة لنا، لأن القضية تتعلق بأمن الناس».
وتشكو السلطات المحلية في صلاح الدين من غياب التنسيق وعدم وحدة القيادة بين الأجهزة الأمنية المختلفة، ومنها قوات «الحشد الشعبي» المنتشرة في غالبية أقضية ونواحي المحافظة.
وبرأي رئيس مجلس المحافظة، فإن الخروقات الأمنية «سببها الفوضى العارمة داخل الأجهزة الأمنية والبلاد عموماً». ويؤكد أن «الجماعات الإرهابية تستغل السيارات العسكرية وسيارات الحشد الشعبي، فتضع أعلاماً ولافتات تعريف باسم الجيش والحشد، مستغلة عدم إمكانية إيقاف أو محاسبة هذه الجهات، وبالتالي تتمكن من إحداث خروقات كبيرة تحت غطاء تلك الأجهزة».
ويرى أيضاً أن وجود جهاز واحد لكشف المتفجرات في مدخل قضاء سامراء، وعدم وجوده في بقية مداخل محافظة صلاح الدين «يسهم في تكرار الخروقات الأمنية، فالجندي والشرطي العادي غير قادر على كشف السيارات المفخخة من دون أجهزة حديثة».
ويعتقد عبد الكريم أن «تعدد القيادات الأمنية مسؤول بشكل أساسي عن اضطراب الأمن في المحافظة». ورفض دعوات بعض الأهالي إلى تعيين حاكم عسكري للمحافظة، قائلاً: «يستحيل تعيين حاكم عسكري في ظل الدستور الموجود، لأن ذلك يتعارض معه. حين يوقف العمل بالدستور، يمكن الحديث عن حاكم عسكري للمحافظة».
لكن الشيخ مروان الجبارة، وهو أحد شيوخ المحافظة، لا يستبعد اللجوء إلى الخطوة، في حال استمر تدهور الأوضاع الأمنية، مشيراً إلى «بروز مطالبات شعبية بتعيين حاكم عسكري». ويتفق مع الآراء التي تعزو الإخفاقات الأمنية إلى «عدم وجود قيادة موحدة، وتشتت في القرار الأمني».
وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يجب أن تكون هناك إدارة واحدة للملف الأمني، إلى جانب وجود غرفة عمليات مشتركة، وهي أمور غير موجودة في الوقت الحالي، إذ تتوزع الإدارة الأمنية للمحافظة على أربع جهات، هي قيادات عمليات سامراء وصلاح الدين ودجلة وعمليات شرق دجلة».
ورأى الجبارة أن عدم تحرير مناطق وأجزاء من المحافظة، كالزويّة شمال شرقي بيجي وقضاء الحويجة وبقائها تحت سيطرة تنظيم داعش حتى الآن «يسمح للعدو القريب على مسافة 35 كيلومتراً عن صلاح الدين، بالضغط على المحافظة وارتكاب الأعمال الإجرامية». وقال إن «الأجهزة الأمنية تعمل بلا تنسيق... هناك عدم انسجام بين الإدارات المحلية والأجهزة الأمنية... كل منهما في وادٍ غير الآخر». وشدد على ضرورة تسليم ملف الأمن داخل المدينة إلى أجهزة الشرطة.
وكان تنظيم داعش سيطر على عموم محافظة صلاح الدين في يونيو (حزيران) 2014، ثم تمكنت القوات الحكومية من استعادة السيطرة على مدينة تكريت، مركز المحافظة، في نهاية مارس (آذار) 2015.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.