«الخرجة التونسية» تعرض نماذج حية من اللباس التقليدي

لاستقبال فصل الربيع والتخلص من ملابس الشتاء

سجلت الملابس التقليدية التونسية حضوراً قوياً
سجلت الملابس التقليدية التونسية حضوراً قوياً
TT

«الخرجة التونسية» تعرض نماذج حية من اللباس التقليدي

سجلت الملابس التقليدية التونسية حضوراً قوياً
سجلت الملابس التقليدية التونسية حضوراً قوياً

شكل اللباس التقليدي التونسي لوحات فنية على الشارع الرئيسي للعاصمة التونسية أضفت على ممر المشاة الطويل ألوانا زاهية حملها رجال ونساء، في محاولة لدعوة التونسيين إلى الاهتمام باللباس التقليدي الضارب في القدم، وارتدائه في مختلف المناسبات.
على أنغام فرقة موسيقية رافقت المشاركين، ووسط هتافات الحاضرين «تحيا تونس»، انطلقت «الخرجة التونسية» في دورتها الرابعة يوم الأحد الماضي، فمتعت الأنظار وأبهرت الحاضرين من أمام مبنى «السرايا» في المدينة العتيقة، ومرت عبر نهج جامع الزيتونة وباب البحر، وصولا إلى شارع الحبيب بورقيبة، وسجلت الملابس التقليدية التونسية حضورها بقوة، وتمتع الحاضرون بنماذج حية من إبداعات اللباس التقليدي الوطني وظهر لباس «الملية» (مخصص للمرأة الريفية) والقفطان (لباس الأفراح) والحولي الطرابلسي الأحمر المخدد (بني خداش) وحولي «جعاب» من قابس (جنوب شرقي تونس) والعصابة المعقودة والسفساري و«سروال البركال الأبيض» والصدريات ذات المخامل، و«الكدرون» والجبة (ملابس رجالية) و«الحايك» و«الطريون» و«العكري» و«الفوطة والبلوزة». وشهدت الخرجة مشاركات مختلفة من عدة مدن تونسية جاءت لكي يطلع من لا يعلم على المخزون الحضاري القوي للتونسيين.
وفي هذا الشأن، دعا زين العابدين بلحارث رئيس «جمعية تراثنا»، إحدى الجمعيات المنظمة لهذه التظاهرة الثقافية ذات الأبعاد السياحية، إلى المصالحة مع التراث التونسي والحفاظ على خصوصيات اللباس التونسي المميز في مواجهة نموذج اللباس الواحد الذي تطرحه مصانع اليوم. وأضاف أن اللباس التقليدي سواء منه الرجالي أو النسائي يمثل مصدر فخر واعتزاز للتونسيين ويعد شاهدا قويا على عراقة المخزون الحضاري التونسي.
وفي السياق ذاته وباعتبار أن الملابس التقليدية عادت بالتونسيين إلى التاريخ، فإن الخرجة التونسية تزامنت كذلك مع عرض للسيارات التاريخية التي يرجع البعض منها إلى بداية القرن العشرين.
وتعود عادة الخرجة إلى تاريخ بعيد باعتبارها من التقاليد التونسية المعروفة وربما العربية وهي راسخة في الأذهان وتعتمد على استقبال فصل الربيع، إذ من عادة سكان المناطق الفلاحية في تونس خروج العائلات بأكملها إلى الطبيعة وقضاء يوم في الهواء الطلق، وارتداء أفضل الملابس والتخلص من ملابس الشتاء البارد استعدادا للفصل الربيعي المميز. وترى تلك العائلات أن فصل الربيع يمثل نافذة على فصل الصيف الذي تكثر فيه الأفراح والسهرات العائلية الملاح. غير أن هذه العادة تم توظيفها من قبل جمعيات تونسية للخروج في ملابس تقليدية في فصل الربيع والتوجه إلى الشارع الرئيسي للعاصمة التونسية لتعريف الناشئة بأنواع تلك الملابس ومواعيد ارتدائها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».