أعمال فنية تعيد مراجعة حدود الرسم في قاعات العرض

بعضها اخترق البعد الثالث وأخرى اعتمدت على مواد مبتكرة

«البحث عن جنة ثالثة» لجولي وولف (واشنطن بوست)
«البحث عن جنة ثالثة» لجولي وولف (واشنطن بوست)
TT

أعمال فنية تعيد مراجعة حدود الرسم في قاعات العرض

«البحث عن جنة ثالثة» لجولي وولف (واشنطن بوست)
«البحث عن جنة ثالثة» لجولي وولف (واشنطن بوست)

من الممكن رسم الخطوط في الفضاء مثلما يمكن رسمها على الورق في عرض «درون أوت، درون أوفر» الجماعي في «برينتوود آرتس إكستشانج». الكثير من الأعمال التي اختارها نيكي بروغنولي، أمين المعرض، ثلاثية الأبعاد، وأحد هذه الأعمال تمرين في مجال الهندسة المدنية.
«ستيتش» مقطع مصور يقوم فيه جهاز ذو عجلات برسم خط أبيض متقطع على طول جسر وحوله. كانت فكرة المشروع من بنات أفكار ليزا أوستين، أستاذة الفنون ومرشحة لمنصب عمدة إيري. ليس الهدف ببساطة تحديد أحد التفاصيل الحضرية، لكن أيضًا الحفاظ على شريان يربط جانبي موقع تقسمه قضبان سكك حديدية تستخدم بشكل كبير. أي مدينة هي مجموعة من الخطوط، لكنها أيضًا تتألف من مجموعة من الناس الذين يحتاجون إلى عبور تلك الخطوط.
عمل هيلين فريدريك عبارة عن رسوم مطبوعة لأجسام على الجدران، أحدها يصل إلى الأرض، وهناك كذلك نسخ متعددة للصورة نفسها تعبر عن وضع السقوط، وحولها طائرات ورقية على شكل خماسي يبدو وكأنها تتجه نحو التحليق إلى الأعلى.
يجمع عمل ريبيكا أمينا بين الرسم والنحت، واستخدام الورق، والبلاستيك، في صورها التي تستخدم نمط التقطير، وجزء منها مقطوع، والآخر متدل. المنحوتة الجدارية لماثيو بيني الملموسة مصنوعة من القماش الخشن البالي إلى حد كبير، لكنها أيضًا تلمع بفعل الألمونيوم المستخدم.
هناك مزيد من الطرق التي تمكننا من الدخول إلى بعد آخر، حيث يرسم كل من مايكل بيستيل، وكيت تين إيك، بالفحم خيوطًا متداخلة متشابكة بمصاحبة موسيقى أندونيسية الطابع تتضمن رسوما لمشاهد مغازلة بين الطيور. تشبه هذه القطعة ذات اللونين الأبيض والأسود من الناحية البصرية بعض أكثر مداخل العرض تأثيرًا وهي رسوم تجريدية من الحبر، والشمع، والباستيل لوالتر كرافيتز، إلى جانب رسوم جانيس غودمان بالظلال باستخدام القلم الرصاص. ويستعرض ذلك العمل بعض رسوم الحيوانات الصغيرة، مثل مجموعة من النحل، وبعض الإوز، وتضعها في دوامات تجريدية. ترسم غودمان رسومًا طبيعية تعبر عن طبيعة الرسم.
مثل الصور الشخصية، لم تعد الآثار مقتصرة على الأثرياء وأصحاب النفوذ، ولم يعد من الواجب حتى أن تخلد أي شيء محدد. تتضمن المنحوتات المعروضة حاليًا في معرض مايك شافر، «أبراج وآثار»، بمتحف الجامعة الأميركية زقورة مهداة إلى «القطار الذي يطلقون عليه مدينة نيو أورليانز». وتلك الأعمال مصنوعة بالأساس من قضبان السكك الحديدية السوداء المتقاطعة. مع ذلك يبدو أن أكثر الأعمال الفنية لكمبرلاند بولاية ميريلاند، تنبع مما يسمى «انبهار الطفولة... بقطع البناء».
يوجد الجزء الأكبر من الأعمال المختارة في حديقة المنحوتات بالخارج، لكن ليس كل المواد التي استخدمها شافر قوية بدرجة تكفي لتحمل هذا الوضع، فـ«الطريق الأبيض العظيم» هو تكوين من الأكواب المصنوعة من مادة الفوم، المرتبة بشكل فني على أساس مجموعات، كل منها تتكون من أربعة أكواب. تعبر عدة شبكات من الأنابيب الألمنيوم عن الاتجاه التبسيطي لسول لويت، باستثناء الطلاء اللامع للجسم الخارجي، والخروج عن الترتيب الهندسي في بعض المواضع.
تتسم أكثر أعمال شافر بالنعومة والتنظيم، وذات لون واحد، أو مجموعة محدودة من الدرجات المتناقضة. ويعبر ذلك عن عقيدته الفنية وتوجهه، حيث يقول: «يتمحور عملي حول الأفكار أكثر مما يتمحور حول الأشياء». مع ذلك في بعض الأحيان يمنح المواد فرصة للتعبير بقوة وجرأة، كما هو الحال في قمة من الألواح الخشبية التي تبرز منها مسامير منحنية. هذا المفهوم بحت وخالص، لكن الشيء محطم بسبب استخدامه في العالم الواقعي. ويتجلى الجانب النظري والفعلي في عمل جولي وولف «البحث عن جنة ثالثة» المعروض بالطابق العلوي من المكان نفسه. ويوجد أيضًا عمل لهذه الفنانة المحلية بعنوان «الغرف الخضراء» وهي مجموعة من الزجاجات المملوءة بعينات مياه تحتوي على شوائب ومواد كيميائية. يستخدم هذا الدمج درجات ألوان مكثفة تعبر عنها وولف في لوحات، ورسوم، وفن الكولاج، تصنع عجلة لونية من أغلفة كتب وأوراق دعائية. الجنة الثالثة التي تبحث عنها هذه الفنانة هي جنة تزدهر فيها كل من الطبيعة، والتكنولوجيا، والإنسانية معًا. إنها تستحضر هذا في لوحات تشير إلى النظام الطبيعي والنظام الإلكتروني، أو من خلال الجمع بين صور باللونين الأبيض والأسود ومناطق من الأخضر الخالص. في مقطع مصور به لقطات مقربة للماء، تحتفي وولف بالتدفق المستمر للعالم الطبيعي. مع ذلك تستعرض أعمالها التي تتضمن انتقالات وتحولات مفاجئة حماسة بالقدر نفسه للنماذج الأصلية.
* رسامان يحظيان باهتمام يستحقانه
يقدم كل من كورتيس تشيبيتيللي، وماثيو مالون، اللذين يتعاونان تحت اسم «ديولي نوتيد بينترز»، أو رسامين يحظيان باهتمام يستحقانه، درسًا في تاريخ الفن لرعاة قاعة عرض «ووترغيت». يستعرض عمل «تشابهات عصرية» للفنانين المحليين تأويلات غير قاطعة لأعمال كارافاغو، وإل غريكو، وغيرهم من أعلام حقبة ما قبل الفن الحديث. يتم عرض بعض الأعمال الصغيرة، التي تمثل إعادة تقديم لأعمال أصلية، على سبيل المقارنة، وكذلك الحال بالنسبة إلى الرسوم التي تسبق المرحلة الأخيرة من الرسم. يحتفظ الفنانان، اللذان تتداخل ضربات فرشتيهما العفوية معًا في كل صورة، بالتكوينات الأصلية مع الحرص على الالتزام بأسلوبيهما. إنهما يفضلان الوحدات المسطحة من اللون والخطوط التي تشبه خطوط الرسوم الكاريكاتورية على النماذج المتدرجة، والظلال اللونية؛ ويستخدمون الطلاء في التنقيط ورسم البقع مع التخلي عن التعبيرات التجريدية.
يتم تصوير قصص من الإنجيل مثل «سوزانا والحكماء» من خلال استخدام الفرشاة بشكل درامي على القماش. وأصبحت تفاصيل صغيرة أهمها صدر الفستان الأخضر في عمل «صورة للسيدة كوليير» لجوشوا رينولدز من الأشياء الأساسية في العمل عند إعادة إنتاجه وتقديمه؛ ونظرًا لأن القساوسة لا يعرفون شيئا عن كيبيتيلي ومالون، فإن لديهم حرية استكشاف أشكال هذه الرسوم والتصميمات المألوفة، لا موضوعاتها.
* خدمة واشنطن بوست
- خاص بـ{الشرق الأوسط}



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.