مستشار ترمب يجسّ النبض لاستئناف المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية

التقى نتنياهو ويلتقي عباس غداً... والسلطة تضع 4 شروط

مستشار ترمب يجسّ النبض لاستئناف المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية
TT

مستشار ترمب يجسّ النبض لاستئناف المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية

مستشار ترمب يجسّ النبض لاستئناف المفاوضات الفلسطينية ـ الإسرائيلية

وصل إلى تل أبيب، أمس مستشار الرئيس الأميركي ومبعوثه لعملية السلام، جيسون غرينبلات، في جولة أولية وصفها بأنها «تستهدف جس نبض الأطراف وفحص مدى استعدادهم لاستئناف عملية السلام».
وقال مسؤولون كبار من إسرائيل، إن غرينبلات بدأ دراسة مواقف الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، لكنه يريد التعمق أكثر، والتداول في إمكانيات مساهمة كل طرف في دفع عملية السلام بشكل أكبر مما حصل حتى الآن. وإنه يبدي تلهفاً لكسر الجمود السياسي الذي يسود في السنوات الأخيرة. وقال مصدر في الوفد الأميركي، إن غرينبلات سيناقش مع الطرف الإسرائيلي، تفاهمات بشأن البناء في المستوطنات، وسيناقش مع الفلسطينيين مسألة التحريض على العنف.
وقد التقى غرينبلات ظهر أمس، الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين، والتقى في المساء رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو. واستهل يومه بلقاء مطول مع سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة، رون دريمر، المسؤول من قبل نتنياهو عن صياغة التفاهمات مع الإدارة الأميركية حول البناء في المستوطنات.
وسينتقل غرينبلات، غداً إلى رام الله للاجتماع بالرئيس الفلسطيني محمود عباس ومسؤولين فلسطينيين آخرين. فيما سيلتقي يوم الخميس، رئيس المعارضة الإسرائيلية يتسحاق هرتسوغ وعدداً من الشخصيات السياسية والعسكرية السابقة والفاعلة.
وقد لوحظ أن غرينبلات أحضر معه ياعيل لامبرات، التي تولت، خلال فترة الرئيس السابق، باراك أوباما، المسؤولية عن ملف إسرائيل في مجلس الأمن القومي في الإدارة الأميركية، والتي تواصل شغل هذا المنصب في إدارة ترمب.
وقد جرى استقبال المستشار الأميركي في الحلبة السياسية الإسرائيلية بحذر شديد. إذ فوجئ اليمين بهذا الحراك السريع لإدارة الرئيس دونالد ترمب، فيما عاد اليسار ليبني الآمال ويحذر من إفشال مهمة المبعوث الجديد. وفجر وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، قنبلة سياسية، عندما غرد على حسابه في «فيسبوك»، بأن «حل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يجب أن يكون على أساس تبادل الأراضي والسكان، كجزء من تسوية إقليمية شاملة». وأضاف أن «معادلة السلام مقابل الأرض وحدها سيكون مصيرها الفشل. فما من سبب لاستمرار كون الشيخ رائد صلاح، وأيمن عودة، وباسل غطاس، وحنين زعبي مواطنين إسرائيليين». وقد رد عليه رئيس القائمة المشتركة، النائب أيمن عودة، فقال: «إن ليبرمان يدعو إلى ترحيل مجموعة سكانية بالقوة. إنه لا يفهم أننا السكان الأصليون هنا. من الصعب عليه أن يستوعب ذلك، وهو الذي جاء إلى هنا بالطائرة من مولدافيا ولا يعرف معنى الانتماء للوطن». وحذر النائب باسل غطاس، من القائمة المشتركة، من خطورة هذا التصريح الناجم عن وزير دفاع، يعلن الحرب على سكان الدولة العرب. وقال النائب عومر بارليف، المرشح للتنافس على رئاسة حزب العمل، إن «ليبرمان يصب الزيت على نار الكراهية».
وهاجم رئيس الشاباك الأسبق، والوزير السابق في الحكومة الإسرائيلية، عامي إيلون، أولئك الذين يخربون جهود الإدارة الأميركية لتسوية الصراع. وقال إنهم سيصطدمون بها وجهاً لوجه، لأنهم لا يفهمون حقيقة المصالح الأميركية. ففي واشنطن، يدركون أن إيران خطراً كبيراً علينا وعليهم، ولكنهم يفهمون أيضاً، أنه لكي تواجه إيران عليك أن تقيم تحالفاً مع إسرائيل والعرب، ومن دون تسوية الصراع الفلسطيني لا يوجد أمل في أن يوافق العرب على تحالف مع إسرائيل. لذلك، أنصح حكومتنا بالتعاون مع المبعوث الأميركي بكل مسؤولية.
وفي رام الله، قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن السلطة الفلسطينية مستعدة للعودة إلى مفاوضات مباشرة مع إسرائيل بشروط عدة، أولها وقف الاستيطان، ومن ثم إطلاق سراح دفعة من الأسرى القدامى كان متفقاً بشأنها سابقاً، وأن تبدأ المفاوضات هذه المرة، بقضية ترسيم حدود 67 بعد تعهد إسرائيلي وأميركي بحق الفلسطينيين في دولة ضمن هذه الحدود، وأن يجري تحديد سقف زمني لإنهاء المفاوضات.
وبحسب المصادر، فإن هذا هو جوهر ما سيطرحه الرئيس الفلسطيني محمود عباس على مبعوث الرئيس الأميركي جيْسون غرينبلات اليوم، في رام الله، ولاحقاً على الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، كتصور فلسطيني لاستئناف عملية السلام.
وقالت المصادر: «ما زال هناك رأيان لدى القيادة، أنه يمكن العودة للمفاوضات برعاية أميركية إذا تحققت هذه الشروط، وهو رأي تدعمه دول عربية، ورأي آخر، أنه لا يمكن العودة إلا وفق آلية دولية».
وأضافت المصادر: «الاتجاه هو لقبول عرض أميركي متوافق مع هذه الشروط».
ويأتي لقاء غرينبلات بعباس، بعد أيام من الاتصال الذي أجراه ترمب معه، في بادرة استقبلت في رام الله باهتمام شديد.
وقالت المصادر، إن ترمب أبلغ عباس أن عليه إعطاء إدارته الجديدة فرصة للوصول إلى تصور عملي.
ومن بين الخطط التي تفكر فيها واشنطن، عقد اجتماع ثلاثي بين ترمب وعباس ونتنياهو أو عقد اجتماع إقليمي بحضور قادة عرب.
وقالت المصادر إن السلام الإقليمي ما زال مطروحاً بقوة، لكن شيئاً لم يحسم بعد.
ويُتوقع أن يتم تحديد موعد زيارة عباس لواشنطن للقاء الرئيس الأميركي، بعد لقائه غرينبلات.
وينسق عباس خطواته مع العاهل الأردني عبد الله الثاني، الذي كان له دور مباشر في إحياء خطط واشنطن من أجل إطلاق عملية سلام سريعة.
وقالت المصادر، إن التنسيق بين عباس وعبد الله سبق لقاء العاهل الأردني بترمب في البيت الأبيض وتواصل، بعد ذلك، وتكثف قبل وبعد اتصال ترمب بعباس.
ورأت السلطة الفلسطينية باتصال ترمب بعباس تعزيزاً لشرعيته، وتفويت فرصة على إسرائيل التي لا تعتبره شريكاً في السلام.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.