الكويت تعلن دعمها تمديد اتفاق تخفيض الإنتاج

مخزونات النفط بين 280 إلى 300 مليون برميل بحسب رؤيتي المرزوق والفالح

عملية إعادة التوازن للسوق العالمية تتطلب المزيد من الوقت والجهد والتعاون (غيتي)
عملية إعادة التوازن للسوق العالمية تتطلب المزيد من الوقت والجهد والتعاون (غيتي)
TT

الكويت تعلن دعمها تمديد اتفاق تخفيض الإنتاج

عملية إعادة التوازن للسوق العالمية تتطلب المزيد من الوقت والجهد والتعاون (غيتي)
عملية إعادة التوازن للسوق العالمية تتطلب المزيد من الوقت والجهد والتعاون (غيتي)

أصبحت الكويت أول دولة في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) التي أعلنت عن دعمها لتمديد اتفاق تخفيض الإنتاج بين دول المنظمة والمنتجين خارجها؛ إذ إن السوق تحتاج لوقت أطول حتى تتوازن وتتحسن الأسعار.
ونقلت وكالة الأنباء الكويتية بالأمس عن وزير النفط الكويتي عصام المرزوق قوله إن تمديد الاتفاق بعد نهايته في شهر يونيو (حزيران) القادم مهم جداً حتى تستعيد السوق توازنها؛ إذ إن المخزونات النفطية عالية جداً ولن تنخفض خلال فترة بسيطة.
وقال المرزوق إن «عملية إعادة التوازن للسوق العالمية تتطلب المزيد من الوقت والجهد والتعاون، إضافة إلى التزام جميع الدول المشاركة في هذا الاتفاق، وهناك زيادة في مخزون النفط العالمي تقدر بنحو 280 مليون برميل، تراكمت على مدى السنتين الماضيتين، وليس من السهل استهلاكها خلال شهر أو شهرين».
وأضاف المرزوق أنه متأكد وواثق بأن «جميع الدول ملتزمة وسوف تؤتي هذه الاتفاقية ثمارها خلال الأشهر القليلة القادمة».
وأشاد المرزوق بالتحسن في التزام «أوبك» بخفض الإنتاج الشهر الجاري، حيث زادت نسبة الالتزام بخفض الإنتاج من 91 في المائة إلى 95 في المائة في شهر فبراير (شباط)، وفقاً للبيانات الأولية المتوفرة حتى الآن، بحسب قوله.
وكانت «أوبك» قد عقدت اتفاقا مع المنتجين غير الأعضاء خارجها مثل روسيا وكازاخستان لخفض إنتاج الخام العالمي نحو 1.8 مليون برميل يوميا من أول يناير (كانون الثاني) وتقريب الفرق بين العرض والطلب.
وستجتمع اللجنة الوزارية المعنية بمتابعة ومراقبة إنتاج الدول الداخلة في الاتفاق يوم 25 و26 مارس (آذار) الجاري في الكويت، وستناقش اللجنة الوزارية التقرير الذي سيرفع لها من قبل اللجنة الفنية المُشكلة لدراسة بيانات إنتاج الدول، وقد يتم طرح بعض المبادرات لمساعدة اللجنة الوزارية في عملها لمراقبة الإنتاج ومناقشة الخطوات التالية بعد نهاية الاتفاق، كما أوضح المرزوق.
وقال المرزوق إن الكويت مع تمديد الاتفاق بعد يونيو وتدعم هذا التوجه؛ لأن ذلك سوف يعجل من سرعة عملية إعادة التوازن للسوق النفطية العالمية، وسيسهم في إعادة الأسعار إلى مستويات مقبولة للدول المنتجة والصناعة النفطية بشكل عام.
إلا أن المرزوق أكد أنه «من السابق لأوانه الحديث عما سوف يحدث، وسوف نتشاور مع السادة الوزراء من الدول المعنية ونناقش موضوع التمديد كأحد الخيارات المستقبلية. وكما بينت سابقاً أن عملية إعادة التوازن في سوق النفط العالمية ليست سهلة وتتطلب المزيد من الجهد والوقت».
وتأتي تصريحات المرزوق بعد هبوط في أسعار النفط إثر تضارب تصريحات وزراء «أوبك» خلال تواجدهم الأسبوع الماضي في عاصمة النفط الأميركية مدينة هيوستن، حيث أبدى ممثلو العراق وأنغولا رغبتهم في تمديد الاتفاق، فيما تسربت معلومات عن وجود رفض من قبل دول أخرى في «أوبك» مثل السعودية في تمديد اتفاق الخفض، إذ إن ذلك سيرفع من إنتاج شركات النفط الصخري الأميركية.
وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح الثلاثاء الماضي في هيوستن إن العوامل الأساسية لسوق النفط تتحسن بفعل اتفاق كبار منتجي الخام في العالم على كبح المعروض وإنهاء التخمة المستمرة منذ عامين.
وأوضح أن السعودية خفضت بأكثر مما تعهدت به في الاتفاق، ونزلت بإنتاجها لما دون العشرة ملايين برميل يوميا.
وأضاف أن الطلب العالمي على النفط سينمو 1.5 مليون برميل يوميا في 2017. وأن زيادة إنتاج الولايات المتحدة والبرازيل وكندا ستطغى على التراجعات الطبيعية في الحقول المتقادمة.
وأبلغ مجموعة من المسؤولين التنفيذيين خلال مؤتمر الطاقة أسبوع سيرا في هيوستن أن مخزونات النفط العالمية تراجعت «أبطأ مما توقعت».
وقال إن المخزونات في الدول المتقدمة ما زالت أعلى نحو 300 مليون برميل فوق المعدلات الطبيعية. لكنه قال إن من السابق لأوانه دراسة ما إذا كان ينبغي استمرار التخفيضات في النصف الثاني من العام. وأوضح أن «أوبك» تعقد اجتماعها التالي في مايو (أيار) القادم.
وكان وزيرا نفط العراق عضو «أوبك»، وروسيا غير العضو، قالا يوم الاثنين الماضي إن من المبكر للغاية مناقشة تمديد الاتفاق، في حين قالت رئيسة شركة النفط الوطنية الأنغولية إنها تعتقد أن القيود ستستمر.
من جهة أخرى، قالت أكبر شركة روسية لإنتاج النفط أمس الاثنين إن تعافي إنتاج النفط الأميركي قد يثني منظمة أوبك والمنتجين من خارجها عن تمديد تخفيضات الإنتاج بعد يونيو وقد يؤدي إلى حرب أسعار جديدة.
وتراجع إنتاج النفط الصخري الأميركي في الوقت الذي هوت فيه أسعار النفط من مستوى يزيد على 100 دولار للبرميل في 2014 إلى أقل من 30 دولارا في 2015؛ مما قلص ربحية الإنتاج الصخري عالي التكلفة. وقالت شركة روسنفت، عملاقة الصناعة النفطية الروسية، في رد مكتوب على «رويترز»: «بات من المؤكد أن النفط الصخري الأميركي أصبح وسيظل المنظم الجديد لأسعار النفط العالمية في المستقبل المنظور».
وأضافت: «هناك مخاطر كبيرة في أن الاتفاق (الذي تقوده «أوبك») لن يجري تمديده لأسباب من بينها المشاركون الرئيسيون... لكن أيضا بسبب آليات الإنتاج في الولايات المتحدة التي لن ترغب في المشاركة بأي اتفاق في المستقبل القريب».
وقالت روسنفت إن التزام «أوبك» بالتخفيضات بنسبة تتجاوز التسعين في المائة قد فاجأ الكثير من المراقبين، مضيفة أن النجاح يرجع إلى أن الموقف السعودي بشأن خفض الإنتاج «تغير كثيرا» عن الماضي.
ولفترة طويلة ظلت المملكة، أكبر منتج للنفط في العالم، ترفض خفض الإنتاج، وذلك تحت قيادة وزير البترول المخضرم على النعيمي. وحل خالد الفالح محل النعيمي في العام الماضي.
وتوقع النعيمي انهيار الإنتاج في حقول النفط الروسية القديمة. لكن الإنتاج زاد في العامين الأخيرين إلى 11.2 مليون برميل يوميا، وهو الأعلى على الإطلاق لأسباب من بينها انخفاض قيمة الروبل مما قلص تكاليف الإنتاج.
وقالت روسنفت إن المسار الوحيد المضمون لتحقيق التوازن في السوق لجميع المنتجين هو كبح الإنتاج، لكنها أقرت بأن هذا لن يحدث بسبب عدم مشاركة منتجي النفط الصخري الأميركي في أي اتفاق مماثل. ويمنع القانون الأميركي الشركات من القيام بخطوة مماثلة.



السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
TT

السعودية... نظام جديد للبتروكيماويات لتعزيز كفاءة قطاع الطاقة وتحقيق الاستدامة

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)
أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

يمثل إقرار مجلس الوزراء السعودي «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية» خطوة استراتيجية على طريق تعزيز المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة في البلاد، وتنفيذ مستهدفاتها الوطنية، وتحقيق أمن الطاقة، وضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، ودعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة، وفق ما صرح به مختصون لـ«الشرق الأوسط».

والسعودية من بين أكبر منتجي البتروكيماويات في العالم، وهو القطاع الذي توليه أهمية في إطار عملية التنويع الاقتصادي. من هنا، فإنه يمثل حصة كبيرة من صادراتها غير النفطية. ويبلغ الإنتاج السنوي من البتروكيماويات في السعودية نحو 118 مليون طن.

وكان الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة، قال إن «نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية يأتي ليحقق عدداً من المستهدفات، في مقدمتها؛ تنظيم العمليات البترولية والبتروكيماوية، بما يسهم في النمو الاقتصادي، ودعم جهود استقطاب الاستثمارات، وزيادة معدلات التوظيف، ورفع مستويات كفاءة استخدام الطاقة، ويُسهم في حماية المستهلكين والمرخص لهم، ويضمن جودة المنتجات، وإيجاد بيئة تنافسية تحقق العائد الاقتصادي العادل للمستثمرين».

زيادة التنافسية

يقول كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً، الدكتور محمد سرور الصبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «(نظام الموارد البترولية والبتروكيماوية) سيلعب دوراً كبيراً في إعادة هيكلة وبناء المنظومة التشريعية لقطاع الطاقة، والاستفادة من التجارب العالمية الناجحة وأفضل الممارسات الدولية، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية في تطوير هذا القطاع الحيوي وتعظيم الاستفادة منه»، مضيفاً أنه «سيزيد من القدرة التنافسية بين شركات البتروكيماويات وسيدعم جهود السعودية لتعزيز أمن الطاقة؛ سواء للاستخدام المحلي ولتصدير بعض المنتجات والنفط الخام إلى الأسواق العالمية».

وأشار الصبان إلى أن النظام الجديد سيساهم في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق السعودية؛ «مما سيعزز معدلات التوظيف، ويرفع كفاءة استخدام الطاقة، ويساعد في ترشيد استهلاك الطاقة ومنتجات البتروكيماويات واقترابها من المعدل الفردي العالمي»، لافتاً إلى أن «تنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية يساهم في رفع معدلات النمو الاقتصادي وتحقيق المستهدفات السعودية في أمن الطاقة».

أحد مصانع «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)»... (واس)

تنظيم العمليات التشغيلية

من جهته، قال محمد حمدي عمر، الرئيس التنفيذي لشركة «جي وورلد» المختصة في تحليل بيانات قطاعات الاستثمارات البديلة، لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام «يُسهم في تحقيق أهداف متعددة، تشمل رفع كفاءة الأداء في القطاع، وتحقيق المستهدفات الوطنية، وتنظيم العمليات النفطية والبتروكيماوية. كما تكمن أهمية النظام في تلبية احتياجات القطاع عبر تطوير الإطار القانوني بما يواكب أفضل الممارسات العالمية».

وأضاف أن النظام «يمثل نقلة نوعية، ويحل محل نظام التجارة بالمنتجات النفطية السابق، ويهدف إلى تنظيم العمليات التشغيلية، بما في ذلك أنشطة البيع، والشراء، والنقل، والتخزين، والاستيراد، والتصدير، كما يضمن الاستخدام الأمثل للموارد النفطية والبتروكيماوية، مما يعزز من حماية المستهلكين والمستثمرين، ويدعم توفير بيئة تنافسية عادلة».

وأشار حمدي إلى أن النظام يضمن حماية المستهلكين والمرخص لهم؛ «مما يعزز من ثقة السوق ويضمن جودة المنتجات، بالإضافة إلى دعم استقطاب الاستثمارات من خلال توفير بيئة تنظيمية واضحة وشفافة، تعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين، كما يُسهم في تحقيق أمن الطاقة عبر ضمان استدامة وموثوقية الإمدادات، فضلاً عن دعم توطين سلسلة القيمة في القطاع، وخلق فرص عمل جديدة».

ويرى حمدي أن النظام يعكس التزام السعودية بتحقيق أهداف «رؤية 2030»، عبر «تعزيز كفاءة قطاع الطاقة، وتنظيم عملياته، وحماية حقوق المستهلكين والمستثمرين، مما يُسهم في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الاقتصاد الوطني»، مشيراً إلى «أننا سنرى تحولاً كبيراً في القطاع بعد العمل بهذا النظام، ودخول استثمارات أجنبية جديدة أكثر مع وضوح الرؤية المستقبلية للاستثمار في هذا القطاع الحيوي».

مواكبة التحولات الكبيرة

أما المحلل الاقتصادي طارق العتيق، فقال لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا النظام «خطوة استراتيجية في مواكبة التحولات الكبيرة التي يشهدها قطاعا الطاقة والبتروكيماويات عالمياً والقطاعات المرتبطة بهما. كما يسهم في دعم الصناعات التحويلية وتعزيز قيمتها وإضافتها إلى الاقتصاد المحلي والمنتج الوطني، بما يخدم مصلحة تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة والتنويع الاقتصادي وتحقيق أهداف (رؤية 2030) في هذا السياق».

وأشار العتيق إلى أن النظام ستكون له مساهمات مهمة في تحفيز وتنمية الصناعات المحلية بقطاع البتروكيماويات، «مثل صناعات البلاستيك والمطاط وقطع الغيار... وغيرها، وفي الاستفادة من الميزة التنافسية التي تمتلكها السعودية في إنتاج المواد الأولية، وأهمية استغلالها في تصنيع منتجات نهائية تلبي الطلب المحلي والإقليمي. كما أنه سيسهم في رفع التنافسية بالقطاع ويزيد مساهمته في خلق الوظائف والتوطين، ونقل المعرفة والخبرات إلى سوق العمل السعودية».