استيقظ اللبنانيون صباح البارحة على خبر رحيل الرسام الكاريكاتوري اللبناني المخضرم ستافرو جبرا (70 عاما). فستافرو الذي بقي يصارع المرض حتى اللحظات الأخيرة لم يشأ الاستسلام لبراثنه، فبقي قلبه ينبض متأملا الفوز ولو لأيام قليلة، كما ذكرت لنا ابنته المنتجة والمخرجة التلفزيونية باميلا جبرا «لقد أبقى على ابتسامته حتى اللحظة الأخيرة، فلم نشعر طيلة فترة مرضه بأنه رجل ضعيف يتآكله المرض. كان يتحلّى بالقوة والشجاعة مرددا لنا (أريد أن أسهر وأن أفرح، لا أريد الاستسلام)». وتتابع في حديثها لـ(«الشرق الأوسط»): «لقد خسرت والدا وصديقا وفنانا عظيما، فهو أحبّ لبنان إلى أبعد حدود؛ فكانت ريشته خير معبّر عن حبه هذا».
وكما عرف برسوماته الكاريكاتيرية، كذلك حقق ستافرو جبرا نجاحات كبيرة مع الكاميرا الفوتوغرافية، فكانت رفيقته أينما كان، وحتى لو كان مدعواً ضيف شرف إلى حدث ما. وفي مستشفى مار جاورجيوس، حيث مكث للعلاج لفترة ستة أشهر، بقي ممسكا بكاميراته حتى نفسه الأخير؛ إذ كان لا يتوانى عن التقاط صور لنفسه عندما كان النوم يهرب من عينيه لشدة الوجع.
تأثّر ستافرو بمهنة والده المهندس إدمون، فكان يراقبه وهو يرسم خرائطه الهندسية، فقرر أن يدرس الهندسة والطيران المدني معا. وبعد تجارب عدة له في هذين المجالين، اكتشف أنه يهوى الرسم وليس الهندسة كوالده، فترك كل شيء متفرغا لمهنة الرسم الكاريكاتيري والتصوير الفوتوغرافي. وبدأت رسوماته تلاقي النجاح تلو الآخر منذ عام 1967 عندما راح يعمل في مجلة «الصياد» ومن بعدها في «لوريان لو جور» و«ماغازين» و«الشبكة» و«الحسناء» و«الكفاح العربي»، وغيرها. ولم يقتصر نجاحه على المنشورات اللبنانية؛ إذ اجتاحت أيضا مطبوعات أجنبية كـ«ديرشبيغل» الألمانية و«لوموند» الفرنسية و«واشنطن بوست» الأميركية، فكانت ريشته عالمية بامتياز إلى حد جعله يحصد جوائز كثيرة في هذا المجال، وبينها «جائزة صديق الأمم المتحدة» مستلما الوشاح الأزرق من مركزها في جنيف، وكذلك «ميدالية الرسوم الكاريكاتورية» في مهرجان «الإعلام الثالث» في بيروت (2004). كما تسلّم رسالة تقدير في عام 2004 من أمين عام الأمم المتحدة يومها كوفي أنان.
لم يتعب ستافرو من العمل ليلا نهارا، بل كان يلهث وراء الخبر الدسم ليصنعه رسمة يسخر فيها من وضع معين، متحررا فيها من قوقعة تلازم الآخرين. أما التقاط الصور الفوتوغرافية، فشكّل الفسحة الفنية التي كان يبحث عنها في وجه كل شخص التقى به، رجلا أم امرأة، مسلّطا الضوء على ملامح من وجهه كما يراها من زاوية موهبته الكاريكاتيرية أو الفكاهية التي يتمتّع بها. ويتذّكره صديق عمره المصور الفوتوغرافي جوزيف أبي رعد قائلا: «لقد كان مبدعا من لبنان، سبّاقا بأفكاره وفي تطوير المهنة. فكان أول من أدخل الرسم الكاريكاتيري المباشر على الشاشة الصغيرة، كما كان أول من أصدر مجلّة فنية تصويرية (سكوب) على طراز المجلات الأوروبية الرفيعة المستوى في هذا المجال».
ستافرو جبرا... ريشة مبدعة أخرى تهوي من لبنان
رحيل الرسام الكاريكاتيري بعد صراع طويل مع المرض
ستافرو جبرا... ريشة مبدعة أخرى تهوي من لبنان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة