رفض صندوق النقد الدولي تحديد موعد لصرف قسطي القرض الذي منحه إلى تونس، وهو ما طرح تساؤلات لدى كبار المسؤولين خاصة بوزارة المالية التونسية عن الأسباب الحقيقية لتأجيل النظر في قسطي القرضين اللذين يحتاجهما الاقتصاد التونسي بقوة لتنفيذ عدد من المشاريع الحكومية الكبرى المبرمجة خلال السنة الجديدة.
وكانت لمياء الزريبي وزيرة المالية التونسية قد أعلنت عن إمكانية صرف القسطين المتبقيين من قرض الصندوق نهاية الشهر الحالي، وذلك بعد تأجيل صرف القسط الثاني الذي كان مبرمجا خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) من السنة المنقضية.
وأقرت الزريبي قبل فترة وجيزة بقرار صندوق النقد الدولي تجميد القسط الثاني من قرض كان قد وافق مبديا على منحه إلى الاقتصاد التونسي، وقالت: إن الحكومة بصدد دراسة بيع حصة الدولة في البنوك العمومية الثلاثة خلال السنة الحالية في إطار خطة حكومية لإصلاح القطاع المالي والمصرفي تلبية لتوصيات سابقة صادرة عن نفس هيكل التمويل الدولي.
وفي مقابل عدم تحديد موعد لصرف تلك القروض، فإن الصندوق عبر عن التزامه من جديد «بدعم جهود تونس لتحريك الاقتصاد الوطني نحو مزيد من النمو وخلق فرص العمل».
وكان فريق خبراء من الصندوق قد زار تونس في شهر فبراير (شباط) الماضي بهدف تقييم الوضع الاقتصادي ومناقشة السياسات المنتظرة للحكومة، وأعلن الصندوق عن الاتفاق بين الطرفين «على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية سلامة المالية العمومية، وزيادة الاستثمارات العمومية، وتسريع وتيرة التقدم في الإصلاحات الهيكلية المتأخرة لتعزيز خلق فرص العمل».
ولم تتجاوز نسبة النمو في تونس مستوى 1 في المائة خلال سنة 2016، مقابل 1.1 في المائة في عام 2015، وهي نسبة متواضعة مقارنة بتوقعات حكومية أولية بنحو 2.5 في المائة.
وتمسك الصندوق خلال زيارته الأخيرة بضرورة ترشيد كتلة أجور القطاع العام وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية الهامة التي يمكن أن تمهد الطريق لبعثة الصندوق المراجعة الدورية لمحتوى الاتفاق الذي يربط بين الطرفين. ودعا الحكومة التونسية إلى الإسراع بتعديل الموازنة العامة والسيطرة على نسبة العجز الاقتصادي المسجل لتسريع منحها بقية أقساط القرض المتفق بشأنه.
ومنح صندوق النقد الدولي للحكومة القسط الأول من القرض بقيمة 320 مليون دولار في شهر يونيو (حزيران) الماضي، وكان من المنتظر أن تحصل تونس على القسط الثاني بقيمة 350 مليون دولار، خلال شهر ديسمبر المنقضي، إلا أن الصندوق جمد هذا القسط وربط القرار النهائي باطلاعه من جديد على النتائج المسجلة على مستوى الإصلاح الاقتصادي.
وكان صندوق النقد قد أبدى موافقته المبدئية خلال السنة الماضية على إقراض الحكومة التونسية مبلغ 2.8 مليار دولار، واشترط لهذا الغرض تنفيذها لمجموعة من الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية، وعلى رأسها التخفيض في أعداد العاملين في القطاع العام من 630 ألفا إلى نحو 500 ألف موظف، والنزول بكتلة الأجور من 14.4 في المائة إلى 12.5 في المائة.
وما تزال هذه الإصلاحات الهيكلية الكبرى في حاجة لتنفيذها على أرض الواقع على الرغم من إعلان الحكومة التونسية عن خطة لتسريح نحو 50 آلف موظف بحلول سنة 2020. وأكدت أنها عازمة على سن قانون للخروج الاختياري من القطاع العام لنحو 10 آلاف موظف خلال السنة الحالية.
أما على مستوى كبح كتلة الأجور، فإن المنظمات النقابية التونسية عارضت ما سمتها «سياسة التقشف»، وتمسكت بضرورة تمتع موظفي القطاع العام بزيادات في الأجور لمجابهة حالة الغلاء وارتفاع كلفة المعيشة.
واضطرت الحكومة للموافقة على مقترح نقابة العمال، إلا أنها أرجأت الزيادات في الأجور إلى النصف الثاني من السنة الحالية، وهو من بين المؤشرات السلبية التي اعتمدها صندوق النقد لإعادة التفاوض مع تونس وتمسكه بتنفيذ حزمة الإصلاحات الهيكلية المطلوبة بإلحاح.
صندوق النقد يضع اقتصاد تونس في حرج
رفض تحديد موعد صرف الأقساط مثيراً التساؤلات
صندوق النقد يضع اقتصاد تونس في حرج
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة