مصلحة سك العملة المصرية تدشن موقعاً يروج لعملاتها ومنتجاتها

تشمل النقود الملكية والأوسمة وفق الحقب التاريخية

عملة تذكارية من الذهب بمناسبة افتتاح قناة السويس الجديدة - عملة فضية فئة  5 جنيهات صدرت في الذكرى المئوية لتأسيس النادي الأهلي المصري - وسام الجمهورية
عملة تذكارية من الذهب بمناسبة افتتاح قناة السويس الجديدة - عملة فضية فئة 5 جنيهات صدرت في الذكرى المئوية لتأسيس النادي الأهلي المصري - وسام الجمهورية
TT

مصلحة سك العملة المصرية تدشن موقعاً يروج لعملاتها ومنتجاتها

عملة تذكارية من الذهب بمناسبة افتتاح قناة السويس الجديدة - عملة فضية فئة  5 جنيهات صدرت في الذكرى المئوية لتأسيس النادي الأهلي المصري - وسام الجمهورية
عملة تذكارية من الذهب بمناسبة افتتاح قناة السويس الجديدة - عملة فضية فئة 5 جنيهات صدرت في الذكرى المئوية لتأسيس النادي الأهلي المصري - وسام الجمهورية

بهدف عرض جميع منتجاتها من العملات التذكارية والميداليات، والتعريف بتاريخ كل منها، والترويج لهذه المنتجات بين الجمهور وهواة جمع العملات التذكارية؛ دشنت «مصلحة سك العملة المصرية» مؤخرا موقعها الإلكتروني الجديد، في خطوة أولية تسبق افتتاح متحف العملات التذكارية، الذي سيضم عملات تذكارية نادرة تبدأ من العصر العثماني مرورا بالعملات التي أصدرتها أسرة محمد علي باشا (1805 - 1953)، وأيضا العملات التي صدرت في عهد رؤساء مصر جميعا وحتى الآن.
والموقع الجديد، يضم عددا من الأقسام، التي يمكن لزائر الموقع تفقدها لمعرفة تاريخ المكان وتاريخ العملات التي تصدرها المصلحة.
بداية، وفي قسم «عن المصلحة»، يمكن قراءة نبذة عن تاريخ المصلحة مع بداية ممارسة نشاطها الخدمي في إطار اقتصادي، منذ صدور المرسوم الملكي بالقانون رقم 178 لسنة 1950 ميلادية بإنشاء دار لسك النقود المصرية، وبداية الإنتاج والتداول مع منتصف 1954، ثم كيف تطورت المصلحة سريعا وبدأ نشاطها في فترة الستينيات يمتد لسك عملات بعض الدول العربية الأخرى، كالمملكة العربية السعودية وسوريا واليمن، باعتبارها دار السك الوحيدة في الشرق الأوسط وقتها.
أما قسم «التشغيلات»، فهو يوضح للزائر بالصور نشاط المصلحة في المجالات المرتبطة بصناعة العملة وهي «تشغيلات العملات المعدنية» و«تشغيلات غير العملة».
ففي «تشغيلات العملات المعدنية»، تنقسم أولا لعملات متداولة، ومنها نصف جنيه وجنيه مصري بصورة تذكارية لافتتاح قناة السويس الجديدة، وهو من خامة ألومنيوم وبرونز وتاريخ إصدارها 2015.
وفي تشغيلات العملات غير المتداولة يمكن التعرف إلى عملة من فئة خمسة جنيهات مصرية صدرت في الذكرى المئوية للمتحف المصري، وهي من الفضة وصدرت عام 2002، وكذلك عملة من فئة خمسة جنيهات مصرية صدرت في الذكرى المئوية لتأسيس النادي الأهلي المصري، وهي من الفضة وصدرت عام 2007.
أما التشغيلات (غير العملة)، التي تقوم مصلحة سك العملة بصنعها، فهي تشمل الأوسمة والقلادات والأنواط التي تمنحها الدولة المصرية بصفتها مظهرا من مظاهر تكريم الأشخاص؛ ففي الأوسمة يمكن لزائر الموقع التعرف إلى قلادة النيل، وقلادة الجمهورية، ووسام الجمهورية، ووسام الاستحقاق، ووسام الكمال، ووسام العمل، ووسام العلوم والفنون، ووسام الرياضة.
أما الأوسمة العسكرية، فمنها وسام الجمهورية العسكري، ووسام نجمة سيناء، ووسام نجمة الشرف. بينما تشمل الأنواط نوط الامتياز، ونوط الاستحقاق.
وتشمل التشغيلات (غير العملة) أيضا الميداليات والشارات والدروع والمجسمات واللوحات المعدنية لمركبات النقل المصرية، وعلامات الرتب والأختام.
ويعد قسم المتحف الخاص بمصلحة سك العملة من أهم أقسام الموقع الجديد، حيث يعرض للزائر مقتنيات للأسرة المالكة، وأبرز العملات وفق الحقب التاريخية.
وفي هذا القسم يمكن مطالعة العملات التذكارية من فئة الجنيه والخمسة جنيهات من الفضة أو الذهب، التي خلدت عليها شخصيات بارزة مثل أم كلثوم، عبد الحليم حافظ، الموسيقار محمد عبد الوهاب، الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر.
وفيما يخص العملات الأجنبية، يضم المتحف قسما للعملات الأجنبية مختلفة الفئات والبلدان، كعملة إسبانيا، ألمانيا، أميركا، والهند.
ومن عهد السلطنة المصرية، يعرض الموقع عملات نادرة وذات قيمة تاريخية، منها ريال السلطان فؤاد، وعملة السلطان عبد العزيز تعود لعهد الدولة العثمانية.
ويشير الموقع إلى أن فترة المملكة المصرية تمتعت فيها البلاد برخاء في العملات، أبرزها عملات الملك فؤاد وعملات الملك فاروق، ففي تلك الفترة كان الملك يضرب العملة بأشكال مختلفة.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)