إسرائيل تهدد لبنان بإعادته إلى العصور الوسطى

صورة أرشيفية لقصف الضاحية الجنوبية لبيروت خلال العام 2006 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لقصف الضاحية الجنوبية لبيروت خلال العام 2006 (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تهدد لبنان بإعادته إلى العصور الوسطى

صورة أرشيفية لقصف الضاحية الجنوبية لبيروت خلال العام 2006 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لقصف الضاحية الجنوبية لبيروت خلال العام 2006 (أ.ف.ب)

نشرت صحيفة «هآرتس» تقريراً عن احتمال وقوع حرب مقبلة بين إسرائيل و«حزب الله» اللبناني، تضمن تهديدات للدولة اللبنانية، على خلفية المواقف الأخيرة التي أطلقها الرئيس اللبناني ميشال عون من القاهرة، والتي أكد فيها أن «سلاح حزب الله مهم ودوره يكمل عمل الجيش ولا يناقضه وهو جزء أساسي بالدفاع عن لبنان، طالما أن إسرائيل تحتل أراضي لبنانية، وتطمع بثروات طبيعية لبنانية».
واعتبر العميد في الاحتياط في الجيش الإسرائيلي أساف أوريون، في دراسة صادرة أخيرا عن «معهد أبحاث الأمن القومي» في جامعة تل أبيب، أن «الرئيس اللبناني يلغي التمييز بين الدولة التي تبدو كأنها سيادية و(حزب الله)، وبذلك يتحمل المسؤولية عن جميع عمليات (حزب الله)، وبضمنها عمليات ضد إسرائيل».
وكان وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان اعتبر خلال اجتماع للجنة الخارجية والأمن التابعة لـ«الكنيست»، هذا الأسبوع، أن «الجيش اللبناني هو اليوم وحدة أخرى في منظومة (حزب الله)».
وتحدث الوزير اليميني المتطرف نفتالي بيني عن توسع شكل أي حرب محتملة مقبلة بين إسرائيل و«حزب الله»، مشيراً إلى تقرير مراقب الدولة حول العدوان الأخير على غزة في عام 2014، وظهوره كمن حذر من الأنفاق الهجومية في قطاع غزة ومن إخفاقات القيادتين السياسية والعسكرية الإسرائيلية أثناء هذا العدوان.
وأشار بينيت في مقابل أجرتها معه «هآرتس» إلى أن «صيد منصات إطلاق الصواريخ أثناء الحرب تكاد تكون مهمة مستحيلة، وأنا أقول ذلك كخبير في صيد الصواريخ»، إذ إن بينيت الذي كان ضابطاً في وحدة «كوماندوز» النخبة الإسرائيلية، قاد كضابط في الاحتياط، خلال حرب لبنان الثانية عام 2006، قوة «كوماندوز» تم إرسالها إلى عمق مناطق جنوب لبنان بهدف البحث عن خلايا إطلاق صواريخ تابعة لـ«حزب الله». أضاف أن «حزب الله» أكثر حنكة اليوم قياساً بعام 2006.
ولفت بينيت إلى محادثة هاتفية جرت في عام 2006 مع بداية الحرب بين رئيس الحكومة الإسرائيلية حينها إيهود أولمرت ووزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، طلبت فيها منه عدم ضرب البنى التحتية اللبنانية. واعتبر بينيت أن موافقة أولمرت على هذا الطلب سدت الطريق أمام انتصار إسرائيل في الحرب.
وأشار إلى أن «لبنان صور نفسه في العام 2006 أنه دولة تتوق للهدوء وألا تأثير له على (حزب الله). واليوم، (حزب الله) مغروس في الدولة اللبنانية. وهو جزء من الحكم. ووفقاً للرئيس عون، هو جزء من قوات الأمن».
ودعا بينيت إلى اعتبار المؤسسات اللبنانية، والبنية التحتية، والمطار، ومحطات توليد الكهرباء، والجسور، وقواعد الجيش اللبناني، أهدافاً مشروعة إذا نشبت حرب. وأضاف: «إذا أطلق (حزب الله) صواريخ على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، فهذا يجب أن يعني إعادة لبنان إلى العصور الوسطى»، لكنه استدرك بالقول إن هذه الدعوة تهدف إلى ردع «حزب الله» و«وعلينا تسويق هذه الرسالة بصرامة، لنتمكن من منع الحرب المقبلة».
يشار إلى أن هذه الخطوات الحربية التي تحدث عنها بينيت ليست جديدة، فقد طرح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت، عندما كان قائداً للجبهة الشمالية في عام 2008، ما بات يُعرَف بـ«عقيدة الضاحية»، التي تحدثت عن تنفيذ تدمير شامل للمناطق المعروف أنها تابعة لـ«حزب الله»، مثلما فعل الجيش الإسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت أثناء حرب 2006.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».