معرض الرياض للكتاب يتجاوز «تكدير» العرض الماليزي

مثقفون يؤكدون أن التظاهرة تعكس حجم الوعي بأهمية الثقافة

يحمل جناح الطفل شعار «نقرأ والدرب ينير» (واس) - جانب من معرض الكتاب (واس)
يحمل جناح الطفل شعار «نقرأ والدرب ينير» (واس) - جانب من معرض الكتاب (واس)
TT

معرض الرياض للكتاب يتجاوز «تكدير» العرض الماليزي

يحمل جناح الطفل شعار «نقرأ والدرب ينير» (واس) - جانب من معرض الكتاب (واس)
يحمل جناح الطفل شعار «نقرأ والدرب ينير» (واس) - جانب من معرض الكتاب (واس)

واصل معرض الرياض الدولي للكتاب فعالياته أمس بزخم كبير، على الرغم من محاولات التكدير التي تعرض لها مساء أول من أمس، حين حاول أحد المحتسبين تعطيل عرض فني للفرقة الماليزية المشاركة في المعرض، ضمن فعاليات ضيف الشرف التي تحتلها هذا العام مملكة ماليزيا.
وأكدت وزارة الثقافة والإعلام أن الجهات الأمنية أوقفت مواطناً قام بالهجوم على الجناح الماليزي بمعرض الكتاب الدولي بالرياض، مشددة على أن ما قام به يمثل تصرفاً فردياً. وكان أحد المحتسبين غير المسجلين رسمياً في جهاز الحسبة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) قد هاجم فعاليات العرض الفني الماليزي (ضيف الشرف)، وكان العرض يتضمن عرضاً موسيقياً مصحوباً برقصات وطنية، وقام برمي آلات الموسيقى وأمسك بالميكروفون معلناً اعتراضه على إقامة هذا النوع من الاحتفاليات في المعرض.
وأمام ذهول الحضور، هتفت مشاركة ماليزية «نحن نمثل دولة ضيف الشرف، كيف نُعامل بهذه الطريقة». وعلى الفور، أعرب عدد من الحضور عن امتعاضهم مما حدث، وتدخلت الجهات المنظمة لمنع المحتسب، وإعادة الأمور لمجاريها.
ويقدم الجناح الماليزي أنشطته الثقافية والفنية يومياً من فترة بعد صلاة العصر حتى بعد صلاة العشاء. وضمن فعاليات الجناح الماليزي، أقيمت حلقة نقاش تناولت كتاب «الشريعة في الاقتصاد الإسلامي»، لمؤلفه الشيخ الدكتور محمد داود بكر، رئيس المجلس الاستشاري الشرعي في البنك المركزي لماليزيا، المتخصص في الاقتصاد الإسلامي.
وواصل المثقفون السعوديون تفاعلهم مع المعرض، حيث أكد رئيس جمعية الثقافة والفنون في الباحة علي البيضاني أن معرض الرياض الدولي للكتاب يمثل حدثاً ثقافياً وتجمعاً أدبياً لمختلف فنون الشعر والأدب وثقافة المنطقة العربية.
وأضاف أن هذه التظاهرة الثقافية، بما تحمله في طياتها من كنوز معرفية ثمينة، تعكس حجم الوعي الثقافي الذي يتمتع به أبناء هذا الوطن وحبهم وعشقهم للكتاب، مبيناً أن كل من يزور المعرض يجد ما يبحث عنه من فنون وأدب وثقافة وفكر وسط هذا العدد الهائل من دور النشر المشاركة، التي يزيد عددها على 550 داراً، بالإضافة إلى الفعاليات الثقافية المصاحبة للمعرض.
وتابع البيضاني: «أنشأنا في جمعية الثقافة والفنون في الباحة مشروعاً ضخماً يهدف إلى حفظ الأدب الشفهي والطب الشعبي في منطقة الباحة، وكنا نحرص أن يكون مكتبة إلكترونية، لكننا وجدنا أن المكتبة عمرها قصير، وغير مضمونة الاستمرار، وقد تتلف بعكس الكتاب الذي يتميز بطول مدة بقائه عبر عشرات السنين».
في حين أكد القاص حسن علي البطران (من الأحساء) أن معرض الرياض للكتاب يمثل ظاهرة ثقافية وإبداعية، ودعا إلى تعزيز الفعاليات الثقافية، وقال: «لابد أن تكون هذه الظاهرة أعمق، وذلك من خلال تعزيز برامج المعرض المرافقة والموازية».
ومضى يقول: «معرض الرياض للكتاب منارة ثقافية كبرى وظاهرة إعلامية يجب أن تتجاوز بيع الكتب إلى مضمونها المعرفي والثقافي».
وضمن فعاليات المعرض، أقيمت جلسة حوارية بعنوان «خطابات»، وشارك فيها الكاتب صالح الخزيم الذي أكد أن الكتابة والتأليف تعتبران من أبرز الأشياء التي يسعى من خلالها الكاتب إلى إبراز ما يملكه من فكر وثقافة تناسب طبيعة مجتمعه وتحاكيه.
وأضاف: أن هناك من يكتب ليترك أثراً له في هذا الكون يبقى حتى بعد وفاته، وهناك من يكتب بحثاً عن ذاته والشهرة والمال، مبيناً أن جميع الكتاب في بداياتهم تعرضوا لصعوبات مختلفة.
وتابع متحدثاً عن تجربته الشخصية أن كتابه الأول الذي جاء بعنوان «ملهمون»، كان يطمح أن تكون مبيعاته ألف نسخة فقط، لكنها فاقت ذلك، ووصلت إلى 50 ألف نسخة.
كما ضمت الجلسة الشاعر والروائي ماجد المقبل، الذي عرّف «الكتابة» بأنها اختلاق شيء من العدم، مبيناً أن لحلقات تحفيظ القرآن الكريم الأثر الإيجابي الكبير في بلاغته، بالإضافة إلى كتاب «لآلئ الشعر» الذي كان له أثر كبير عليه من خلال الحفظ والاستمتاع باللغة.
في حين تحدث الشاعر محمد العتيق، صاحب كتاب «كذب الحب ولو صدق»، عن بداياته بكتابة الشعر التي وصفها بـ«الفاشلة». وأضاف: «كنت مغرماً باللغة العربية، وأقرأ للشاعر نزار قباني، لكن مع ذلك كانت قصائدي غير موزونة، حتى درست علم العروض دراسة شخصية، واكتشفت أنها تشابه المعادلة الرياضية، وفيها يجب أن يتساوى الشطران، ومن هنا بدأت الرحلة». وقدم نصائح للزوار بالمثابرة على القراءة ومخالطة الكتاب والمثقفين.
إلى ذلك، افتتح جناح الطفل بمعرض الرياض الدولي للكتاب أبوابه بهوية متجددة، وأنشطة متنوعة، لإثراء النشاط المعرفي والثقافي لدى الطفل، وزيادة شغفه بالثقافة.
ويحمل جناح الطفل شعار «نقرأ والدرب ينير»، وتحولت فعالياته محطة بارزة في إلهام الأطفال وإعدادهم للمستقبل، بعد تجهيزه هندسياً بما يتناسب مع احتياجات الأطفال، وجعله زاوية معرفية تحاكي رؤية المملكة، وإيصال الفكرة الأساسية التي ينبثق منها شعار المعرض لهذا العام «الكتاب... رؤية وتحول».
واحتوى جناح الطفل على أركان تفاعلية عدة صُممت بطريقة متسلسلة، تنوعت بين الرسم والقراءة والكتابة وإشباع الطاقات الإبداعية لدى الأطفال.
وتقول المشرفة على ركن «بداية حكاية»، نجلاء السعيد: «قدمنا برامج إثرائية فنية متنوعة في تنمية المهارات الإبداعية لدى الأطفال، عبر تقسيم الأنشطة بشكل متسلسل وهادف، ليبدأ الطفل حكاية يبني بها فكرة، وينطلق منها إلى عالم الخيال».
وفي جانب الكتابة، استعرض ركن «القراءة نور» الذي قسم أنشطته على فئتين عمريتين، الأولى استهدفت الأطفال من 5 إلى 7 سنوات بعرض القصص التي تتناسب مع ميولهم، وقراءتها عبر تقنية «الأجهزة اللوحية» في استعراض الحروف والأرقام، والصور للأطفال غير القارئين. والفئة الثانية استهدفت الأطفال من عمر 8 إلى 13 سنة، التي بدورها تعزز ملكة حب القراءة والكتابة لديهم.
وركز الجناح في فعالياته على وضع بصمة في تحديد الميول والأهداف المستقبلية للطفل، وتعزيز قيم المواطنة، وتنمية مهاراته التفكيرية والإبداعية.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».