التحالف الأميركي ـ الكردي ينتظر ترجمته سياسياً

واشنطن تحقق هدف محاربة الإرهاب و«الاتحاد الديمقراطي» يفرض نفسه لاعباً أساسياً

التحالف الأميركي ـ الكردي ينتظر ترجمته سياسياً
TT

التحالف الأميركي ـ الكردي ينتظر ترجمته سياسياً

التحالف الأميركي ـ الكردي ينتظر ترجمته سياسياً

مع بدء اتضاح الخطة الأميركية في سوريا من خلال زيادة الدعم الأميركي لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي، واعتماده شريكاً أساسياً في محاربة تنظيم داعش، تعكس الوقائع مصالح مشتركة يسعى كلا الطرفين إلى تحقيقها تمهيداً لأي حلّ سياسي في المرحلة المقبلة، رغم استبعاد الأكراد من المفاوضات السياسية، نتيجة «الفيتو التركي». لكن الحزب يأمل ألا يدوم هذا الواقع طويلاً، وأن تكون «جائزة» مشاركته في الحرب هي حضوره على طاولة الحلّ السياسي.
وفي حين تجدّد المعارضة السورية رفضها مشاركة «الاتحاد الديمقراطي» في المباحثات السياسية، انطلاقاً مما تعتبره «أهدافاً انفصالية» يسعى إليها، وتؤكد أن الأكراد ممثلون في المفاوضات عبر أحزاب عدّة، ينفي «الاتحاد» هذه الاتهامات، مشدداً على أن أي حل سياسي في سوريا لن يتحقق ما لم يكن مشاركاً فيه.
وهذا ما يشير إليه القيادي في الحزب رئيس «المركز الكردي للدراسات» نواف خليل، إذ يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «عدم مشاركتنا دليل على أن الحل في سوريا لا يزال مؤجلاً، وعند اتخاذ القرار بإنهاء الأزمة سنكون حاضرين على الطاولة، بحيث يصل الجميع إلى مرحلة التوافق والمساومة». ويضيف: «لا نسعى أو نطمح إلى الانفصال. كما أن التقسيم في سوريا ليس وارداً، ولو كانت خطتنا كذلك لما كنا استمررنا في القتال باتجاه منبج والرقة، كما أن المنطقة التي نسيطر عليها اليوم لا تقتصر على الأكراد، بل هي تجمع قوميات عدة وستكون أيضاً جاذبة لمختلف أطياف السوريين». وتابع: «عانينا من سياسة حزب البعث، ولن نكررها مع غيرنا. وهناك فارق كبير بين الدولة القومية والحقوق القومية، ونحن نسعى إلى الأخيرة».
في المقابل، يرى المستشار الإعلامي لوفد «الهيئة العليا للتفاوض» وائل علوان، أن «الدعم الأميركي في سوريا لا يقتصر على حزب الاتحاد الديمقراطي، لكن مما لا شك فيه أن حجم الاستثمار في القوى الانفصالية أكبر من الفصائل المعارضة، وهو ما يؤكد أن للطرفين مصالح مشتركة حالية وفي مستقبل الشرق الأوسط».
ورفض علوان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» القبول بأي دور لـ«الاتحاد الديمقراطي» في المفاوضات السياسية. وأوضح: «هم قوى انفصالية لا تعمل وفق أجندة المعارضة التي يعمل عليها السوريون، ومن بينهم أكراد ممثلون في الائتلاف والهيئة العليا التفاوضية... على هؤلاء إذا أرادوا أن يشاركوا في المفاوضات، الجلوس إلى جانب النظام الذي يتشاركون معه في تبادل الوظائف».
ويتّفق أستاذ العلاقات الدولية خطار بودياب والخبير العسكري العميد المتقاعد خليل حلو، على أن الدعم الأميركي العسكري للأكراد، يحقّق مصلحة مشتركة للطرفين. وفي حين لا يرى حلو أن الخطة الأميركية ودعم الأكراد خطوة نحو تقسيم سوريا، يوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «واشنطن تحقق من خلال هذا التعاون خطتها في محاربة الإرهاب بعدما كانت أبدت استعدادها لدعم أي جهة تقوم بهذا الدور، بينما يثبت الاتحاد الديمقراطي حضوره بعد كل التهميش الذي عانى منه الأكراد سابقاً، على أن يحصل في المقابل على مقعد أساسي في أي حل مستقبلي، وبالتالي المشاركة في المفاوضات السياسية التي لا يزال الآن مبعداً منها». ورأى أنه «لا يمكن لواشنطن أن تدخل في خصومة مع تركيا لإنشاء دولة كردية على حدودها، لا سيما أنّ أنقرة هي ثاني دولة في الناتو من حيث عدد الجيش وجاهزيته».
واعتبر العميد المتقاعد أن مساحة المناطق التي يسيطر عليها الأكراد اليوم والتي تفوق تلك الخاضعة لسيطرة النظام، «أكبر من حجم الأكراد، إن لناحية عدد السكان أو لجهة القدرة العسكرية التي لا تزيد على 30 ألف مقاتل، وبالتالي لا يمكن أن تستمر السيطرة عليها في المستقبل، إنما ستكون مرحلة أولى قبل الانتقال إلى مرحلة الحل السياسي، بحيث عندها لا يمكن استبعاد الأكراد ويصبح وجودهم ضرورة على الطاولة ستقبل به تركيا».
أما بودياب فيقول لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب الكردي الذي تربطه صلة بـ«حزب العمال الكردستاني» المصنف إرهابياً، «بات بمثابة الذراع اليمنى للتحالف الدولي ضدّ تنظيم داعش اليوم في سوريا». وأشار إلى أن الحزب «يتناقض حيناً مع النظام ويتكامل معه حيناً آخر عبر تسليمه مناطق، فيما يمكن وصفه بالتنازلات لتفادي الاشتباك مع تركيا».
ويرى أن «القوى الكردية تحاول التأقلم مع التناقضات، وهي في الوقت عينه لن ترضى بإسقاط بندقيتها». واعتبر أن «من المنطقي أن تقدم واشنطن للقوى الكردية جائزة ترضية، انطلاقاً من واقع المناطق الخاضعة لسيطرتها والدور الذي يلعبه الأكراد اليوم، وإذا وفت هذه القوى بوعودها فلن تبقى خارج طاولة المفاوضات. لكن إذا لم تظهر مرونة في مواقفها، لا سيما تلك الداعية إلى ما تعتبرها فيدرالية ديمقراطية، فهذا الأمر لن يكون سهلاً، إضافة أيضا إلى أن الانقسام الكردي سينعكس سلباً على الأكراد».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.