مع بدء اتضاح الخطة الأميركية في سوريا من خلال زيادة الدعم الأميركي لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي، واعتماده شريكاً أساسياً في محاربة تنظيم داعش، تعكس الوقائع مصالح مشتركة يسعى كلا الطرفين إلى تحقيقها تمهيداً لأي حلّ سياسي في المرحلة المقبلة، رغم استبعاد الأكراد من المفاوضات السياسية، نتيجة «الفيتو التركي». لكن الحزب يأمل ألا يدوم هذا الواقع طويلاً، وأن تكون «جائزة» مشاركته في الحرب هي حضوره على طاولة الحلّ السياسي.
وفي حين تجدّد المعارضة السورية رفضها مشاركة «الاتحاد الديمقراطي» في المباحثات السياسية، انطلاقاً مما تعتبره «أهدافاً انفصالية» يسعى إليها، وتؤكد أن الأكراد ممثلون في المفاوضات عبر أحزاب عدّة، ينفي «الاتحاد» هذه الاتهامات، مشدداً على أن أي حل سياسي في سوريا لن يتحقق ما لم يكن مشاركاً فيه.
وهذا ما يشير إليه القيادي في الحزب رئيس «المركز الكردي للدراسات» نواف خليل، إذ يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «عدم مشاركتنا دليل على أن الحل في سوريا لا يزال مؤجلاً، وعند اتخاذ القرار بإنهاء الأزمة سنكون حاضرين على الطاولة، بحيث يصل الجميع إلى مرحلة التوافق والمساومة». ويضيف: «لا نسعى أو نطمح إلى الانفصال. كما أن التقسيم في سوريا ليس وارداً، ولو كانت خطتنا كذلك لما كنا استمررنا في القتال باتجاه منبج والرقة، كما أن المنطقة التي نسيطر عليها اليوم لا تقتصر على الأكراد، بل هي تجمع قوميات عدة وستكون أيضاً جاذبة لمختلف أطياف السوريين». وتابع: «عانينا من سياسة حزب البعث، ولن نكررها مع غيرنا. وهناك فارق كبير بين الدولة القومية والحقوق القومية، ونحن نسعى إلى الأخيرة».
في المقابل، يرى المستشار الإعلامي لوفد «الهيئة العليا للتفاوض» وائل علوان، أن «الدعم الأميركي في سوريا لا يقتصر على حزب الاتحاد الديمقراطي، لكن مما لا شك فيه أن حجم الاستثمار في القوى الانفصالية أكبر من الفصائل المعارضة، وهو ما يؤكد أن للطرفين مصالح مشتركة حالية وفي مستقبل الشرق الأوسط».
ورفض علوان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» القبول بأي دور لـ«الاتحاد الديمقراطي» في المفاوضات السياسية. وأوضح: «هم قوى انفصالية لا تعمل وفق أجندة المعارضة التي يعمل عليها السوريون، ومن بينهم أكراد ممثلون في الائتلاف والهيئة العليا التفاوضية... على هؤلاء إذا أرادوا أن يشاركوا في المفاوضات، الجلوس إلى جانب النظام الذي يتشاركون معه في تبادل الوظائف».
ويتّفق أستاذ العلاقات الدولية خطار بودياب والخبير العسكري العميد المتقاعد خليل حلو، على أن الدعم الأميركي العسكري للأكراد، يحقّق مصلحة مشتركة للطرفين. وفي حين لا يرى حلو أن الخطة الأميركية ودعم الأكراد خطوة نحو تقسيم سوريا، يوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «واشنطن تحقق من خلال هذا التعاون خطتها في محاربة الإرهاب بعدما كانت أبدت استعدادها لدعم أي جهة تقوم بهذا الدور، بينما يثبت الاتحاد الديمقراطي حضوره بعد كل التهميش الذي عانى منه الأكراد سابقاً، على أن يحصل في المقابل على مقعد أساسي في أي حل مستقبلي، وبالتالي المشاركة في المفاوضات السياسية التي لا يزال الآن مبعداً منها». ورأى أنه «لا يمكن لواشنطن أن تدخل في خصومة مع تركيا لإنشاء دولة كردية على حدودها، لا سيما أنّ أنقرة هي ثاني دولة في الناتو من حيث عدد الجيش وجاهزيته».
واعتبر العميد المتقاعد أن مساحة المناطق التي يسيطر عليها الأكراد اليوم والتي تفوق تلك الخاضعة لسيطرة النظام، «أكبر من حجم الأكراد، إن لناحية عدد السكان أو لجهة القدرة العسكرية التي لا تزيد على 30 ألف مقاتل، وبالتالي لا يمكن أن تستمر السيطرة عليها في المستقبل، إنما ستكون مرحلة أولى قبل الانتقال إلى مرحلة الحل السياسي، بحيث عندها لا يمكن استبعاد الأكراد ويصبح وجودهم ضرورة على الطاولة ستقبل به تركيا».
أما بودياب فيقول لـ«الشرق الأوسط» إن الحزب الكردي الذي تربطه صلة بـ«حزب العمال الكردستاني» المصنف إرهابياً، «بات بمثابة الذراع اليمنى للتحالف الدولي ضدّ تنظيم داعش اليوم في سوريا». وأشار إلى أن الحزب «يتناقض حيناً مع النظام ويتكامل معه حيناً آخر عبر تسليمه مناطق، فيما يمكن وصفه بالتنازلات لتفادي الاشتباك مع تركيا».
ويرى أن «القوى الكردية تحاول التأقلم مع التناقضات، وهي في الوقت عينه لن ترضى بإسقاط بندقيتها». واعتبر أن «من المنطقي أن تقدم واشنطن للقوى الكردية جائزة ترضية، انطلاقاً من واقع المناطق الخاضعة لسيطرتها والدور الذي يلعبه الأكراد اليوم، وإذا وفت هذه القوى بوعودها فلن تبقى خارج طاولة المفاوضات. لكن إذا لم تظهر مرونة في مواقفها، لا سيما تلك الداعية إلى ما تعتبرها فيدرالية ديمقراطية، فهذا الأمر لن يكون سهلاً، إضافة أيضا إلى أن الانقسام الكردي سينعكس سلباً على الأكراد».
التحالف الأميركي ـ الكردي ينتظر ترجمته سياسياً
واشنطن تحقق هدف محاربة الإرهاب و«الاتحاد الديمقراطي» يفرض نفسه لاعباً أساسياً
التحالف الأميركي ـ الكردي ينتظر ترجمته سياسياً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة