دبلوماسي ياباني: شراكتنا مع السعودية لا تقتصر على الاقتصاد

توقع نتائج مثمرة لزيارة الملك سلمان

السفير الياباني لدى السعودية
السفير الياباني لدى السعودية
TT

دبلوماسي ياباني: شراكتنا مع السعودية لا تقتصر على الاقتصاد

السفير الياباني لدى السعودية
السفير الياباني لدى السعودية

قال نوريهيرو أوكودا، السفير الياباني لدى السعودية، لـ«الشرق الأوسط»: إن الرياض ستظل مزودة رئيسية موثوقة للنفط بالنسبة لأمن الطاقة لليابان، كما ستظل المملكة العربية السعودية واحدة من أهم المستوردين البارزين للمنتجات الصناعية اليابانية.
وأضاف، أن مناقشات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في زيارته المرتقبة إلى اليابان، لن تقتصر على الملفات الاقتصادية وحسب، بل ستشمل الجوانب الأمنية، إلى جانب الثقافية والترفيهية وغيرها، من أجل تحقيق أهداف «رؤية 2030»، فضلا عن بحث القضايا الإقليمية في منطقة شرق آسيا وتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية في الشرق الأوسط، مثل قضايا اليمن وسوريا.
ولفت السفير إلى سعي البلدين لتعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.
وتطرق سفير اليابان إلى الزيارة الأخيرة للأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إلى اليابان في سبتمبر (أيلول) 2016، مؤكداً أنها كانت فرصة رائعة لكل من السعودية واليابان لترسيخ العلاقات الثنائية الوثيقة للتعاون بينهما في مختلف المجالات، التي امتدت على مدى العقود الستة الماضية، ولانطلاق مرحلة التعاون القوي للمملكة العربية السعودية من أجل خلق مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر من خلال تنفيذ «الرؤية السعودية 2030» وبرنامج «التحول الوطني 2020».
وتابع بالقول، إن «اليابان تشيد عالياً بسلسلة المبادرات المتنوعة لإصلاح اقتصاد ومجتمع المملكة، كما أنها ترغب في التعاون النشط مع السعودية لتحقيق الأهداف التي خططت في (الرؤية)؛ ولهذا الغرض، قام كلا البلدين بتأسيس (المجموعة السعودية - اليابانية المشتركة لرؤية 2030) بمناسبة الزيارة التي قام بها ولي ولي العهد، ومباشرة بعد ذلك، قام وفد برئاسة هيروشيغي سيكو، وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني، بعقد الاجتماع الأول للمجموعة المشتركة مع الجانب السعودي، وذلك في أكتوبر (تشرين الأول) 2016 في الرياض، حيث ناقشوا من خلاله مجالات التعاون المتوقع بشكل مفصل، مثل مجالات الطاقة، والرعاية الصحية، وتجارة التجزئة، والرسوم المتحركة (الأنمي) والملكية الفكرية. وهكذا، قامت اليابان باتخاذ إجراءات سريعة لاستجابة النتائج الإيجابية لزيارة ولي ولي العهد».
ولفت أوكودا إلى أن «المجموعة السعودية - اليابانية المشتركة لرؤية 2030» قامت بتشكيل مجموعات فرعية يقودها ويمثلها خبراء رفيعو المستوى ومسؤولون من كلا الجانبين، وتشمل: فرص التجارة والاستثمار، الاستثمار والتمويل، الطاقة والصناعة، المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبناء القدرات، والثقافة والرياضة.
وأضاف «منذ الاجتماع الأول للمجموعة المشتركة، تقوم كل من البلدين بتعجيل مناقشات مفصلة لتحديد مجالات محددة وطرق عملية للتعاون، ومن ضمن هذه المناقشات، تعتبر مجالات البنية التحتية، والترفيه، والطاقة، والاكتتاب العام لـ(أرامكو)، وإنترنت الأشياء (IoT)، والبيانات الضخمة، والذكاء الاصطناعي (A.I.)، والروبوت (الإنسان الآلي) من الأولويات».
وبحسب السفير الياباني، تأمل السعودية واليابان توافقهما على المشروعات ذات الأولوية أثناء اجتماع على المستوى الوزاري في طوكيو في ربيع 2017، التي نأمل عقده بمناسبة زيارة الملك سلمان إلى اليابان. واستطرد «أخيراً وليس آخراً، نرغب في تعزيز العلاقة مع المملكة العربية السعودية في المجال العسكري، نرحب بمزيد من المناقشة المتواترة والمفصلة بين البلدين حول قضايا أمنية إقليمية، وسنركز أيضاً على التبادلات الدفاعية المستقبلية المحتملة أو التعاون، بما في ذلك تبادل الزيارات رفيعة المستوى من كبار مسؤولي الدفاع والتعاون في مجال المعدات الدفاعية».
ورأى أوكودا، أن قيام السعودية بتعيين ملحق الدفاع لها في طوكيو، وهو ملحق دفاع أول للمملكة العربية السعودية إلى اليابان، يمثل رمزاً لتعميق العلاقات بين البلدين. وقال «أتمنى له مزيدا من التوفيق والنجاح في تعزيز التعاون العسكري، والعمل جنبا إلى جنب مع الملحق الدفاع الياباني في الرياض».
وأوضح السفير، أن السعودية واليابان قاما بشكل مشترك بتوسيع التعاون الاقتصادي منذ عام 1975 عندما تم إبرام «اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني بين المملكة واليابان»، حيث كانت السعودية أكبر مصدر للنفط الخام في عام 2015 لليابان، حيث استوردت اليابان 1.1 مليون برميل من النفط الخام يومياً.
وأضاف: «بالنسبة للمملكة، اليابان هي رابع أكبر دولة تصدر لها السعودية، وثالث أكبر دولة تستورد منها في 2014. وبالنسبة لليابان، تعتبر السعودية خامس أكبر دولة تصدر لها (بنحو 3 تريليون ين ياباني منتجات النفط الخام وغاز البترول المسال)، وكذلك الدولة رقم 21 الأكبر استيراداً للمنتجات اليابانية (بنحو 0.8 تريليون ين) في عام 2015».
وشدد على أنه «من الواضح تماماً أن السعودية ستظل مزودة رئيسية موثوقة للنفط بالنسبة لأمن الطاقة لليابان، وأيضا، ستظل المملكة واحدة من أهم المستوردين البارزين للمنتجات الصناعية اليابانية، وهذا يدل على أن البلدين سيبقيان شريكَي تجارة ممتازة، ولكن أتمنى أن أرى المزيد من الاستثمارات، سواء كانت الواردة والصادرة، وكذلك الاستثمارات المشتركة لفرص الأعمال خارج المملكة».
وكشف السفير الياباني في السعودية، عن أن إجمالي حجم الاستثمار الياباني المباشر في السعودية عام 2010، كان نحو 14.5 مليار دولار، وكانت اليابان رابع أكبر دولة مستثمرة في السعودية. وقال «البيانات من اليابان توضح أن حجم الاستثمار الخارجي المباشر خلال الفترة 2012 - 2015 قد بلغ إلى 162 مليار ين ياباني، وتقليدياً، يظل التركيز الرئيسي للاستثمار الأجنبي المباشر لليابان في قطاع البتروكيماويات السعودي، والأهم منها الاستثمار المشترك في شركة بترورابغ بمبلغ 16 مليار دولار. وفي الوقت نفسه، هناك استثمارات يابانية متزايدة في قطاع الصناعات التحويلية، مثل صناعة الشاحنات، وتوربينات توليد الطاقة، الأنابيب، والصمامات، الكيابل الكهربائية عالية الجهد تحت سطح البحر، وأغشية تحلية ومعالجة المياه المالحة، وغيرها».
ولفت إلى أن مجموعة «سوفت بنك» (SoftBank) اليابانية الرائدة في مجال الاستثمار في التكنولوجيا، أعلنت في أكتوبر 2016 أنها ستنشئ صندوقا مشتركاً مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي، اسمه صندوق «رؤية سوفت بنك» بمبلغ 100 مليار دولار، حيث يستثمر صندوق الاستثمارات العامة السعودي و«سوفت بنك» مبلغا قدره 45 مليار دولار و25 مليار دولار على التوالي، وتستثمر جهات أخرى بمبلغ قدره 35 مليار دولار. وأردف «سيسعى الصندوق لفرص استثمارية ممتازة في جميع أنحاء العالم، وخاصة في مجال تقنية المعلومات وقطاع التقنية العالية، ونحن لا نشك في أن الاستثمار الأجنبي المباشر لليابان إلى السعودية سوف تظل متزإيدا. وفي الوقت نفسه، ترحب اليابان الاستثمار الأجنبي المباشر السعودي إلى اليابان في مختلف القطاعات»
وفي الجانب الثقافي، يعمل اليابانيون على تنشيط التبادل والتعاون مع الحكومة السعودية نحو «الرؤية السعودية 2030»، ويقول السفير: نأمل أن شريكنا السعودي سيستفيد من التجربة والمعرفة والتقنية اليابانية في مجالات الثقافة والترفيه والرياضة. وتابع: «يسعدنا جدا إعلان رغبتنا في إقامة (الأسبوع الثقافي الياباني) في شهر أبريل (نيسان) لهذا العام، وذلك بناء على مذكرة التعاون في مجال التبادل الثقافي، التي تم إبرامها في سبتمبر الماضي».
وإضافة إلى ذلك، يقول السفير «نخطط إلى مزيد من تسريع التبادل في المجال الرياضي، وبخاصة تجاه الألعاب الأولمبية والبارالمبية بطوكيو في عام 2020، فقد قمنا بإرسال أربعة خبراء للكاراتيه إلى المملكة في يناير (كانون الثاني) الماضي، وسنقوم أيضاً بإرسال خبراء الجودو في شهر مارس (آذار) الحالي، وذلك استجابة لطلب اتحادَي السعودي للكاراتيه والجودو. ومن خلال هذه المبادرات، حلمي الكبير هو أن يفوز لاعبو الكاراتيه والجودو السعوديون ببعض الميداليات الذهبية في الألعاب الأولمبية (طوكيو 2020)».



من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
TT

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)
«منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)

صادقت 15 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الرقمي، على إطلاق مبادرة استراتيجية متعددة الأطراف لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت» خلال «منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة، الذي تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد، وحتى 19 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، بمركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض، وبتنظيم من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، وهيئة الحكومة الرقمية.

وعلى هامش المنتدى، أعلنت «منظمة التعاون الرقمي» التي تتخذ من العاصمة السعودية الرياض مقرّاً لها، إطلاق المبادرة، بمصادقة عدد من الدول على بيان مشترك بهذا الإعلان وهي: السعودية، والبحرين، وبنغلاديش، وقبرص، وجيبوتي، وغامبيا، وغانا، والأردن، والكويت، والمغرب، ونيجيريا، وعُمان، وباكستان، وقطر، ورواندا.

وأكدت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الرقمي، لـ«الشرق الأوسط» أن هذه المبادرة التي تقودها وترعاها الكويت، وتم تقديمها خلال الجمعية العامة الثالثة لمنظمة التعاون الرقمي، تهدف إلى تعزيز احترام التنوع الاجتماعي والثقافي، ومكافحة المعلومات المضللة عبر الإنترنت، من خلال جهود الوساطة والتنسيق بين الشركات والحكومات والجهات الأخرى ذات الصلة، مثل المنظمات الدولية والمجتمع المدني.

وتضمّن الإعلان، إنشاء «لجنة وزارية رفيعة المستوى» تتولّى الإشراف على تنفيذ مبادرة «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت» التابعة للمنظمة، فيما جدّدت الدول المُصادقة على الإعلان، التزامها بالدعوة إلى «إنشاء اقتصاد رقمي شامل وشفاف وآمن يُمكن الأفراد من الازدهار».

وأكّد الإعلان على رؤية الدول إلى أن القطاع الخاص، وخصوصاً منصات التواصل الاجتماعي، «شريك في هذه الجهود لتعزيز التأثير الاجتماعي الإيجابي بدلاً من أن تكون وسيلة لنشر التأثيرات السلبية أو عدم الوعي الثقافي».

ودعا الإعلان، إلى بذل جهود جماعية من شأنها دعم القيم الوطنية، والتشريعات، وقواعد السلوك في منصات التواصل الاجتماعي، إلى جانب تأكيد «منظمة التعاون الرقمي» التزامها بتحسين الثقة في الفضاء السيبراني من خلال معالجة التحديات الأخلاقية والخصوصية المرتبطة بالتقنيات الناشئة.

وفي الإطار ذاته شدّد الإعلان على الأهمية البالغة للحوار النشط والتعاون بين منصات التواصل الاجتماعي والدول التي تعمل فيها، وعَدّ التعاون القائم على الثقة المتبادلة «مفتاحاً لضمان احترام المشهد الرقمي لحقوق وقيم جميع الأطراف ذات الصلة».

من جهتها، أشارت ديمة اليحيى، الأمين العام لـ«منظمة التعاون الرقمي»، خلال حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن استطلاعات للرأي شملت 46 دولة، أظهرت أن أكثر من 59 في المائة قلقون من صعوبة التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف عبر الإنترنت.

وأضافت أن ما يزيد على 75 في المائة من مستخدمي الإنترنت قد واجهوا أخباراً زائفة خلال الأشهر الستة الماضية، وتابعت: «تنتشر المعلومات المضللة على المنصات الاجتماعية بمعدل يصل إلى 10 أضعاف سرعة انتشار الحقائق»، الأمر الذي من شأنه، وفقاً لـ«اليحيى»، أن يسلّط الضوء على مفارقة مزعجة بأن «المنصات التي أحدثت ثورة في الاتصال والتقدم أصبحت أيضاً قنوات للانقسام، وتزعزع الثقة، وتزيد من حالة الاستقطاب في المجتمعات».

ونوّهت اليحيى إلى أن المعلومات المضلّلة «لم تعد قضية هامشية، بل جائحة رقمية مخيفة تتطلب تحركاً عاجلاً ومشتركاً»، وأضافت: «الدراسات بيّنت أن المعلومات المضللة قد تؤدي إلى إرباك الانتخابات في العديد من الدول خلال العامين المقبلين، مما يهدد الاستقرار العالمي». على حد وصفها.

وعلى جانب آخر، قالت: «بالنسبة للأجيال الشابة، فإن التأثير مقلق بشكل خاص، إذ يقضي المراهقون أكثر من 7 ساعات يومياً على الإنترنت، ويؤمن 70 في المائة منهم على الأقل بأربع نظريات مؤامرة عند تعرضهم لها». وخلال جائحة كورونا «كوفيد - 19»، أدت المعلومات المضللة حول القضايا الصحية إلى انخفاض بنسبة 30 في المائة في معدلات التطعيم في بعض المناطق، مما عرض ملايين الأرواح للخطر.

وأردفت: «أكّدت خلال كلمتي أمام منتدى حوكمة الإنترنت على أننا في منظمة التعاون الرقمي ملتزمون بهذه القضية، بصفتنا منظمة متعددة الأطراف، وكذلك معنيّون بهذه التحديات، ونستهدف تعزيز النمو الرقمي الشامل والمستدام».

جدير بالذكر أنه من المتوقع أن يشارك في فعاليات المنتدى أكثر من 10 آلاف مشارك من 170 دولة، بالإضافة إلى أكثر من ألف متحدث دولي، وينتظر أن يشهد المنتدى انعقاد نحو 300 جلسة وورشة عمل متخصصة، لمناقشة التوجهات والسياسات الدولية حول مستجدات حوكمة الإنترنت، وتبادل الخبرات والمعلومات وأفضل الممارسات، وتحديد التحديات الرقمية الناشئة، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص ومنظمات المجتمع المدني والقطاع غير الربحي.