نصائح للحماية من وسائل التجسس الإلكتروني

الاستخبارات الأميركية اخترقت ملايين الهواتف وآلاف التلفزيونات

نصائح للحماية من وسائل التجسس الإلكتروني
TT

نصائح للحماية من وسائل التجسس الإلكتروني

نصائح للحماية من وسائل التجسس الإلكتروني

نشر موقع «ويكيليكس» الأسبوع الجاري كنزا من الوثائق التي تكشف كيف نجحت وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) في اختراق عدد كبير ومتنوع من الأجهزة التكنولوجية، منها على سبيل المثال لا الحصر هواتف «آيفون»، والهواتف العاملة بنظام تشغيل «آندرويد»، وأجهزة توجيه الإشارة (رواتر) بتقنيات واي - فاي، وتلفزيونات سامسونغ.
لكن، ماذا يعني هذا بالنسبة لك، إذا كنت تمتلك هذه الأجهزة، أو جزءا منها؟ وبالنسبة للكثير من الناس، فإن هذا الخبر لا يعني شيئا حتى وإن أشارت آلاف الصفحات المنشورة، إلى برامج قامت بمهاجمة إصدارات قديمة من البرامج تتولى تشغيل تلك الأجهزة. من ناحية أخرى، ما زال هناك الكثيرون ممن يستخدمون برامج قديمة في أجهزتهم.
ورغم أن الاستخبارات الأميركية صممت هذه الأدوات بغرض التنصت على الإرهابيين لحماية الأمن القومي، فقد انتهى المطاف بأجهزة التنصت تلك بالوقوع في أيدي أجهزة وكيانات كثيرة. وربما يتضح لاحقا أن تداعيات تلك الوثائق أكبر بكثير مما نتوقع، فقد صرحت «ويكيليكس»، التي أفرجت عن وثائق تغطي الفترة بين عامي 2013 - 2016، أن ما أفرجت عنه ليس سوى الدفعة الأولى من كنز ضخم من معلومات سرية خاصة بالاستخبارات الأميركية (سي آي إيه).
* نصائح لحماية الأجهزة
ولذلك، حتى وإن لم تكن قلقا على نفسك مما كشفته «ويكيليكس» من وثائق «سي آي إيه»، إليك بعض النصائح لحماية هاتفك الجوال، والتلفزيون، وشبكة الإنترنت.
* الأجهزة العاملة على نظم «آندرويد»
لا يزال مئات الملايين من مستخدمي «آندرويد» يستخدمون أجهزة تعتمد على نسخ قديمة من أنظمة التشغيل التي أنتجتها «غوغل» لتشغيل الهواتف الجوالة. وفي هذا السياق، أظهرت وثائق «ويكيليكس» التي تتكون من 7818 صفحة و943 ملحقا، أن الأجهزة التي تعمل بنظام آندرويد والتي استهدفتها برامج الاختراق كان أغلبها يعمل بنسخة آندرويد 4.0.
واليوم، فإن نحو 30 في المائة من مستخدمي آندرويد، أو على الأقل 420 مليون شخص، يستخدمون نسخة نظام آندرويد 4.0، حسب موقع البحث غوغل. وأفادت الشركة بأنها تقوم حاليا بدراسة فحوى التقارير التي أوردتها وثائق «ويكيليكس».
وفي ضوء المعلومات المحدودة التي بحوزتنا الآن، فإن أفضل ما يستطيع الناس فعله هو عدم تأجيل تحديث تطبيقاتهم.
وحسب كرت أوبشال، نائب مدير مؤسسة «إلكترونيك فرونتير» فإن «أفضل ما يستطيع الناس فعله هو تحديث برمجيات هواتفهم قدر الإمكان». وفيما يخص الأجهزة القديمة، فإن الحصول على برمجيات حديثه قد لا يكون بالأمر الهين، إذ إن الكثير من الهواتف التي تعمل بنظام آندرويد، مثل سامسونغ غالاكسي إس 3، لا تستطيع تحميل أحدث إصدار من آندرويد. فإن كنت أحد هؤلاء، فقد حان الوقت لشراء هاتف ذكي جديد، مثل هاتف «غوغل بيكسل»، الذي يدير أحدث إصدارات نظام آندرويد.
* هواتف «الآيفون»
ماذا تفعل لتحمي هاتفك آيفون من الاختراق؟ يتميز الكثير من مستخدمي هاتف «آيفون» بتطويرهم لبرمجيات هواتفهم أكثر من مستخدمي الهواتف التي تعمل بنظم آندرويد، فقلة قليلة فقط من مستخدمي «آيفون «يستخدمون أجهزة تعمل بنظام تشغيل «آي أو إس» التي وردت في وثائق ويكيليكس. وبلغ عدد الأجهزة التي تعمل بنظام «أي أو إس» حول العالم نحو مليار جهاز، منهم نحو 50 مليونا تعمل بنظام التشغيل القديم. وبالنسبة للقلقين من أمن هواتفهم «آيفون»، فإن ما ينطبق على هذا النظام ينطبق أيضا على مستخدمي نظام آندرويد؛ بمعنى أنه على مستخدمي «آيفون» و«آيباد» مراعاة استخدام أحدث نسخة وهي «آي أو إس 10». وأفادت شركة آبل الثلاثاء الماضي بأن الكثير من الأمور المتعلقة بالأمن التي وردت في وثائق «ويكيليكس» قد روعيت في أحدث تطبيقاتها وأنها بصدد معالجة ما تبقى من نقاط ضعف. غير أن ليست جميع أجهزة آبل بمقدورها العمل بأنظمة التشغيل الحديثة، فهاتف آبل الذي يعمل مع نظام «آي أو إس 10» متوافق مع هواتف «آيفون» بدءا من آيفون 5 الذي طرح في السوق عام 2012 ومع آيباد حتى النسخ القديمة التي صدرت تحت اسم «آيباد إير»، و«آيباد ميني 2». وإن كنت تستخدم إصدارات أقدم من هذا، فقد حان الوقت لشراء جهاز جديد لضمان أفضل للأمن والحماية.
* تلفزيونات «سامسونغ» الذكية
أما بخصوص هذه التلفزيونات المتصلة بالإنترنت فالمسألة لا تزال غير واضحة تماما، إذ تقول الوثائق إن «سي آي إيه» اخترقت تلفزيونات «سامسونغ» سلسلة «إف 8000» التي تصمم بميكروفونات مصممة لتسلم الأوامر الصوتية من المستخدمين. وقالت الشركة إنها تدقق في هذه التقارير، كما أشارت إلى أن التحديثات في البرمجيات التي ترسلها إلى التلفزيونات تعزز من أمنها أوتوماتيكيا. وقالت تقارير «ويكيليكس» إن وسيلة الاستخبارات الأميركية التي أطلق عليه «ويبنغ أنجيل» (الملاك الباكي) تعمل على فتح الميكروفونات أثناء قفل التلفزيون، بهدف التنصت على أصحابه وإرسال المعلومات المسجلة إلى جهاز كومبيوتر خادم مرتبط بالوكالة.
* أجهزة توجيه الإشارة
وذكرت التقارير المسربة الطرق التي طورتها الاستخبارات لزرع برامج خبيثة في أجهزة «راوتر» التي تنتجها شركات آسيوية مل «هواوي»، وكذلك شركتا «زد تي إي» و«ميركوري». والنصيحة هي تحديث برمجيات هذه الأجهزة.
* أجهزة الكومبيوتر
وأخيرا أشارت «ويكيليكس» إلى الاختراقات التي حدثت للأجهزة العاملة على نظم تشغيل «لينوكس» و«ويندوز» وكومبيوترات آبل. والنصيحة هي تحديث النظم بالبرمجيات الجديدة، والابتعاد عن المواقع الإلكترونية المريبة، وتحديث برامج مكافحة الفيروسات.

*خدمة «نيويورك تايمز»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».