مصادر أميركية وعراقية: البغدادي يختبئ في الصحراء ويركز على النجاة بحياته

الجيش عزل تلعفر واقترب من البلدة القديمة وحرر سجن بادوش المركزي

مصادر أميركية وعراقية: البغدادي يختبئ في الصحراء ويركز على النجاة بحياته
TT

مصادر أميركية وعراقية: البغدادي يختبئ في الصحراء ويركز على النجاة بحياته

مصادر أميركية وعراقية: البغدادي يختبئ في الصحراء ويركز على النجاة بحياته

يقول مسؤولون أميركيون وعراقيون إن زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي ترك معركة الموصل لقادة العمليات وأتباعه المخلصين وأنه يختبئ الآن في الصحراء حيث يركز اهتمامه على بقائه على قيد الحياة، حسب تقرير أوردته وكالة رويترز.
ومن المستحيل التأكد من مكان اختباء البغدادي، غير أن مصادر مخابرات أميركية وعراقية تقول إن غياب أي بيانات رسمية من قيادة التنظيم وفقدان السيطرة على مناطق بمدينة الموصل يوحي بأنه هجر المدينة التي تعد أكبر مركز سكاني خضع لسيطرة التنظيم. وقد ثبت أن البغدادي هدف مراوغ فنادرا ما يستخدم وسيلة اتصال يمكن مراقبتها. وتقول المصادر لـ«رويترز» إنه يتنقل باستمرار وفي كثير من الأحيان أكثر من مرة خلال اليوم الواحد. وتضيف المصادر أنها تعتقد من خلال الجهود المبذولة لاقتفاء أثره أنه يختبئ في الغالب بين مدنيين من المتعاطفين معه في قرى صحراوية مألوفة له لا بين المقاتلين في ثكناتهم في المناطق الحضرية التي يدور فيها القتال.
من جهته قال الجيش العراقي إن قواته صدت هجوما مضادا شنه تنظيم داعش، قرب مجمع المباني الحكومية في الموصل وسيطرت بالكامل أمس على آخر طريق رئيسي يقود غربا إلى مدينة
تلعفر التي يسيطر عليها المتشددون. وذكر بيان آخر للجيش بثه التلفزيون الرسمي أن القوات سيطرت أيضا على سجن بادوش شمال غربي الموصل قرب الطريق حيث قالت تقارير إن تنظيم داعش، أعدم مئات السجناء في 2014. وداخل المدينة قاتلت القوات المتشددين الذين اندسوا وسط السكان المدنيين الباقين في المدينة ونشروا القناصة وفجروا السيارات الملغومة للدفاع عن آخر معقل كبير لهم في العراق.
وفي إطار الحملة المدعومة من الولايات المتحدة لسحق المتشددين استعادت القوات العراقية الجانب الشرقي من المدينة في يناير (كانون الثاني) وشنت هجومها على القطاع الغربي الشهر الماضي.
ومن المتوقع أن تزداد المعركة شراسة مع تقدم القوات العراقية داخل المناطق كثيفة السكان ومنها المدينة القديمة. وقال اللواء علي كاظم اللامي من الفرقة الخامسة بالشرطة الاتحادية لمراسل رويترز قرب الموقع إن مقاتلي تنظيم داعش استخدموا عدة سيارات ملغومة في الهجوم. وأضاف: «حاليا نقوم بتطهير المنطقة التي تم تحريرها في الدواسة الخارج والدواسة الداخل ومنطقة نبي شيت». وقال مسؤولون عسكريون إن قوات من وحدة الرد السريع وهي فرقة من القوات الخاصة التابعة لوزارة الداخلية استعادت الثلاثاء مبنى المحافظة وفرع البنك المركزي والمتحف الذي صور المتشددون أنفسهم بداخله في عام 2015 وهم يحطمون تماثيل لا تقدر بثمن.
وقال اللامي إن المتحف خال تماما من أي قطع أثرية مشيرا إلى أنها سُرقت كلها وربما هُربت. وقال اللامي إن أغلب المقاتلين الذين قاتلوا حول المتحف من المحليين لكن كان هناك بعض الأجانب. وأضاف أن أوامر صدرت للمقاتلين الأجانب الذين ترافقهم أسرهم أن ينسحبوا مع أسرهم وللمقاتلين الذين لا ترافقهم أسرهم بالبقاء والقتال سواء كانوا محليين أو أجانب. وقال أفراد الأسر القليلة المتبقية في منطقة الدواسة القريبة إن المتشددين أضرموا النار في منازلهم مع تقدم قوات الأمن وإنهم تقاتلوا فيما بينهم.
وذكر مصدر بالجيش العراقي أن قواته استعادت بالكامل السيطرة على آخر طريق يقود إلى الغرب من الموصل باتجاه مدينة تلعفر. وقال: إن الفرقة المدرعة التاسعة تمكنت من عزل الجانب الغربي من الموصل عن تلعفر. ويربط الطريق الموصل بتلعفر وهي معقل آخر للتنظيم المتشدد على مسافة 60 كيلومترا باتجاه الغرب ويصل بعد ذلك إلى الحدود السورية.
مع استمرار المعارك الشرسة ينزح المئات من الموصليين الهاربين من المعارك باتجاه المناطق المؤمنة في جنوب المدينة. وقال المواطن محمد الجبوري الذي قطع مع عائلته، المكونة من خمسة أفراد، مسافة طويلة سيرا على الأقدام حتى الوصول إلى المنطقة الآمنة الخاضعة للقوات العراقية «الأهم هو وصولنا بأمان إلى المناطق الآمنة، حاليا لا يمكن العيش في المناطق المحررة حديثا لأنها خط تماس ويستهدفها التنظيم بقذائفه وصواريخه وعجلاته المفخخة، لذا قررت الخروج والنزوح إلى المخيمات حتى تهدأ الأوضاع». وقال مسؤول مخيمات الخازر وحسن شام شرق الموصل، رزكار عبيد إن قدوم النازحين يتواصل من الجانب الأيمن من الموصل بشكل مستمر إلى مخيمات شرق الموصل، حاليا وصل عدد النازحين في هذه المخيمات إلى أكثر من 61 ألف نازح.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.