روسيا تستبق «آستانة 3» باتفاق لوقف النار بالغوطة الشرقية

اتفاق مماثل في الوعر بحمص يرتبه الروس مع أهالي الحي

رجل من قرية بيت نجم بغوطة دمشق الشرقية، يتحرك وابنه، أمس، عبر عربة مصنعة يدوياً متجاوزين الدمار الذي حل بالمنطقة بفعل قصف الطيران الحربي (أ.ف.ب)
رجل من قرية بيت نجم بغوطة دمشق الشرقية، يتحرك وابنه، أمس، عبر عربة مصنعة يدوياً متجاوزين الدمار الذي حل بالمنطقة بفعل قصف الطيران الحربي (أ.ف.ب)
TT

روسيا تستبق «آستانة 3» باتفاق لوقف النار بالغوطة الشرقية

رجل من قرية بيت نجم بغوطة دمشق الشرقية، يتحرك وابنه، أمس، عبر عربة مصنعة يدوياً متجاوزين الدمار الذي حل بالمنطقة بفعل قصف الطيران الحربي (أ.ف.ب)
رجل من قرية بيت نجم بغوطة دمشق الشرقية، يتحرك وابنه، أمس، عبر عربة مصنعة يدوياً متجاوزين الدمار الذي حل بالمنطقة بفعل قصف الطيران الحربي (أ.ف.ب)

هندست روسيا اتفاقاً لوقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية لدمشق، بدأ سريانه أمس، بانتظار إعلان اتفاق مماثل في حي الوعر في حمص، استعداداً لمحادثات آستانا 3 المزمع عقدها في 14 مارس (آذار) الحالي، ضمن إجراءات بناء الثقة التي تتبعها روسيا لحث الفصائل السورية المعارضة على المشاركة.
وبينما تتجه الفصائل العسكرية المسلحة للمشاركة في آستانا «مشاركة رمزية لتأكيد وجهة نظرها بأن النظام لم يلتزم بتعهدات موسكو السابقة بوقف إطلاق النار، ولم يفك الحصار عن المناطق المحاصرة»، بحسب ما قال مصدر سوري معارض لـ«الشرق الأوسط»، أفاد الجيش الروسي أمس في بيان بأنه تم إعلان وقف لإطلاق النار حتى 20 مارس في الغوطة الشرقية التي تعد من معاقل المعارضة المسلحة في سوريا شرق العاصمة دمشق.
وقال الجيش الروسي في بيان: «تم إعلان وقف إطلاق نار ابتداء من الساعة 00.01 بالتوقيت المحلي من يوم 6 مارس حتى الساعة 23.59 بالتوقيت المحلي من يوم 20 مارس في الغوطة الشرقية مضيفا أنه لم يسجل «أي خرق» للاتفاق حتى الآن.
وساد الهدوء في الغوطة الشرقية لدمشق، في أول أيام تنفيذ الاتفاق، حيث أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بهدوء ساد في غوطة دمشق الشرقية، والأطراف الشرقية للعاصمة دمشق، بعد قصف عنيف ومكثف وغارات من الطيران الحربي واشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وفصائل المعارضة من جهة أخرى، في محيط حزرما ومزارع برزة، بمنطقة المرج وشرق العاصمة.
وأشار المرصد السوري إلى أن هذا الهدوء «يأتي بالتزامن مع الإعلان الروسي عن هدنة ووقف إطلاق نار في غوطة دمشق الشرقية، وعقب أيام من عشرات الغارات الجوية وعشرات الضربات الصاروخية والمدفعية التي استهدفت مدنا وبلدات ومزارع بالغوطة الشرقية».
يُذكر أن اتفاقاً لوقف إطلاق النار توصل إليه «جيش الإسلام» من جهة ومسؤولين روس من جهة أخرى في الغوطة الشرقية بريف دمشق يُسمى «اتفاق الصمت»، كان يفترض أن يبدأ ليل الأحد الماضي ويستمر حتى التاسع من الشهر الحالي، لكن النظام خرقه، علما بأن هناك جهوداً كانت تُبذل لتوسعة الهدنة لتشمل مناطق أخرى خاضعة لسيطرة المعارضة منها في ريف دمشق وحمص، وتمديده حتى نهاية الشهر الحالي.
وفيما يأمل المعارضون أن يصمد اتفاق وقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية، ويعمم على درعا وحمص وسائر مناطق ريف دمشق، توصل الروس إلى اتفاق مع المعارضة في حي الوعر في حمص، لوقف إطلاق النار. وأكد المسؤول في «مركز حمص الإعلامي» أسامة أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»، أن اتفاقاً توصل إليه ممثلون عن روسيا ولجنة تمثل أهالي حي الوعر المحاصر في حمص، لوقف النار، مشيراً إلى أن الإعلان عنه «تأجل ريثما يتواصل الروس مع النظام على تنفيذه حتى يدخل حيز التنفيذ ويعلن رسمياً عنه».
ويفرض نظام «التهدئة» في سوريا على جميع الأطراف المسلحة وقف الأعمال العسكرية، وكذلك يمنع استخدام السلاح بأنواعه من قبل الفصائل السورية كافة.
وأكد رئيس الدائرة الإعلامية في الائتلاف الوطني السوري أحمد رمضان لـ«الشرق الأوسط» أن الاتفاق في الغوطة الشرقية «هو مبادرة روسية تسبق محادثات آستانا، في محاولة من الروس لتحسين الوضع في المؤتمر المقبل، والتأكيد على أن مسألة وقف إطلاق النار يمكن أن تنجح». وقال: «في الفترة الماضية، كل الأمور المتفق عليها لم تنفذ، إن لجهة وقف إطلاق النار أو فك الحصار عن المناطق المحاضرة أو إخراج المعتقلين»، معتبراً أن تنفيذ الاتفاق في الغوطة الشرقية «مبادرة روسية لتشجيع الفصائل على الحضور إلى آستانا».
وأكد رمضان أنه لا توجد أي ضمانات بأن يلتزم النظام بالاتفاقات أو تكرار تجربة وادي بردى، موضحاً أن «الضمانات الروسية في الفترة الماضية لم تكن مجدية ولا فاعلة، لكون الوضع في ريف دمشق بقي على ما هو عليه لناحية القصف والعمليات العسكرية، وواصل النظام سياسة التهجير، كما أنه لم يتحقق أي خرق لملف المحاصرين». وأشار إلى أن عملية آستانا لم تحقق أي تقدم، ولا يمكن وصف المحادثات فيها بأنها مساندة لاتفاق جنيف، لأنه لم يتحقق أي تقدم.
وكانت الخارجية الروسية، نشرت الوثيقة الخاصة بإنشاء لجنة مشتركة معنية بالرقابة على الهدنة في سوريا، تتولى مهمات مختلفة، بينها تنظيم عمليات تبادل الأسرى وجثامين القتلى.
وتشير الوثيقة، التي صدرت في أعقاب مفاوضات «آستانا 2» فبراير (شباط) الماضي، إلى أن إنشاء المجموعة جاء بقرار روسي إيراني تركي، تنفيذا للبيان الصادر عن الدول الثلاث في ختام لقاء «آستانا 1» الذي عقد في يناير (كانون الثاني) الماضي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.