أهرامات الجيزة تعويذة مصر لجذب مشاهير العالم

زاهي حواس يكشف لـ «الشرق الأوسط» عن تفاصيل زيارة ويل سميث

سميث يقبل أبو الهول
سميث يقبل أبو الهول
TT

أهرامات الجيزة تعويذة مصر لجذب مشاهير العالم

سميث يقبل أبو الهول
سميث يقبل أبو الهول

احتلت صور أهرامات الجيزة إحدى أهم عجائب العالم القديم والمعلم الوحيد الباقي منها، المواقع والصحف الإخبارية حول العالم، خصوصاً بعد أن استقطبت خلال 13 يوماً فقط ثلاثة من أبرز الشخصيات في العالم، وهم: لاعب الكرة العالمي ليونيل ميسي، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وأخيراً نجم هوليوود ويل سميث، الذي اصطحب أسرته وعدداً من مساعديه يوم الأحد الماضي لمشاهدة شروق الشمس على وجه «أبو الهول».
وانتشرت صور هذه الشخصيات وفي الخلفية مشهد الأهرامات الشامخة وانتشرت بكثافة عبر «السوشيال ميديا» وسط طموحات وتأكيدات بعودة وشيكة وقوية للسياحة العالمية على أرض مصر.
وحول زيارة سميث، قال عالم الآثار المصري الكبير ووزير الآثار السابق د. زاهي حواس لـ«الشرق الأوسط»: «كانت من أمتع الزيارات التي قمت بها مع مشاهير العالم، خصوصاً أنه فنان مثقف جداً، واستمتعتُ بصحبته، وأعتبرها الزيارة الأفضل بالنسبة لي بعد زيارة الأميرة ديانا، حيث كانت تسأل أسئلة غاية في الذكاء حول الحضارة الفرعونية».
وأكد حواس الذي قام بشرح مفصل لقصة بناء الأهرامات وأهم الاكتشافات التي تمت فيها، أن الأهرامات ستظل أهم معالم الدنيا وحلم زيارتها يداعب الملايين حول العالم، ولا شك أن زيارة المشاهير لها رسالة مهمة بأن مصر بلد آمن سيكون لها مردود سريع على عودة السياحة مرة أخرى لمعدلاتها. وذكر أنه رافق عدداً كبيراً من المشاهير الذين حلموا بزيارتها، ومنهم: الرئيس الأميركي أوباما، والملكة صوفيا، وكيرت راسل، وروجر مور، وشاكيرا، وغيرهم.
وعن الجولة التي رافق خلالها نجم الكرة العالمي ليونيل ميسي، أضاف: «أعتبر زيارة ميسي للأهرامات ووجوده أمامها أعظم رسالة للعالم، لأنه أشهر شخصية معروفة في العالم... أكثر من الملوك والرؤساء».
وعن قصة لقائه مع سميث أحد أهم ممثلي هوليوود وأغلاهم أجراً بمنطقة الأهرامات الأثرية، التي كانت زيارة سرية لم يعلن عنها لوسائل الإعلام، قال: «تعود قصة هذه إلى عام 2006، حينما جمعتنا الصدفة في حفل أقامته مجلة (تايم) بعد أن اختارتنا ضمن أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم. فجمعتنا مائدة واحدة، وتحدثنا عن ولاية فيلادلفيا، حيث وُلِد وحيث درستُ بجامعتها وحصلتُ منها على الدكتوراه، وما زلت أحاضر بها عن الحضارة الفرعونية، فبدأت صداقتنا وطلبت منه أن يزور مصر، ومنذ نحو شهر وجدت الشركة المنظمة لرحلته تتصل بي وتقول لي إن هناك شخصية مهمة تود زيارة مصر ومقابلتي واصطحابها لزيارة الأهرامات».
ويروي حواس: «قبل زيارته بنحو 5 ساعات قالوا لي إن ويل سميث يود مقابلتك عند الأهرامات ومشاهدة شروق الشمس، وبالفعل التقينا في تمام الساعة السادسة إلا عشر دقائق، وفور سطوع الشمس صرخ سميث ومن معه بجنون: (هذا أروع مشهد... لا يوجد مثل هذا الجمال)، وقال بسعادة: (زيارة تأخرت 11 عاماً لكنني وعدتك ونفذت)».
وأشار حواس: «تحدثت معهم حول بناء الأهرامات وكيف أننا قمنا بالحفر تحت أبو الهول وأرسلنا إنساناً آلياً داخل الأهرامات واكتشفنا 3 أبواب سرية، عقب ذلك قام هو وأسرته بزيارة الأهرامات من الداخل، والتقينا بعدها لتناول الإفطار في فندق (مينا هاوس التاريخي)».
ويشير د. حواس إلى أن سميث تناقش معه حول عشقه للآثار حينما سأله: «هل كنت تعشق الآثار منذ صغرك؟» فأجاب حواس: «لا. على العكس. ولكن حينما قمتُ بأول كشف أثري وعثرت على تمثال وأثناء تنظيفه عثرت على حبي وعشقي للآثار، كانت تلك هي اللحظة التي تفجر فيها هذا العشق». ويروي حواس أن سميث قال له: «أنا على عكسك كنت أعشق التمثيل من صغري، ورغم فشلي في البداية، فإنني حولتُ الفشل لنجاح كبير».
وأكد حواس أن «سميث وأسرته قاموا بزيارة هرم سقارة أيضاً، وزاروا المتحف المصري لمدة نحو 3 ساعات، ووعد بأنه سيأتي مع أسرته لمصر مرة أخرى ليزور معي واحة سيوة، وسيذهب في رحلة نيلية إلى الأقصر وأسوان». وتحدث حواس بإعجاب شديد عن ثقافة سميث وأسرته واهتمامهم بالتاريخ الفرعوني ورغبتهم في زيارة متحف الحضارة أو المتحف المصري الكبير.
وكان الفنان العالمي بطل «وايلد وايلد ويست» قد قام بزيارة المتحف المصري بالتحرير، وقامت وزارة الآثار المصرية بفتح المتحف خصيصاً لزيارة الممثل الشهير، وبدا أنه مطلع على محتوياته، حيث طلب من مسؤولي وزارة الآثار أن يسمحوا له بالتقاط مقطع فيديو مع مومياء الملك رمسيس الثاني، وظل يصرخ من السعادة: «يا إلهي أنا أمام الملك رمسيس الثاني، أمر لا يمكن تصديقه». كما التقط سميث صورة سيلفي مع القناع الذهبي للملك الفرعوني توت عنخ آمون، وأبدى انبهاره الشديد بمقتنيات الفرعون الشاب والمعروضات بقاعة المومياوات بالمتحف. قبل مغادرته قال سميث للمرافقين له من خبراء السياحة: «شكراً لمصر على كل هذا الحب».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».