«المهرجان الدولي للرحل» يحتفي بالموسيقى و«المكحاش»

الدورة الـ14 تؤكد العمق الأفريقي للمغرب عبر إبراز الثقافة المشتركة

جانب من الفعاليات التي تنظم ضمن «المهرجان الدولي للرحل» بمحاميد الغزلان بالمغرب
جانب من الفعاليات التي تنظم ضمن «المهرجان الدولي للرحل» بمحاميد الغزلان بالمغرب
TT

«المهرجان الدولي للرحل» يحتفي بالموسيقى و«المكحاش»

جانب من الفعاليات التي تنظم ضمن «المهرجان الدولي للرحل» بمحاميد الغزلان بالمغرب
جانب من الفعاليات التي تنظم ضمن «المهرجان الدولي للرحل» بمحاميد الغزلان بالمغرب

ينتظر أن يؤكد «المهرجان الدولي للرحل»، الذي ينظم، في دورته الـ14 بين 16 و18 مارس (آذار) الحالي، بمحاميد الغزلان (جنوب المغرب)، قيمته بوصفه حدثا ثقافيا واقتصاديا يخلق دينامية محلية، ويعد رافعة حقيقية للتنمية بالمنطقة.
ويمثل «المهرجان الدولي للرحل»، حسب منظميه، «مظاهرة ثقافية مواطنة تمنح الجمهور المحلي والدولي، على مدى ثلاثة أيام، فرصة التعرف على فنون تقليدية، تشمل الموسيقى والألعاب الشعبية ومنافسات الهجن والطبخ، ومعرضاً للصناعات التقليدية، إضافة إلى ندوات علمية». كما تحول، على مدى سنوات تنظيمه، حسب عدد من المتتبعين، إلى «موعد متميز يبرز نمط حياة تقليدية تتأقلم مع محيط هش بثقافته وعاداته المهددة بالانقراض، كما يشهد على تمسك ساكنته بجذورها وتاريخها، التي تتطلع لمستقبل أفضل لأبنائها في هذه الواحة المذهلة بوادي درعة بوابة الصحراء».
وأكد بيان للمنظمين أنه «في الوقت الذي تهتم فيه المملكة المغربية، أكثر وأكثر، بعمقها الأفريقي، يساهم المهرجان الدولي للبدو الرحل بقوة في إعادة إحياء هذه الأواصر عبر الثقافة المشتركة؛ إذ نحرص، هذه السنة، على جلب فرق وفنانين أفارقة من مختلف أنحاء القارة، إيماناً منّا بأن تنمية القارة تأتي، أولاً، عبر تعزيز الجهود المشتركة على كافة الأصعدة، وفي مقدمتها البعد الفني والثقافي، اللذان لهما بالضرورة انعكاسات اقتصادية مباشرة وغير مباشرة على المنطقة».
وبعد أن ذكر البيان بعدد من أرقام دورة السنة الماضية، التي استضاف خلالها المهرجان أكثر من 15 ألف شخص و250 مشاركاً، توقع أن تتضاعف هذه الأعداد خلال دورة هذه السنة من المهرجان، وذلك «لاعتماده على برمجة غنية ومتنوعة ومتوازنة»، مشيراً إلى أن ليالي دورة هذه السنة ستشهد أكثر من 15 حفلاً موسيقياً، يحظى خلالها الجمهور بملاقاة عازف الغيتار بامبينو من النيجر، وفرقة «تيراكافت» من مالي، وفرقة «ديكاندا» البلقانية من بولونيا، فضلاً عن مجموعة «سكيرزيرس دودي ونافاريت ماغدا»، فيما يشارك من المغرب «مجموعة ناس الغيوان»، والفنانة سعيدة شرف، وعازف الروك محمد جبارة، وفرقة «أحواش» من ورزازات، علاوة على فرق محلية أخرى.
وأضاف البيان أن المهرجان، سيشكل، أيضاً، في دورة هذه السنة، مناسبة للقاء والنقاش عبر ندوات وورشات وعروض حول موضوعات تهم موروث وتاريخ جهة درعة تافيلالت، التي ظلت على مر الزمن ملتقى للتجارة عبر الصحراء. وفيما ستصدح ليالي المهرجان بموسيقى رحل القرن الحادي والعشرين، سيشهد برنامج الأنشطة، خلال النهار، مباراة في رياضة الهوكي على الرمال، المعروفة محلياً بـ«المكحاش»، وسباق الجمال المسمى «اللز»، وأيضاً مسابقة في تحضير الخبز في الرمل الذي يعرف بـ«الملا»، فضلاً عن كيفية تركيب الخيمة الصحراوية الخاصة بالرحل. كما سيبحث خبراء مغاربة ودوليون سبل حماية نمط عيش الرحل بمحاميد الغزلان، والجهة عموماً، التي صارت تعاني من تراجع نسبة الرحل بـ70 في المائة، في العشرية الأخيرة، إضافة إلى فضاء خاص بمنتجات الصناعة التقليدية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».