عودة الحياة للسجاد اليدوي في غرب مصر

تصديره للخارج وإقبال الأثرياء عليه ساهم في ارتفاع أسعاره

عودة الحياة للسجاد اليدوي في غرب مصر
TT

عودة الحياة للسجاد اليدوي في غرب مصر

عودة الحياة للسجاد اليدوي في غرب مصر

يكتسي جناح استقبال الضيوف بالعشرات من قطع السجاد البدوي باهظ الثمن. وفي منزل أحد عُمد القبائل بمنطقة وادي الرمل، في أقصى غرب مصر، كان مهندس الديكور قد انتهى من تغطية جميع الجدران والأسقف، في جناح الضيافة، بالسجاد المصنوع يدوياً من صوف الأغنام، والمزخرف بالخيوط الملونة. وتقتصر صناعة السجاد في المجتمع المحلي هنا على السيدات والفتيات منذ مئات السنين.
وتبلغ مساحة جناح الضيافة نحو عشرة أمتار طولاً وسبعة أمتار عرضاً. وبلغت كلفة هذه الزينة المستوحاة من البيئة المحلية، في كل من مدينتي مرسى ومطروح وسيوة، أكثر من عشرين ألف دولار. وتشمل أعمال الكهرباء وتركيب الثريات التي تتماشى مع الجدران والأسقف والتكايا المغطاة بالسجاد المزركش. ويتطلب إنجاز هذه الكمية تفرغ خمس سيدات على الأقل للعمل بأيديهن لمدة ثلاثة أشهر تقريباً.
وأغرت حركة تصدير السجاد اليدوي، من محافظة مطروح، في غرب مصر، إلى خارج البلاد، الأثرياء المحليين باقتناء هذا المنتج البيئي، مما ساهم في ارتفاع أسعاره. ويقول حمد خالد شعيب، المدير العام بالهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية الباحث في «أطلس المأثورات الشعبية»: صناعة السجاد يدوياً حرفة قديمة منتشرة بين النساء على وجه الخصوص في مناطق مختلفة من العالم، لا سيما في شمال أفريقيا، لكن منتجات مرسى مطروح وسيوة تتميز بطابعها الخاص.
ويضيف أن الأمازيغ برعوا في إتقان هذه الحرفة. وتعد سيوة واحة تبعد عن البحر، جنوباً، بنحو 300 كيلومتر، ويقطنها عدة ألوف من الأمازيغ المصريين، بينما يعيش على سواحل الصحراء الغربية المصرية قبائل بدوية. ويبدو أن تبادل الخبرات في حرفة صناعة السجاد بين هؤلاء أدت، على مر السنين، إلى إنتاج مثير للانتباه.
وخلال الفترة الماضية، جاءت إلى محافظة مطروح ثلاثة مشاريع دولية للمساهمة في توسيع صناعة السجاد اليدوي. وتضم المحافظة مدناً، أشهرها مرسى مطروح وسيدي براني والسلوم وسيوة والضبعة. وبعد أن كان، لسنوات طويلة، منتجًا يستخدم بشكل أساسي في خيام البدو الرُّحل وسكان الواحات، وجدت هذه الصناعة طريقها للتصدير للدول الأجنبية، كنوع من المنسوجات التراثية القيِّمة.
ويقول الدكتور شعيب، وهو من أبناء قبائل محافظة مطروح ذات الطابع السياحي: في محافظتنا توجد مشاريع تخص هذه الصناعة، ومنها المشروع الإيطالي والمشروع الألماني والمشروع الكندي. هذه المشاريع حاولت قدر الإمكان الاستفادة، وإحياء هذه الحرفة من الاندثار.
وتلعب درجة الجودة الخاصة بصوف الأغنام، ونوع الصبغة، ومهارة الغزل والنسج باستخدام اليدين، دوراً كبيراً في التفريق بين أنواع السجاد... «الأمر يحتاج إلى بيئة فيها أغنام كثيفة الصوف، خصوصاً الصوف الأبيض»، كما يوضح شعيب، قائلاً إن الإمكانيات متوفرة في مرسى مطروح وسيوة، ولهذا توجهت المشروعات الدولية للبيئة المحلية هنا، لمساعدة المرأة البدوية وتشجيعها على إعادة تنشيط هذه الصناعة.
ويتم تصدير جانب مما يتم إنتاجه إلى أوروبا والولايات المتحدة. ومع انتشار الحرفة من جديد، دخلت بعض المطاعم التي تعد الوجبات المحلية للزوار على الخط، وبدأت تزيّن جدرانها من الداخل بالسجاد البدوي. ويقول شعيب: من هنا، بدأ بعض الأثرياء في المحافظة، ومن محافظات أخرى، يلتفتون إلى هذا النوع من الديكور، ويتنافسون على تزيين غرف ضيافتهم به، بينما كانوا حتى وقت قريب يتفاخرون بالسجاد الحديث المعد بالآلات، وليس بالسجاد المحلي الذي يحمل عمقاً تراثياً.
وضمن حالة من الهوس بالمشغولات المحلية، وفي جناح استقبال الضيوف في فيلا ضخمة على طريق مرسى مطروح - السلوم الدولي، جلب المالك مهندس ديكور من القاهرة، يدعى جمال، لكي يحوِّل الجناح بالكامل إلى تحفة من السجاد اليدوي. ويقول جمال: تطلب هذا تكليف سيدات بدويات بنسج المطلوب بمواصفات خاصة لكي تتماشى مع عملية التنسيق الجمالي في جناح الضيافة، المنفصل عن باقي الفيلا، ومع الإضاءة ومقاسات الأبواب والنوافذ. هذا استغرق شهرين من العمل بواسطة عشرين سيدة.
ويحاول مسؤولون بالمحافظة تطوير صناعة السجاد من الصوف المحلي، باستخدام مشغل مزود بآلات نسج حديثة، جرى نصبها في قرية القصر، غرب مدينة مرسى مطروح. وحقق المشغل نتائج ملموسة من خلال عرض منتجاته في منافذ بيع بالمدينة، لكن معظم السيدات البدويات يفضلن العمل بطريقتهن. ويقول شعيب: اعتمدوا مشغل القرية على «النول الواقف»، وهو يعطي خيارات أقل لإبراز المهارة في النسج، كما أنه يحتاج من المرأة أن تغزل وهي واقفة «هذا أمر غريب عن السيدة البدوية التي اعتادت صناعة السجاد بفنونها الخاصة وهي جالسة على الأرض».
وتبدأ دورة إنتاج السجاد من موسم جز صوف الأغنام، وهي عملية لها طقوس خاصة، من إعداد الولائم حتى استقدام الشعراء لإلقاء قصائد موحية عن عالم الرعي والضأن المسالمة، وما فيه من مغامرات مع الذئاب التي تتربص بها. ويكون موعد جز الصوف عادة في فصل الربيع حتى تدخل الأغنام إلى فصل الصيف الحار وقد تخففت من ثقل الصوف.
وتشتري السيدات الكميات المطلوبة من الصوف. ويعكفن على غسله وتنظيفه من الشوائب. وبعد ذلك، تبدأ عملية ضربه وهو في أكوام، بمطارق خشبية، من أجل تخفيف كثافته و«ترقيقه» حتى يسهل غزله. وتستمر عملية الغزل لأشهر، حتى تتحول أكوام الصوف إلى خيوط. ثم يلي ذلك مرحلة الصباغة في قدور كبيرة على النار. ويقول المهندس جمال: المرأة البدوية لديها خلطة سرية تنتج صبغة تبقى لسنوات طويلة دون أن يتبدل لونها. ويعد اللون الأحمر هو الطاغي هنا، ومعه الأزرق والأصفر والأبيض والبني والأسود.
عملية النسج بالطريقة البدائية لديها أدواتها الخاصة. وهي أدوات بسيطة. يتم دق وتدين هنا، وتثبيت خشبة بينهما، يبلغ طولها نصف متر، ووتدين وخشبة في مقابلهما على بعد عشرة أمتار. وقد تنقص وقد تزيد حسب الطلب. وفي السجاد متوسط المساحة، يتم شد 50 خيطاً ما بين الخشبتين، من أعلى، وخمسين خيطاً من أسفل. وفي السجاد العريض، يكون مائة خيط في الأعلى ومائة في الأسفل. ويطلق على هذه الأداة «القرضة». وتنطلق السيدة من اتجاه الخشبة الأولى، وتشرع في عملية النسج والنقش، في تكوينات هندسية متوارثة عبر الأجيال.
ويقول شعيب: في الزمن الغابر، كانت السيدات في النجوع يقمن بهذا العمل لصالح النجع والقبيلة. أما اليوم، ومع تراجع الحياة في النجوع والصحراء، يمكن أن تقول إن المرأة أصبحت تقوم بهذه العملية من أجل زيادة الدخل للأسرة... «تشتري لها الصوف والأصباغ، وهي تقوم لك بباقي العمل... إنجاز قطعة يبلغ طولها ثلاثة أمتار، وعرضها متران، يكون بمبلغ 300 جنيه تقريباً (نحو 17 دولاراً)، أي نحو50 جنيهاً للمتر نظير عمل اليد فقط، ودون حساب قيمة الخامات.
وتباع مثل هذه القطعة في السوق المحلية بنحو مائة دولار، وفي الأسواق الأجنبية بأكثر من ذلك بكثير. ويتطلب الانتهاء من نسج قطعة كهذه يوماً واحداً وسيدة واحدة. ويوضح شعيب: في السابق، كانت المرأة تعمل دون استعجال، حيث تمد الخيوط على «القرضة» أمام الخيمة أو المنزل، وتظل تعمل عليه في وقت الفراغ، وقد يستمر لأشهر. أما اليوم، فإنه لا وقت للانتظار. شكل الحياة تغير. وأصبحت العملية تدر مالاً، إلا أنه يضيف: ومع ذلك، الموضوع ليس مجرد نسج، ولكنه تشكيل وتدوير وتنسيق.
ويقول الدكتور شعيب أيضًا إن عودة هذه الحرفة إلى الظهور، تبعها وجود سوق لها، وتجار وسمسارة ووسطاء، ليس في مرسى مطروح وسيوة فقط، ولكن في كثير من البلدان. أما الأثرياء هنا، فأصبح من يريد أن يثبت مواكبته للعصر والتراث معاً، يلجأ لتزيين بيته بالسجاد البدوي، أو تزيين غرفة الضيوف على الأقل.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».