بين الخطأ والصواب

وزنك ومزاجك

فقدان الوزن مفيد للصحة بشكل عام، لكنه لا يعني بالضرورة تحسين المزاج، بل على العكس، فقد أشارت دراسة بريطانية سابقة نشرت عام 2014 في مجلة «بلوس وان»، إلى أن الأشخاص الذين فقدوا أكثر من خمسة في المائة من أوزانهم على مدى أربع سنوات كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.
قام باحثون من جامعة «يونيفرسيتي كوليدج لندن» the University College London بدراسة حالات 1979 شخصا من ذوي الوزن الزائد أو البدينين لمدة أربع سنوات، وقاموا بتحليل فقدان الوزن، ثم أجروا تقييما للصحة النفسية والجسدية لكل مشارك في الدراسة. ووجدت نتائج هذه الدراسة أن 14 في المائة من المشاركين فقدوا أكثر من خمسة في المائة من وزن الجسم الأوَّلي. وبعد تعديل لمشاكل صحية خطيرة أو الوفاة، توصلوا إلى أن الأشخاص الذين فقدوا أكثر من خمسة في المائة من وزنهم الأساسي كانوا أكثر تعرضا بنسبة 52 في المائة لاضطرابات المزاج ومنها الاكتئاب أكثر من غيرهم.
فهل هذا يدعو البدناء لعدم الإقدام على برامج التخسيس؟ يجيب الباحثون أن هذه النتائج لا تعني تثبيط همة أي شخص بدين أو زائد الوزن من محاولة إنقاص وزنه، فإنقاص الوزن له فوائد صحية وبدنية هائلة. ولا نقاش أبدا في موضوع تخفيف الوزن وإنقاصه حتى وإن ترافق مع تغيرات مزاجية بسيطة. ولنا أن نتخيل شخصا أمضى يوما واحدا من حياته حاملا كيسا من الطحين وزنه 5 كيلوغرامات، فإننا سوف نقدر العبء الزائد الذي يضعه الوزن الزائد على الجسم والقلب، حيث إن كل جهاز في الجسم، مثل الرئتين والقلب وحتى العضلات والعظم، سوف يعاني عند حمل مثل هذا الوزن الزائد.
ويكفينا حافزا ودافعا لتخفيف الوزن الفوائد التي يجنيها الجسم مثل: تخفيض ضغط الدم، تقليل خطر التعرض للسكتة الدماغية، نقص كوليسترول الدم العام، زيادة تركيز الكوليسترول الجيد أو الحميد HDL، نقص الشحوم الثلاثية، نقص مستوى السكر وخطر الإصابة بالسكري، تحسين الدورة الدموية، تحسين النوم، نقص آلام المفاصل والتهابها، وزيادة الثقة بالنفس.
لكن لا ينبغي أن نتوقع أن فقدان الوزن سيكون مقرونا بتحسين جوانب الحياة النفسية كافة بشكل متساو؛ إذ إن أي شخص لم يعتد على متابعة نظام غذائي خاص، سوف يحتاج إلى إرادة قوية لمقاومة الإغراءات المستمرة من المواد الغذائية غير الصحية في المجتمع. ومن المثير للاهتمام أن تتواصل الدراسات على فترات أطول لمعرفة كيفية تغير المزاج مرة ثانية عندما يتم تبديل المواد الغذائية المشمولة في النظام الغذائي، وأيضا عندما يصل الشخص إلى الوزن المطلوب ويتوقف عن تناول نوعيات محددة من الطعام.

* عقاقير الكوليسترول والسكتة الدماغية
* يرتفع خطر حدوث السكتة الدماغية أو النوبة القلبية مع التقدم في العمر، حيث أشارت دراسة فرنسية نشرت عام 2015 من «المجلة الطبية البريطانية» إلى أن عقاقير خفض الكوليسترول يمكنها أن تقلل من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية عند الأصحاء وكبار السن بنسبة تصل إلى 30 في المائة.
قام بالدراسة باحثون من جامعة بوردو ومركز البحوث إنسيرم INSERM في بوردو، بهدف تحديد العلاقة بين تعاطي عقاقير خفض الدهون (ستاتين أو فايبرات) لدى كبار السن وحدوث السكتة الدماغية وأمراض القلب التاجية على المدى الطويل. شملت الدراسة عينة عشوائية تكونت من 7484 رجلا وامرأة، متوسط أعمارهم 74 سنة وقت الدراسة، اختيروا من ثلاث مدن فرنسية كبيرة (بوردو، ديجون، مونبلييه)، ليس لديهم تاريخ مرضي لأمراض القلب والأوعية الدموية أو السكتات الدماغية. تمت متابعتهم بإجراء مقابلات وجها لوجه، وعمل فحوصات طبية مرة واحدة كل سنتين، ولمدة تسع سنوات تقريبا.
وأظهر تحليل نتائج هذه الدراسة أن تناول عقاقير خفض الكوليسترول من مجموعة (ستاتين statins أو فايبريت fibrates) قلل من خطر السكتة الدماغية بنسبة الثلث. وفي الوقت نفسه، لم يكن لهذه الأدوية أي تأثير على أمراض القلب والشرايين التاجية، ولم تتغير هذه النتائج مع تعديل مختلف العوامل التي تؤثر على الدواء.
وأكد الباحثون أن هذه الدراسة كانت وصفية، ولتأكيد النتائج بطريقة قاطعة لا بد من إجراء مزيد من الدراسات الأخرى. وأضافوا أنه في الوقت الحاضر يمكن القول بأن الاستخدام طويل الأمد للعقاقير الخافضة للكوليسترول يعتبر وسيلة مناسبة لمنع السكتات الدماغية بين كبار السن والبالغين الأصحاء.

استشاري في طب المجتمع

مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة